القوميون يتموضعون في قلب معركة «جولة الإعادة» في تركيا

إردوغان التقى أوغان... وكليتشدار أوغلو زار ضريح أتاتورك

احتشاد عشرات الأشخاص خارج ضريح أتاتورك في أنقرة (أ.ف.ب)
احتشاد عشرات الأشخاص خارج ضريح أتاتورك في أنقرة (أ.ف.ب)
TT

القوميون يتموضعون في قلب معركة «جولة الإعادة» في تركيا

احتشاد عشرات الأشخاص خارج ضريح أتاتورك في أنقرة (أ.ف.ب)
احتشاد عشرات الأشخاص خارج ضريح أتاتورك في أنقرة (أ.ف.ب)

تحول تحالف «أتا» (الأجداد) اليميني القومي، ومرشحه للرئاسة في الجولة الأولى سنان أوغان، إلى محور تنافس بين كل من الرئيس رجب طيب إردوغان ومنافسه مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو على بعد أيام من جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة في تركيا، التي ستعقد في 28 مايو (أيار) الحالي.

وبعد وقت قصير من إعلان إردوغان أنه «ليس من الأشخاص الذين يحبون هذا النوع من المفاوضات»، أعلن عن لقائه أوغان الذي حصل على مليونين و800 ألف صوت، في مكتبه بقصر دولمه بهشه الرئاسي في إسطنبول.

تحالفات جديدة

قبل لقاء إردوغان وأوغان، بدا أن تحالف «الشعب» الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، أغلق الباب أمام الجلوس مع أوغان وبحث مطالبه التي تتعارض في بعضها مع تشكيل التحالف ذاته، مثل الابتعاد عن الأحزاب التي تشكل «امتدادا للإرهاب»، في إشارة إلى حزب «الدعوة الحرة» (هدى بار) الذي خاض الانتخابات البرلمانية على قائمة العدالة والتنمية، والخلاف بشأن ترحيل اللاجئين وبعض مواد الدستور.

ووصف رئيس حزب «الحركة القومية» أكبر شركاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في تحالف «الشعب»، دولت بهشلي، أوغان بـ«الانتهازي العاجز». ودبت خلافات عميقة، في السابق بين أوغان وبهشلي، منذ بدأ الأخير تأييد توجه إردوغان لإقرار النظام الرئاسي عقب انتخابات عام 2015، حيث تم طرده من الحزب وعاد إليه بقرار قضائي، ثم تجدد الخلاف عن طرح التعديلات الدستورية للانتقال إلى النظام الرئاسي في 2017، وتم طرده ومجموعة من رفاقه من «الحركة القومية» بلا رجعة.

من جانبه، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مقابلة تليفزيونية ليل الخميس إلى الجمعة، إنه أجرى اتصالا مع أوغان عقب الجولة الأولى من الانتخابات لتهنئته بالأصوات التي حصل عليها، والتي وصلت إلى نسبة 5.17 في المائة، لكنه لم يتطرق إلى مسألة عقد لقاء بينهما، مشيرا إلى أن تحالف «الشعب» هو تحالف مبادئ لا مصالح، ولا يقبل الدخول في مفاوضات هدفها المصالح.

وسبق لقاء إردوغان وأوغان في إسطنبول، لقاء عقده كليتشدار أوغلو، الجمعة، مع رئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، الذي يقود حزبه تحالف «أتا». ويضمّ هذا التحالف الذي رشّح سنان أوغان للرئاسة، 3 أحزاب أخرى هي «العدالة» و«بلدي» و«تحالف تركيا». وعقب اللقاء، الذي استمر ساعة ونصف الساعة بمقر حزب «النصر» في أنقرة، قال كليتشدار أوغلو، في إفادة مشتركة للصحافيين، إن «الاجتماع كان مثمرا، وناقشنا مشاكل تركيا والعالم، وأجرينا تقييمات حول الانتخابات، وأبلغت رئيس تحالف (أتا) بآراء قادة تحالف الأمة وعملنا وأفكارنا حول نص الاتفاقية المشتركة وأفكارنا حول التعديل الدستوري».

من جانبه، قال أوزداغ: «كان لدينا بعض الأسئلة، وتلقينا إجابات مفصلة وسنقوم بإجراء تقييمات مع لجاننا المعتمدة في إطار الاستجابة التي تلقيناها. بالطبع، قمنا بإجراء تقييم مع قادة الأحزاب السياسية الأخرى التي تشكل تحالف آتا ومع السيد سنان أوغان قبل هذا الاجتماع، وسنقوم بإجراء تقييم مرة أخرى بعد هذا الاجتماع وسنشارك موقفنا مع الجمهور في وقت قصير».

احتدام السباق الانتخابي

اشتدت حدّة السباق الانتخابي بين كليتشدار أوغلو وإردوغان، مع اقتراب موعد جولة الإعادة. وزار مرشح المعارضة ضريح مؤسس الجمهوري التركية، مصطفى كمال أتاتورك، بمناسبة الذكرى 104 لوصوله إلى سامسون بمنطقة البحر الأسود في شمال تركيا، حيث أطلق حرب التحرير عام 1919. وأعلن هذا اليوم عيدا للشباب والرياضة. واحتشد الآلاف من الشباب خلال زيارة كليتشدار أوغلو لضريح أتاتورك، حيث وضع إكليلا من الزهور على قبره. وكتب على «تويتر»: «كما قال قائدنا العظيم (مصطفى كمال أتاتورك)، تستعد تركيا لكتابة تاريخ مع شبابها ضد الشرور الداخلية والخارجية. سوف نسير بعزم، ونحافظ على أملنا وسنعمل على إبقاء الواجب التاريخي الذي أعطاه أتاتورك للشباب حيا».

بدوره، هنّأ إردوغان المواطنين بمناسبة عيد الشباب والرياضة. وقال في رسالة: «أستذكر بإجلال جميع أبطال حرب الاستقلال، وفي مقدمتهم مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك». وعبر إردوغان عن ثقته الكبيرة بالشباب، وتعهد تقديم المزيد من الدعم لهم، قائلا: «نضع أكبر ثقة في الشباب عندما نرسم وننفذ قفزات الديمقراطية والتنمية لبلادنا... كلما نمت وتطورت بلادنا، سنقدم المزيد من الدعم لشبابنا كي يتمكنوا من تحقيق أحلامهم».

وحث إردوغان الناخبين الأتراك في الخارج على التوجه إلى صناديق الاقتراع في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حيث يبدأ تصويتهم فيها السبت وحتى 24 مايو. وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «أنتظر منكم إظهار إرادتكم بشكل قوي للمرة الثانية، وأنا على ثقة بأننا سنتجاوز هذا الاختبار أيضا». وأشاد بالمشاركة القياسية للناخبين بالخارج خلال الجولة الأولى.

وفي لقائه مع شبكة «سي إن إن»، عبّر إردوغان عن ثقته بأن الشعب سيظهر قوة الديمقراطية التركية في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كما أظهرها في الجولة الأولى بنسبة مشاركة اقتربت من 90 في المائة، وهي نسبة ليس لها نظير في العالم من قبل. وعن تنديده بتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وصف نظيره التركي بـ«الديكتاتور»، قال إردوغان: «هل يمكن لشخص يذهب إلى الجولة الثانية من الانتخابات أن يكون ديكتاتوراً؟ أي نوع من الديكتاتورية هذا؟».

وبشأن ما إذا كان سيعمل مع إدارة بايدن في حال انتخابه مجددا، أكد إردوغان أنه «سيعمل مع إدارة بايدن، أو أي شخص يأتي بعده إلى البيت الأبيض».


مقالات ذات صلة

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)

خلاف مبطن بين إردوغان وبهشلي قد يقود لانتخابات مبكرة في تركيا

تصاعدت حدة الجدل في تركيا حول تصريحات رئيس حزب «الحركة القومية» بأن هدف الدستور الجديد الذي يجري إعداده هو ترشيح الرئيس رجب طيب إردوغان للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال احتفال تركيا بذكرى تأسيس الجمهورية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

بهشلي يشعل جدلاً جديداً: دستور تركيا الجديد هدفه إبقاء إردوغان رئيساً

فجر رئيس حزب "الحركة القومية" جدلا جديدا في تركيا بإعلانه أن هدف الدستور الجديد للبلاد سيكون تمكين الرئيس رجب طيب إردوغان من الترشح للرئاسة مجددا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسة بلدية بطمان جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رؤساء 3 بلديات موالين للأكراد

شهدت تركيا مصادمات عنيفة بين الشرطة ومحتجين على عزل 3 رؤساء بلديات من حزب موالٍ للأكراد، مع استمرار التوتر على خلفية اعتقال أحد رؤساء البلديات في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
TT

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي مع قيامه بلعب دور الضحية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وارتفع بمقعدين اثنين خلال الأسبوع الأخير في استطلاعات الرأي، لكنه ظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن أغلبية 57 في المائة من الجمهور أصبحت تؤيد الجهود للتوصل إلى تسوية مع لبنان (بزيادة 12 في المائة عن الأسبوع الأسبق)، في حين أن نسبة 32 في المائة تؤيد موقف اليمين المعارض لهذه التسوية. وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن هؤلاء المؤيدين ساهموا في رفع نتيجة نتنياهو من 23 إلى 25 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، وفي رفع نتيجة أحزاب ائتلافه الحاكم من 48 إلى 50 مقعداً (يوجد له اليوم 68 مقعداً). وفي حالة كهذه، لن يستطيع تشكيل حكومة.

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه «معهد لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أنه في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، بخوض الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً، في حين يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. ويحظى بنيت بـ24 مقعداً، وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وفي تفاصيل الاستطلاع، سئل المواطنون: «لو أُجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنتَ ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً (أي إنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (يوجد له اليوم 24 مقعداً)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 12 مقعداً (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 مقاعد (يوجد له اليوم 10 مقاعد)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 8 مقاعد (يوجد له اليوم 7 مقاعد)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد؛ أي إنهما يحافظان على قوتهما، في حين يسقط حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة جدعون ساعر، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، ولا يجتاز أي منهما نسبة الحسم التي تعادل 3.25 بالمائة من عدد الأصوات الصحيحة.

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 مقعداً، و«الليكود» 21 مقعداً، و«المعسكر الرسمي» 14 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 12 مقعداً، و«الديمقراطيون» 9 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» 7 مقاعد، و«عظمة يهودية» 7 مقاعد، و«الجبهة/العربية» 5 مقاعد، و«الموحدة» 5 مقاعد. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وتعتبر هذه النتائج مزعجة لنتنياهو؛ ولذلك فإنه يسعى بكل قوته ليبقي على ائتلافه الحكومي، حتى نهاية الدورة الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وهو يدرك أن بقاءه في الحكم خلال السنتين القادمتين، مرهون باستمرار الحرب؛ لأنه مع وقف الحرب ستتجدد ضده حملة الاحتجاج الجماهيرية بهدف إسقاط حكومته وتبكير موعد الانتخابات. وقد ثبت له أن الحرب هي التي تمنع الإسرائيليين من الخروج للمظاهرات ضده بمئات الألوف، كما فعلوا قبل الحرب، مع أن العديد من الخبراء ينصحونه بفكرة أخرى، ويقولون إن وقف الحرب باتفاقات جيدة يقوّي مكانته أكثر، ويمكن أن يرفع أسهمه أكثر. وفي هذا الأسبوع، يقدمون له دليلاً على ذلك بالتفاؤل باتفاق مع لبنان.