طهران تبحث وساطة يابانية لاستئناف المفاوضات النووية

الخارجية الأميركية رفضت طلب عبداللهيان لزيارة واشنطن

رئيسي وعبداللهيان يتحدثان إلى وسائل إعلام أميركية في نيويورك الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي وعبداللهيان يتحدثان إلى وسائل إعلام أميركية في نيويورك الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

طهران تبحث وساطة يابانية لاستئناف المفاوضات النووية

رئيسي وعبداللهيان يتحدثان إلى وسائل إعلام أميركية في نيويورك الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي وعبداللهيان يتحدثان إلى وسائل إعلام أميركية في نيويورك الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن اليابان قدّمت مبادرة لاستئناف المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، بعد عام من وصولها إلى طريق مسدودة، رغم تبادل الرسائل الإيرانية - الأميركية عبر وسطاء للعودة إلى المسار الدبلوماسي.

وأوضح عبداللهيان في تصريح لوكالة «كيودو» اليابانية، أن المقترح «يرضي مصالح إيران وهو يستحق الاهتمام ويمكن النظر إليه بشكل إيجابي» دون الخوض في التفاصيل.

وأضاف: «نحن ندعم الدور البناء لليابان في إحياء الاتفاق النووي». وألقى باللوم على الولايات المتحدة وحلفائها في الترويكا الأوروبية بعرقلة المفاوضات بسبب ما وصفه «تقديم مطالب مبالَغ فيها». كما اتهم الأطراف الغربية بـ«التدخل» في الشؤون الداخلية الإيرانية.

رئيس الوزراء فوميو كيشيدا يلتقي عبداللهيان في طوكيو 7 أغسطس 2023 (الخارجية الإيرانية)

وكان عبداللهيان قد أبلغ وكالة «أرنا» الرسمية لدى عودته من نيويورك، الثلاثاء، بأن السلطان هيثم بن طارق، يحاول إعادة إحياء الاتفاق النووي، لكنه شدد على أن المبادرة العمانية المطروحة «طريقة لتسريع وإعادة جميع الأطراف إلى التزاماتها، لكن هذا لا يعني أن سلطان عمان يحمل خطة أو نصاً جديداً».

أتى تصريح عبداللهيان عن المبادرة اليابانية، في وقت حذّر قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي من الوثوق بـ«الأعداء»، وقال: «جميعهم في ميدان واحد». وقال: «الأعداء في العام الماضي، كانت لديهم تصورات باطلة وأخطاء في الحسابات، وانحراف الانطباعات؛ ما تسبب في هزيمتهم».

وتفاخر سلامي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة واحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين لمدة 444 يوماً بعد اقتحام السفارة الأميركية على يد طلبة متشددين في 1979، وأطلق عليهم حينذاك «أتباع خط الإمام».

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، خلال مؤتمره الصحافي اليومي، الاثنين: إن الخارجية الأميركية رفضت طلباً تقدم به عبداللهيان لزيارة العاصمة واشنطن، الذي كان ينوي تفقد مكتب رعاية المصالح الإيرانية في السفارة الباكستانية.

وصرح ميلر: «لدينا التزام بالسماح للمسؤولين الإيرانيين والمسؤولين الآخرين في الحكومات الأجنبية بالسفر إلى نيويورك للقيام بأعمال الأمم المتحدة، لكن ليس لدينا التزام بالسماح لهم بالسفر إلى واشنطن العاصمة».

وأرجع المسؤول الأميركي رفض طلب عبداللهيان إلى استمرار إيران في «الاحتجاز غير المشروع للمواطنين الأميركيين ورعاية الدولة الإيرانية للإرهاب».

في الأثناء، دحضت الخارجية الإيرانية، معلومات نشرها موقع محسوب على جماعات ضغط إيرانية في الخارج، ومقربة من الحكومة السابقة برئاسة حسن روحاني، حول منح المرشد الإيراني علي خامنئي، ضوءاً أخضر لكبير المفاوضين النوويين، علي باقري كني، للجلوس على طاولة مفاوضات مباشرة مع مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك في مسقط بعد أسابيع.

وقالت الخارجية الإيرانية في بيان: إن «الأخبار المفبركة حول مستقبل عملية مفاوضات رفع العقوبات لا قيمة لها». وأضاف البيان أن «فبركة الأخبار والألاعيب الإعلامية تهدف إلى الدعاية السياسية». ويشير التقرير الذي انتقدته الخارجية الإيرانية إلى سعي وزير الخارجية الإيراني وفريقه، للتسريع في عملية التفاوض وتوجيه رسائل في هذا الصدد، قبل حلول موعد رفع العقوبات عن البرنامج الصاروخي والطائرات المسيّرة.

بند الغروب

وزادت تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن استعدادهم للانخراط في جولة جديدة من المفاوضات النووية، مع اقتراب موعد بند الغروب المنصوص عليه في الاتفاق النووي، في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بشأن رفع القيود من البرنامج الصاروخي والطائرات المسيّرة الإيرانية.

وأسفرت أشهر من الدبلوماسية السرية بين واشنطن وطهران، عن صفقة تبادل للسجناء وشملت إطلاق ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة. وكانت وسائل إعلام غربية قد تحدثت عن ترتيبات غير رسمية للتوصل إلى تفاهم محدود، لخفض التوترات بين الجانبين، بما يشمل وقف الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة، وإبطاء طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة قريبة من صنع الأسلحة، ووقف إرسال المسيّرات إلى روسيا.

وانطلقت المفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في أبريل (نيسان) 2021؛ بهدف إعادة التماثل بالاتفاق النووي، بمشاركة أطراف الاتفاق، لكن المسار الدبلوماسي تعطل لخمسة أشهر بسبب الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وبعد انتخاب إبراهيم رئيسي، شاركت إيران بفرض تفاوضي جديد بالمفاوضات، لكنها تعطلت بعد ثلاثة أشهر من المحادثات المكوكية في مارس 2022 بعد أسابيع من بداية الحرب الروسية - الأوكرانية.

وطرح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مسودة لإنجاز المحادثات في سبتمبر العام الماضي، لكن محاولته فشلت.

ومن بين مطالب طهران التي لا تزال مطروحة بقوة، إغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن العثور في موقعين سريين. وتصرّ الوكالة التابعة للأمم المتحدة على تقديم طهران تفسيرات موثوقة بشأن تلك الأنشطة. وانتقد مدير الوكالة الدولية، رافائيل غروسي، مؤخراً عدم إحراز تقدم في تفاهمها مع إيران في مارس (آذار) الماضي بشأن الحصول على تفسيرات إيرانية حول الموقعين السريين.

واليوم (الثلاثاء)، طالب مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، بإغلاق ملف التحقيق على وجه السرعة، متهماً الوكالة الدولية بـ«التسييس».

وأجرى إسلامي وغروسي في وقت لاحق مشاورات حول القضايا العالقة بين الطرفين، خصوصاً بعد قرار طهران الأخير إلغاء ترخيص المفتشين التابعين للوكالة الدولية، الذين وُصفوا بأنهم الأكثر خبرة في مجال الأنشطة الإيرانية. واتضح أن المفتشين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

غروسي يستقبل إسلامي في فيينا أمس (الوكالة الدولية)

وأعاد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تصريحات صحافية إلغاء التصريح إلى «اعتبارات أمنية» تجاه مفتشي الدول الثلاث، نافياً أن تكون خطوة بلاده محاولة لإبعاد المفتشين الدوليين من أراضيها.

وجاءت الخطوة الإيرانية بعد تحرك قادته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق من هذا الشهر لدعوة طهران إلى التعاون بصورة فورية مع الوكالة بشأن قضايا، من بينها تفسير وجود آثار لليورانيوم تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.

 

وفي بيان جديد صدر الأسبوع الماضي، دعت الدول الأربع إيران إلى التراجع عن قرارها.

 

بكين تنتقد معاقبة شركات بسبب مسيّرات إيران

لكن الخطوة الإيرانية بدت أنها جاءت رداً على قرار الدول الأوروبية تمديد العقوبات على البرنامجين؛ الصاروخي والطائرات المسيّرة الإيرانية التي من المقرر أن تنقضي الشهر المقبل بموجب الاتفاق النووي، في خطوة أثارت غضباً في طهران.

وتمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على طهران لوقف تدفق المسيرات الإيرانية إلى روسيا؛ الأمر الذي تسبب في تفاقم التوترات بين إيران والغربيين، خصوصاً القوى الأوروبية الثلاث.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في 19 سبتمبر، عقوبات على كيانات في إيران وروسيا وتركيا والصين بسبب برنامج المسيّرات الإيرانية. وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية براين نيلسون في بيان «استمرار إيران عن عمد في نشر طائراتها المسيرة يمكّن روسيا ووكلاءها في الشرق الأوسط وجهات أخرى مزعزعة للاستقرار من تقويض الاستقرار العالمي».

وعادت الخارجية الأميركية مجدداً، الاثنين، لفرض عقوبات تجارية على 11 شركة صينية. واحتجت بكين بشدة الأربعاء على إدراج شركات وأفراد صينيين على قائمة العقوبات على إيران لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأميركي، حسبما أوردت «رويترز».

وأضافت الوزارة في بيان، أن الولايات المتحدة أدرجت كيانات صينية على قائمة العقوبات فيما يتعلق بتطوير طهران طائرات مسيرة وحربية.

في طهران، قال قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده: إن الكثير من الدول «تتبع طريقة إيران في الطائرات المسيّرة». وأضاف أن بلاده «تخطت القوى الإقليمية» في مجال صناعة المسيّرات، حسبما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» يتحدث في طهران اليوم (تسنيم)

وقال حاجي زاده «اليوم، نحن في مجال الطائرات من دون طيار على مستوى عالمي ولدينا أسلوب في مجال التقنيات، وفي مجال التكتيكات» وأضاف «العديد من الدول تتبع النموذج الإيراني». وأضاف «ليس لدينا أي قيود في هذا المجال، مسيّراتنا تقوم بأنواع المهام».

وكشفت طهران الشهر الماضي عن أحدث مسيّراتها القتالية والانتحارية، بما في ذلك طائرة مسيرة «مهاجر 10» التي تصل لألفي كيلومتر، وبدا وكأنها تقليد من مسيّرات أميركية وصينية الصنع.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم 60%.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.