ماذا ينتظر تركيا بعد حسم الانتخابات الرئاسية؟

صورة للمعارض التركي كمال كليتشدار أوغلو تظهر خلفها صورة أخرى لإردوغان (أ.ف.ب)
صورة للمعارض التركي كمال كليتشدار أوغلو تظهر خلفها صورة أخرى لإردوغان (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر تركيا بعد حسم الانتخابات الرئاسية؟

صورة للمعارض التركي كمال كليتشدار أوغلو تظهر خلفها صورة أخرى لإردوغان (أ.ف.ب)
صورة للمعارض التركي كمال كليتشدار أوغلو تظهر خلفها صورة أخرى لإردوغان (أ.ف.ب)

يسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تمديد حكمه إلى عقد ثالث وهو يخوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، الأحد المقبل، في ظل زخم يبدو أنه يسير لصالحه بعد أن انتهت الجولة الأولى بتقدمه على منافسه كمال كليتشدار أوغلو.

وتعزز فرص إردوغان في الفوز الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزب «العدالة والتنمية» ذو الجذور الإسلامية وحلفاؤه في 14 مايو (أيار).

كما حصل إردوغان على دفعة أخرى الاثنين الماضي، بفضل إعلان السياسي القومي سنان أوغان، الذي حل ثالثاً في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، تأييد الرئيس التركي في جولة الإعادة.

والانتخابات لن تحدد فقط من سيقود البلاد بل طريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية.

أما كليتشدار أوغلو، فحصل على دعم جديد من زعيم يميني متطرف، بالإضافة إلى تحالف من 6 أحزاب معارضة منها حزب «الشعب الجمهوري» الذي يتزعمه.

ودافع إردوغان، الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة، مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة، وتقليص صلات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.

وتجري الانتخابات بعد 3 أشهر من وقوع الزلازل المدمرة في جنوب شرقي تركيا والتي أودت بحياة أكثر من 50 ألفاً.

ماذا بعد الانتخابات؟

إردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة قبل قرن من الزمان. وأبعد وحزبه «العدالة والتنمية»، ذو الجذور الإسلامية، البلاد عن نهج أتاتورك العلماني.

كما ركَّز الصلاحيات في رئاسة تنفيذية مقرها قصر يضم ألف غرفة على مشارف أنقرة، وترسم السياسات فيما يخص الشؤون الاقتصادية والأمنية والمحلية والدولية.

مؤيدو الرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول الثلاثاء الماضي (أ.ب)

ويقول منتقدوه إن حكومته كممت أفواه المعارضة وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الذين يقولون إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية من بينها محاولة انقلاب عام 2016.

ويقول خبراء اقتصاد إن دعوات إردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاماً عند 85 في المائة العام الماضي، كما أدت لهبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

الأثر العالمي

تحت حكم إردوغان، استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فقد شنت 4 عمليات توغل في سوريا وهجوماً على مسلحين أكراد داخل العراق، وأرسلت دعماً عسكرياً إلى ليبيا وأذربيجان.

وشهدت تركيا أيضاً سلسلة من المواجهات الدبلوماسية مع قوى في المنطقة، السعودية ومصر والإمارات إلى جانب إسرائيل، إضافة إلى مواجهة مع اليونان وقبرص بشأن الحدود البحرية بشرق البحر المتوسط حتى غيرت مواقفها قبل عامين وسعت إلى التقارب مع بعض خصومها.

وأدى شراء إردوغان لأنظمة دفاع جوي روسية إلى فرض عقوبات أميركية على أنقرة استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيكاً من منتقدين بخصوص التزام أنقرة إزاء حلف شمال الأطلسي.

كما أثارت اعتراضات أنقرة على طلبي السويد وفنلندا الانضمام للحلف توتراً.

ومع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح بتصدير القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، ما يشير إلى دور ربما يلعبه إردوغان ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ولم يتضح إلى الآن ما إذا كان هناك خليفة محتمل له قادر على أن يحظى بنفس المكانة التي اكتسبها إردوغان على الساحة الدولية، وهي نقطة أثارها في حملته الانتخابية.

ما هي وعود المعارضة؟

تحالف حزبا المعارضة الرئيسيان، حزب «الشعب الجمهوري» العلماني، والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع 4 أحزاب أصغر، على أساس برنامج من شأنه إلغاء الكثير من السياسات التي ميزت حكم إردوغان.

فقد تعهدت هذه الأحزاب بإعادة استقلال البنك المركزي وإلغاء سياسات إردوغان الاقتصادية غير التقليدية.

كما أن المعارضة تعتزم تفكيك رئاسته التنفيذية والعودة للنظام البرلماني السابق، فضلاً عن إرسال اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

كما تهدف الأحزاب إلى تحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات «إف - 35» المقاتلة، الذي استبعدت منه بعد شراء الدفاعات الصاروخية الروسية.

ويعتقد محللون أن السياسات التي تعهدت بها المعارضة قد تحفز الاستثمار الأجنبي.

ودعم إردوغان الجهود التي باءت بالفشل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بينما استضاف ما لا يقل عن 3.6 مليون لاجئ سوري يتزايد عدم الترحيب بهم وسط المتاعب الاقتصادية في تركيا.

وسعياً وراء الدعم من الناخبين القوميين في جولة الإعادة، زاد كليتشدار أوغلو من حدة نبرته المناهضة للمهاجرين في الأسبوعين الماضيين، وتعهد بإعادة المهاجرين إلى بلادهم.

إلى أي مدى يحتدم السباق؟

حصل كليتشدار أوغلو على 44.9 في المائة في الجولة الأولى مقابل 49.5 في المائة لإردوغان، مما يعكس الدعم القوي الذي يتمتع به الرئيس على الرغم من تفاقم أزمة غلاء المعيشة واستطلاعات الرأي التي أظهرت قبل الانتخابات تقدم كليتشدار أوغلو.

وعزت استطلاعات الرأي في وقت لاحق تلك النتيجة إلى زيادة غير متوقعة في دعم القوميين وقت التصويت.

ويقول إردوغان إن التصويت لصالحه سيضمن الاستقرار بعد أن حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.

وكان الصراع التركي المستمر منذ 4 عقود مع حزب العمال الكردستاني عاملاً مهماً في الحملة الانتخابية، إلى جانب دور الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية.

ورغم أن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءاً من تحالف المعارضة، فإنه يعارض بشدة إردوغان بعد حملة استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية ما دفعه إلى إعلان تأييده لكليتشدار أوغلو.

وشملت انتقادات إردوغان لمنافسه اتهامات، دون دليل، بفوزه بدعم من حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً منذ الثمانينات قُتل فيه أكثر من 40 ألفاً. ونفى كليتشدار أوغلو هذه الاتهامات.


مقالات ذات صلة

أول امرأة تتولى المنصب... إردوغان يعيّن حاكمة لـ«البنك المركزي التركي»

شؤون إقليمية حفيظة غاي إركان الحاكمة الجديدة للمصرف المركزي التركي (وكالة بلومبيرغ)

أول امرأة تتولى المنصب... إردوغان يعيّن حاكمة لـ«البنك المركزي التركي»

عيّن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الجمعة)، حفيظة غاي إركان التي كانت تعمل لدى مؤسسات مالية أميركية، حاكمة لـ«المصرف المركزي».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفقة أعضاء مجلس الوزراء الجدد (رويترز)

غرامات على وسائل إعلام تركية معارضة... واتحاد الصحافيين يندد

ندد اتحاد الصحافيين الأتراك، اليوم (الأربعاء)، بالغرامات التي فرضتها الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام على 4 محطات تلفزيونية معارضة خلال الحملة الانتخابية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
آسيا صورة جامعة لإردوغان وأعضاء حكومته أمام ضريح مصطفى كمال أتاتورك بأنقرة الثلاثاء (إ.ب.أ)

إردوغان يترأس أول اجتماع لحكومته الجديدة... متعهداً خدمة الجميع

تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تخدم حكومته تركيا بكل مواطنيها على قدم المساواة، في حين بدأت المعارضة تنشط استعداداً للدورة البرلمانية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يتوسط أعضاء حكومته الجديدة في القصر الرئاسي بأنقرة في 3 يونيو (أ.ب)

ما التغييرات المنتظرة من حكومة إردوغان الجديدة؟

كشفت تشكيلة الحكومة التركية الجديدة، التي أعلنها الرئيس رجب طيب إردوغان عقب بدء فترة ولايته الثالثة، عن ملامح السنوات الخمس لرئاسته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير المالية والخزانة الجديد محمد شيمشك في أنقرة - 3 يونيو 2023 (رويترز)

رياح القواعد التقليدية تهب على اقتصاد تركيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة

كشف وزير الخزانة والمالية التركي الجديد محمد شيمشك، عن ملامح السياسة الاقتصادية التي سيطبقها في المرحلة المقبلة من أجل إعادة الاقتصاد إلى المسار الطبيعي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أول امرأة تتولى المنصب... إردوغان يعيّن حاكمة لـ«البنك المركزي التركي»

حفيظة غاي إركان الحاكمة الجديدة للمصرف المركزي التركي (وكالة بلومبيرغ)
حفيظة غاي إركان الحاكمة الجديدة للمصرف المركزي التركي (وكالة بلومبيرغ)
TT

أول امرأة تتولى المنصب... إردوغان يعيّن حاكمة لـ«البنك المركزي التركي»

حفيظة غاي إركان الحاكمة الجديدة للمصرف المركزي التركي (وكالة بلومبيرغ)
حفيظة غاي إركان الحاكمة الجديدة للمصرف المركزي التركي (وكالة بلومبيرغ)

عيّن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الجمعة)، حفيظة غاي إركان التي كانت تعمل لدى مؤسسات مالية أميركية، حاكمة لـ«المصرف المركزي»، بعد فوزه في الانتخابات الشهر الماضي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وستكون إركان التي عملت في السابق لدى «فيرست ريبابليك بنك» و«غولدمان ساكس»، أول امرأة تتولى حاكمية «البنك المركزي التركي».

ونشرت الجريدة الرسمية المرسوم الرئاسي الموقع من إردوغان بشأن تعيين إركان، بحسب ما أوردته «وكالة الأناضول التركية للأنباء»، اليوم.

يُشار إلى أن اختيار مَن سيخلف محافظ البنك المركزي التركي شهاب قافجي أوغلو يُعتبر أمراً حساساً بالنسبة للسوق.

وفي الأسبوع الماضي، اختار إردوغان محمد شمشيك، خبير أسواق السندات السابق في بنك «ميرل لينش» الأميركي وزيراً للمالية في حكومته الجديدة، مما يشير إلى اتجاه تركيا إلى التخلي عن سياستها الاقتصادية التي تتضمن التدخل الحكومي الكثيف لدعم الليرة طوال السنوات الماضية.


مقتل خمسة من عرب إسرائيل بإطلاق نار في مغسل سيارات

شرطيان إسرائيليان في أحد شوارع القدس في 1 أبريل 2023 (رويترز)
شرطيان إسرائيليان في أحد شوارع القدس في 1 أبريل 2023 (رويترز)
TT

مقتل خمسة من عرب إسرائيل بإطلاق نار في مغسل سيارات

شرطيان إسرائيليان في أحد شوارع القدس في 1 أبريل 2023 (رويترز)
شرطيان إسرائيليان في أحد شوارع القدس في 1 أبريل 2023 (رويترز)

قُتل خمسة من عرب إسرائيل بالرصاص في مغسل سيارات، (الخميس)، ما رفع عدد قتلى إطلاق النار من عرب إسرائيل هذا العام إلى 96.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، تعقيبا على الجريمة، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «شاباك» سيساعد الشرطة في معالجة النشاط الإجرامي المتفشي في المجتمع العربي.

وأعلنت الشرطة أن إطلاق النار وقع في بلدة يافة الناصرة التي تقع غرب مدينة الناصرة، وقالت في بيان إنها تبحث في المنطقة عن مشتبه بهم.

وفي تصريح من موقع الجريمة، قال المتحدث باسم الشرطة إيلي ليفي لقناة «كان» العامة إن «شخصا أو أكثر» فتح النار على مجموعة من الرجال عند مغسل سيارات.

ويقول خبراء إن عصابات جمعت كميات كبيرة من الأسلحة على مدى العقدين الماضيين، وهي متورطة في تجارة المخدرات والأسلحة والبشر والدعارة والابتزاز وغسل الأموال.

وفي 30 مايو (أيار)، احتج مسؤولون منتخبون وممثلون للأقلية العربية في القدس ودعوا الحكومة إلى تعزيز الأمن.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلن نتنياهو عن قرار تشكيل لجنة توجيهية بعد اجتماع مع نواب عرب في الكنيست لمناقشة «حلول للتصدي إلى موجة جرائم القتل في المجتمع العربي».

وأكد رئيس الوزراء الخميس أنه «مصمم على وقف سلسلة جرائم القتل» وسيحرص على ذلك ليس فقط من خلال تعزيز الشرطة المحلية بل كذلك «بمساعدة من الشاباك» الذي لا يحقق عادة في النشاط الإجرامي.

وفي وقت سابق، الخميس، أصيب رجل يبلغ 30 عاما وفتاة في الثالثة في إطلاق نار منفصل في بلدة كفر كنا العربية شمال مدينة الناصرة.

وقال روني هلّون، الصحافي في راديو «ناس» الذي يتخذ مقرا في الناصرة، إن إطلاق النار في يافة الناصرة حصل بينما كانت مروحية تابعة للشرطة تحلق فوق البلدة، بحثا عمن يقفون وراء هجوم كفر كنا.

وأورد هلّون لوكالة الصحافة الفرنسية من مكان الحادث أن رجلين ملثمين وصلا على دراجتين ناريتين واستخدما بنادق رشاشة لقتل الرجال الخمسة في مغسل السيارات.


قلق إسرائيلي من فقدان التأثير على الإدارة الأميركية و«الكونغرس» في الموضوع الإيراني

بنيامين نتنياهو يصل إلى الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في  28 مايو الماضي (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو يصل إلى الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في 28 مايو الماضي (إ.ب.أ)
TT

قلق إسرائيلي من فقدان التأثير على الإدارة الأميركية و«الكونغرس» في الموضوع الإيراني

بنيامين نتنياهو يصل إلى الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في  28 مايو الماضي (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو يصل إلى الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في 28 مايو الماضي (إ.ب.أ)

أبدى مسؤولون سياسيون في تل أبيب قلقاً شديداً من فقدان تأثيرهم على مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة، التي لم تعد تقتصر على إدارة الرئيس جو بايدن، بل تشمل «الكونغرس». وأكدوا أن هناك احتمالاً قوياً لأن يتم التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين طهران والولايات المتحدة وبقية الدول الكبرى، يفرض عزلة على الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو.

وأضاف أحد المسؤولين، المعروف بوصفه مقرباً من نتنياهو، أن الاتفاق الجارية بلورته «قد يكون مؤقتاً»، ولكنه، حسب التسريبات، «ينطوي على أخطار كبيرة؛ إذ يحرر إيران من العقوبات، ويضخ فيها مليارات الدولارات، ويقوي مشاريعها العسكرية التقليدية وغير التقليدية».

وذكرت عدة وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم (الخميس)، أن التعبير عن هذا القلق تم في العديد من المداولات المغلقة التي جرت مؤخراً على مختلف المستويات السياسية العسكرية في تل أبيب.

وجرى فيها التأكيد أنه سيكون من الصعب جداً على إسرائيل حشد معارضة حقيقية في «الكونغرس» الأميركي لتفاهمات مع إيران، وأنها ستواجه صعوبة في التأثير على مواقف دول أوروبية أيضاً بشأن هذه الاتصالات، لأن رافعات الضغط التي استخدمتها إسرائيل وأصدقاؤها في الماضي، في محاولة للتأثير على تفاهمات بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي «لم تعد واقعية حيال الاتصالات المتقدمة بينهما حالياً».

وكان من اللافت أن هذا القلق بلغ أوجه بعد عودة الوفد الإسرائيلي الرفيع من زيارة في واشنطن، وقد ضم وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، ومسؤولون آخرون أجروا مداولات حول الموضوع النووي الإيراني.

وقالت مصادر شبه رسمية إن الوفد طرح المخاوف الإسرائيلية بقوة مدعومة بمعطيات ووثائق استخباراتية، فكان ردّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية عليها «محاولة طمأنة غير مسنودة»؛ فقال الأميركيون إن الحديث يجري عن «اتفاق نووي مرحلي»، وإن «التفاهمات الجديدة ليست مطروحة حالياً، وتحقيقها سيستغرق وقتاً طويلاً». إلا أن التقديرات الإسرائيلية هي أن تفاهمات كهذه قد تُنشر في الأسابيع القريبة، وربما قبل ذلك.

وفي حين ترى الحكومة الإسرائيلية أن سبب انخفاض مكانة إسرائيل وتأثيرها يعود إلى كون الحزب الديمقراطي هو الذي يسيطر على البيت البيض وعلى مجلس الشيوخ، وكون الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ضئيلة للغاية، فإن قوى المعارضة الإسرائيلية، ومعها العديد من الخبراء والدبلوماسيين السابقين، ينتقدون الحكومة اليمينية ويحملونها مسؤولية الفشل.

ويقولون إن هوية الحكومة الإسرائيلية الجديدة والاتفاقيات الائتلافية التي تم توقيعها والتصريحات والممارسات التي تقودها في الساحة الفلسطينية لعرقلة حل الدولتين والخطة التي طرحتها الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف جهاز القضاء هي التي حفرت هوّة عميقة بين إسرائيل والإدارة الأميركية وسائر مؤسسات الحكم هناك. ونقل على لسان أحدهم أن «نتنياهو هو أبو القنبلة النووية الإيرانية. وسياسته تحرج الولايات المتحدة، وباتت عقبة أمام نفوذها في العالم».

وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنه «حتى الدول الأوروبية التي اقتربت من الموقف الإسرائيلي في السنة الأخيرة، وذلك بسبب التقارب الحاصل بين إيران وروسيا في الحرب في أوكرانيا، لم تعد تطيق ممارسات حكومة نتنياهو. وتشعر بأن هذه الحكومة تساهم في تقوية مكانة إيران، ولذلك فإن التقديرات تشير إلى أنه في مثل هذه الحالة، فإن الدول الرائدة مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لا تتحمس للاعتراض على التوصل إلى اتفاق مع طهران».

ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمّه قوله إن «الأوروبيين يخشون من انهيار في المحادثات يؤدي إلى تدهور نحو مواجهة عسكرية مع إيران، الأمر الذي يلزم الولايات المتحدة برصد موارد على حساب الدعم لأوكرانيا. ولذلك ينسجمون مع الموقف الأميركي».

وقال دبلوماسي أوروبي إن «هذا كابوس، ونحن غير مستعدين للتفكير فيه؛ فحرب مع إيران ستمس بالوحدة الغربية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي تُعتبر الآن الأمر الأهم لأوروبا. ولذلك، فإن الذين يعارضون قسماً من التنازلات الأميركية، سيضطرون إلى قول (نعم) لبايدن»، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.


إيران تبدأ إنشاء محطتين نوويتين لإنتاج الكهرباء في بوشهر

محطة بوشهر للطاقة النووية (رويترز)
محطة بوشهر للطاقة النووية (رويترز)
TT

إيران تبدأ إنشاء محطتين نوويتين لإنتاج الكهرباء في بوشهر

محطة بوشهر للطاقة النووية (رويترز)
محطة بوشهر للطاقة النووية (رويترز)

بدأت إيران في إنشاء محطتين نوويتين لإنتاج الكهرباء في محافظة بوشهر بجنوب البلاد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».
ونقل تلفزيون العالم الرسمي عن محافظ بوشهر أحمد محمدي زاده قوله إن القدرة الإنتاجية لكل من المحطتين تبلغ 1800 ميغاوات. وأوضح أن جميع مراحل العمليات التنفيذية لهاتين المحطتين النوويتين يتم تنفيذها من قبل خبراء إيرانيين، مؤكدا على عدم وجود أي عاملين أجانب في المشروعين.


إسرائيل: يجب عدم السماح لإيران بالتحول إلى «كوريا شمالية ثانية»

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل: يجب عدم السماح لإيران بالتحول إلى «كوريا شمالية ثانية»

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، اليوم (الخميس)، إنه يجب عدم السماح لإيران بأن تكون «كوريا شمالية ثانية»، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

ونشر كوهين على «تويتر» صورة يظهر فيها عند المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وقال إن امتلاك طهران قدرات نووية «سيشكل تهديداً ليس فقط لإسرائيل، ولكن للاستقرار في العالم بأسره».

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (يسار) يلتقي نظيره الكوري الجنوبي بارك جين في سيول (إ.ب.أ)

كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قالت في بيان إن كوهين ناقش مع نظيره الكوري الجنوبي بارك جين أثناء زيارته لسيول التحديات الأمنية التي يواجهها الجانبان، بما في ذلك الملفان النووي الإيراني والكوري الشمالي.


بينهم قيادي كبير... تركيا تقتل 3 من «العمال الكردستاني» شمال العراق

جنود أتراك يقومون بدورية على طريق بالقرب من جوكورجا في محافظة هكاري، جنوب شرقي تركيا، بالقرب من الحدود التركية العراقية (أرشيفية - رويترز)
جنود أتراك يقومون بدورية على طريق بالقرب من جوكورجا في محافظة هكاري، جنوب شرقي تركيا، بالقرب من الحدود التركية العراقية (أرشيفية - رويترز)
TT

بينهم قيادي كبير... تركيا تقتل 3 من «العمال الكردستاني» شمال العراق

جنود أتراك يقومون بدورية على طريق بالقرب من جوكورجا في محافظة هكاري، جنوب شرقي تركيا، بالقرب من الحدود التركية العراقية (أرشيفية - رويترز)
جنود أتراك يقومون بدورية على طريق بالقرب من جوكورجا في محافظة هكاري، جنوب شرقي تركيا، بالقرب من الحدود التركية العراقية (أرشيفية - رويترز)

ذكرت وكالة «الأناضول» اليوم (الخميس)، أن الاستخبارات التركية «حيدت» ثلاثة عناصر من «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق.

وقالت الوكالة إن بين العناصر قيادياً كبيراً في الحزب مدرجاً على قائمة المطلوبين، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.


الحكومة الإيرانية تواجه انتقادات لتعديل ساعات العمل في الصيف

إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإيرانية تواجه انتقادات لتعديل ساعات العمل في الصيف

إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيون يتسوقون في بازار طهران الكبير وسط النهار في 22 مايو الماضي (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة الإيرانية بعد تعديلها ساعات العمل في القطاع العام والقطاع شبه الحكومي في إيران، بحيث يبدأ دوام العمل عند السادسة صباحاً لا سيّما من أجل تقليص فاتورة الطاقة، انتقادات، في خطوة أثارت استياء الموظفين والعمال.

وبعد أيام من الانتقادات، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في اجتماع الحكومة اليوم إن «إقناع الرأي العام بأهداف ونتائج هذا القرار أمر مهم وفعال في مواكبة الشعب لتنفيذه».

منذ مطلع الأسبوع، بات يتوجب على موظفي هذين القطاعين العمل اعتباراً من السادسة صباحاً (03:30 بتوقيت غرينتش) حتى الساعة الواحدة ظهراً. قبل ذلك، كان يتوجب عليهم بدء العمل عند السابعة أو الثامنة صباحاً حسب الإدارات. وستعود ساعات العمل إلى طبيعتها في أغسطس (آب).

واتخذت الحكومة هذا القرار المثير للجدل لمواجهة مشاكل الطاقة خلال فترة الصيف.

وبلغ استهلاك الكهرباء في هذه الدوائر مستويات قياسية بسبب الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء لتبريد المكاتب في بلد تتجاوز فيه درجات الحرارة صيفاً 30 درجة مئوية خلال النهار.

لكن أن يحدّد بدء موعد العمل عند السادسة صباحاً يعني أن بعض الموظفين سيضطرون إلى الاستيقاظ قرابة الرابعة أو الخامسة صباحاً للذهاب إلى مكان عملهم البعيد أحياناً عن منازلهم، خصوصاً في طهران التي تعدّ مدينة كبيرة.

ويقول الموظف الحكومي مرتضى (44 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «يصعّب ذلك المهمة على الأهالي الذين يضطرون إلى اصطحاب أطفالهم إلى المدرسة الابتدائية أو إلى الروضة»، وهي مؤسسات تفتح في وقت متأخر أكثر. ويضيف: «منذ يومين، نعاني كثيراً لكي نتكيّف».

وتثير ساعات العمل الجديدة جدلاً أيضاً على مستويات أخرى. على مستوى النقل العام تبدأ حركة النقل عبر مترو أنفاق طهران في الساعة 4.30 صباحاً، أما حركة الحافلات المدنية تبدأ في الساعة 5:30 صباحاً.

ويقول الأمين العام لغرفة التجارة في طهران بهمان إشغي، لصحيفة «سازندكي» إن «المصارف باتت تغلق عند الواحدة ظهراً، وهذا التوقيت يشكّل عادة فترة ذروة عملي، ما قد يجبرني على تأجيل معاملة مالية حتى اليوم التالي»، مستنكراً «إجراءات مصطنعة (...) قد تؤثر على الكفاءة في العمل».

عمدت الحكومة الإيرانية إلى تعديل ساعات العمل بعدما قررت عدم التحول إلى التوقيت الصيفي، خلافاً للسنوات الماضية، على اعتبار أنه من الأفضل الاحتفاظ بالتوقيت نفسه على مدار السنة.

ويبزغ الفجر في إيران خلال شهر يونيو (حزيران) بين الرابعة والنصف صباحاً والخامسة.


هل يمكن تدوير الزوايا بين طهران وواشنطن في ظل التوترات؟

بايدن يصل إلى البيت الأبيض قادماً من رحلة إلى نيو كاسل - ديلاوير (د.ب.أ)
بايدن يصل إلى البيت الأبيض قادماً من رحلة إلى نيو كاسل - ديلاوير (د.ب.أ)
TT

هل يمكن تدوير الزوايا بين طهران وواشنطن في ظل التوترات؟

بايدن يصل إلى البيت الأبيض قادماً من رحلة إلى نيو كاسل - ديلاوير (د.ب.أ)
بايدن يصل إلى البيت الأبيض قادماً من رحلة إلى نيو كاسل - ديلاوير (د.ب.أ)

في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، شهد الملف الإيراني تطورات لافتة، أثارت الكثير من التساؤلات عن الوجهة التي سيسلكها التعامل مع ملفها النووي والصاروخي، فضلاً عن أنشطتها السياسية والعسكرية في المنطقة.

ويواصل مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التأكيد على عدم السماح لطهران بامتلاك سلاح نووي، وأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بما فيها استخدام القوة، ووصفها بأنها «التهديد الأكبر» للاستقرار في المنطقة. ومع إعلان إيران عن تطوير صاروخ «فرط صوتي»، قابلته الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على شبكة شراء الصواريخ الإيرانية.

غير أن الحظر المفروض على برنامج إيران للصواريخ الباليستية، بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، الموقَّعة عام 2015، ينتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وهو ما أثار ردود فعل أميركية، غالبيتها من الجمهوريين، تتهم إدارة بايدن بـ«افتقارها للعزم» في مواجهة برنامج إيران النووي والصاروخي، حسب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، و«تراجعها وفشلها عن صياغة استراتيجية أوسع» لإيران، حسب كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جيمس ريش.

وفي حين تتواصل الاحتكاكات بين إيران والقوات الأميركية في المنطقة، تؤكد «تسريبات البنتاغون» أن ميليشيات مؤيدة لطهران تستعد لتنفيذ هجمات جديدة ضد القوات الأميركية.

لكن على الرغم من تصاعد لغة التهديد الأميركية، فقد تم الكشف عن لقاءات دبلوماسية سرّية جرت أخيراً بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين، في محاولة لإعادة إطلاق المفاوضات النووية المتوقفة منذ أكثر من 5 أشهر.

مواصلة زعزعة الاستقرار

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة على علم بمزاعم إيران عن صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، بينما هي تواصل زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك من خلال تطوير وانتشار أسلحة خطيرة.

وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة تواصل العمل مع الحلفاء والشركاء، بما في ذلك في المنطقة، لردع سلوك إيران المزعزع للاستقرار والتصدي له، مؤكداً التزام استخدام مجموعة من أدوات حظر الانتشار المتاحة، للتعامل مع جهود تطوير الصواريخ الإيرانية وانتشارها. وقال إن العقوبات الأخيرة على شبكة شراء الصواريخ الإيرانية تؤكد هذا الالتزام.

وفيما يتعلق بالدبلوماسية في برنامج إيران النووي، أضاف المتحدث قائلاً: «كما تعلم، لقد كنا صريحين ونشطين في إدانة وفرض تكاليف على إيران لانتهاكاتها حقوق الإنسان في الداخل، والسلوك المزعزع للاستقرار في الخارج».

وقال إن الرئيس بايدن ملتزم تماماً بضمان عدم حيازة إيران مطلقاً سلاحاً نووياً، «لكننا ما زلنا نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف على أساس مستدام ودائم، ولم نحذف أي خيار من الطاولة، مثلما أننا لا نعتذر عن الالتزام بمواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار بالتنسيق الوثيق مع شركائنا الإقليميين».

من ناحيته، قال متحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) إن ما وصفه بالعدوان الإيراني «يشمل التهديد الذي يمثله برنامجها الصاروخي الذي لا يزال مصدر قلق كبير لقواتنا في المنطقة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نبقى واثقين من قدرتنا على الردع والدفاع ضد أي وجميع التهديدات التي يفرضها النظام، ونواصل دعوة إيران إلى تهدئة التوترات في المنطقة».

 

أبعد من مجرد تحسين الصواريخ

من جهته، يقول بهنام بن طالبلو، مسؤول ملف إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن «تقدم إيران المستمر في مجال الصواريخ الباليستية لتشمل تحسينات في المدى والحمولة والدقة والموثوقية والقدرة على البقاء، هو أكثر بكثير من مجرد إشارة سياسية».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنه دليل على أن هذه هي أغلى مقذوفات إيران التي تعمل على تحسينها لاستخدامها في المستقبل. وقال إن «تلك التحسينات على برنامج الصواريخ الباليستية، وهو بالفعل الأكبر والأكثر تنوعاً في المنطقة، تتزامن مع زيادة في تحمل المخاطر والمغامرة من نخبة جديدة ومتشددة للغاية، عازمةً على إجبار الدول الإقليمية على الاستسلام وطرد الولايات المتحدة من المنطقة».

وأكد أن التصعيد النووي الإيراني المستمر والتداول البطيء للمراقبة النووية يجب أن يكونا بمثابة دعوة للاستيقاظ لإدارة بايدن التي تواصل التعامل مع كل تقدم على أنه دعوة لإحياء صفقة كانت معيبة بشكل قاتل حتى بمعايير عام 2015. وقال طالبلو: «لقد تغير الكثير في 8 سنوات، حيث يخفف المسؤولون الإيرانيون باستمرار من ضرورة التوصل إلى اتفاق في قاموسهم السياسي، حتى إن المرشد الإيراني علي خامنئي، تراجع عن عبارته الشهيرة، (المرونة البطولية)، التي استخدمها في عام 2013 للسماح بإجراء مفاوضات نووية مع أميركا».

 

إتقان فن المماطلة

من ناحيته، يقول هنري روم، كبير الباحثين في مجلس العلاقات الدولية، إن احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي جديد قاتمة في المستقبل المنظور. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه إلى الحد الذي يهتم فيه المسؤولون الإيرانيون بالدبلوماسية، ينصبّ التركيز على خطة الاتفاق النووي. وإلى الحد الذي يهتم فيه المسؤولون الأميركيون بالدبلوماسية، فإن التركيز ينصبّ على كل شيء ما عدا خطة الاتفاق النووي.

وقال روم إنه من المحتمل أن تشترك طهران وواشنطن في مصلحة على المدى القريب في تهدئة التوترات، بما في ذلك تبادل الأسرى، لكنّ هذا يأتي على خلفية خطر ترسيخ مكانة إيران النووية. فقد أتقنت إيران فن الإدارة التكتيكية لاجتماعات مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يعطيها أرضية كافية فقط لتجنب العقوبات من الحكومات الغربية الحريصة على تجنب المواجهة، وقد رأينا ذلك هذا الأسبوع.

 

تعاون محدود لتجنب العقوبات

يقول مايكل روبين، كبير الباحثين في معهد «أميركان إنتربرايز» في واشنطن، المتخصص في الشأن الإيراني، إن إيران لا تزال غير صادقة، وتسعى للحصول على المرونة. فكاميرات المراقبة لا تعني مراقبة على مدار 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع. وبدلاً من ذلك، يقومون بتسجيل المراقبة ثم يتم إرسال الأشرطة إلى فيينا كل بضعة أسابيع. ومع كل شريط مراقبة يؤدي إلى مفاوضات جديدة موسعة تطالب فيها إيران بتنازلات. وأضاف روبن لـ«الشرق الأوسط» أن إيران تبالغ بانتظام في نجاحاتها العسكرية. وفيما يتعلق بالصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تطرح إيران طموحاً أكثر من كونها تطوراً ناجحاً. لكن رغم ذلك، تذكر أن هذا بلد يفشل فيه نصف عمليات إطلاق الأقمار الصناعية في الوصول إلى المدار.

من ناحيته، يقول باتريك كلاوسن، مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن إيران كانت حازمة للغاية في الآونة الأخيرة. وبدلاً من محاولة تسوية نزاع حول مياه نهر هلمند بهدوء، أثارت نزاعاً صاخباً وقتالاً كبيراً مع «طالبان».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، وعلى المنوال نفسه، أن إيران أحدثت ضجة كبيرة بشأن تعاون دول الخليج معها في القضايا البحرية، على سبيل المثال. وإشادتها بتجربة صاروخ جديد تعد انتهاكاً واضحاً على الأقل لأمر (المرشد) خامنئي (منذ بضع سنوات) بأن الصواريخ الإيرانية يجب أن يبلغ مداها 2000 كيلومتر أو أقصر. وبشكل عام، يبدو النظام واثقاً جداً من نفسه.

وبالنسبة إلى الاتفاق النووي، يقول كلاوسن إن تقرير الوكالة الدولية الأخير، يُظهر إلى أي مدى ستذهب الوكالة في محاولة لتجنب نزاع مفتوح مع إيران. فقد قدمت طهران فقط، تنازلات طفيفة للغاية، ولا تزال بعيدة عن احترام اتفاقية الضمانات، كما تفهمها الوكالة.

ورجح كلاوسن أن يقدم مجلس المحافظين في اجتماعه المقبل بعد 4 أشهر، شكوى خفيفة حول عدم امتثال إيران. وهذا يتناسب تماماً مع رغبة القوى الكبرى (روسيا وأوروبا والولايات المتحدة)، المنشغلة بحرب أوكرانيا، ولا تريد الآن أزمة مع إيران. وقال إن إدارة بايدن مصممة بشكل خاص على عدم حدوث أزمة قبل انتخابات 2024، وإن المحادثات الأميركية - الإيرانية، التي عقدت عدة جلسات منذ 5 أشهر حتى الآن، تدور حول خفض التوترات. وتوقع كلاوسن أن يتم التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى والإفراج عن 7 مليارات دولار من كوريا الجنوبية. لكنه أشار إلى أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب كانت قد اقترحت الإفراج عن تلك الأموال، لكنّ المشكلة كانت، ولا تزال، هي تردد البنوك في التعامل مع تلك الأموال.


غرامات على وسائل إعلام تركية معارضة... واتحاد الصحافيين يندد

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفقة أعضاء مجلس الوزراء الجدد (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفقة أعضاء مجلس الوزراء الجدد (رويترز)
TT

غرامات على وسائل إعلام تركية معارضة... واتحاد الصحافيين يندد

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفقة أعضاء مجلس الوزراء الجدد (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفقة أعضاء مجلس الوزراء الجدد (رويترز)

ندَّد اتحاد الصحافيين الأتراك، اليوم (الأربعاء)، بالغرامات التي فرضتها الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام على 4 محطات تلفزيونية معارضة، خلال الحملة الانتخابية، قائلة إنها «تعاقب حق الجمهور في الحصول على المعلومات».

واستهدف «المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون» التركي محطات «تيلي 1» و«فوكس تي في» و«خلق تي في» و«فلاش تي في» بغرامات بسبب تعليقات أدلى بها بعض ضيوفها في وقت الانتخابات.

واعتبر رئيس الاتحاد نظمي بلجين ذلك «انتهاكاً غير مقبول لحقّ الجمهور في تلقي المعلومات والقيام بخيارات انتخابية بالاستناد إلى هذه المعلومات».

وأشار في بيان إلى أنها «عقوبة قاسية (ضد) الحق في حرية التعبير»، من شأنها أن «تحول الهيئة (الناظمة) إلى أداة حكومية لإسكات المعارضة ومن ينتقدها».

وستُحدَّد الغرامات وفق العائدات الإعلانية لهذه المحطات التلفزيونية.

لكن ممثل منظمة «مراسلون بلا حدود» في تركيا، إيرول أوندير أوغلو، قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن وسائل الإعلام «تتلقى بانتظام غرامات لا تتناسب مع عائداتها».

وأشارت المنظمة إلى أنه خلال الحملة الانتخابية، حصل الرئيس رجب طيب إردوغان الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في 28 مايو (أيار) لولاية جديدة مدتها 5 سنوات، على وقت عبر الأثير، أكثر 60 مرة من المعارضة.

وخفّض تصنيف تركيا من المركز 149 عام 2022 إلى المركز 165، عام 2023، في تصنيف «مراسلون بلا حدود»، حول حرية الإعلام الذي يشمل 180 دولة.


التراشق بالانتقادات بين إسرائيل وأميركا مَن يزعج مَن؟

كامالا هاريس تتحدث في حفل يوم الاستقلال الذي استضافته سفارة إسرائيل بواشنطن 6 يونيو (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تتحدث في حفل يوم الاستقلال الذي استضافته سفارة إسرائيل بواشنطن 6 يونيو (أ.ف.ب)
TT

التراشق بالانتقادات بين إسرائيل وأميركا مَن يزعج مَن؟

كامالا هاريس تتحدث في حفل يوم الاستقلال الذي استضافته سفارة إسرائيل بواشنطن 6 يونيو (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تتحدث في حفل يوم الاستقلال الذي استضافته سفارة إسرائيل بواشنطن 6 يونيو (أ.ف.ب)

في إحدى الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض في سنة 1998، التقطت ميكروفونات الصحافيين همسة من الرئيس بيل كلينتون، وهو يسأل مساعده باستهجان: «مَن هو رئيس الدولة العظمى هنا؟».

وكلينتون أقام علاقات جيدة مع نتنياهو بشكل أو بآخر ولم يحصل معه ما حصل مع وريثه باراك أوباما. إلا أنه لم يحتمل نغمة الاستعلاء عند ضيفه.

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مستقبلاً نتنياهو في البيت الأبيض أبريل 1997 (غيتي)

اليوم يُطرح السؤال نفسه لدى مجموعة كبيرة من المسؤولين الأميركيين وحتى الإسرائيليين، الذين يتابعون تصريحات الوزراء في تل أبيب وعدد من نواب الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحاكم، منذ تشكيل حكومة اليمين المتطرف التي يقودها «الأسير نتنياهو».

فعلى مدار خمسة أشهر، يهاجم هؤلاء المسؤولون الإدارة الأميركية بشكل مباشر، اعتراضاً على «تدخلها في الشؤون الداخلية الإسرائيلية»، ويطلبون من السفير الأميركي لدى إسرائيل أن يلزم حدّه «فنحن دولة مستقلة». ويتهمون إدارة الرئيس جو بايدن بتمويل ودعم هبة الاحتجاج الإسرائيلية ضد خطة الحكومة (الانقلاب على نظام الحكم وإضعاف جهاز القضاء).

هاريس تصافح السفير الإسرائيلي في واشنطن إلى جانب زوجها دوغ إمهوف أثناء حفل استقبال السفارة الإسرائيلية الثلاثاء (أ.ف.ب)

وكان آخر الجولات في التهجم على نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، لأنها تجرأت وتحدثت عن «أهمية استقلال القضاء في إسرائيل». ولم يسعفها أنها كانت تتكلم (مساء الثلاثاء) في حفل بمناسبة «الذكرى 75 لاستقلال إسرائيل وإقامة الدولة اليهودية»، الذي استضافته السفارة الإسرائيلية في واشنطن.

ولم يعنها أن خطابها كان أوجاً في مديح إسرائيل و«الالتزام الأميركي الحديدي» لها ومعها، إذ قالت: «في عهد الرئيس جو بايدن وإدارتنا، ستستمر أميركا في الدفاع عن القيم التي كانت حجر الأساس للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تشمل الاستمرار في تقوية ديمقراطياتنا. وفي عهد الرئيس بايدن وإدارتنا، ستستمر أميركا في الدفاع عن القيم التي كانت حجر الأساس للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل».

إيلي كوهين وزير خارجية إسرائيل (أ.ف.ب)

وهذه المرة لم يهاجمها المتطرفون وحسب، بل وزير الخارجية، إيلي كوهين، الذي يعد من الجناح غير المتطرف في «الليكود»، ورد ساخراً بأنها «لم تقرأ شيئاً من خطة الحكومة». وأضاف أنه سبق وأحرج وزيرة الخارجية الألمانية أيضاً التي انتقدت الخطة، وقال: «سألتها ما الذي يزعجك في هذه الخطة بالضبط لكنها، تلبكت وتلعثمت ولم تعطني جواباً». وانفلت عليها نواب الحزبين اللذين يقودهما وزير المالية، بتسلئيل سموترتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

الجنرال عاموس غلعاد، رئيس مؤتمر هرتسليا لأبحاث المناعة القومية ورئيس قسم الأبحاث الاستراتيجية في جامعة رايخمان، مسك رأسه بكلتا يديه وصاح: «أكاد أفقد صوابي من هذه الحكومة». وقال، خلال مؤتمر هرتسليا، الذي عالج موضوع النووي الإيراني وأهمية العلاقات مع واشنطن لمواجهته: «صحيح أن لدينا قوة عسكرية ضخمة، لكن هذا لا يكفي. يجب أن تكون لدينا قوة سياسية مماثلة. أولا علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة. فمع كل الاحترام للوزراء، الذين لا أريد ذكر أسمائهم، أراهم يقولون للسفير الأميركي «هذا ليس من شأنك» و«من أنتم حتى تتدخلوا في شؤوننا» وغير ذلك من التصريحات التي تدل على «غباء وهبل مرعبين». إن هؤلاء يمسون بإسرائيل. وأنا لا أريد أن أكشف أسراراً عسكرية أقول فيها ماذا يوجد لدينا وماذا لا يوجد وماذا نحتاج. فهل تستطيع إسرائيل أن تهاجم إيران من دون تنسيق على أعلى المستويات مع أميركا. «الجواب: لا».

إن الوضع الذي يكون فيه الرئيس الأميركي ممتنعاً عن لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية هو وضع مأساوي. يضر بإسرائيل. صحيح أن هناك علاقات ممتازة بين الجيشين وبين سلاحي الجو وبين المؤسسات الأمنية. لكن لا يوجد بديل عن علاقة استراتيجية حميمة بين القمتين. التنسيق الاستراتيجي يتم فقط على مستوى رئيس أميركا (بايدن)، ورئيس حكومة إسرائيل. الرئيس الأميركي يقول إن العلاقات المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة نشأت بسبب القيم المشتركة. يعني الديمقراطية. أميركا لا تعطينا دعماً مباشراً عسكرياً ومالياً فحسب، إنها توفّر لنا غطاء استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً».

وغلعاد، الذي كان طيلة عقد من الزمن رئيساً للدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع وقبلها رئيساً للاستخبارات العسكرية في الجيش، يعبّر عن قلق المؤسسة الأمنية برمتها من المساس الذي تسببه الحكومة الإسرائيلية للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وينعكس هذا القلق في تصريحات صريحة للجنرالات وفي الأبحاث العديدة التي تجريها معاهد الأبحاث وفي مئات المقالات التي يكتبها الخبراء والدبلوماسيون الإسرائيليون الذين خدموا في الولايات المتحدة وفي المواقف الغاضبة التي يظهرها قادة المنظمات اليهودية الليبرالية في الولايات المتحدة. ويقولون إن العلاقات الاستراتيجية قائمة وليس عليها خطر لأنها تصب في مصلحة الطرفين، لكن المساس المنهجي بالإدارة الأميركية بدأ يُحدث صدعاً فيها لا يجوز السماح به.

لكن اليمين الحاكم في إسرائيل لا يهتز من هذه الموجة النقدية. وقادته يؤمنون بأنهم مقربون من الحزب الجمهوري والتيار الأنغليكاني الصهيوني في الولايات المتحدة. وينتظرون عودة دونالد ترمب أو أي منافس جمهوري آخر إلى البيت الأبيض «حتى يعود الانسجام الكامل في العلاقات بين الحكومتين». ويركنون إلى أن الكونغرس الأميركي يخالف إدارة بايدن الرأي في الحسابات مع حكومة نتنياهو. ويعتبرون تصرفاتهم «مغامرة محسوبة».