تحمل الموسيقى الجمال بأوجه مختلفة، فتخاطب وجدان الإنسان من خلال الإيقاعات والأنغام. ويشارك من يصنعها في ولادتها بأنامل مبدعة. فيرسم نوتاتها كلوحات تشكيلية نسافر معها إلى عالم فاتن.
عمر حرفوش تنبع موسيقاه من معادلة واحدة ألا وهي الموسيقى توازي الجمال. يبحث عنها في ملامح ووجوه الناس التي يلتقيها. وتلك التي تؤلف جمهور حفلاته. منها يستمد الطاقة التي تؤهله لأن يعزف الجمال بكل ما فيه من رقّة ونعومة وعاطفة.
في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري يحلّ عمر حرفوش ضيفاً على مسابقة «ملكة جمال الكون» التي تجري في تايلاند. ومن بين المتسابقات اللبنانية سارة لينا أبو جودة. وكانت قد انتخبت الوصيفة الأولى لملكة جمال لبنان في عام 2024.
تأتي إطلالة حرفوش في هذا الحفل مزدوجة. فيكون الفنان الضيف الذي يعزف على البيانو مقطوعته التي ألّفها خصيصاً لهذه المناسبة. كما سيشارك بصفته عضواً في لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة. سبق وشارك حرفوش أكثر من مرة في لجان من هذا النوع، ومن بينها «توب موديل إنترناشيونال» في موناكو. فتولى مهمة رئاسة اللجنة المشرفة على المسابقة.

ويخبر حرفوش «الشرق الأوسط» عن معزوفته «الجمال سوف ينقذ العالم» ومدتها نحو 8 دقائق. «لقد استغرقت مني نحو السنتين لتنفيذها. وهي تتمتع بتركيبة موسيقية كلاسيكية تتلون بآلات إيقاعية. وفي هذا القسم تعاونت مع الموزع الموسيقي تيم. وتشارك فيها الأوركسترا الفيلهارمونية لبودابست. وفي الدقيقة والنصف الأولى سأعزف وحدي على المسرح. ومن ثم تأتي مشاركة تيم، وهو فنان مشهور تعاون مع أهم نجوم الغناء في عالمنا العربي».
ويرى حرفوش أن كل النوتات الموسيقية التي استخدمها بمعزوفته ستزوّد المتسابقات بجرعات جمال إضافية. ويعلّق حرفوش: «الموسيقى تؤثّر بالطبع وتزيد الوجه جمالاً وإشراقة».
الصبايا العشر اللاتي يصلن إلى مرحلة النهائيات سيرافق إطلالتهن على المسرح موسيقى حرفوش. «ستسير الصبايا على إيقاعها، وجميعهن تمرّن على ذلك، لأننا لا نعرف من بينهن ستصل إلى تلك المرحلة».
بالنسبة له فإن هذه المشاركة يعدّها محطة مهمة في مشواره الفني. ويضيف: «إن جدّية المشروع الذي بدأت به لم يكن يحتمل أي مشاركة لا تليق به. كان في استطاعتي أن أقدّم أعمالاً أسهل تمنحني شهرة أسرع، ولكنني رفضتها جميعها لأن هدفي كان القيام بخطوة لها قيمتها على المستوى الفني».

تلقى عمر حرفوش الاتصال من قبل القيمين على هذه المسابقة للمشاركة بمعزوفة من تأليفه. تملّكه شعور بالرضا: «أحسست بأن هذا العرض هو بمثابة مكافأة لي، وكأنه جائزة تلقيتها مقابل صبري وجهدي في آن. تأكدت أن عدم السرعة في اتخاذ القرارات كان صائباً. والأهم هو أنني لست دخيلاً على هذا الحفل، وأنا مرتاح جداً لانضمامي إليه».
أكمل عمر حرفوش خطوته هذه بفيديو كليب يحدثنا عنه: «الكليب نفّذ بواسطة الذكاء الاصطناعي. وأبدو فيه مع المتنافسات في المسابقة. تعاونت فيه مع أحد اللبنانيين المغتربين العاملين في هذا الحقل».
ويشير حرفوش إلى أنه كلما اقترب موعد الأمسية شعر بالفرح. ولكن ماذا عن الشعور بالخوف من العزف أمام ملايين الناس، الذين يتابعون مجريات هذه المسابقة عبر الشاشات التلفزيونية. يردّ: «الخوف لا يعتريني بتاتاً عندما أعزف على المسرح. فعلى العكس تماماً تتملكني حالة من الفرح والحماس. وأستوحي من وجوه الناس حولي الذين جاءوا خصيصاً ليستمعوا إلى موسيقاي. في هذه الأمسية سأعزف أمام نحو 22 ألف شخص، ناهيك عن المتابعين عبر محطات التلفزة والسوشيال ميديا. أتخيّل وجوههم وشخصياتهم وأسباب مجيئهم وحضورهم. لذلك كل حفلة أقدمها تتمتع بخصوصيتها واختلافها عن غيرها».
وعن رأيه بالساحة الموسيقية العربية يقول: «إنها ساحة قوية بالمحترفين، وغنية بمواهبها، ونجومها الذين استحقوا شهرتهم. واليوم كوكب الأرض بأجمعه يرقص على أنغام أغاني عمرو دياب، وأحمد سعد وراغب علامة وغيرهم. ويقابل الموسيقى الحديثة تلك الكلاسيكية. ولدينا كمّ كبير من الموسيقيين الذين أبدعوا فيها عالمياً. وأذكر منهم بشارة الخوري وهتاف خوري وعبد الرحمن الباشا وأبناء مارسيل خليفة. ولا أنسى إبراهيم معلوف عازف الترومبيت الشهير. جميعهم رائعون وأسماؤهم لامعة عالمياً». ويتابع: «أحاول عندما أحيي حفلاً أن أستعين دائماً بموسيقي من لبنان. وأنا متشوق للانتهاء من بناء مبنى الأوبرا اللبناني في ضبية. فاللبنانيون يستحقون هذا التقدير على الصعيد الموسيقي».
الخوف لا يعتريني بتاتاً عندما أعزف على المسرح... وطالبت بأن تتمثّل فلسطين بالمسابقة وهو ما حصل بالفعل
عمر حرفوش
يخفّ حماس حرفوش فجأة عندما تسأله عن موقع لبنان في كل ذلك. «لبنان مع الأسف ليس موجوداً فعلياً في كل هذا الموضوع. فهو يغيب تماماً عن دعم مواهبه الفنية. وكذلك عن إقامة مدارس موسيقية تسهم في دعمهم. كل هذه النجاحات التي تحدثنا عنها نابعة من جهود فردية. حتى فريق (مياس) للرقص لم نلاحظ أي دعم يتلقاه من قبل الدولة اللبنانية. فالعازف هتاف خوري مثلاً لا يعرفه لبنان مع أنه يعزف سنوياً في أكثر من 100 دولة». ألا تفكر في إقامة حفل في لبنان؟ يجاوب: «هي مجرد مشاريع تسكن خيالي وفكري فقط. أتطلع إلى عزف السلام على أرضه. وأنتظر إلى حين تصبح هذه الفكرة واقعاً كي أقدّم هذا الحفل».
يقول إنه وضع شروطاً محددة للمشاركة في لجنة تحكيم مسابقة ملكة جمال الكون. «لقد طالبت بأن تكون تسمية الحفل (ملكة جمال الكون للسلام)، وبأن تتألّف اللجنة من أشخاص يحكّمون بطريقة عادلة. وكذلك طالبت بأن تتمثّل فلسطين بالمسابقة. وهو ما حصل بالفعل. وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فلسطين إلى خريطة الجمال الكوني».
وهل سيميل تقييمك بصفتك عضو لجنة حكم إلى اللبنانية سارة لينا أبو جودة التي تمثّل لبنان في المسابقة؟ يردّ: «سآخذ بعين الاعتبار الجمهور والبلاد ومعايير الجمال لكل مشتركة. وسألحق بالقانون المتبع في هذا النوع من المسابقات. سأتعاطى مع الأمر بجدية كبيرة. فلا تهاون فيه، وسأصوّت وأمارس مهمتي بتجرد تام».
وعن رأيه بالمشاركة اللبنانية يختم: «لاحظت أن الصبية سارة لينا أبو جودة تتميز بإطلالة حلوة تختلف عن باقي زميلاتها. ولكنني بالتأكيد لن أميل إلى لبنان أكثر من غيره. وفي حال تفوّق الجمال اللبناني على باقي جمال الصبايا المشاركات فسأسير على الخط المستقيم بالطبع».









