ناقش مستشار الأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، ونظيره العراقي، قاسم الأعرجي، تطورات الاتفاق الأمني بين البلدين، وسط إصرار طهران على نزع أسلحة الأحزاب الكردية الإيرانية، ونفيها من إقليم كردستان العراق.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن أحمدي قوله إن مذكرة التفاهم الأمني الموقعة بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، «تضمن أمن حدود البلدين وخريطة طريق معقولة ومناسبة للقضاء على العناصر غير الآمنة في البلدين والمنطقة»، مطالباً بتنفيذ «دقيق وكامل» للاتفاق.
وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية بأن أحمديان والأعرجي، ناقشا القضايا الثنائية وكيفية التنفيذ الكامل للاتفاقية الأمنية بين البلدين.
وأشار أحمديان إلى الاتفاقيات المبرمة بين إيران والعراق في مختلف المجالات، خصوصاً المجال الاقتصادي، قائلاً: «هناك إمكانات كثيرة للتحسين الشامل للعلاقات بين البلدين في مختلف القطاعات، وهو ما ينبغي تحقيقه بجهود مشتركة ومضاعفة».
بدوره، أكد الأعرجي «عزم الحكومة العراقية ومؤسسة الأمن الوطني على تنفيذ الاتفاق الأمني بين البلدين»، وأضاف: «سنرحب ونستغل كل فرصة لتطوير وتعميق العلاقات بين طهران وبغداد»، وفق ما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وكانت إيران قد أمهلت العراق حتى 19 سبتمبر (أيلول) الماضي لتنفيذ الاتفاق الأمني، رافضة أي تأجيل.
وقالت وكالة «نور نيوز»؛ منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، تعليقاً على زيارة الأعرجي: «اليوم، وبالنظر إلى انتهاء هذه المهلة والوفاء بجزء كبير من التزامات الجانب العراقي، والتي هي من المفارقات، بالإضافة إلى تأمين حدود إيران، ستساهم أيضاً بشكل كبير في تعزيز الأمن داخل العراق، حيث يمكن تقييم زيارة الأعرجي باعتبارها حدثاً مهماً في هذا الصدد، سيما أنه قام باستعراض التقدم المحرز حتى الآن».
ويقضي الاتفاق الأمني بين طهران وبغداد بنزع سلاح الأحزاب الكردية المناوئة لطهران، وإغلاق معسكراتها في إقليم كردستان العراق. وتنتشر بعض الأحزاب الكردية الإيرانية في المثلث الحدودي بين إقليم كردستان العراق وتركيا وإيران.
وهذه الزيارة الثانية من الأعرجي إلى طهران، منذ تولي أحمديان، وهو قيادي بارز في «الحرس الثوري»، منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، بمرسوم من المرشد الإيراني علي خامنئي في مايو (أيار) الماضي. وكان اللقاء أول ظهور رسمي لأحمديان الذي تولى المنصب بدلاً من علي شمخاني.
«بضعة أيام»
وجاءت زيارة الأعرجي إلى طهران بعد أيام من تحذير وجهه الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى العراق رغم أنه أبدى ارتياحاً لمسار الاتفاق. وطلب رئيسي من رئيس الأركان محمد باقري إرسال وفود أمنية إلى إقليم كردستان للتحقق من تنفيذ الاتفاق الأمني.
وكان الرئيس الإيراني يتحدث في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال عرض عسكري سنوي بمناسبة الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات. ورغم طلبه، فإن الرئيس الإيراني قال إن الحكومة العراقية «بدأت خطوة إيجابية» في تنفيذ الاتفاق الأمني. لكن بعد ساعات، قال باقري في تصريحات صحافية إن بلاده تمنح إقليم كردستان والعراق «بضعة أيام» لنزع أسلحة الأحزاب الكردية وطردها من عموم العراق.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن باقري قوله مساء الجمعة: «لا مكان لأعدائنا والأجانب في المنطقة عن الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة». وأضاف: «يجب نزع سلاح القوات الانفصالية الإرهابية المسلحة بالكامل، وطردها من عموم العراق». وتابع باقري: «لقد كان من المقرر نزع أسلحة هذه الجماعات حتى يوم 19 سبتمبر، لكن ما حدث عملياً خلال 6 أشهر من المهلة، ابتعاد تلك الجماعات قليلاً من الحدود». وأضاف: «الرئيس إبراهيم رئيسي طلب منا الصبر ومنح مهلة بضعة أيام، ونحن سننتظر».
في 13 سبتمبر، كان موضوع إقليم كردستان من محاور نقاش وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في طهران.
وقال فؤاد حسين حينها إن عملية نزع السلاح من الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة بدأت، لكنه أبدى امتعاض بلاده من التهديدات التي وردت على لسان مسؤولين إيرانيين بشأن استئناف قصف إقليم كردستان العراق.
وقال حسين: «ليس من المعقول أن تكون العلاقات بين البلدين ممتازة ويتم تهديد السيادة العراقية وكردستان العراق بالقصف أو شن حملة عسكرية». وحضَّ المسؤولين الإيرانيين على ضرورة «الابتعاد عن هذه الوسائل، ولدينا طرق أخرى من خلال الحوار والاتفاق الأمني، وسيتم حل المشاكل عن طريق الحوار والتفاوض».
وشن «الحرس الثوري» الإيراني في سبتمبر من العام الماضي هجوماً بأكثر من 70 صاروخ «أرض - جو» والعشرات من الطائرات المسيرة المفخخة على كردستان العراق. وفسر هجوم «الحرس الثوري» حينها محاولة لصرف الأنظار عن الاحتجاجات التي عصفت بالبلاد، خصوصاً بعد اتهام طهران الأحزاب الكردية المعارضة بتأجيج الاحتجاجات في مناطق غرب إيران.
وزادت ضغوط إيران على إقليم كردستان العراق، الشهر الماضي، مع حلول الذكرى السنوية من وفاة مهسا أميني، في 16 سبتمبر. وأرسل «الحرس الثوري» الإيراني أسلحة ثقيلة ومعدات إلى حدود إقليم كردستان، بعدما حددت إيران مهلة شهرين في يونيو (حزيران) الماضي، لتنفيذ الاتفاق الأمني من الجانب العراقي.
اقرأ أيضاً
تأكيد عراقي
وأعلنت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك بين العراق وإيران الشهر الماضي إخلاء مقار مجموعات المعارضة الإيرانية قرب حدود البلدين بشكل نهائي.
بموازاة مباحثات الأعرجي في طهران، قال نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول ركن قيس المحمداوي إن لجنة عليا مشكلة برئاسة مستشار الأمن القومي وضباط مختصين من وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية، تعمل منذ نحو عام على وضع آلية للاتفاق مع إيران لفرض السيطرة الاتحادية على الحدود حسبما أوردت وكالة الأنباء العراقية.
وأضاف المحمداوي: «هذه الآلية بدأ العمل بها، وخلال الأسبوعين الماضيين كان هناك أكثر من 10 إلى 12 نقطة تم مسكها من قبل قطعات الحدود، وتم إبعاد عناصر المعارضة الإيرانية الكردية من الحدود باتجاه المركز وفق أماكن محددة». وقال : «الدستور العراقي واضح، ولا نسمح مطلقاً بأن يكون العراق منطلقاً للعدوان على دول الجوار؛ سواء إيران أو تركيا أو الدول الأخرى»، وفق ما نقلت «وكالة العالم العربي» عن الوكالة العراقية.
وشدد المحمداوي على أن أي خرق؛ سواء أكان إيرانياً أم تركياً أم من أي دولة أخرى، لسيادة العراق «غير مقبول» مؤكداً أن «هناك عملاً كبيراً لمسك الحدود التركية والتوصل لتفاهمات معينة نأمل أن تأخذ مجراها الصحيح».
ودعا المحمداوي الجانب التركي إلى «إيجاد تفاهمات كفيلة بغلق كثير من هذه الملفات الحساسة».
وتشن القوات التركية بشكل مستمر هجمات بالمدفعية على قرى في محافظة دهوك بإقليم كردستان بدعوى استهداف عناصر «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية، كما تشن هجمات بالطائرات المُسيرة على منازل ومعسكرات تابعة للمقاتلين الأكراد في سنجار بالموصل، على مقربة من الحدود السورية.