شركة شحن يونانية تقر بتورطها في تهريب نفط إيراني وتدفع غرامة

قناة للسفن وبجوارها مصفاة للنفط في ميناء هيوستن بولاية تكساس الأميركية (أرشيفية-رويترز)
قناة للسفن وبجوارها مصفاة للنفط في ميناء هيوستن بولاية تكساس الأميركية (أرشيفية-رويترز)
TT

شركة شحن يونانية تقر بتورطها في تهريب نفط إيراني وتدفع غرامة

قناة للسفن وبجوارها مصفاة للنفط في ميناء هيوستن بولاية تكساس الأميركية (أرشيفية-رويترز)
قناة للسفن وبجوارها مصفاة للنفط في ميناء هيوستن بولاية تكساس الأميركية (أرشيفية-رويترز)

اعترفت شركة شحن يونانية بتورطها في تهريب نفط خام إيراني قيد عقوبات، ووافقت الشركة على سداد غرامة بقيمة 2.4 مليون دولار، حسبما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن وثائق صادرة عن محكمة أميركية حديثاً.

وتعتبر القضية التي أصبحت معلنة الآن ضد شركة «إمباير نافيغيشن»، التي تواجه ثلاث سنوات من المراقبة بموجب اتفاق الاعتراف بالذنب، أول اعتراف علني من قبل المدعين العموميين الأميركيين بأن الولايات المتحدة صادرت نحو مليون برميل من النفط من ناقلة «سويز راجان».

وأدى الصراع حول السفينة إلى تصعيد التوترات بين واشنطن وإيران، حتى في وقت يعملان على مبادلة مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية مقابل الإفراج عن خمسة أميركيين من أصل إيراني محتجزين في طهران.

كما كشفت وثائق المحكمة النقاب عن العالم السري لتهريب النفط الخام الإيراني، رغم العقوبات الغربية، منذ انهيار اتفاقها النووي المبرم عام 2015 ـ نشاطات زاد حجمها هذا العام.

وعمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى مصادرة شحنات نفط إيرانية منذ عام 2019، ما تسبب بدوره في وقوع سلسلة من الهجمات في الشرق الأوسط جرى إيعازها إلى إيران، بالإضافة إلى احتجاز قوات عسكرية وشبه عسكرية إيرانية سفناً تجارية على نحو يهدد الملاحة العالمية عبر مضيق هرمز، الممر الضيق الواقع بالخليج العربي ويمر من خلاله 20 في المائة من إجمالي إنتاج النفط العالمي.

واتجهت الأنظار نحو «سويز راجان» في فبراير (شباط) 2022، عندما أعلنت مجموعة «متحدون ضد إيران النووية» أنها تشتبه في أن الناقلة تحمل نفطاً من جزيرة خارج الإيرانية، المحطة الرئيسية لتوزيع النفط في الخليج العربي. وتدعم هذه المعلومات صور أقمار اصطناعية وبيانات شحن.

وبحسب وكالة «أسوشييتد برس»، تعتمد الوثائق القضائية المعلن عنها حديثاً على صور التقطتها أقمار اصطناعية، وكذلك وثائق، لتوضيح أن «سويز راجان» سعت إلى إخفاء تحميل النفط الخام الإيراني من ناقلة أخرى، عن طريق محاولة الادعاء بأن النفط يأتي من مصدر آخر.

وعلى مدار شهور، استقرت السفينة في بحر الصين الجنوبي، قبالة الساحل الشمالي الشرقي لسنغافورة قبل أن تبحر فجأة باتجاه ساحل تكساس دون تفسير.

وفرغت السفينة حمولتها في ناقلة أخرى، أفرغت النفط في هيوستن في الأيام الأخيرة. وتؤكد وثائق المحكمة، التي اطلعت عليها الوكالة، الخميس، أن الحكومة الأميركية صادرت النفط.

من جهته، اعترف محامي شركة «إمباير نافيغيشن»، أبوستولوس توركانتونيس، في أبريل (نيسان) بتورط الشركة في ما يخص اتهام واحد يتعلق بخرق العقوبات المفروضة على إيران. ولم تستجب الشركة، ومقرها في أثينا عاصمة اليونان، لطلب للتعليق.

من ناحيتها، أفادت وزارة الخزانة الأميركية أن إيرادات تهريب النفط الإيراني يجري استغلالها في دعم «قوة القدس»، وحدة تتبع الحرس الثوري، وتعمل عبر منطقة الشرق الأوسط.

وتربط وثائق المحكمة «الحرس الثوري» بهذه التجارة، التي تشمل مئات السفن التي تحاول إخفاء حركاتها، ويمكن أن تخفي ملكيتها من خلال شركات واجهة أجنبية.

وتعد قضية «سويز راجان» فريدة من نوعها لكونها مملوكة لشركة إدارة الأصول الخاصة «أوكتري كابيتال منيدجمنت»، ومقرها لوس أنجليس.

وباعت «أوكتري كابيتال منيدجمنت»، التي رفضت بشكل متكرر مناقشة القضية، السفينة بالكامل لشركة «إمباير نافيغيشن» أواخر مايو (أيار).

من جهته، أثنى مارك والاس، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو. بوش، والذي يترأس مجموعة «متحدون ضد إيران النووية»، على موقف «إمباير نافيغيشن» وموافقتها على الاعتراف بالذنب.

ووصف والاس عمليات تهريب النفط الإيراني بأنها تشبه «أعمال العصابات»، وحث آخرين على التخلي عن هذه التجارة. وقال لـ«أسوشييتد برس»: «لقد واجهوا تهديدات بالاغتيال من جانب إيران داخل اليونان. لقد قرروا الابتعاد عن العصابة».

إلا أن والاس رفض الكشف عن تفاصيل، ولم تحوِ وثائق المحكمة الأميركية أي تفاصيل حول التهديدات المزعومة بالاغتيال - رغم أن المدعين أشاروا إلى «مخاطر أمنية تتعلق بالمتهمين والحكومة، علاوة على السفينة وأفراد طاقمها» في طلبهم لإبقاء القضية بعيداً عن الرأي العام في مارس (آذار).

من ناحية أخرى، تحول تأخير تفريغ حمولة «سويز راجان» كذلك إلى قضية سياسية لإدارة بايدن، مع بقاء السفينة لعدة أشهر في خليج المكسيك، ربما بسبب قلق الشركات من التهديدات الإيرانية.

ومنذ أن اتجهت «سويز راجان» نحو أميركا، استولت إيران على ناقلتين قرب مضيق هرمز، بينهما شحنة لشركة النفط الأميركية العملاقة، «شيفرون».

في يوليو (تموز)، هدد قائد الوحدة البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري، باتخاذ إجراءات إضافية ضد أي شخص يفرغ حمولة «سويز راجان»، مع ربط وسائل الإعلام الرسمية بين إجراءات المصادرة الأخيرة ومصير الحمولة.

واستمرت إيران في إصدار تهديدات، على خلفية الاستيلاء على الشحنة، واستدعت دبلوماسيا سويسريا في طهران للتعبير عن غضبها.

وترعى سويسرا مصالح الولايات المتحدة داخل إيران بعد قطع العلاقات الدبلوماسية على خلفية أزمة الاستيلاء على السفارة الأميركية والرهائن في 1979.

من جانبها، زادت البحرية الأميركية باستمرار من وجودها في الأسابيع الأخيرة في الشرق الأوسط، وأرسلت الحاملة «يو إس إس باتان» التي تحمل جنودا وطائرات عبر مضيق هرمز، وتدرس الاستعانة بأفراد مسلحين على متن السفن التجارية المارة عبر المضيق لمنع إيران من مصادرة المزيد من السفن.

قناة للسفن وبجوارها مصفاة للنفط في ميناء هيوستن بولاية تكساس الأميركية (أرشيفية-رويترز)

تحذيرات في مضيق هرمز

مساء الأربعاء، حدثت الولايات المتحدة تحذيرها للسفن التي تسافر عبر الشرق الأوسط، قائلة: «السفن التجارية التي تعبر الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان لا تزال تتعرض للاقتحام والاحتجاز أو الاستيلاء بشكل غير قانوني من قبل القوات الإيرانية».

هذا العام، ظلت الصادرات النفطية الإيرانية أعلى عن مستوى مليون برميل يومياً، رغم العقوبات الأميركية، تبعاً لما كشفته شركة بيانات السلع «كبلر».

وفي مايو ويونيو (حزيران)، ارتفعت الصادرات لأعلى عن 1.5 مليون برميل يومياً، بينما استقرت أرقام أغسطس (آب) عند مستوى 1.4 مليون برميل يومياً، حسب «كبلر».

ومن المعتقد أن الصين أحد المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني، وثمة احتمال كبير أنها تحصل على خصم كبير.

من جهته، قال والاس: «لقد تحققت العدالة، لكن يجب عقد مراجعة سياسية جادة لمعرفة لماذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً، ولماذا هناك 300 سفينة متورطة في الأمر ذاته».


مقالات ذات صلة

استطلاع: غالبية الأميركيين يرفضون ضربات ترمب على إيران

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض بواشنطن (إ.ب.أ) play-circle

استطلاع: غالبية الأميركيين يرفضون ضربات ترمب على إيران

أظهر استطلاع جديد أجرته شبكة «سي إن إن» بعد الضربات الأميركية، أن قرار الرئيس دونالد ترمب شن غارات جوية على إيران لا يحظى بشعبية واسعة بين الأميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري جانب من الدمار جراء القصف الإيراني على جنوب إسرائيل الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري هل تمهد هدنة ترمب لعودة المفاوضات مع إيران؟

يوحي إعلان ترمب المفاجئ الاثنين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد أعاد حكام طهران إلى طاولة المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر (واس)

ولي العهد السعودي يؤكد لأمير قطر وقوف الرياض مع الدوحة

أكد الأمير محمد بن سلمان في اتصال هاتفي مع الشيخ تميم بن حمد وقوف الرياض التام مع الدوحة، وإدانتها للعدوان السافر الذي شنته إيران على دولة قطر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز) play-circle

«تأهب أمني» في قاعدتين تستخدمهما القوات الأميركية بالعراق

تشهد قاعدتان تستخدمهما قوات أميركية في العراق حالة ترقب و«تأهب أمني» بعدما شنّت إيران هجوماً صاروخياً على قاعدة العديد الأميركية في قطر، وفق مصدر عسكري.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبجواره وزير الدفاع يسرائيل كاتس (إكس)

تل أبيب تلمح لنهاية قريبة لحملتها: الكرة الآن في ملعب إيران

تسعى إسرائيل لإنهاء عمليتها العسكرية ضد إيران قريباً، وقد أبلغت واشنطن بذلك، لكن الأمر مرهون برد طهران، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين تحدثوا إلى «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الحرس الثوري»: أطلقنا آخر موجة صواريخ على إسرائيل قبل وقف النار

صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر أفراد الطوارئ وهم يعملون في موقع سكني متضرر في أعقاب هجوم صاروخي في الصباح الباكر من إيران على إسرائيل في بئر السبع (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر أفراد الطوارئ وهم يعملون في موقع سكني متضرر في أعقاب هجوم صاروخي في الصباح الباكر من إيران على إسرائيل في بئر السبع (رويترز)
TT

«الحرس الثوري»: أطلقنا آخر موجة صواريخ على إسرائيل قبل وقف النار

صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر أفراد الطوارئ وهم يعملون في موقع سكني متضرر في أعقاب هجوم صاروخي في الصباح الباكر من إيران على إسرائيل في بئر السبع (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر أفراد الطوارئ وهم يعملون في موقع سكني متضرر في أعقاب هجوم صاروخي في الصباح الباكر من إيران على إسرائيل في بئر السبع (رويترز)

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني في بيان نقلته وكالة «تسنيم» التابعة له للأنباء اليوم (الثلاثاء)، أنه أطلق آخر موجة من الصواريخ على إسرائيل قبل دقائق من سريان وقف إطلاق النار ردا على الغارات الإسرائيلية.

ونقلت الوكالة قول «الحرس الثوري» إنه أطلق 14 صاروخا على مراكز عسكرية في إسرائيل، وإن «القوات المسلحة الإيرانية ستواصل رصد تحركات العدو بعيون مفتوحة ويقظة».

وكان الجيش الإيراني قد نفى إطلاق صواريخ على إسرائيل بعد بدء وقف إطلاق النار، حسبما ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني.

وفي وقت سابق، قالت إسرائيل إنها رصدت صواريخ تم إطلاقها من إيران بعد ساعتين ونصف من بدء وقف إطلاق النار، وهو ما نفته طهران.

وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجيش بالرد بقوة على «انتهاك» إيران لاتفاق وقف النار.

وقال في بيان: «أصدرت تعليماتي للجيش الإسرائيلي بالرد بقوة على خرق إيران لوقف إطلاق النار وتوجيه ضربات قوية ضد أهداف تابعة للنظام في قلب طهران».

بدوره، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن كلاً من إسرائيل وإيران انتهك وقف إطلاق النار، مضيفاً أنه غير راضٍ عن أي من البلدين، وخاصة إسرائيل.

وفي حديث للصحافيين قبل مغادرته لحضور قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي، قال ترمب إن إسرائيل «انسحبت» فور موافقتها على الاتفاق، لافتاً إلى أن القدرات النووية الإيرانية انتهت.

وفي منشور لاحق على منصة «تروث سوشيال»، طالب ترمب إسرائيل بـ«عدم إلقاء هذه القنابل» على إيران، وقال: «إسرائيل... لا تلقوا القنابل! إذا قمتم بذلك فسيمثل الأمر انتهاكاً كبيراً. أعيدوا طياريكم إلى بلادهم، فوراً!».