رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الانتقادات لبرنامج بلاده لتطوير الصواريخ الباليستية، بعدما أعلنت طهران تطوير صاروخ «فرط صوتي»، في وقت تمسّكت فيه القوى الغربية بمطالبتها بـ«تفسيرات ذات مصداقية» حول موقع نووي سري، تقول «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إنه لم تعد لديها أسئلة حالياً، بعد حصولها على أجوبة إيرانية.
وانتقدت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إعلان إيران تطوير صاروخ باليستي وصفته بـ«فرط صوتي»، ويحمل اسم «فتاح»، ويصل مداه إلى 1400 كيلومتر، وقادر على اجتياز أنظمة الدفاع الصاروخي جميعها، واستهدافها، وفق ما قاله قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده، الذي قال إن بلاده رابع دولة تصل لإنتاج صواريخ من هذا النوع.
وكان هذا الصاروخ الباليستي الثاني الذي أعلنته إيران في غضون أسبوعين، وذلك بعدما جرَّبت، في وقت سابق من الشهر الماضي، صاروخاً باليستياً يصل مداه إلى 2000 كيلومتر.
ويمكن للصواريخ «الفرط صوتية» أن تطير بسرعات تزيد بـ5 مرات على الأقل عن سرعة الصوت، وفي مسارات معقدة، مما يجعل من الصعب اعتراضها.
وكشف «الحرس الثوري» عن نموذج من الصاروخ، خلال مراسم حضرها كبار قادته، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. ولم يتضح بعد ما إذا قام «الحرس الثوري» بتجربة الصاروخ، الذي أعلن «الحرس الثوري» إنتاجه لأول مرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال كنعاني، في بيان (الخميس)، إن أنشطة بلاده الصاروخية «متعارفة ودفاعية ومشروعة، وفقاً للقوانين الدولية»، متهماً الدول الغربية بـ«التدخل» في شؤون بلاده.
وتابع: «هذه الدول التي لديها تاريخ طويل وواضح في انتهاك الالتزامات الدولية في مجالات عدة، بما في ذلك التجارب النووية، ونظام عدم الانتشار، وتخزين الصواريخ الباليستية، والقيام بدور مخرِّب في القضايا الإقليمية والدولية، لا يحقُّ لها التعليق على القدرات الدفاعية المشروعة والقانونية لإيران».
وأشار كنعاني تحديداً إلى التحالف الأمني بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، المعروف باسم «أوكوس»، الذي يقضي بتزويد أستراليا بغواصات نووية. وقال: «هذا التحالف نموذج صارخ من التوجه السياسي والتمييزي للقوى النووية في نقل التكنولوجيا واليورانيوم عالي التخصيب، إلى دول غير نووية، على خلاف معاهدة حظر الانتشار».
وكرَّر كنعاني مزاعم سابقة للمسؤولين الإيرانيين بأن البرنامج الصاروخي «تدبير صائب وفعال في خلق ردع ضد التهديدات الخارجية».
جاء دفاع كنعاني في وقتٍ اجتاحت فيه ملصقات عملاقة من صورة الصاروخ «فتاح»، وشعار «400 ثانية إلى تل أبيب»، لوحات إعلانية وجدارين في ميادين وشوارع كبيرة بالعاصمة (طهران)، وهي مخصصة عادةً لدعاية يرعاها «الحرس الثوري» الإيراني.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (الخميس)، خلال جولة بمحافظة أذربيجان الشرقية: «نفتخر بالإنتاج الصاروخي الذي يبهر العالم».
حقائق
برنامج الصواريخ الإيرانية
يعتمد، إلى حد كبير، على تصميمات كورية شمالية وروسية، وإنه استفاد من مساعدة صينية، وفق خبراء «جمعية الحد من الأسلحة»، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من واشنطن العاصمة مقراً
انتقادات أوروبية وأميركية
وعبّرت «الخارجية» الفرنسية، الأربعاء، عن قلقها إزاء إعلان «الحرس الثوري» عن تطوير باليستي جديد، مؤكدة عزم باريس على منع طهران من حيازة أسلحة نووية.
ولفت البيان الفرنسي إلى أن الخطوة الإيرانية تُعدّ «انتهاكاً جديداً» لقرارات «مجلس الأمن الدولي»، وتأتي وسط ما وصفته بـ«التصعيد المستمر» لأنشطتها النووية والباليستية. وأضاف أن «فرنسا لا تزال على أهبة الاستعداد لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية».
وكانت «الخارجية» البريطانية قد ذكرت، في بيان، أن إعلان إيران «يثبت تجاهلها المستمر للقيود الدولية، والتهديد الخطير الذي يشكله النظام على الأمن العالمي». وأضاف: «تظل بريطانيا ملتزمة باتخاذ كل خطوة دبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، ومحاسبة النظام على نشاطه الخبيث في جميع أنحاء العالم».
وقال المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي» جون كيربي، في تصريح، للصحافيين، إن «إدارة بايدن كانت واضحة جداً ودقيقة وحاسمة في صدّ أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، خصوصاً تطوير برنامج الصواريخ الباليستية». وتابع: «لقد وضعنا عقوبات واضحة جداً لصدّ أنشطة إيران في المنطقة، بما في ذلك برنامج الصواريخ الباليستية».
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت فرض حزمة من العقوبات على عدد من الشركات في الصين وهونغ كونغ؛ لدعمها البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية. وأكدت أن الشركات الصينية أرسلت أجهزة طرد مركزي، ومعادن غير حديدية، يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، ومُعدات إلكترونية، لفروع حكومية وشركات خاصة في إيران ضالعة في تصنيع الصواريخ وخاضعة لعقوبات.
وأكد بريان نيلسون، مساعد وزيرة الخزانة، أن «الولايات المتحدة ستواصل استهداف شبكات الإمداد غير الشرعية، العابرة للحدود التي تدعم سراً إنتاج إيران الصواريخ الباليستية والبرامج العسكرية الأخرى»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأسهمت المخاوف بشأن الصواريخ الباليستية لإيران، في اتخاذ الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب قراراً عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية الست الكبرى.
وأعاد ترمب فرض العقوبات على إيران، بعد الانسحاب من الاتفاق، مما دعا طهران إلى استئناف عملها النووي المحظور سابقاً.
وتقلق واشنطن من قيام طهران بتطوير رؤوس نووية يمكن إطلاقها من صواريخ باليستية، وتهديد إسرائيل ودول أخرى.
وتوقفت المحادثات غير المباشرة بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لإنقاذ الاتفاق النووي منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
تفسيرات ذات مصداقية بشأن موقع سري
وقالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان مشترك، أمام الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية، الثلاثاء، إن إيران واصلت، دون توقف، تطوير برنامجها النووي، بما يتجاوز مبررات الاستخدام المدني، ولم تُظهر استعداداً يُذكَر للالتزام بالشفافية.
وأشار البيان إلى اكتشاف جزيئات يورانيوم مخصَّب بنسبة 83.7 في المائة، في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال إنه «يتعارض بشكل صارخ مع المستوى الذي أعلنته إيران، ويشكل تطوراً غير مسبوق وخطيراً جداً، وليس له مبرر يتعلق بالاستخدامات المدنية».
ورفضت الدول الثلاث التفسيرات التي قدّمتها إيران للوكالة الدولية بشأن موقع «مريوان» في مدينة آباده بمحافظة فارس، حيث يعتقد قيام إيران باختبارات للتفجير النووي. وقالت إيران إنها أغلقت ملف «مريوان»، وهو أحد المواقع السرية الأربعة التي طالبت الوكالة بالحصول على معلومات حول أنشطة نووية، في فترة ما قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت الوكالة الدولية إنه ليس لديها أسئلة أخرى في الوقت الحالي.
وكررت الدول الثلاث مطالبة إيران بتقديم تفسيرات ذات مصداقية من الناحية الفنية للأسئلة العالقة للوكالة الدولية، بموجب اتفاقية الضمانات الخاصة بمعاهدة حظر الانتشار النووي.
وأعاد السفير البريطاني لدى طهران، سيمون شيركليف، بيان الدول الثلاث الذي صدر مساء الأربعاء. وكتب في تغريدة باللغة الفارسية: «مرة أخرى، السؤال نفسه الذي سألناه على مدى الـ20 عاماً الماضية، لماذا يصعب على الجمهورية الإسلامية لهذه الدرجة، التعاون مع (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)».
یک بار دیگر، همان سوالی که ما در طول ۲۰ سال گذشته همیشه پرسیده ایم. چرا برای جمهوری اسلامی اینقدر سخت است تا با آژانس بین المللی انرژی اتمی همکاری کامل داشته باشد؟ https://t.co/ypCw6XNQEU
— Simon Shercliff (@SimonShercliff) June 8, 2023
ونشر شيركليف جزءاً من تقرير مدير الوكالة الدولية، في تغريدة أخرى، وكتب: «مرة أخرى، تصريحات مقلقة من وكالة الطاقة الذرية».