إردوغان: لن نسمح بانتشار العنصرية وكراهية الأجانب في تركيا 

منع 143 ألف مهاجر غير شرعي منذ بداية العام… وترحيل 21 ألفاً خلال شهر 

مواطنون وسياح على جسر غلطة في إسطنبول (أ.ب)
مواطنون وسياح على جسر غلطة في إسطنبول (أ.ب)
TT

إردوغان: لن نسمح بانتشار العنصرية وكراهية الأجانب في تركيا 

مواطنون وسياح على جسر غلطة في إسطنبول (أ.ب)
مواطنون وسياح على جسر غلطة في إسطنبول (أ.ب)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء أن حكومته لن تسمح «بانتشار العنصرية وكراهية الأجانب» في البلاد، لافتا في الوقت ذاته إلى تشديد إجراءات مكافحة تهريب البشر، ومنع تسلل مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين.

وقال خلال حفل تخرج ضباط أكاديمية الدرك وخفر السواحل التركية في أنقرة: «كثفنا الإجراءات المتخذة ضد مهربي البشر داخل البلاد وعلى الحدود». وأضاف: «منعنا دخول 143 ألف مهاجر غير شرعي إلى تركيا منذ بداية العام»، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يتم اتخاذ جميع أنواع التدابير ضد الهجرة غير الشرعية، فإن تركيا «ترحب بضيوفها الأجانب الذين يساهمون في الاقتصاد التركي».

الرئيس التركي إردوغان (أ.ف.ب)

وتابع إردوغان أنه «لا يمكننا أن نسمح للعنصرية وكراهية الأجانب التي ليس لها مكان في تاريخنا وثقافتنا ومعتقداتنا بالانتشار في مجتمعنا»، مشددا على أن «تركيا لن تسمح لعدد قليل من الجهلاء بتلطيخ السجل النظيف لتركيا التي كانت ملجأ للمضطهدين والمظلومين لعدة قرون».

وتصاعدت الشكاوى مؤخرا من الاعتداءات العنصرية التي تستهدف الأجانب والسياح العرب في إسطنبول على وجه الخصوص، بالتزامن مع إجراءات بدأت الحكومة التركية في تطبيقها عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي، وأسفرت عن توقيف وترحيل آلاف الأجانب المخالفين لشروط الإقامة، بعدما تم التساهل مع الأمر من قبل.

وفرضت الحكومة التركية قيودا مشددة على منح الإقامة، وأوقفت الإقامة السياحية التي كانت تمنح لعام أو عامين، مع إمكانية تجديدها تلقائيا، وذلك بعدما أثارت المعارضة الملف خلال الانتخابات الأخيرة، فضلا عن حالة التذمر في المجتمع التركي في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة.

ويأتي التشدد من جانب الحكومة تجاه المخالفات والهجرة غير الشرعية في ظل الاستعداد للانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس (آذار) المقبل، والتي يسعى «حزب العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان من خلالها إلى استعادة عدد من البلديات الكبرى التي فقدها في انتخابات مارس 2019، وفي مقدمتها إسطنبول والعاصمة أنقرة.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، من جهته، إن السلطات التركية رحلت 21 ألفاً من المهاجرين غير الشرعيين والمخالفين لشروط الإقامة خلال شهر واحد فقط.

سياح في إحدى إسواق إسطنبول (إ.ب.أ)

وأضاف يرلي كايا، في تصريحات عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسة إردوغان، مساء الاثنين، أن الدولة جعلت من مدينة إسطنبول «منطقة تجريبية» لضبط الأجانب المخالفين في البلاد عبر إنشاء نقاط متنقلة تابعة لإدارة الهجرة، وبعد التحقيقات اللازمة مع الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم تم ترحيل 21 ألف شخص خلال شهر واحد فقط.

وأوضح أن المرحلين «لا يتوفر لديهم الحق القانوني بالإقامة، ونقلتهم السلطات إلى مراكز الترحيل لتصدر قرارات توقيفهم إداريا وترحيلهم خارج البلاد».

وقال يرلي كايا إنه «يوجد في تركيا 4 ملايين و843 ألفا و594 أجنبيا كمهاجرين شرعيين، منهم مليون و243 ألفاً و432 شخصاً حاصلون على تصريح الإقامة بشكل قانوني». وأضاف أن عدد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام «الحماية المؤقتة»، وصل إلى 3 ملايين و307 آلاف و882 لاجئا، «وهؤلاء لا مشكلة في إقامتهم في البلاد ويتم فقط ترحيل المخالفين للشروط».

من ناحية أخرى، تطرق الرئيس رجب طيب إردوغان إلى جهود مكافحة الإرهاب، مؤكدا أنه «لا طريق أمام الإرهابيين إلا الاستسلام للعدالة أو مواجهة القبضة الحديدية للدولة التركية». ولفت إلى أن «الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية والمشاركة في أنشطتها انخفضا إلى أدنى مستوياتهما، بفضل عمليات قوات الأمن التركية داخل البلاد وخارجها (التي تستهدف حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا والعراق)».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم تركيا بالتصرف كـ«دولة احتلال» في سوريا

شؤون إقليمية المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

روسيا تتهم تركيا بالتصرف كـ«دولة احتلال» في سوريا

رأى المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أنه «يصعب» على دمشق الدخول في حوار مع أنقرة «من دون ضمانات بشأن انسحاب قواتها»، مضيفاً أن الأتراك.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج إردوغان والشيخ تميم شهدا توقيع اتقافية للتعاون العسكري (الرئاسة التركية)

8 اتفاقيات قطرية ـ تركية ضمن زيارة تميم بن حمد إلى أنقرة

وقعت تركيا وقطر 8 اتفاقيات في مجالات مختلفة عقب الاجتماع العاشر للجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية الذي عقد في أنقرة (الخميس).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)

موسكو تُحمّل أنقرة مسؤولية تعثر التطبيع مع دمشق: تتصرف كدولة محتلة

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، ملف الأزمة السورية والجهود التي تقودها روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مظاهرة في إسطنبول في أبريل الماضي تطالب الحكومة التركية بوقف التجارة مع إسرائيل (أرشيفية- «إكس»)

المعارضة التركية تؤكد استمرار التجارة مع إسرائيل وإردوغان ينفي

تصاعدت حدة الجدل في تركيا مجدداً حول استمرار التجارة مع إسرائيل مع تأكيدات المعارضة أن التجارة لم تتوقف ونفي الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
TT

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

ولم تظهر أي مؤشرات بعد حول توقيت العملية أو مداها بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، خلال الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية، أن تركيا ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من الحزام الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش التركي يمكن أن يقوم بأي عمليات في أي وقت انطلاقاً من القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

إردوغان أعلن أكثر من مرة أنه قد تكون هناك عملية عسكرية تركية ضد «قسد» شمال سوريا (الرئاسة التركية)

وأثارت تصريحات إردوغان، التي كررها بعد ذلك في أكبر من مناسبة، تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه العملية قبل أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، فضلاً عن التنسيق مع الأطراف الفاعلة على الأرض وفي مقدمتها روسيا.

اتهامات للحكومة

علقت المعارضة التركية التي تطالب بالانتهاء من مشكلة اللاجئين السوريين عبر الإسراع في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على التصريحات بشأن العملية العسكرية، متهمة الحكومة بممارسة الألعاب على دماء الجنود الأتراك.

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال استبعد تنفيذ العملية من جانب الجيش (من حسابه في إكس)

وقال زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال: «نعلم أن العملية في شمال سوريا سيجري تنفيذها من جانب الجيش الوطني السوري، وليس القوات المسلحة التركية».

ولفت إلى أن الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا ألغيت بسبب اعتراضات تركيا رغم دعم الولايات المتحدة، لكن الحكومة «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية) يمارسان لعبة أخرى الآن، عبر دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان للحديث في البرلمان، وإعلان حل المنظمة وانتهاء الإرهاب في تركيا.

وقال أوزال: «إذا جاء أوجلان إلى البرلمان، فسوف يوزعون بطاقات الانتخابات في شمال سوريا، وستطلب الحكومة التركية من الجيش الوطني السوري أن ينفذ العملية العسكرية وليس القوات التركية... لا تلعبوا (الحكومة) لعبة الروليت الروسية أو البوكر الأميركي على دماء جنودنا».

رفض روسي وترقب لموقف ترمب

وعبَّرت روسيا صراحة عن رفضها لقيام تركيا بعملية عسكرية جديدة، وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إنه من غير المقبول أن تقوم تركيا بعملية في سوريا.

وأضاف لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»: «مثل هذه العملية قد تكون لها عواقب سلبية في سوريا، ولن تكون حلاً، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما تستفيد منها أطراف مثل (هيئة تحرير الشام)».

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعلن رفض موسكو قيام تركيا بعمليات عسكرية جديدة (إعلام تركي)

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأميركية الداعمة لقوات «قسد» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تشكل غالبية قوامها، ستنسحب من شمال شرقي سوريا بعد إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

وتعد أميركا وروسيا دولتين ضامنتين للوضع في شمال شرقي سوريا، من خلال تفاهمين وقَّعتهما مع تركيا لإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتي توقفت بعد أيام قليلة من انطلاقها بعد تعهد واشنطن وموسكو بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات تركية روسية على خطوط التماس شمال وجنوب المنطقة لضمان التفاهم التركي الروسي.

غضب تركي

وتتهم أنقرة كلاً من واشنطن وموسكو بعد تنفيذ تعهداهما بموجب التفاهمين، كما تشكو دائماً من الدعم الأميركي للوحدات الكردية بدعوى التحالف معها في الحرب على «داعش»، بينما تعدها تركيا امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه وحلفاؤها الغربيون «تنظيماً إرهابياً».

وقال إردوغان إنه طلب من ترمب، خلال اتصال هاتفي لتهيئته بالفوز في الانتخابات وقف الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية في شرق سوريا، وأكد أن تركيا لن تتوانى في اتخاذ أي خطوات، والقيام بأي عمليات لحماية أمن حدودها وشعبها.

وأضاف أنه إذا قررت أميركا الانسحاب من المنطقة، فإنه سيناقش ذلك مع ترمب من خلال «دبلوماسية الهاتف».

قوات «قسد» إلى جانب القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وعبَّر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات منذ أيام، عن اعتقاده أن ترمب، الذي سبق أن وعد 3 مرات في ولايته السابقة بالانسحاب من سوريا، سيركز على المسألة في ولايته الجديدة.

لكن المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، لفت إلى أنه بينما قيَّمت روسيا العملية التركية المحتملة بأنها «غير مقبولة»، يخطط ترمب لتعيين مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، ومايك روبيو وزيراً للخارجية، وكلا الاسمين من «الصقور» المدافعين عن بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف أن إسرائيل تزيد من عملياتها الجوية في سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على «حزب الله» في لبنان، وتعمل على نقل العملية إلى الأراضي السورية، وقد نبَّه البيان الصادر عن الاجتماع 22 لمسار أستانة للحل السياسي في سوريا، الثلاثاء الماضي، ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية، وتم التأكيد على القلق المشترك بشأن محاولة إسرائيل توسيع الحرب، والعزم على العمل معاً للوقوف ضد الأجندات الانفصالية.