العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

المعارضة حذرت الحكومة من ممارسة ألعاب على دماء الجنود

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
TT

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

ولم تظهر أي مؤشرات بعد حول توقيت العملية أو مداها بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، خلال الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية، أن تركيا ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من الحزام الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش التركي يمكن أن يقوم بأي عمليات في أي وقت انطلاقاً من القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

إردوغان أعلن أكثر من مرة أنه قد تكون هناك عملية عسكرية تركية ضد «قسد» شمال سوريا (الرئاسة التركية)

وأثارت تصريحات إردوغان، التي كررها بعد ذلك في أكبر من مناسبة، تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه العملية قبل أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، فضلاً عن التنسيق مع الأطراف الفاعلة على الأرض وفي مقدمتها روسيا.

اتهامات للحكومة

علقت المعارضة التركية التي تطالب بالانتهاء من مشكلة اللاجئين السوريين عبر الإسراع في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على التصريحات بشأن العملية العسكرية، متهمة الحكومة بممارسة الألعاب على دماء الجنود الأتراك.

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال استبعد تنفيذ العملية من جانب الجيش (من حسابه في إكس)

وقال زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال: «نعلم أن العملية في شمال سوريا سيجري تنفيذها من جانب الجيش الوطني السوري، وليس القوات المسلحة التركية».

ولفت إلى أن الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا ألغيت بسبب اعتراضات تركيا رغم دعم الولايات المتحدة، لكن الحكومة «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية) يمارسان لعبة أخرى الآن، عبر دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان للحديث في البرلمان، وإعلان حل المنظمة وانتهاء الإرهاب في تركيا.

وقال أوزال: «إذا جاء أوجلان إلى البرلمان، فسوف يوزعون بطاقات الانتخابات في شمال سوريا، وستطلب الحكومة التركية من الجيش الوطني السوري أن ينفذ العملية العسكرية وليس القوات التركية... لا تلعبوا (الحكومة) لعبة الروليت الروسية أو البوكر الأميركي على دماء جنودنا».

رفض روسي وترقب لموقف ترمب

وعبَّرت روسيا صراحة عن رفضها لقيام تركيا بعملية عسكرية جديدة، وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إنه من غير المقبول أن تقوم تركيا بعملية في سوريا.

وأضاف لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»: «مثل هذه العملية قد تكون لها عواقب سلبية في سوريا، ولن تكون حلاً، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما تستفيد منها أطراف مثل (هيئة تحرير الشام)».

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعلن رفض موسكو قيام تركيا بعمليات عسكرية جديدة (إعلام تركي)

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأميركية الداعمة لقوات «قسد» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تشكل غالبية قوامها، ستنسحب من شمال شرقي سوريا بعد إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

وتعد أميركا وروسيا دولتين ضامنتين للوضع في شمال شرقي سوريا، من خلال تفاهمين وقَّعتهما مع تركيا لإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتي توقفت بعد أيام قليلة من انطلاقها بعد تعهد واشنطن وموسكو بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات تركية روسية على خطوط التماس شمال وجنوب المنطقة لضمان التفاهم التركي الروسي.

غضب تركي

وتتهم أنقرة كلاً من واشنطن وموسكو بعد تنفيذ تعهداهما بموجب التفاهمين، كما تشكو دائماً من الدعم الأميركي للوحدات الكردية بدعوى التحالف معها في الحرب على «داعش»، بينما تعدها تركيا امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه وحلفاؤها الغربيون «تنظيماً إرهابياً».

وقال إردوغان إنه طلب من ترمب، خلال اتصال هاتفي لتهيئته بالفوز في الانتخابات وقف الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية في شرق سوريا، وأكد أن تركيا لن تتوانى في اتخاذ أي خطوات، والقيام بأي عمليات لحماية أمن حدودها وشعبها.

وأضاف أنه إذا قررت أميركا الانسحاب من المنطقة، فإنه سيناقش ذلك مع ترمب من خلال «دبلوماسية الهاتف».

قوات «قسد» إلى جانب القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وعبَّر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات منذ أيام، عن اعتقاده أن ترمب، الذي سبق أن وعد 3 مرات في ولايته السابقة بالانسحاب من سوريا، سيركز على المسألة في ولايته الجديدة.

لكن المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، لفت إلى أنه بينما قيَّمت روسيا العملية التركية المحتملة بأنها «غير مقبولة»، يخطط ترمب لتعيين مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، ومايك روبيو وزيراً للخارجية، وكلا الاسمين من «الصقور» المدافعين عن بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف أن إسرائيل تزيد من عملياتها الجوية في سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على «حزب الله» في لبنان، وتعمل على نقل العملية إلى الأراضي السورية، وقد نبَّه البيان الصادر عن الاجتماع 22 لمسار أستانة للحل السياسي في سوريا، الثلاثاء الماضي، ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية، وتم التأكيد على القلق المشترك بشأن محاولة إسرائيل توسيع الحرب، والعزم على العمل معاً للوقوف ضد الأجندات الانفصالية.


مقالات ذات صلة

إردوغان يناقش مع ترمب العقوبات الدفاعية على تركيا خلال قمة الناتو

شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في البيت الأبيض في الولاية الأولى (الرئاسة التركية)

إردوغان يناقش مع ترمب العقوبات الدفاعية على تركيا خلال قمة الناتو

يلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرة الأولى منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة خلال قمة الناتو المقررة في لاهاي يومي 24 و25 يونيو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بالتنسيق مع لجنة السلم الأهلي أطلقت سراح عشرات الموقوفين لديها ممّن ألقي القبض عليهم خلال معارك التحرير ولم يثبت تورّطهم بالدماء (الداخلية السورية)

لجنة السلم الأهلي في سوريا: الأولوية في هذه المرحلة للاستقرار

كشف عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي أنهم مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي، معبراً عن تفهم «الألم والغضب اللذين تشعر بهما عائلات الشهداء».

سعاد جروس (دمشق) «الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا لاجئون سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد في ماينز... ألمانيا 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ألمانيا تمنح جنسيتها لعدد قياسي من الأفراد... والسوريون يتصدرون

أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الاتحادي الألماني اليوم (الثلاثاء) أن البلاد منحت جنسيتها لعدد بلغ 291955 فردا العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين )
المشرق العربي صورة أرشيفية نشرها «مجلس عشائر تدمر والبادية السورية» لاحتجاج أطفال نازحين في مخيم الركبان على غياب المساعدات

نهاية «مثلث الموت»... مخيم «الركبان» يخلو من النازحين

غادر، السبت، آخر العائلات التي كانت تعيش بمخيم الركبان على الحدود السورية العراقية، باتجاه مدن وبلدات ريف حمص الشرقي بوسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إسرائيل تغلق سفاراتها بدول عدة عقب الهجمات على إيران

جهاز الخدمة السرية الأميركي يغلق الطرق أمام السفارة الإسرائيلية بعد الضربات على إيران (د.ب.أ)
جهاز الخدمة السرية الأميركي يغلق الطرق أمام السفارة الإسرائيلية بعد الضربات على إيران (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تغلق سفاراتها بدول عدة عقب الهجمات على إيران

جهاز الخدمة السرية الأميركي يغلق الطرق أمام السفارة الإسرائيلية بعد الضربات على إيران (د.ب.أ)
جهاز الخدمة السرية الأميركي يغلق الطرق أمام السفارة الإسرائيلية بعد الضربات على إيران (د.ب.أ)

أعلنت عدة سفارات إسرائيلية حول العالم إغلاق أبوابها أمام الجمهور عقب الهجمات التي شنتها إسرائيل ليل الخميس الجمعة على مواقع عسكرية ونووية في إيران، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في رسالة نُشرت على مواقع السفارات في دول عدة أن «في ضوء التطورات الأخيرة، ستُغلق البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية حول العالم ولن تُقدّم الخدمات القنصلية».

ومن بين هذه الدول فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وروسيا وأوكرانيا وهولندا والسويد والنرويج ونيجيريا وغانا.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الجمعة إن طهران ستجعل إسرائيل «تندم» على هجومها الذي استهدف مواقع عسكرية ونووية في مناطق عدة.

وشنَّت إسرائيل، اليوم، سلسلة ضربات واسعة على مواقع نووية وعسكرية في إيران، شملت «منشأة نطنز»، وأدت إلى مقتل قادة عسكريين بارزين، بينما توعَّد المرشد الأعلى للبلاد الدولة العبرية «بمصير مرير ومؤلم».