«طالبان» تؤكد تحقق وفد فني إيران من شح مياه نهر هلمند

تحذيرات في طهران من تحديات «طالبان»

وزير خارجية «طالبان» أمير خان متقي يلتقي حسين كاظمي قمي مبعوث الرئيس الإيراني والقائم بسفارة بلاده لدى أفغانستان في مايو الماضي (إرنا)
وزير خارجية «طالبان» أمير خان متقي يلتقي حسين كاظمي قمي مبعوث الرئيس الإيراني والقائم بسفارة بلاده لدى أفغانستان في مايو الماضي (إرنا)
TT

«طالبان» تؤكد تحقق وفد فني إيران من شح مياه نهر هلمند

وزير خارجية «طالبان» أمير خان متقي يلتقي حسين كاظمي قمي مبعوث الرئيس الإيراني والقائم بسفارة بلاده لدى أفغانستان في مايو الماضي (إرنا)
وزير خارجية «طالبان» أمير خان متقي يلتقي حسين كاظمي قمي مبعوث الرئيس الإيراني والقائم بسفارة بلاده لدى أفغانستان في مايو الماضي (إرنا)

أكدت وزارة الخارجية في حكومة «طالبان» تحقق وفد فني إيراني من جفاف مناهل نهر هلمند، وذلك بعد شهور من الخلافات بين الجارتين بشأن تقاسم الحصص المائية.

وأفادت وكالات رسمية إيرانية، اليوم (الأحد)، عن مبعوث الرئيس الإيراني إلى أفغانستان، والقائم بسفارة بلاده في كابل، حسين كاظمي قمي، بأن «الفريق الفني الإيراني في كابل تفقد نهر هلمند». وأضاف أن «الخبراء سيقدمون تقريراً قريباً»، موضحاً أنها المرة الأولى التي يصل فيها خبراء إيرانيون إلى محطة قياس المياه في منطقة دهراوود.

وفي وقت لاحق، قالت وزارة الخارجية في حكومة «طالبان» إنه «قد وفرت الفرصة للوفد الفني الإيراني أن يزور قسم التحليل الهيدرولوجي في دهراوود بهدف رصد ومقايسة كمية تدفق المياه».

وأضاف: «لقد قدر الوفد الإيراني بعد حساب ودراسة كمية تدفق المياه (...) أن سنة المياه الحالية أقل من سنة المياه العادية، بسبب الجفاف الشديد الناجم عن ظاهرة التغيير المناخ العالمي».

وأوضح البيان الأفغاني أن «الوفد الإيراني أدرك بعد المشاهدة عن كثب أن نهر هلمند يتمتع بحد أدنى من تدفق المياه، وأن روافده جفت تماماً، وإنما تتدفق المياه في حالات الفيضانات فقط، وفي هذه الحالات يتعسر وصول نهر هلمند إلى دلتاه».

وشدد البيان على أنه «من خلال تحليل الأرقام والإحصاءات لتدفق المياه، يمكن أن نعرف أنه لا يوجد أي نوع من الإرادة البشرية متورطة في عدم تزويد إيران بنصيبها من مياه نهر هلمند، لكن الحالة القسرية تسببت في ذلك».

وكانت وكالة «إيسنا» الحكومية قد نقلت عن مسؤول في وزارة الطاقة الإيرانية أنها المرة الأولى التي يزور فيها فريق من الخبراء الإيرانيين محطة لقياس مياه نهر هلمند، منذ إبرام البلدين اتفاقية لتقاسم الحصص المائية في 1973.

وتدعي طهران أن الحكومات الأفغانية لم تحترم هذه الحصة المتفق عليها، وهو حصولها على 850 مليون متر مكعب سنوياً. واستمراراً للانتقادات السابقة، قالت إيران هذا العام إن «طالبان» خفضت إمدادات المياه منذ أن عادت إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، ولم تلتزم بما يتوجب على الجانب الأفغاني من الصفقة.

ويقول حكام أفغانستان إن مياه النهر انحسرت بسبب الجفاف وتراجع الأمطار. وقال بيان للخارجية الإيرانية، في مايو (أيار) الماضي: «ما لم يُسمح لخبراء إيران بزيارة مجرى ومنبع نهر هلمند، وفقاً للاتفاقية، فلن يقبل أي تعليق بشأن انخفاض مياه النهر».

تأتي زيارة الوفد الإيراني إلى منهل نهر هلمند، بعدما طالب المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، المسؤولين بإعادة النظر في مزاعم متعلقة باتفاقية نهر هلمند.

وتوترت العلاقات بين الجانبين في تحذير من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى حركة «طالبان»، في منتصف مايو الماضي، قال فيه: «إن لم تحترموا اتفاقية إمدادات المياه الواردة من أفغانستان فستواجهون العواقب». ورداً على تصريحات رئيسي، قام مسؤول بارز لدى «طالبان»، بعرض هدية عليه بشكل يسخر من تصريحاته، وهي عبارة عن حاوية مياه سعتها 20 لتراً، وطلب منه التوقف عن إطلاق «الإنذارات المرعبة».

وبعد مرور نحو أسبوع، اندلعت مناوشات على الحدود بين البلدين، أسفرت عن مقتل اثنين من أفراد قوات حرس الحدود الإيرانية، وأحد عناصر «طالبان».

ونسبت وكالة «بلومبرغ» الأسبوع الماضي إلى «مصدر مطلع» أن «طالبان» أرسلت آلافاً من عناصرها ومئات الانتحاريين إلى المنطقة، وفق ما قاله مصدر مطلع على الأمر، ما يشير إلى أن الجماعة مستعدة للحرب.

وتفقد كبار قادة القوات البرية في الجيش الإيراني، والقوات الموازية لهم في «الحرس الثوري»، المنطقة المتوترة في مايو الماضي.

وكان المقال الافتتاحي لصحيفة «هم ميهن» الإصلاحية الإيرانية قد هاجم «طالبان» بشدة، محذراً من «تعارضات أمنية جدية» بين إيران والحركة الأفغانية.

وطالبت «هم ميهن» وهي إحدى الصحف المملوكة لحزب «كاركزان سازندكي»، فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، بأخذ تهديد «طالبان» على محمل الجد. وقالت الصحيفة إن غياب قادة مثل أحمد شاه مسعود في بنجشير من التحديات التي تواجه إيران، مشيرة إلى أن «أزمة المياه» ثاني تحدٍّ يواجه البلدين، كما تحدثت عن تحدي «الهجرة» الذي يواجه إيران. أما التحدي الرابع الذي تحدثت عنه الصحيفة فهو «التحدي الأمني»، محذرة من الأوضاع السياسية والأمنية والأزمات التي تشهدها إيران، ما يجعلها «ورقة رابحة بيد (طالبان)».

ومن جانبه، قال النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي فترة، إن أكثر من مليون ونصف مليون أفغاني من أصحاب الخلفية العسكرية دخلوا الأراضي الإيرانية بعد تولي «طالبان» زمام الأمور.

وادعى فلاحت بيشه أن 10 آلاف مهاجر أفغاني يدخلون الأراضي الإيرانية يومياً، متحدثاً عن وجود أفغاني واحد، مقابل كل 8 إيرانيين. وقال أيضاً إن «واحداً من بين 5 أفغانيين يقيم في إيران». وقال: «يأتي اللاجئون الأفغان إلى بلدنا كموجة، وفي بعض المدن تتغير التركيبة السكانية في المنطقة».

وكانت بعض الأوساط الإيرانية قد تحدثت عن انفتاح السلطات على زيادة عدد الأفغانيين، في ظل السياسة التي يصر المرشد الإيراني علي خامنئي بتطبيقها لرفع عدد سكان إيران من 83 مليوناً في الوقت الحالي إلى 150 مليوناً خلال سنوات.

ويرعى «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، ميليشيا «فاطميون» التي تتألف من مقاتلين أفغان، وشارك المقاتلون الأفغان ضمن فصائل خاضعة لـ«الحرس الثوري» في الحرب الداخلية السورية.

 

وفي غضون ذلك، كشف موقع «تبيان» التحليلي الإخباري الإيراني أن «إيران تخلت عن جزء من أراضيها لـ(طالبان)». وانتشرت صورة في الأيام الأخيرة من بناء إيران جداراً في حدود البلدين. وقال الموقع إن المزارعين بمنطقة سيستان في شمال محافظة بلوشستان الإيرانية فقدوا 2000 هكتار بسبب الجدار الأمني الذي تشيده السلطات الإيرانية بهدف التصدي لتهريب المخدرات من أفغانستان. وقال نائب مدينة زابل في البرلمان الإيراني إن «هناك أراضي بقيت وراء الجدار الحدودي، وعملياً يُمنع وصول المزارعين إلى هذه الأراضي». ولم يصدر تعليق من الحكومة الإيرانية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء الدول الأخرى المشاركين بقمة «مياه واحدة» في الرياض لالتقاط صورة جماعية (أ.ف.ب) play-circle 01:27

ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أدرجت موضوعات المياه «للمرة الأولى» ضمن خريطة عمل «مجموعة العشرين» خلال رئاستها في 2020.

الاقتصاد النائب الأول لوزير الموارد المائية والري في كازاخستان بولات بكنياز (الشرق الأوسط)

قمة في الرياض لبحث مستقبل المياه بالعالم

كشف مسؤول كازاخستاني عن ملامح قمة ثلاثية لتنظيم حدث عالمي في إطار «قمة المياه الواحدة»؛ إذ تنعقد برئاسة سعودية - كازاخية - فرنسية، وبدعم من البنك الدولي.

فتح الرحمان یوسف (الرياض)
الاقتصاد جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال» أن السعودية إحدى الدول التي تواجه تحديات مائية ضخمة، إلا أنها تلعب دوراً ريادياً في مواجهة هذه الأزمة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وفد إسرائيلي في موسكو يؤكد رفض عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا

مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي في موسكو يؤكد رفض عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا

مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل يحتفلون بسيطرتهم على حماة وسط سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

بعد عدة أيام من التلبك في التعاطي مع التطورات المتسارعة في سوريا، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن حكومة بنيامين نتنياهو حددت مصالحها، وقررت التدخل لمنع عودة النفوذ الإيراني إلى سابق عهده في سوريا من جهة، وعدم السماح لميليشيات معارضة لنظام الحكم في دمشق بتهديد الحدود الإسرائيلية.

وقالت هذه المصادر إن وفداً إسرائيلياً زار موسكو في الأيام الأخيرة وأوصل هذه الرسالة. وأكدت أن الوفد سافر تحت غطاء «التداول في صفقة تبادل أسرى في غزة، مع التركيز على محتجزين ممن يحملون الجنسية الروسية»، إلا أنه حمل رسالة توضح أن إسرائيل لن تسمح بأن تعود سوريا مرتعاً للقوات الإيرانية أو لميليشياتها، ولن تسمح بعودة نشاط «حزب الله» اللبناني إلى خطط محاربة إسرائيل. وفي الوقت نفسه، قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف مجمع الصناعات العسكرية السورية في منطقة السفيرة الواقعة جنوب شرقي حلب؛ حيث توجد مخازن أسلحة. وحسب المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، فإن هناك 3 تهديدات على إسرائيل إثر التطورات في سوريا. التهديد الأول يتعلق باحتمال «سقوط أسلحة، وخاصة صواريخ، وربما سلاح كيميائي، موجودة في شمال ووسط سوريا بأيدي المتمردين الجهاديين في الأيام أو الساعات المقبلة، إن لم تكن قد سقطت بأيديهم فعلاً. والتهديد الثاني نابع مباشرة من ضعف جيش النظام السوري ومن حقيقة أن روسيا لم تعد قادرة على الدفاع عن نظام (الرئيس) الأسد مثلما دافعت عنه في عام 2015. والقصف الجوي الروسي لم ينجح في منع احتلال حلب، وأخّر ليوم واحد احتلال مدينة حماة في وسط سوريا. والثالث نابع من ضعف الجيش النظامي، الذي يلجأ إلى إيران من جديد للحصول على مساعدتها، من خلال نقل قواتها إلى سوريا، أو على الأقل قوات مؤلفة من مقاتلين شيعة أفغان وباكستانيين، تقودهم عناصر الحرس الثوري الإيراني، وعدة مئات من عناصر (حزب الله) الذين انتقلوا من لبنان إلى سوريا لمساعدة نظام الأسد، من دون نجاح حتى الآن».

ونقلت المصادر عن قادة عسكريين في تل أبيب قولهم إن «التهديد الأكبر هو أن ينهار نظام الأسد، فتتحول سوريا إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن ولبنان والصومال وغزة، وأن يشكل الإيرانيون فيها ويمولون جيشاً إرهابياً هدفه العمل ضد إسرائيل ومستوطناتها في الجولان والجليل الشرقي».

ولفت بن يشاي إلى أن إسرائيل تعتقد أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، هو أيضاً يخشى انهيار نظام الرئيس الأسد في سوريا، ولديه مصلحة بألا ينهار هذا النظام بالكامل، وإنما أن يستمر بالسيطرة في جيبين صغيرين، الأول حول دمشق والثاني حول اللاذقية وطرطوس. فهكذا فقط «لن يتمكن من إلحاق أضرار بتركيا وإسرائيل».

وحسب المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، فإنه «ليس لدى إسرائيل أي مصلحة برؤية نسل تنظيم القاعدة يسيطرون على سوريا»، في إشارة إلى «هيئة تحرير الشام»، بل على العكس، فإن «إسرائيل تتطلع إلى استمرار الحكم السوري المستضعف وإبعاده عن المحور الشيعي». وأضاف بن دافيد في مقاله الأسبوعي في صحيفة «معاريف»، أن «السؤال هو كيف بالإمكان دفع هذا التطلع في الوضع الجديد الحاصل في سوريا، وما هي الحدود التي في حال تجاوزها ستضطر إسرائيل إلى التدخل».

وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنهم «لا يرصدون في إسرائيل حالياً خطراً داهماً مباشراً إثر الوضع في سوريا، وراضون جداً عن الحرج الذي لحق بإيران». إلا أنه أضاف أنه «في المدى البعيد يوجد خطر متطور، في هضبة الجولان وفي المستقبل عند حدود الأردن أيضاً. ولهذا، شكلت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، وحدة جديدة من قوات الاحتياط في الجولان، كي تُستخدم في المستقبل كقوة رد سريع في ظروف كهذه. وفي موازاة ذلك، جرى تعزيز الفرق المتأهبة في البلدات، وأجريت تحسينات في الجدار على طول الحدود السورية» في الجولان المحتل.

والتخوفات الإسرائيلية من التطورات في سوريا، حسب هرئيل، هي «هجمات مفاجئة تشنها منظمات متطرفة، فيما المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية حول نشاطها والقدرة على إدراك اعتباراتها محدودة نسبياً».