خطوات حذرة لـ«مهرجان برلين الدولي» الـ74

افتُتح بفيلم عن عائلة ألمانية تستقبل مهاجرة سورية

«الضوء» فيلم الافتتاح (أ آر پي)‬
«الضوء» فيلم الافتتاح (أ آر پي)‬
TT

خطوات حذرة لـ«مهرجان برلين الدولي» الـ74

«الضوء» فيلم الافتتاح (أ آر پي)‬
«الضوء» فيلم الافتتاح (أ آر پي)‬

تتسلم تريشيا تاتَل، مديرة «مهرجان برلين الدولي» الجديدة مهاماً صعبة العام الحالي، بعضها إداريٌّ وبعضها سياسيٌّ. وقد بدأ المهرجان دورته الـ74 مساء يوم الخميس. والأجواء المحيطة به لا تزال متفائلة، بيد أنها أيضاً، حذرة.

هذه الأجواء ليست جديدة. كلُّ ما في الأمر أن الأحداث التي يشهدها العالم تُلقي بظلالها على مهرجانٍ طالما عرض أفلاماً سياسيةَ الطّابع وتعرّض أحياناً لاحتجاجات حولها.

في عام 1992 تولّى السويسري موريتز دِي هاديلن إدارة هذا المهرجان حتى عام2001، منذ بداية عمله وُوجِه دِي هاديلن بانتقادات حادّة عندما اختار سنة 1981 فيلماً ألمانياً واحداً لعرضه في المهرجان، مما أثار حنق الفنانين والإعلاميين الألمان على حد سواء. وفي عام 2001، تحت إدارة الألماني دييتر كوزلِيك انسحبت كل الكتلة الأوروبية الشرقية من المهرجان احتجاجاً على عرض فيلم مايكل شيمينو «صائد الغزلان» (The Deer Hunter).

على أن المهرجان، في الثمانينات والتسعينات بلغ أوجه من الأهمية والقمة من حيث مستوى عروضه منافساً كل من «ڤينيسيا» و«كان» بجدارة، خصوصاً أن كوزلِيك قرَّر أن المهرجان الألماني عليه أن يعتني بناحيتين أساسيتين: الأولى استقبال أفلام ألمانية لمخرجين جدد، بل أسّس قسماً خاصاً بغرض عرض بانوراما للسينما الألمانية لأنه أرادها أن تأتي أولاً. الناحية الثانية تقليل عدد الاشتراكات الآتية من هوليوود للحد من هيمنتها الإعلامية. لم يكن يرغب في أن يكون نسخة من «كان» أو «ڤينيسيا»، بل هدف صوب حدث كبير ومختلف وكان له ما أراد.

السنوات الفاصلة بين تركه الإدارة سنة 2019 وتسلم المديرة الجديدة تريشيا الإدارة في العام الماضي (هذه الدورة هي الأولى لها) شهِد المهرجان منخفضات أرضية أعاقت نموّه. بدأت بانتشار «كوفيد - 19» واستمرت إلى الدورة الأخيرة من المهرجان في فبراير (شباط) 2024.

جورج خباز وهانا شيغولا في «يونان» (ريد بالون فيلم)

خطان متلازمان

ما تواجهه تريشيا حالياً هو تقديم دورة ناجحة بكل مقاييس النجاح الضرورية، وفي مقدّمتها توفير أفلام أهم من تلك التي سادت السنوات القليلة الماضية واختياراتها ومساعدوها يؤكدون هذا المسعى.

الأمر الآخر الذي تواجهه هو سياسي. لقد مرّ عام والحرب في فلسطين ما زالت مستعرة. جلبت تلك الحرب خطابات مؤيدة للفلسطينيين في حفل الختام، مما أزعج الحكومة الألمانية التي كانت أبدت تأييداً كبيراً للحكومة الإسرائيلية. هذه رأت أن الفائزين بالجوائز خرجوا عن تقاليد المهرجان ودوره عندما تباروا لتأييد الفلسطينيين. بعض الإعلاميين وصفهم بالتهمة الجاهزة وهي «معاداة السامية». كذلك طلبت الحكومة (وهي مصدر التمويل الأول للمهرجان) إيضاحاً من قبل إدارته السابقة وإجابات.

هذا يعني أن تريشيا تنظر اليوم بعين الحذر إلى ما إذا كان المهرجان سينتهي في 23 من هذا الشهر بمظاهرة أخرى، وكيف ستستطيع مواجهة ذلك قبل وقوعه. هي، والمهرجان برمّته، بين خطين متلازمين: حق الجميع بإبداء الرأي والخوف من تداعيات هذا الحق حتى لا يظهر المهرجان كما لو كان شريكاً فيه.

مستقبل المهرجان ومنهجه مرتبطان، جزئياً على الأقل، بنتائج تلك الانتخابات. لكن مهما تكن النتائج فإن على الإدارة الجديدة أن تُبرهن عن نجاح دورة حاسمة تُعيد الأضواء إليه بعد انحسار.

«المنزل الآمن» (آر كي 2)

سوريّة في ألمانيا

في سبيل ذلك، اختارت تريشيا الفيلم الألماني «الضوء» (The Light) للافتتاح.

موضوع هذا الفيلم لا يختلف عن كل ما سبق من حيث تواصله مع الموضوعات المقلقة في العالم. توم تيكوير يعود بعد انقطاع 9 سنوات لتقديم حياة عائلة ألمانية تتعرّف على أوجاع العالم الجديد من خلال مشرفة البيت السورية المهاجرة. وهذه ثالث مرّة يُفتتح «مهرجان برلين» بفيلم من إخراج تيكوير. الأولى سنة 2002 عندما قدّم «الجنّة» (Heaven) والثانية في 2009 عبر فيلمه «الدولي» (The International).

في «يونان»، ثاني أفلام أمير فخر الدين (من بعد «الغريب» قبل 34 سنوات). الفيلم الجديد من إنتاج متعدد الدول (ألمانيا، والسعودية، وقطر، وفلسطين، وكندا، وإيطاليا والأردن) ويدور حول مهاجر عربي قانط من الحياة يتوجه إلى جزيرة نائية لينتحر فيها هرباً من همومه.

فيلم آخر عن وضع متقلّب يكمن في فيلم «BLKNWS» لخليل جوزيف الذي يستعرض تجربة الأفرو- أميركيين في الولايات المتحدة دامجاً الروائي مع التسجيلي والرسوم المتحركة.

في (How to Be Normal and the Oddness of the Other World) «كيف تكون عادياً وفرادة العالم الآخر» للنمساوي فلوريان بوشلاتكو لا يتحاشى الترميز لمشكلات المجتمع الحاضرة.

الحال أن كثيراً من الأفلام التي ستتوالى خلال الأيام العشرة المقبلة، تدور حول معضلات مجتمعات وعن شخصيات تعتقد أنها حققت ما ترغب لتجد أنها ما زالت في دوامة المتغيرات المحيطة. هذا ينطبق على الفيلم السويسري- الفرنسي المشترك «المنزل الآمن» (The Safe House) لليونيل بايَر عن عائلة تجد نفسها وسط عاصفة اجتماعية في منتصف الستينات، و«تايمز ستامب» لكاترينا غورنوستال (أوكرنيا) الذي يتناول، بطبيعة الحال، الوضع الناتج عن الحرب الدائرة هناك.


مقالات ذات صلة

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

يوميات الشرق إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

جدّد حديث المخرج المصري عمرو سلامة عن الفنان المصري الراحل إسماعيل ياسين خلال حضوره ضيفاً على «ليك لوك 3» أزمة انتقاد رموز الفن المصري.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

«طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)
«طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)
TT

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

«طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)
«طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان». من «ڤينيسيا» الإيطالي إلى «كان» الفرنسي، ومن «مهرجانات البحر الأحمر» و«مراكش» و«القاهرة» و«قرطاج» إلى مهرجانات «كارلوڤي ڤاري» و«لوكارنو» و«نيويورك» و«سان فرنسيسكو» وألوف سواها من بينها عشرات لا بدّ من متابعتها وحضورها.

«كان» يبقى وسطها أفقياً وفي المقدّمة عمودياً. الحدث الذي يسعى إليه أولاً كل منتج ومخرج. بالتالي تجد أهم الأفلام المنتجة عالمياً سبيلها للعرض على شاشات هذا الحدث الكبير. في حفل الأوسكار الأخير 9 أفلام عُرِضت في «كان» 2024 بينها ما فاز بجوائز ذلك المحفل الأميركي.

هذا العام بدأت الأفلام الجديدة تحوم حول الدورة الـ78 المقبلة. بعضها صار جاهزاً وبعضها الآخر ما زال في مراحل ما بعد التَّصوير. التالي 12 فيلماً من بين نحو 40 فيلماً يتنافس «كان» و«ڤينيسيا» على استقطابها.

Calle Malaga -1

هذا هو الفيلم الجديد للمخرجة المغربية مريم توزاني التي كانت شاركت سنة 2022 بفيلمها الجيد «القفطان الأزرق». يدور «شارع مالاغا» حول امرأة تعيش في طنجة وترفض محاولات ابنتها لبيع المنزل والانتقال إلى مدينة أخرى، وعندما تبيع الابنة أثاث البيت تبحث الأم عن المشتري لتستعيده.

المخرجة السعودية هيفاء المنصور

Unidentified-2

‫فيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور الجديد؛ «مجهولة الهوية» هو حكاية لغزية بوليسية حول جثة امرأة وُجِدت في منطقة غير مأهولة من دون هوية. عرضت هيفاء المنصور أفلامها السابقة (بدءاً من «وجدة» سنة 2012) في مهرجان «ڤينيسيا»، بيد أن هناك مصادر تُعزِّز احتمال انتقالها إلى المهرجان الفرنسي هذه المرّة.‬

The Avenging Silence-3

الفيلم الأول للمخرج الدنماركي نيكولاس ويندينج ريفين منذ 2016 عندما شارك في فيلمه «The Neon Demon»، أعلن حينها عن هذا الفيلم، بيد أنه انشغل في مشروعات أخرى، ومن ثمَّ باشر بتصويره في خريف العام الماضي.

The Way of the Wind-4

‫ترينس مالك هو أحد أفضل فناني السينما في هذا العصر، وسبق له أن خطف السعفة الذهبية من دورة 2011. لا يُعبِّر عنوانه عن فحواه، بيد أن حكايته تدور حول السيد المسيح. باشر المخرج تصوير هذا الفيلم سنة 2019 واحتوى على 3 آلاف ساعة تصوير قبل دخوله التوليف منذ عام ونصف العام، ‬مع علي سليمان وبن كينغسلي وآخرين.

Die‪,‬ My Love-5

المخرجة لين رامزي من زبائن مهرجان «كان» منذ أن قدّمت أفلامها القصيرة، مثل «Small Deaths» و«Gasman» في التسعينيات. وانتقلت في عام 1999 إلى الأفلام الروائية الطويلة مع فيلم «Ratcatcher»، الذي عرضته في قسم «نظرة ما». منذ ذلك الحين تَعرِضُ أفلامها، على تباعد مسافاتها الزمنية، في المهرجان الفرنسي.

‫ The Chronology of Water-6‬

كريستين ستيوارت من الوجوه التي يُحبها «كان»، وسبق لها أن حضرته مرات عدّة بصفتها ممثلة. ستسعى هذه المرّة إلى الحضور مخرجة و«التَّسلسل الزمني للماء» هو أول عمل لها في هذا الاتجاه ومقتبس عن مذكَّرات الكاتبة اليهودية ليديا يوكنافيتش وعمّا تعرضت إليه من اعتداءات جنسية من والدها. موضوعٌ حساسٌ، ولطالما رحَّب «كان» بالموضوعات الصعبة.

Eleanor the Great-7

مثل كريستين ستيوارت تُقدِم سكارلت جوهانسون على الانتقال لأول مرّة، من أمام الكاميرا إلى خلفها. يسرد «إليانور العظيمة» حياة امرأة مات صديقها الأقرب إليها. تحاول التعايش مع فقدان من تحب إلى أن تجد بديلاً.

توم هانكس في «الخطة الفينيقية» (أميركان إمبريكال بيكتشرز)

The Phoenician Scheme-8

المخرج ويس أندرسن زبون دائم للمهرجان، وفيلمه الجديد «الخطة الفينيقية» هو آخر أعماله التي ستدخل المسابقة بلا ريب. وصف الفيلم بأنه كوميديا، وكتبه المخرج مع السيناريست رومان كوبولا (ابن فرنسيس). أما الممثلون فهم كثيرون من بينهم توم هانكس، وريز أحمد، وجيفري رايت، وهوب ديڤيز، وبنثيو دل تورو.

One Battle After Another-9

أندرسن آخر ليس غريباً عن «كان» والمهرجانات الكبرى هو، ربول توماس أندرسون. المخرج الذي قدّم، فيما قدّم، تحفته «سيكون هناك دم» (There Will Be Blood). الفيلم الجديد مختلف، فهو الأعلى تكلفة بين كلِّ أعماله (140 مليون دولار). إذا انتهى توليفه في الوقت المناسب فسيذهب إلى «كان» وإن لم ينتهِ فموعده «ڤينيسيا».

Dracula‪:‬ A Love Story-10

المخرج الفرنسي لوك بيسون يقف على مسافة بعيدة من النُّقاد الفرنسيين الذين يُعيبون عليه تحقيقه أفلاماً أميركية باللغة الفرنسية تبعاً لتأثُّره بالنمط الهوليوودي من العمل. هذه المرّة وعبر فيلمه الجديد «دراكولا: قصة حب»، يُبدي استعداده لدخول «كان»، وفي المقابل أبدت إدارة المهرجان استعداها المبدئي. الاعتقاد السائد أن الفيلم سيُعرض رسمياً خارج المسابقة.

The Stories-11

المخرج المصري أبو بكر شوقي ليس غريباً عن «كان»؛ إذ سبق له أن قدّم باكورة أعماله قبل 7 أعوام تحت عنوان «يوم الدين»، وحصد حينها إعجاباً كبيراً بين النقاد. الفيلم الجديد يدور حول كاتبي رواية مصري ونمساوية، اعتادا على التواصل بالمراسلة منذ 1967 حتى آخر الثمانينات.

Rosebush Pruning-12

‫جال المخرج البرازيلي كريم عينوز (من أصول جزائرية) المهرجانات الرئيسية الثلاثة وقطف بعض الحصاد. هذه المرَّة يختار «كان» لعرض جديدِهِ «جذب شحيرات الورد»، الذي اقتبسه عن فيلم إيطالي قديم هو (Fists in the Poxket) «القبضات في الجيب» لماركو بيلوكيو (1965).‬