انتخابات تركيا: هل تقلب التغييرات في خريطة التحالفات الموازين؟

TT

انتخابات تركيا: هل تقلب التغييرات في خريطة التحالفات الموازين؟

مناصرو إردوغان يستمعون إلى خطابه في إسطنبول أمس (أ.ب)
مناصرو إردوغان يستمعون إلى خطابه في إسطنبول أمس (أ.ب)

قبل يوم من انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، شهدت خريطة التحالفات السياسية تغييرات كبيرة في صفوف أعضائها من حيث توجهاتهم الانتخابية، حتى إن البعض منهم اضطر إلى قبول شعارات وقضايا كانت في السابق تُعتبر خطاً أحمر أو غير مقبولة بالنسبة لهم.

كان النصيب الأكبر من تلك التغييرات لتحالف الأجداد (أتا) القومي المتطرف، الذي أعلن مرشحه الرئاسي سنان أوغان، صاحب الترتيب الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، دعمه مرشح تحالف الجمهور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. في المقابل، أعلن زعيم حزب الظفر أوميت أوزداغ، وهو أحد أكبر مكونات التحالف، دعم مرشح تحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية.

وعلى الرغم من تحالف كليتشدار أوغلو مع أوزداغ اليميني القومي المتشدد، فإنه ضمن دعم الأحزاب الكردية واليسارية؛ إذ أعلن حزبا العوب الديمقراطي واليسار الأخضر استمرار دعمهما له في جولة الإعادة، ودعوا أنصارهما للتصويت بكثافة في الانتخابات.

امرأة من أنصار رجب طيب إردوغان تحمل ورته خلال خطاب له في تجمع انتخابي في إسطنبول (أ.ب)

حصل حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه دعوى قضائية بإغلاقه لاتهامه بدعم الإرهاب، على 61 في المائة من أصوات الناخبين في مدينة ديار بكر، أكبر المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا.

ويمثل الأكراد نحو 20 في المائة من سكان تركيا، ويعدون عنصراً حاسماً في جولة الإعادة بعدما صوتوا بكثافة لكليتشدار أوغلو في الجولة الأولى.

ويوصف تحالف «أتا» بالقومي المتطرف الذي يستهدف المهاجرين غير النظاميين والأجانب، خصوصاً السوريين والأفغان.

وشهد أحد مكونات تحالف الأمة، وهو حزب المستقبل برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، استقالة 11 عضواً كبيراً، بسبب ما وصفوه بابتعاد الحزب عن مبادئه وأهدافه عبر المشاركة في استخدام ورقة اللاجئين بشكل متطرف في الدعاية الانتخابية لكليتشدار أوغلو.

كانت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية شهدت تنافساً وإقبالاً غير مسبوق على صناديق الاقتراع؛ إذ بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية 88.92 في المائة داخل البلاد، و52.69 في المائة في الخارج.

وذكر بيان لرئيس لجنة الانتخابات التركية، أن إردوغان حصل على 49.51 في المائة من أصوات الناخبين، في حين حصل مرشح تحالف الأمة كليتشدار أوغلو على 44.88 في المائة، وحصل سنان أوغان على 5.17 في المائة، وحصل المرشح المنسحب محرم إنجه على 0.44 في المائة.

ويدلي الناخبون الأتراك بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية غداً (الأحد)، وسط احتدام المنافسة بين مرشح تحالف الجمهور الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، ومرشح تحالف الأمة زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو.

إردوغان... المرشح الأوفر حظاً

نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، جاءت مخالفة لكل التوقعات، لا سيما من ناحية حدوث تحول سياسي كبير في تركيا عبر تحالف كل أطياف المعارضة في كيان واحد لإقصاء إردوغان وإنهاء حكمه المستمر منذ أكثر من 20 عاماً.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي في تركيا تحدثت عن فوز كليتشدار أوغلو في الانتخابات من الجولة الأولى، فإن النتائج أظهرت أن إردوغان ما زال المرشح المفضل لدى الشعب التركي، على الرغم من عدم فوزه من الجولة الأولى بالانتخابات.

وقبل أيام من انطلاق الجولة الحاسمة في الانتخابات، ظهرت بوادر خلافات بين أعضاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم حول طريقة إردوغان في إدارة الملف الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بخفض معدلات التضخم وأسعار الفائدة.

وأكد ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، وجود خلافات بين أعضاء الحزب حول طريقة التعامل مع الملف الاقتصادي وخطط مواجهة التضخم المرتفع...

وقال أقطاي في تصريح خاص لـ«وكالة أنباء العالم العربي» في وقت سابق: «هناك خلافات واختلافات في وجهات النظر في أروقة حزب (العدالة والتنمية) في طريقة التعامل مع عدد من الملفات، من بينها السياسة الاقتصادية الحالية، حول مدى فاعليتها ونجاعتها، لكن ذلك يأتي في إطار النقاشات والنقد الذاتي من أجل تطوير آلية عمل الحزب».

وتقدم إردوغان بفارق خمس نقاط مئوية عن منافسه كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى. وإعلان أوغان دعمه إردوغان يعطي الرئيس التركي أفضلية وشعوراً بالثقة بفوز مريح في الجولة الثانية، لكن صناديق الاقتراع تبقى هي الفيصل في هذا المعترك الانتخابي.

ملف اللاجئين

ومع احتدام الصراع الانتخابي، يشغل ملف اللاجئين في الانتخابات حيزاً كبيراً من خطابات المرشحين؛ إذ قال إردوغان في تجمع انتخابي في إسطنبول يوم الخميس، إن العمل جارٍ لبناء منازل جديدة تستوعب نحو مليون سوري بدعم قطري.

رجل سوري من حلب يحمل ابنه في أحد أحياء أنقرة (أ.ب)

ونقلت وكالة «الأناضول» عن إردوغان قوله: «بالأمس توجّه وزير داخليتنا سليمان صويلو إلى الشمال السوري، وأشرف على وضع حجر الأساس لمشروع المنازل، ومع هذا المشروع، نكون قد بدأنا بتأسيس البنية التحتية للعودة الطوعية للسوريين إلى تلك المناطق».

وأردف قائلاً: «لن نعيد السوريين إلى بلادهم طرداً أو قسراً؛ سنعيدهم بشكل يليق بالقيم الإنسانية والإسلامية».

كليتشدار أوغلو والامتحان الصعب

أظهر فشل مرشح المعارضة وتحالف الأمة كليتشدار أوغلو في الفوز بالانتخابات من الجولة الأولى، رغم كل الحشد والتجييش الجماهيري والإعلامي الذي رافق حملاته الانتخابية، أن المعارضة التركية لا تزال تفتقد المرشح القوي والخطاب السياسي الذي يمنحها أصوات الأغلبية.

وكانت هناك خلافات بين أعضاء تحالف الأمة، أو ممثلي الطاولة السداسية، حول جدوى تسمية كمال كليتشدار أوغلو كمرشح للتحالف ومدى قدرته على الفوز في مواجهة إردوغان.

عاد هذا الخلاف ليطفو على السطح من جديد، لكن بعدما فات وقت تغييره، وهو أمر بات يشكل هاجساً لدى المعارضة، التي قد تخسر فرصة لن تتكرر ثانية لهزيمة إردوغان بعد أن تحالفت في كيان واحد رغم كل اختلافاتها الفكرية والعقائدية الكبيرة.

وفي محاولة للتأثير على الناخب التركي في الجولة الثانية من الانتخابات، يركز كليتشدار أوغلو على ملف ترحيل اللاجئين، خاصة السوريين، بشكل كبير جداً، حتى بات هذا الملف محوراً رئيسياً في خطاباته الانتخابية.

وبينما كان كليتشدار أوغلو يعد في الجولة الأولى بترحيل اللاجئين السوريين بشكل طوعي وآمن خلال عامين بالتعاون مع الحكومة السورية والأمم المتحدة؛ فقد بات اليوم يستخدم لغة حادة وأرقاماً ضخمة؛ إذ تحدث عن وجود أكثر من 10 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وحذر من وصول أعدادهم إلى 30 مليوناً في المستقبل.

وبهذه النبرة الحادة تجاه اللاجئين، يأمل مرشح المعارضة في جذب أصوات اليمينيين والقوميين الأتراك، الذين صوتوا لمرشح تحالف الأجداد سنان أوغان، الذي حصل على نسبة 5.2 في المائة وحل ثالثاً بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في الرابع عشر من الشهر الحالي.

وكانت إدارة الهجرة التركية أعلنت يوم الأربعاء أن إجمالي عدد الأجانب في البلاد يبلغ 4 ملايين و990 ألفاً و663 شخصاً.

وذكر بيان صادر عن رئاسة إدارة الهجرة، أن عدد السوريين الموجودين في البلاد تحت الحماية المؤقتة يبلغ 3 ملايين و381 ألفاً و429 شخصاً. وأفاد البيان بأن عدد السوريين الذين عادوا طواعية وبشكل آمن ومشرف إلى بلادهم بلغ 554 ألفاً و114 شخصاً.

إقبال كبير في انتخابات الخارج

وتحدثت وكالة «الأناضول» عن انتهاء عمليات التصويت في الخارج، حيث سجل الناخبون رقماً قياسياً في الإقبال على التصويت في الجولة الثانية مقارنة بالجولة الأولى.

ونقلت «الأناضول» عن الهيئة العليا للانتخابات التركية قولها، إنه شارك مليون و895 ألفاً و430 ناخباً تركياً حتى يوم الخميس، في التصويت بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك في الممثليات الخارجية والمعابر الحدودية.

ويتمتع بحق التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أكثر من 64 مليون مواطن داخل تركيا وخارجها.


مقالات ذات صلة

أوزيل: لن أترشح لرئاسة تركيا ومهمتي إيصال حزب أتاتورك للسلطة

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل (إكس)

أوزيل: لن أترشح لرئاسة تركيا ومهمتي إيصال حزب أتاتورك للسلطة

استبعد زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل الترشح لرئاسة البلاد في الانتخابات المقبلة وقال إن هدفه وضع الحزب الذي أسسه أتاتورك في الحكم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)

إردوغان عالق بين قيود «الحركة القومية» وضغوط المعارضة

كشف استطلاع أجراه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا عن أن مؤيديه الذين تركوه في الانتخابات المحلية الأخيرة يوم 31 مارس (آذار) الماضي لن يعودوا إليه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية جلسة برلمانية عاصفة أثناء مناقشة طلب المعارضة تنفيذ قرار المحكمة الدستورية إعادة أتالاي إلى مقعده (من البث المباشر للجلسة)

المعارضة التركية تدعو لجلسة برلمانية ثانية بشأن النائب جان أتالاي

قررت المعارضة التركية طلب عقد جلسة استثنائية ثانية للبرلمان للنظر في تنفيذ قرار المحكمة الدستورية ببطلان قرار تجريد النائب جان أتالاي من عضويته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية نائب من حزب العدالة والتنمية اعتدى على نائب حزب العمال التركي أحمد شيك خلال إلقاء كلمته في الجلسة الاستثنائية للبرلمان لمناقشة قضية جان أتالاي (رويترز)

جلسة برلمانية في تركيا تتحول إلى عراك عنيف

شهد البرلمان التركي اشتباكات خلال جلسة استثنائية، الجمعة، لمناقشة أسباب عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية بالإفراج عن النائب المعارض جان أتالاي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية إردوغان انتقد المعارضة أثناء إلقاء خطاب خلال الاحتفال بالذكرى 23 لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد المعارضة ويحذر أعضاء حزبه من التراخي

قال الرئيس التركي إن حزب العدالة والتنمية الحاكم ظل على رأس السلطة في البلاد لأكثر من 22 عاماً بدعم من الشعب وبقدرته على تدمير «الألعاب القذرة»

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي، وسط تفاؤل حذر من إمكان أن تسفر المحادثات عن اتفاق، في ظل عقبات رئيسية، مثل البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي مع غزة ومصر.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن يتعامل المقترح المرتقب مع العقبات الرئيسية بحلول قابلة للتنفيذ، حتى لا يذهب أدراج الرياح. وحذروا من تقديم المقترح بصفته حزمة واحدة للقبول أو الرفض، على اعتبار أن نجاح هذه المفاوضات يحتاج إلى مرونة وتقديم تنازلات وتفاهمات حقيقية لتنجح في التطبيق على أرض الواقع دون خروقات.

ومقابل أجواء قتال شديدة في الضفة الغربية بين حركات فلسطينية مسلحة والجيش الإسرائيلي، تراوح محادثات الهدنة الدائرة بين القاهرة والدوحة مكانها. ووسط هذه الأجواء، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن «القضايا محل الخلاف ستترك للنهاية، ومن ثم تقدم الولايات المتحدة على الأرجح اقتراحاً نهائياً محدثاً لطرفي النزاع من أجل اتخاذ قرار»، دون تحديد موعد.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي، لم تسمّه، قوله، الخميس، إن «الوفد الأميركي يستعد لعقد جلسة مفاوضات قمة أخرى هذا الأسبوع، يطرح فيها صيغة نهائية، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا»، لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

وكانت المحادثات التي جرت في الدوحة «مفصلة وبناءة مع استمرار المشاورات، والتركيز حالياً على تفاصيل تنفيذ الصفقة لضمان نجاحها»، وفق «أكسيوس»، الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «إن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسطاء القطريين والمصريين، تحاول التوصل إلى اتفاق حول أكبر قدر ممكن من التفاصيل العملية، واستكمال النقاط الناقصة حول الصفقة الشاملة وتقديمها لإسرائيل و(حماس) مرة أخرى بصفتها حزمة واحدة».

ووفق الموقع فإن «القضايا الشائكة، بما في ذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود بين مصر وغزة ومراقبة حركة الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، ومطلب زعيم (حماس)، يحيى السنوار أن تؤدي الصفقة إلى إنهاء الحرب، ستؤجل إلى المرحلة الأخيرة من المحادثات».

الدخان يتصاعد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين عامي 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين تحرز تقدماً».

الأكاديمية المصرية في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، ترى أنه ليست هناك مؤشرات تقول إن ذلك المقترح المحتمل الجديد سيقود لاتفاق، خصوصاً أن نتنياهو لا يبدي أي تراجع، بل فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وتعدّ الحديث الأميركي المستمر عن التقدم بالمفاوضات، ما هو إلا «حديثاً استهلاكياً للداخل الانتخابي في واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مؤكدة أن «نتنياهو هو العقبة الرئيسية» في إبرام أي اتفاق، ويعمل على إفشال أي خطة تفاوض للحفاظ على منصبه، والمقترح الأميركي قد يواجه المصير ذاته، إلا إذا كانت هناك ضغوط عليه للتراجع.

ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه إذا لم يكن المقترح المحتمل قادراً على تقديم حلول لإسرائيل و«حماس» سيفشل، وسندور في حلقة مفرغة، لافتاً إلى أن نتنياهو يريد البقاء في قطاع غزة، خصوصاً في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهذا يخالف رغبة «حماس».

ويعتقد أن أهم العقبات التي قد تفشل المقترح الأميركي، عدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم والنص على الوقت الدائم للقتال، محذراً من أنه حال عدم التوصل لتفاهمات حقيقية في المقترح الأميركي فقد يقود ذلك لخروقات في التنفيذ واتفاق هش.

وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد خلاف «غير مسبوق» أدى إلى «صراخ بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت» خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، الخميس، وفق ما كشف موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، على خلفية خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا».

وغالانت الذي رفض تلك الخرائط في الاجتماع، يرى أنه يجب اختيار مسار الاتفاق لتقليل التوترات أو اختيار «التورط في غزة والوصول لحرب إقليمية»، قبل أن يحدث تصويت، وتقر الخرائط بدعم من نتنياهو و7 وزراء آخرين، وتليها احتجاجات من أهالي الرهائن أمام منزل نتنياهو، للمطالبة بعقد صفقة تبادل.

رجل فلسطيني عاد لفترة وجيزة إلى شرق دير البلح وسط غزة لتفقد منزله يشرب الماء وهو جالس فوق بعض الأشياء التي تم انتشالها (أ.ف.ب)

ولا يزال التوصل لاتفاق بغزة، وتهدئة بالضفة والمنطقة، مطلباً ملحاً عربياً وأوروبياً. وجدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، التأكيد خلال اجتماع بأبوظبي، الجمعة، على «أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة العمل على خفض التوتر في الضفة الغربية».

وباعتقاد نورهان الشيخ فإن الخلاف بين نتنياهو وغالانت أو الضغوط الإسرائيلية الداخلية باتا غير مؤثرين في مسار المفاوضات، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن قادر على أن يسيطر على توجهات السياسة في إسرائيل، ونتيجة التصويت على الخرائط كانت لصالحه.

وعدّت أن الضغوط العربية والأوروبية، قد تكون داعمة لمسار جهود الوسطاء، مطالبة بضغوط أميركية حقيقية على نتنياهو لتجاوز العقبات.

بينما أضاف بركات الفرا سبباً آخر لتعنت نتنياهو، وهو «طمأنة إسرائيل» من عدم وجود رد فعال من «حزب الله»، وتراجع ضغوط الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، مؤكداً أنه لا يمكن توقع محادثات جادة والتوصل لنتائج إيجابية إلا لو حدثت ضغوط جادة وحقيقية من المجتمع الدولي وواشنطن.