بدأت وسائل إعلام حكومية إيرانية الترويج لاتفاق مؤقت بشأن البرنامج النووي، بعدما تعثرت المحادثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 العام الماضي، في وقت أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران «أحرزت تقدماً كبيرا» في الآونة الأخيرة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن المحادثات «تتقدم بسرعة أكبر مما كان متوقعاً»، مرجحين توصل الجانبين لاتفاق في غضون الأسابيع المقبلة، على أن يشمل تفاهمات لوقف تخصيب اليورانيوم بنسب عالية مقابل تخفيف العقوبات.
وبحسب «هآرتس» أن الاتفاق يتضمن تنازلا إيرانيا من عملية التخصيب بنسب عالية، مقابل تخفيف العقوبات الأميركية على طهران، وتشمل المرحلة الأولى الإفراج عن نحو 20 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة، مشيرة إلى أن عملية تبادل السجناء بين إيران ودول أوروبية الأسبوع الماضي «كانت جزءا من عملية بناء الثقة بين الجانبين».
وكانت صحيفة «فايننشيال تايمز» قد أفادت نقلا عن مصادر أميركية بأن السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة في نيويورك، سعيد إيرواني لقد اجتمع عدة مرات بالمبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي، لمناقشة إمكانية إبرام صفقة تبادل سجناء. وقالت المصادر إن الخيارات المحتملة تشمل شكلا من الاتفاق المؤقت، وخفض التصعيد من الجانبين، وبموجبه تخفض إيران مستويات التخصيب مقابل حصولها على تخفيض أميركي من العقوبات.
ولم يصدر تعليق من الجانبين الأميركي والإيراني على تقرير الصحيفة البريطانية، لكن البعثة الإيرانية كانت قد رفضت في يناير (كانون الثاني) تقارير مماثلة من مباحثات مباشرة بين مالي وإيرواني.
وتقول مصادر إيرانية إن الحكومة الحالية قد توافق على اتفاق مؤقت يقضي بتجميد اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، شرط الإبقاء على المخزون الحالي تحت أختام الأمم المتحدة في إيران، وستقبل طهران في المقابل، بتمديد قيود بند «الغروب» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، لمدة خمس سنوات.
وكانت فكرة الاتفاق المؤقت وكذلك الاتفاق المرحلي مطروحة منذ انطلاق المحادثات في أبريل (نيسان) 2021، لكن فريق التفاوض النووي الذي كان يترأسه كبير المفاوضين الإيرانيين السابق عباس عراقجي، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، رفض انتقادات الخصوم المحافظين بالسعي لصفقة مؤقته، قبل العودة للاتفاق النووي، معلنين تمسكهم بالعودة إلى الاتفاق بصيغته لعام 2015.
ومع تعذر التوصل للاتفاق النووي، تبدي الحكومة الحالية انفتاحاً على الاتفاق المؤقت، لتخفيف العقوبات في وقت تفاقمت المشكلات الاقتصادية الإيرانية.
ونشرت صحيفة وكالة «إيسنا» التي تعكس توجهات السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية، مقالا صباح اليوم الأربعاء، يطرح تساؤلات حول «مغزى الاتفاق المؤقت». ونقلت الوكالة قول محلل الشؤون الدولية رحمان قهرمان بور إن «الاتفاق المؤقت لا يعني العودة للاتفاق النووي، إنما حركة إلى الأمام لاتفاق أوسع مع إيران».
وأوضح قهرمان بور أن إيران بقبول الأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مارس (آذار)، «قامت بحركة تكتيكية» لأنها لا تريد إحالة ملفها إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية العودة التلقائية للعقوبات الأممية المنصوص عليها في الاتفاق النووي (سناب بك). وتوقع أن ينتهي التعاون الحالي بين طهران والغرب، إلى التوصل لاتفاق جديد، أو اتفاق مؤقت، أو طي صفحة الاتفاق النووي بشكل كامل من جانب الغرب.
وأبدى وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف في تصريحات نادرة بعد عامين من انتهاء مهمته، تشاؤماً ضمنياً من مسار المحادثات الحالية، وتحدى في الوقت نفسه، الحكومة الجديدة إبرام اتفاق.
وشارك ظريف جلسة استمرت نحو ست ساعات عبر تطبيق «كلوب هاوس»، وتحدث فيها بشكل مفصل عن محادثات الاتفاق النووي، وتداعيات انسحاب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب وصولاً بمحادثات إحياء الاتفاق النووي في زمن جو بايدن.
وقال ظريف «ليس لدي معلومات عن كواليس المفاوضات لكن ما أراه من الخارج ليس صورة جميلة».
وأعرب ظريف عن اعتقاده بأنه «لا يمكن التوصل لاتفاق أفضل من الاتفاق النووي. وفق ما يقولون اليوم لدينا إمكانيات أكثر، إذا كان بمقدورهم توقيع الاتفاق ليفعلوا ذلك، وليحصلوا على امتيازات أكثر. لدينا ما يكفي من الحجج لأن أميركا وأوروبا لم تعلما بتعهداتهما».