«الثقافة» السعودية تحتفي بـ«طَرْفة بن العبد» نوفمبر المقبل

أنشطة وفعاليات متنوعة تجسد حياة الشاعر وقصائده الشهيرة

يُعدّ الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام (وزارة الثقافة)
يُعدّ الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام (وزارة الثقافة)
TT

«الثقافة» السعودية تحتفي بـ«طَرْفة بن العبد» نوفمبر المقبل

يُعدّ الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام (وزارة الثقافة)
يُعدّ الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام (وزارة الثقافة)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بشخصية الشاعر طَرفَة بن العبد، وسيرته، وحياته، وأعماله الخالدة في ذاكرة الشعر العربي، عبر مهرجان يحمل اسمه، خلال الفترة بين 16 و24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في مدينة الأحساء، وذلك ضمن احتفائها برموز الشعر، وبأهمية المعلّقات السبع التي جسّدت عظمة اللغة العربية وجمالَها، وأبرزت جودة خصائصها البلاغية.

ويتضمن المهرجان حزمة أنشطة وفعاليات في مناطق متنوعة، تسعى من خلالها الوزارة لتجسيد حياة الشاعر وقصائده الشهيرة، حيث تأخذ الزائر في رحلةٍ ثقافية إبداعية بقوالب مُثرية، منها منطقة العرض المسرحي التي ستُقدَّم فيها مسرحية عن الشاعر، ويشهد بمنطقة «مسرح الشاعر»، مجموعة أمسيات شعرية وندوات علمية تناقش موضوعات مرتبطة بشعر وحياة طرفة.

وتُقدم فِرق موسيقية سعودية عروضاً حيّة بمنطقة «المشاهد الأدائية»، تتضمن عزف وغناء بعض من أشعار طرفة، بينما تضم منطقة «الحِرف» مشغولاتٍ يدوية، وصناعاتٍ، ومِهَناً، وأعمالاً شعبية تُصنَع باهتمامٍ على أيدي حِرفيين وحرفيات من الأحساء، كما تشمل مناطق السوق فعاليات متنوعة؛ كوِرش عمل لتعليم فن إلقاء الشعر، وكتابة القصائد، وتجسيد الشاعر في عيون الرسامين، وأنشطة تفاعلية أخرى.

وتمزج منطقة الأطفال عنصر التسلية بالتعليم، وتعزز مهاراتهم الفنية الحسيّة، وتنقل الفنون التقليدية لهم بطريقةٍ مبسطة، كما تقدم تجارب تعليمية، حيث يخوضون رحلة علمية ممتعة يتنقلون من خلالها عبر ممرات تحتوي على توجيهات ومعلومات عن الشاعر؛ لإيجاد الطريق الصحيح، والوصول إلى النهاية، وركن الرسم والتلوين ليستلهموا رسوماتهم من عالم طرفة، ثم يمرون بمسرح العرائس، وأركان الراوي والتصوير والخط العربي، فضلاً عن ورشة في إلقاء الشعر؛ لتعليم الأطفال أساسيات الإلقاء، وفهم الأوزان الشعرية؛ لتعزيز ثقتهم، وطلاقتهم اللغوية أمام الجمهور.

ويتعرّف الزائر في المنطقة المخصصة للأكل المحلي، على المطبخ التقليدي المرتبط بتراث المنطقة الشرقية، والأحساء تحديداً، وستتنوع الأطباق والأكلات، وتتسابق أسرار المطبخ إلى الكشف عن أصالته وتنوعه، واعتماده على المكونات الرئيسية التي تزخر بها المدينة؛ مثل التمر والأرز الحساوي، كما يستمع إلى روايات وحكايات من قِبل الطباخين حول هذا المطبخ ومميزاته.

ويُعدّ الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام، وعُرف منذ صغره بحِدة الذكاء ونقاء الذهن، إلّا أن حالة اليُتم وظلمَ أعمامه الذين سلبوه نصيبه من إرث أبيه جعلاه ينغمس في حياة الإهمال والتشرد والتمرد، حتى قُتل بسبب هجائه لعمرو بن هند وأخيه قابوس في سنٍّ يناهز السادسة والعشرين، وتبدأ مُعلّقته المشهورة بالبيت الشعري: لِخَولَةَ أطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدٍ ... تَلُوحُ كَبَاقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.

وتعود قصة سبب نظم معلَّقته إلى ما لَقِيَه من ابن عمه من سوء معاملة، والتقصير، والبخل، والالتواء عن المودة، وقد حملت معلقته فوائد تاريخية متعددة، وصوّرت جوانبَ واسعةً من أخلاق العرب الكريمة؛ لتُطلِعَ الأجيال على ما كان للعرب من فطنةٍ ومَلاحةٍ وحِكمة. كما يُفضّل بعض النقاد معلّقته على جميع الشعر في عصر ما قبل الإسلام؛ لما فيها من الشعر الإنساني، والعواطف الجيّاشة، والثراء في معاني الحياة والموت، وجمال الوصف، وبراعة التشبيه، والشرح الوافي لأحوالِ نفسٍ شابة وقلبٍ متوثِّب.

كانت وزارة الثقافة قد أطلقت مبادرة «مسار الشعر العربي» لتحتفي من خلالها برموز الشعر العربي؛ إيماناً منها بأهمية الشعر والشعراء في التاريخ الثقافي للسعودية، ورغبةً في إظهار إرثها الثقافي العريق، وإعادة تقديمه في قوالب إبداعية معاصرة عبر استخدام التقنية الحديثة، إلى جانب تمكين المواهب، واستثمار الطاقات الخلّاقة نحو تحقيق أهداف الوزارة في تعزيز الهوية الوطنية، وتحويل الثقافة إلى نمط حياة؛ وذلك لتوثيق الروابط التاريخية بين شُعراء العرب الأوائل، والمواقع الجغرافية المرتبطة بهم، وتفعيلها بما يُثري الحراك الثقافي والتراثي للمملكة.


مقالات ذات صلة

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يوميات الشرق نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يحتفل الأمازيغ حول العالم بعيد رأس السنة الأمازيغية المعروفة باسم «يناير» في 12 أو 13 من يناير التي توافق هذه السنة عام 2975 بالتقويم الأمازيغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تشارك الأوركسترا والكورال الوطني بأعمال تعكس جمال التراث الثقافي السعودي (هيئة الموسيقى)

بعد نجاحاتها العالمية... الرياض تحتفي بـ«روائع الأوركسترا السعودية»

يتجدد الإبداع الموسيقي مع حفل «روائع الأوركسترا السعودية» الذي يستضيفه مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض خلال الفترة بين 16 و18 يناير الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق رسومات لطلبة المدرسة السعودية في إسلام آباد تبرز عمق علاقات البلدين (الشرق الأوسط)

«جداريات إبداعية» توطّد العلاقات السعودية - الباكستانية

دشّن نواف المالكي، السفير السعودي لدى باكستان، الخميس، مبادرة «جداريات إبداعية» التي تعكس حرص البلدين على توطيد علاقاتهما في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
TT

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة

أسفرت عمليات التنقيب المتواصلة في موقع مليحة الأثري التابع لإمارة الشارقة عن العثور على مجموعات كبيرة من اللقى المتعدّدة الأشكال والأساليب، منها مجموعة مميّزة من القطع البرونزية، تحوي 3 كسور تحمل نقوشاً تصويرية، ويعود كلّ منها إلى إناء دائري زُيّن برسوم حُدّدت خطوطها بتقنية تجمع بين الحفر الغائر والحفر الناتئ، وفقاً لتقليد جامع انتشر في نواحٍ عدة من شبه جزيرة عُمان، خلال الفترة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد.

أصغر هذه الكسور حجماً قطعة طولها 4.5 سنتيمتر وعرضها 10 سنتيمترات، وتمثّل رجلاً يركب حصاناً وآخر يركب جملاً. يظهر الرجلان في وضعية جانبية ثابتة، ويرفع كلّ منهما رمحاً يسدّده في اتجاه خصم ضاع أثره ولم يبقَ منه سوى درعه. وصلت صورة راكب الحصان بشكل كامل، وضاع من صورة راكب الجمل الجزء الخلفي منها. الأسلوب متقن، ويشهد لمتانة في تحديد عناصر الصورة بأسلوب يغلب عليه الطابع الواقعي. يتقدّم الحصان رافعاً قوائمه الأمامية نحو الأعلى، ويتقدّم الجمل من خلفه في حركة موازية. ملامح المقاتلين واحدة، وتتمثّل برجلين يرفع كل منهما ذراعه اليمنى، شاهراً رمحاً يسدّده في اتجاه العدو المواجه لهما.

الكسر الثاني مشابه في الحجم، ويزيّنه مشهد صيد يحلّ فيه أسد وسط رجلين يدخلان في مواجهة معه. يحضر الصيّادان وطريدتهما في وضعيّة جانبية، ويظهر إلى جوارهم حصان بقي منه رأسه. ملامح الأسد واضحة. العين دائرة لوزية محدّدة بنقش غائر، والأنف كتلة بيضاوية نافرة. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان عن أسنان حادة. تحدّ الرأس سلسلة من الخصل المتوازية تمثل اللبدة التي تكسو الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة. الظهر مقوّس بشكل طفيف، ويظهر في مؤخرته ذيل عريض، تعلو طرفه خصلة شعر كثيفة. الجزء الأسفل من البدن مفقود للأسف، وما بقي منه لا يسمح بتحديد وضعية القوائم الأربع.

في مواجهة هذا الليث، يظهر صياد يرفع بيده اليمنى ترساً مستديراً. في المقابل، يظهر الصياد الآخر وهو يغرز خنجره في مؤخرة الوحش. بقي من الصياد الأول رأسه وذراعه اليمنى، وحافظ الصياد الآخر على الجزء الأعلى من قامته، ويتّضح أنه عاري الصدر، ولباسه يقتصر على مئزر بسيط تعلوه شبكة من الخطوط الأفقية. ملامح وجهَي الصيادين واحدة، وتتبع تكويناً جامعاً في تحديد معالمها. من خلف حامل الخنجر، يطل رأس الحصان الذي حافظ على ملامحه بشكل جلي. الأذنان منتصبتان وطرفهما مروّس. الخد واسع ومستدير. الفم عريض، وشق الشدقين بارز. اللجام حاضر، وهو على شكل حزام يلتفّ حول الأنف. تعلو هذه الصورة كتابة بخط المسند العربي الجنوبي تتألف من ستة أحرف، وهي «م - ر - أ - ش - م - س»، أي «مرأ شمس»، ومعناها «امرؤ الشمس»، وتوحي بأنها اسم علم، وهو على الأرجح اسم صاحب الضريح الذي وُجد فيه هذا الكسر.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان

الكسر الثالث يمثّل القسم الأوسط من الآنية، وهو بيضاوي وقطره نحو 14 سنتيمتراً. في القسم الأوسط، يحضر نجم ذو 8 رؤوس في تأليف تجريدي صرف. وهو يحل وسط دائرة تحوط بها دائرة أخرى تشكّل إطاراً تلتف من حوله سلسلة من الطيور. تحضر هذه الطيور في وضعية جانبية ثابتة، وتتماثل بشكل تام، وهي من فصيلة الدجاجيات، وتبدو أقرب إلى الحجل. تلتف هذه الطيور حول النجم، وتشكّل حلقة دائرية تتوسط حلقة أخرى أكبر حجماً، تلتف من حولها سلسلة من الجمال. ضاع القسم الأكبر من هذه السلسلة، وفي الجزء الذي سلم، تظهر مجموعة من ثلاثة جمال تتماثل كذلك بشكل تام، وهي من النوع «العربي» ذي السنام الواحد فوق الظهر، كما يشهد الجمل الأوسط الذي حافظ على تكوينه بشكل كامل.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً، كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان. خرجت هذه الشواهد من المقابر الأثرية، ويبدو أنها شكلت جزءاً من الأثاث الجنائزي الخاص بهذه المقابر في تلك الحقبة من تاريخ هذه البلاد. عُثر على هذه الكسور في موقع مليحة، وفي هذا الموقع كذلك، عثر فريق التنقيب البلجيكي في عام 2015 على شاهد يحمل اسم «عامد بن حجر». يعود هذا الشاهد إلى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، ويحمل نقشاً ثنائي اللغة يجمع بين نص بخط المسند الجنوبي ونص بالخط الآرامي في محتوى واحد. يذكر هذا النص اسم «عمد بن جر»، ويصفه بـ«مفتش ملك عُمان»، ونجد في هذا الوصف إشارة إلى وجود مملكة حملت اسم «مملكة عُمان».

ضمّت هذه المملكة الأراضي التي تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحّدة، كما ضمّت الأراضي التي تعود إلى شمال سلطنة عُمان، وشكّلت استمرارية لإقليم عُرف في النصوص السومرية باسم بلاد ماجان. جمعت هذه المملكة بين تقاليد فنية متعدّدة، كما تشهد المجموعات الفنية المتنوّعة التي خرجت من موقع مليحة في إمارة الشارقة، ومنها الأواني البرونزية التي بقيت منها كسور تشهد لتقليد فني تصويري يتميّز بهوية محليّة خاصة.