أحمدي نجاد يلتزم «الصمت الانتخابي» وينأى عن المعارضة

أحد مقربيه قال إنه لن يكون رضا بهلوي آخر

صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من لقائه مع النائب أحمد علي رضا بيغي في ضواحي مدينة تبريز شمال غرب البلاد أغسطس 2019
صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من لقائه مع النائب أحمد علي رضا بيغي في ضواحي مدينة تبريز شمال غرب البلاد أغسطس 2019
TT

أحمدي نجاد يلتزم «الصمت الانتخابي» وينأى عن المعارضة

صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من لقائه مع النائب أحمد علي رضا بيغي في ضواحي مدينة تبريز شمال غرب البلاد أغسطس 2019
صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من لقائه مع النائب أحمد علي رضا بيغي في ضواحي مدينة تبريز شمال غرب البلاد أغسطس 2019

قال نائب إيراني تربطه صلات وثيقة بالرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، إن الأخير سيواصل صمته الحالي في الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير (شباط) المقبل، مستبعداً في الوقت نفسه، أن يكون الرئيس المثير للجدل ينوي اللحاق بمعسكر المعارضة التي ترفع شعار إطاحة نظام الحكام، على غرار نجل الشاه رضا بهلوي.

وقال ممثل مدينة تبريز، النائب أحمد علي رضا بيغي، في حوار مع موقع «خبر أونلاين»، إن صمت أحمدي نجاد خلال العامين الماضيين، تحديداً منذ تولي حكومة إبراهيم رئيسي، يعود إلى «الأوضاع الخاصة» التي تمر بها البلاد.

كان محمود أحمدي نجاد قد وجه انتقادات لاذعة إلى حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، والجهاز القضائي الإيراني، وفُسرت بعض انتقاداته بأنها موجهة لصاحب كلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة، المرشد علي خامنئي.

ويعد بيغي من القلائل الذين يجاهرون بالولاء لأحمدي نجاد، في وقت مارست السلطات ضغوطاً متزايدة على الحلقة المقربة من الرئيس الأسبق، بعدما أثار الجدل بسبب مواقفه السياسية، قبل أن يتوارى عن الأنظار.

وكادت انتقادات أحمدي نجاد للأوضاع الداخلية في السنوات الماضية، أن تقضي على صيت خصومه الإصلاحيين، مثل الرئيس الأسبق محمد خاتمي، الذي واجه انتقادات بسبب مواقفه في موجات الاحتجاجات التي عصفت بالبلاد خلال فترة حسن روحاني، وخلفه إبراهيم رئيسي.

وقال بيغي في هذا الصدد: «عندما تطلب الأمر، تحدث (أحمدي نجاد) عن المشكلات والنواقص بصراحة ووضوح للغاية، لكنه يفضل التزام الصمت بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد».

وأشار بيغي تحديداً إلى مواقف أحمدي نجاد بين عامي 2015 و2017. وأعلنت طهران والقوى الكبرى التوصل إلى الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، ووافقت طهران على قبول الاتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. ودخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ في منتصف يناير (كانون الثاني) 2016.

وفي 2017، فاز الرئيس السابق حسن روحاني بولاية ثانية، وكان منافسه الأساسي إبراهيم رئيسي، في حين أُقصي محمود أحمدي نجاد من سباق الانتخابات، بعدما دفع بأوراقه للترشح، متجاهلاً طلباً لخامنئي بعدم دخول السباق.

وبين فترة توقيع الاتفاق النووي، حتى نهاية الولاية الثانية لحسن روحاني، تحول أحمدي نجاد إلى منتقد شرس لسياسات الحكومة، والمؤسسة الحاكمة، ورغم تكرار فشله في خوض الانتخابات الرئاسية قبل عامين، لكنه حافظ على عضويته في مجلس تشخيص مصلحة النظام، بتوقيع من خامنئي. وفُسر تجديد عضوية أحمدي نجاد في مجلس تشخيص مصلحة النظام بأنه محاولة لكبح جماحه، وإبقائه في نطاق المؤسسة الحاكمة.

وقال بيغي إن «بعض الأشخاص حاولوا منع أحمدي نجاد من توجيه الانتقادات، ولماذا لا يتم إسكاته، والتصدي له، لكن الآن فإن الأوضاع التي توقعناها على وشك الحدوث، وبالطبع لم نكن نرغب في حدوث هذا، كنا نتمنى لو كان انطباعاً خاطئاً».

وأضاف: «ما توقعناه، هي الأوضاع التي تحدث بالفعل»، ومع ذلك، أعاد التذكير بالتحذيرات السابقة، «تعني اللعب بالجروح». وأضاف: «أحمدي نجاد وجه رسالة إلى المرشد حول أوضاع وأحوال البلاد الحالية»، وأضاف: «مرور الوقت أظهر أن جميعها كانت صحيحة».

وتضم حكومة إبراهيم رئيسي عدداً من المسؤولين والوزراء في حكومة أحمدي نجاد، لكن أغلبهم تربطهم صلات وثيقة بـ«الحرس الثوري».

وحول ما إذا كان وجود هؤلاء من بين أسباب صمت أحمدي نجاد، قال بيغي إنهم «يحاولون تسجيل فشل حكومة إبراهيم رئيسي باسم أحمدي نجاد، لكن هذا موضوع مختلف». وقال النائب إن «حكومة رئيسي ليست الحكومة الثالثة لأحمدي نجاد، على الإطلاق». وأضاف: «لا يمكن مقارنة أداء حكومة رئيسي مع سياسات وأداء حكومة أحمدي نجاد».

وكانت بعض المواقع الإخبارية ربطت بين صمت أحمدي نجاد، وخططه للانتخابات التشريعية.

ونفى بيغي أن تكون لدى أحمدي نجاد أي نية للدخول إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء عبر تقديم قائمة انتخابية، أو دعم قوائم انتخابية.

كما نفى أن تكون لدى الرئيس الأسبق، أي نيات للتحول إلى معارضة للمؤسسة الحاكمة. وقال بيغي: «لا يريد أحمدي نجاد أن يكون رضا بهلوي آخر»، في إشارة إلى نجل الشاه، الذي يطمح في المنفى للحصول على تأييد مختلف أطراف المعارضة لإيران، لتشكيل جبهة واسعة، رغم أن تأييده حتى الآن لم يتجاوز أنصار الشاه التقليديين.

تأتي المقابلة بعدما نقل موقع «دولت بهار» التابع لمكتب أحمدي نجاد، أنه تعرض لمحاولة اغتيال جديدة، مشيراً إلى أنه وجه رسالة إلى كبار القادة في الأجهزة العسكرية والأمنية حول «بعض الحركات المثيرة للقلق»، مطالباً باتخاذ تدابير أمنية، وملاحقة المسؤولين «عن المحاولة المنظمة».

وبموازاة عملية تسجيل المرشحين للانتخابات البرلمانية التي استمرت لأسبوع الشهر الماضي، أثارت العديد من وسائل الإعلام الإيرانية أسئلة حول احتمال دخول كبار المسؤولين السابقين إلى المعترك الانتخابي للبرلمان، خصوصاً في ظل تأكيد المرشد الإيراني على ضرورة رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، التي تعد الأولى بعد الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للسلطة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقالت لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية الإيرانية إنها تلقت 48 ألف طلب من مختلف الأحزاب والتيارات التي تحظى باعتراف رسمي من السلطة، للتنافس على 290 مقعداً في البرلمان. وتناقش الأجهزة المعنية رفع عدد أعضاء البرلمان إلى 330 نائباً.

ويعد البرلمان الحالي داعماً لحكومة إبراهيم رئيسي، على خلاف الحكومة السابقة، التي حظيت بدعم نسبي من المشرعين، قبل سيطرة المحافظين أصلاً. وكانت الحكومة والبرلمان في زمن أحمدي نجاد على طرفي نقيض، بعدما حمل رئيس البرلمان حينذاك، علي لاريجاني، لواء خصوم أحمدي نجاد، خصوصاً في الفترة التي تراجع فيها دعم خامنئي للرئيس الإيراني.

واتضح في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن لاريجاني لا يفكر بالعودة إلى البرلمان، حيث سيطر على مقعد رئاسته لمدة 12 عاماً متتالية، في رقم قياسي من المستبعد زحزحته خلال السنوات القليلة المقبلة.

وعلى خلاف التوقعات، أغلق لاريجاني الباب بوجه الانتخابات البرلمانية. لاريجاني الذي تعرض لانتقادات كثيرة، بسبب دعمه لسياسة الحكومة السابقة في الاتفاق النووي، تعثر طموحه لتولي الرئاسة برفض أهليته لدخول الانتخابات الرئاسية.

كانت مصادر إصلاحية قد ذكرت في يونيو (حزيران) أن لاريجاني والرئيس السابق حسن روحاني ينتظران إشارات إيجابية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وقيادة التيار المحافظ المعتدل، والائتلاف مع الإصلاحيين.

وانتقد روحاني قانون الانتخابات الجديد، وذلك خلال لقائه أعضاء حكومته السابقة، الأربعاء الماضي. وقال روحاني في نبرة متشائمة: «أغلقوا المجال أمام مشاركة الناس بتمرير القانون الجديد». وأضاف: «لقد عهدوا باتخاذ قرار 85 مليون إيراني إلى عدد قليل من الأشخاص، الذين لا يصل إجمالي أصواتهم بضع مئات الآلاف».

أما الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي، الذي يقيم تحت الإقامة الجبرية منذ 13 عاماً، فقد اتهم السلطات بمحاولة تكرار البرلمان الحالي، على الرغم من مزاعم بشأن دعوة الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات.

كان الرئيس الإصلاحي الأسبق، محمد خاتمي، قد دعا الشهر الماضي إلى رفع الحظر عن مشاركة الأحزاب المرخصة في الانتخابات، كما دعا إلى تعديلات دستورية.

ودعا خاتمي إلى فتح الأجواء، قائلاً إن «الانتخابات يجب أن تكون انتخابات واقعية، ومن أجل الناس»، وقال: «لا يمكن أن تكبل شخصاً وتطلب منه السباحة»، ورأى أن الأبواب الموصدة تحول دون تصويت قطاعات كبيرة من الشعب لمرشحهم المطلوب، وفي ظل غياب هؤلاء، تساءل خاتمي: «ما الذي يجب التصويت عليه؟!».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.