كليتشدار أوغلو يُغيّر فريقه... وإردوغان واثق بالحسم

تساؤلات حول شكل السياسة الخارجية لتركيا حال فوز المعارضة

 صورتان للرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول (رويترز)
صورتان للرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول (رويترز)
TT

كليتشدار أوغلو يُغيّر فريقه... وإردوغان واثق بالحسم

 صورتان للرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول (رويترز)
صورتان للرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول (رويترز)

كثّف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومنافسه مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو تحركاتِهما استعداداً لخوض الدور الثاني من انتخابات الرئاسة، المقرر يوم 28 مايو (أيار) الحالي.

وعقد إردوغان، أمس (الثلاثاء)، لقاءين مع رئيسي حزبي «الحركة القومية» دولت بهشلي، و«الوحدة الكبرى» مصطفى ديستيجي، الشريكين في «تحالف الشعب» لبحث خطة التحرك في جولة الإعادة، بعد أن ترأس، ليل الاثنين - الثلاثاء، اجتماعاً للجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية جرى خلاله تقييم الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت الأحد، والاستعدادات لجولة الإعادة.

وبدا إردوغان واثقاً بالفوز في جولة الإعادة؛ إذ كتب على «تويتر» أمس (الثلاثاء): «حان الوقت لتتويج النجاح الذي تحقق في انتخابات 14 مايو، بفوز أكبر».

في المقابل، ترأس كليتشدار أوغلو اجتماعاً لقيادات وكبار المسؤولين في «حزب الشعب الجمهوري» لبحث الاستراتيجية التي سيتبعها الحزب و«تحالف الأمة» في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، وذلك بعد اجتماع للقيادة المركزية للحزب، مساء الاثنين، تم خلاله إجراء مراجعة شاملة حول أسباب عدم قدرتهم على الفوز بانتخابات الرئاسة في الجولة الأولى.

وأجرى كليتشدار أوغلو تغييرات في فريق حملته الانتخابية، على ضوء ما حدث في الجولة الأولى، فأقال كلاً من أكان أبدولا وعلي كيراميتشي أوغلو، اللذين كانا يديران حملته الانتخابية خلال الفترة الماضية، وعيّن بدلاً منهما رئيسة فرع حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول جانان قفطانجي أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، لإدارة الحملة بجولة الإعادة.

في الأثناء، طفت على السطح تساؤلات عدة حول الصورة التي ستكون عليها السياسة الخارجية لتركيا حال فوز كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة. وسبق لكليتشدارأوغلو أن أعلن أنَّ «تحالف الأمة» سيُغيّر السياسة الخارجية 180 درجة إذا فاز بالانتخابات. وعبّر عن رفضه لسياسة إردوغان تجاه مصر، وكذلك بالنسبة لسوريا، وإرسال الجيش التركي إلى ليبيا. وتساءل كليتشدار أوغلو عن أسباب إرسال الجيش التركي إلى الصحراء في ليبيا، وما هو شأنهم هناك، وكذلك بالنسبة لسوريا والعراق.

وتوقع محللون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يحافظ كليتشدار أوغلو، في حال فوزه، على ضمان سياسة خارجية متوازنة لتركيا لا تنحصر في إطار «مؤيد للشرق أو مؤيد للغرب»، وأن يتبع سياسة تميل للتعامل الدبلوماسي مع الملفات والقضايا المختلفة من دون إقحام تركيا في تدخلات تؤثر سلباً على مصالحها أو تسلمها إلى العزلة. (تفاصيل ص 11)


مقالات ذات صلة

اشتعال المناقشات حول الدستور وحل المشكلة الكردية في تركيا

شؤون إقليمية مساعي ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا للمرة الرابعة تفجر جدلاً واسعاً (الرئاسة التركية)

اشتعال المناقشات حول الدستور وحل المشكلة الكردية في تركيا

أشعلت محاولات حزب «العدالة والتنمية» وحليفه «الحركة القومية» لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح لرئاسة تركيا مجدداً، نقاشاً حاداً داخل البرلمان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)

جدل في تركيا حول دعوة أوجلان للحديث أمام البرلمان

رفضت أحزاب تركية الدعوة التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، للسماح لزعيم حزب «العمال» الكردستاني، السجين عبد الله أوجلان، للحديث أمام البرلمان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية كليتشدارأوغلو أثناء تقييم دفاعه أمام المحكمة 22 نوفمبر الماضي في دعوى أقامها ضده الرئيس رجب طيب إردوغان (موقع حزب الشعب الجمهوري)

تركيا: كليتشدار أوغلو يواجه أحكاماً بالسجن والحظر السياسي 65 سنة

يواجه رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، المرشح الرئاسي السابق في تركيا، كمال كليتشدار أوغلو، قضايا قد تقوده إلى السجن لمدة 65 سنة، وحظر نشاطه السياسي لفترة مماثلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

أشعلت تصريحات لكبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول فتح الطريق لترشيحه للرئاسة لولاية جديدة جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يسعى لرئاسة تركيا مجدداً في 2028 (الرئاسة التركية)

إردوغان يسعى لولاية رئاسية جديدة عبر مبادرة حليفه للحوار مع أوجلان

وسط الجدل المتصاعد في تركيا حول القضية الكردية وعقد لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني، كشف كبير مستشاري الرئيس رجب طيب إردوغان عن خطة لترشحه للرئاسة مجدداً

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.