إيران تعلن وضع قمر اصطناعي عسكري على مدار الأرض

«الحرس الثوري»: سيمكننا من تلبية احتياجاتنا الاستخباراتية

صورة من  فيديو بثه التلفزيون الإيراني اليوم من إطلاق القمر الاصطناعي نور 3 (أ.ب)
صورة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني اليوم من إطلاق القمر الاصطناعي نور 3 (أ.ب)
TT

إيران تعلن وضع قمر اصطناعي عسكري على مدار الأرض

صورة من  فيديو بثه التلفزيون الإيراني اليوم من إطلاق القمر الاصطناعي نور 3 (أ.ب)
صورة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني اليوم من إطلاق القمر الاصطناعي نور 3 (أ.ب)

قال وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور إن «الحرس الثوري» وضع «بنجاح» ثالث قمر اصطناعي على مدار الأرض، في خطوة من شأنها أن تزيد من التوترات مع الدول الغربية التي تخشى استخدام تكنولوجيا الصواريخ الفضائية في تطوير صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك بعد إعلان أوروبي الإبقاء على قيود الصواريخ الباليستية والمسيرات التي من المقرر رفعها بموجب الاتفاق النووي الشهر المقبل.

وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية عن زارع بور بأن «القمر الاصطناعي نور 3 وضع في مدار الأرض على ارتفاع 450 كيلومتراً فوق سطح الأرض»، دون أن يحدد متى تمت عملية الإطلاق.

وبحسب الإعلام الرسمي الإيراني إن قمر «نور 3» أرسل على متن صاروخ قاصد الحامل للأقمار الاصطناعية والذي استخدمه «الحرس الثوري» لإطلاق أقمار نور 1 ونور 2 العسكريين. ونشرت السلطات لقطات صاروخ يقلع من قاذفة متنقلة دون أن تذكر مكان الإطلاق.

وتطابقت التفاصيل في الفيديو مع قاعدة لـ«الحرس الثوري» بالقرب من مدينة شاهرود، على بعد نحو 330 كيلومترا (205 أميال) شمال شرقي العاصمة طهران. وتقع القاعدة في محافظة سمنان، وتعرف باسم محطة «الخميني» الفضائية.

ويدير «الحرس الثوري» الذي يخضع مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي برنامجه الفضائي والبنية التحتية العسكرية الخاصة به بالتوازي مع القوات المسلحة النظامية الإيرانية.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أنه لم يصدر تعليق من المسؤولين الغربيين على إطلاق القمر الاصطناعي أو وضعه في مدار الأرض. ولم يرد الجيش الأميركي على الفور على طلب للتعليق.

ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قوله في تصريحات للتلفزيون الرسمي إن القمر الاصطناعي الجديد سيوفر صورا أكثر دقة من سابقاتها مما سيمكن «الحرس الثوري» من «تلبية احتياجاتهم الاستخباراتية» عبر جمع الصور والبيانات.

وبدوره، قال قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده إن قواته ستطلق صاروخين حتى نهاية العام الإيراني الحالي، 20 مارس (آذار) المقبل.

وشهدت إيران سلسلة من عمليات الإرسال الفاشلة في السنوات الأخيرة، لكن التجارب بحد ذاتها أثارت انتقادات القوى الغربية التي تعتقد منذ سنوات أن برنامج الفضاء الإيراني غطاء لاستخدام تكنولوجيا الصواريخ لتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات. وتنفي طهران سعيها للوصول إلى صواريخ باليستية أبعد من ألفي كيلومتر، أو حيازة أسلحة نووية.

ويستخدم صاروخ «قاصد» مزيجا من الوقود الصلب والسائل. وكانت خمس محاولات إيرانية لإرسال أقمار اصطناعية على متن صاروخ سيمرغ قد فشلت خلال السنوات الأخيرة. وأعلن «الحرس الثوري» قبل عامين أنه يعمل على تطوير صاروخ حامل للأقمار الاصطناعية يعمل بالوقود الصلب، باسم «قائم».

تجارب سابقة

في مارس 2022، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني وضع القمر الاصطناعي «نور 2» في مدار على ارتفاع 500 كيلومتر من سطح الأرض. وجاء الإعلان الإيراني بعد أقل من أسبوع على نشر وكالة «أسوشييتد برس» صوراً التقطتها أقمار اصطناعية تتبع مؤسسة «ماكسر تكنولوجيز»، وتظهر آثار حريق في منصة إطلاق بمحطة «الخميني» الفضائية.

وكان «الحرس الثوري» قد أطلق أول قمر اصطناعي عسكري باسم «نور» في أبريل (نيسان) 2020، ووُضع في مدار على ارتفاع 425 كيلومتراً فوق سطح الأرض. وبعد الإطلاق، قلّل رئيس قيادة الفضاء الأميركية من قيمة القمر الاصطناعي، ووصفه بأنه «كاميرا ويب متداعية في الفضاء» لن يوفر معلومات استخباراتية حيوية لإيران، لكن «الحرس الثوري» بذلك أعلن عن برنامجه الفضائي السري.

انتقادات غربية

وأثارت المحاولات السابقة غضب الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وقالت تلك الدول إن إطلاق القمر الاصطناعي يتحدى قرار مجلس الأمن 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي، ويطالب طهران بعدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية القادرة على إيصال أسلحة نووية.

صورة بثها التلفزيون الرسمي الإيراني من صاروخ حامل للقمر الاصطناعي قبل لحظات من إطلاقه إلى الفضاء (أ.ب)

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على «وكالة الفضاء المدنية الإيرانية» ومنظمتين بحثيتين في 2019، قائلة إنها تُستخدم في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. وبعد محاولات سابقة، حذّر الجيش الأميركي من أن نفس التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى المستخدمة لوضع الأقمار الاصطناعية في مداراتها ربما تسمح أيضاً لطهران بإطلاق أسلحة ذات مدى أطول، وربما تحمل رؤوساً حربية نووية.

وتنفي طهران التأكيدات الأميركية بأن مثل هذا النشاط غطاء للحصول على تكنولوجيا صواريخ عابرة للقارات، وترفض الالتزام ببنود ينص عليها القرار 2231 ويدعوها للامتناع عن تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

وأفاد تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركي لعام 2022 أن تطوير مركبات إطلاق الأقمار الاصطناعية «يقصر الجدول الزمني» لإيران لتطوير صاروخ باليستي عابر للقارات لأنها تستخدم تقنية مماثلة حسبما أوردت وكالة «أسوشييتد برس».

محاولات فاشلة

كما أعلنت طهران في فبراير (شباط) 2020 فشل محاولة وضع قمر اصطناعي للمراقبة العلمية في المدار، في ثالث إخفاق من نوعه خلال نحو عام، بعد فشل محاولة في يناير (كانون الثاني) 2019. ولاحقاً فشلت محاولة في أغسطس (آب) 2019 عندما انفجر صاروخ على ما يبدو في منصة الإطلاق في محطة «الخميني» وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، حتى إنه لفت انتباه الرئيس آنذاك دونالد ترمب، الذي غرد بعد ذلك ونشر صورة مراقبة سرية لما بدا أنه عملية إطلاق فاشلة. وأثارت الإخفاقات المتتالية الشكوك حول التدخل الخارجي في البرنامج الإيراني. الأمر الذي لمح إليه ترمب نفسه من خلال تغريدة في ذلك الوقت حول أن الولايات المتحدة «لم تكن متورطة في الحادث الكارثي».

دبلوماسية متعثرة

تصاعدت التوترات بالفعل مع الدول الغربية بشأن برنامج إيران النووي، الذي تقدم بشكل مطرد منذ أن انسحبت الولايات المتحدة قبل خمس سنوات من الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية وأعادت العقوبات على إيران.

وصلت الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق إلى طريق مسدود منذ أكثر من عام. منذ ذلك الحين، وتشير تقديرات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من الأسلحة لبناء «عدة» أسلحة نووية إذا اختارت القيام بذلك. تقوم إيران أيضاً ببناء منشأة نووية جديدة تحت الأرض، في توسع لمنشأة نطنز في أصفهان وسط البلاد، ومن المحتمل أن تكون منيعة أمام الضربات الجوية الأميركية أو الإسرائيلية. وقال كلا البلدين إنهما سيقومان بعمل عسكري إذا لزم الأمر لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي.

في وقت سابق من هذا الأسبوع أعربت إيران عن استعدادها للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، لكنها تقول إن على الولايات المتحدة أولاً تخفيف العقوبات.

امرأة من دون حجاب تمشي أمام صاروخ أرض-أرض إيراني من طراز سجيل معروض أمام مقر البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان بطهران في 27 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وفي

مقابلة أجرتها معه مؤخرا مع وكالة أنباء يابانية، تحدث وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان عن اقتراح ياباني لاستئناف المحادثات النووية الإيرانية مع الولايات المتحدة.

وقالت الخارجية الأميركية الثلاثاء إنه يتعين على إيران اتخاذ خطوات «لخفض التصعيد» بشأن برنامجها النووي إذا أرادت إفساح المجال للدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وإن أولى هذه الخطوات التعاون مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وكانت تعليقات المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي هي المرة الثانية خلال أيام التي تنتقد فيها واشنطن قرار طهران منع عدد من مفتشي الوكالة الدولية من العمل في البلاد، مما يعوق قدرة الوكالة على مراقبة أنشطة طهران النووية. وقال ميلر «يجب على إيران أن تتخذ خطوات لخفض التصعيد إذا كانت تريد تهدئة التوتر وإفساح المجال للدبلوماسية». وأضاف «في الأسابيع القليلة الماضية فقط، رأينا إيران تتخذ خطوات لتقويض قدرة الوكالة الدولية على القيام بعملها... لذلك إذا كانت إيران جادة حقا في اتخاذ خطوات لخفض التصعيد فإن أول شيء (يمكنها) أن تفعله هو التعاون مع الوكالة». وقال ميلر إن الخطوات التي كان يتحدث عنها كتمهيد محتمل لاستئناف المحادثات الأميركية الإيرانية، سواء المباشرة أو غير المباشرة، تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل. إلا أنه عندما سئل عما إذا كان يقول إن على إيران أن تتخذ كل هذه الخطوات التي تطالب بها الولايات المتحدة قبل أن توافق واشنطن على إجراء محادثات مباشرة أو غير مباشرة مع طهران، أجاب «أنا لا أقول ذلك».


مقالات ذات صلة

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

شؤون إقليمية صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أرشيفية/أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم خامنئي «الأخطبوط» بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الأردن

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بمحاولة إنشاء «جبهة إرهابية شرقية» ضد إسرائيل عبر الأردن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

الوكالة الدولية: إيران قريبة جداً من السلاح النووي

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مستويات الوقود النووي في إيران ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لقطة من الوثائقي الإيراني لقناة «تي دبليو» لسليماني داخل قصر صدام play-circle 01:21

سليماني يعاين صدام حسين داخل قصره

أثار فيديو لقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وهو يتجول في أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المخرجة رخشان بني اعتماد (أ.ف.ب)

القضاء الإيراني يتهم مخرجة وممثلة لخلعهما الحجاب في مكان عام

وجّه القضاء الإيراني، اليوم (الأربعاء)، التهمة إلى المخرجة رخشان بني اعتماد وابنتها الممثلة باران كوثري لظهورهما حاسرتي الرأس في مكان عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نجل شمخاني يدير «إمبراطورية» إيران النفطية

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
TT

نجل شمخاني يدير «إمبراطورية» إيران النفطية

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

كشف موقع «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

وقال تقرير للموقع، إن «حسين، وهو نجل علي شمخاني، المستشار البارز لدى المرشد علي خامنئي»، تحوّل إلى «إمبراطور يدير كميات كبيرة من صادرات النفط الخام الإيرانية والروسية العالمية».

وحسب التقرير، فإن «قلة قليلة حول العالم، على صلة بتجارة النفط، تعرف أن هذا الرجل هو نجل شمخاني، ويسمونه هيكتور».

وتبيع الشركات في شبكته النفط والبتروكيماويات من دول غير خاضعة للعقوبات، وأحياناً تخلط الخام من دول مختلفة حتى يصعب على المشترين تحديد بلد المنشأ، وفقاً للتقرير.