تعدّ المغنية نور حلو من الفنانات الشابات اللاتي يتمتعن بخلفية موسيقية غنية. ثقافتها الفنية لا تقتصر على أدائها أغنيات لعمالقة الغناء في لبنان والعالم العربي، بل تجيد أيضاً الغناء بالأجنبية. مرات كثيرة تمزج بين البوب الغربي وأنماط الموسيقى العربية، ويسهم صوتها النقي والقوي في التحكم بأدائها. ومهما بلغت صعوبات تقديم أغنية ما، فهي تملك بصوتها وأحاسيسها مفاتيح إيصالها للمستمع بسهولة.
أخيراً، أحيت نور حلو أولى الحفلات الغنائية الخاصة بها. وقفت على مسرح «مترو المدينة» تؤدي مجموعة أغنياتٍ لها ولفنانين عمالقة، فتلوّنت السهرة بباقة للراحلين ملحم بركات ووردة الجزائرية، وأخرى لفيروز وجوليا بطرس وماجدة الرومي. كما قدّمت أغنيات لويتني هيوستن وداليدا وفريق «باك ستريت بويز».

استطاعت أن تعرّف جمهوراً غفيراً احتشد في الصالة ليحضرها، بقدراتها الغنائية.
سبق وأحيت نور حلو حفلات بمشاركة فنانين عدة، وكانت من ضمن فريق العمل الاستعراضي الغنائي «كلّو مسموح» من بطولة كارول سماحة.
ولكن حفلها في «مترو المدينة» كان له تأثيره الخاص عليها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الحفل كان بمثابة حلم عندي وتحقّق. فلطالما انتظرت اللحظة التي أقف فيها على الخشبة وحدي. كنت أتخيّل الجمهور يتفاعل معي، وهو ما حصل بالفعل. وصلتني مشاعر فرح الناس واستمتاعهم بشكل مباشر. كانوا يهتفون مرات ويصفقون مرات أخرى، ويرددون كلمات أغاني بحماس، وهو ما أسعدني كثيراً».

تقول إن هذا الحلم الذي راودها منذ الصغر يقف خلفه والدها. «أبي يملك شغفاً كبيراً بالغناء. وقد عمل في هذا المجال لفترة. ولكنه بعد زواجه من أمي غادر الساحة الغنائية إلى غير رجعة. فهو يشكّل قدوتي في عالم الفن، لا سيما أنه يغني باحتراف ملحوظ».
هذه اللحظة التي انتظرتها نور للوقوف على المسرح وتقديم أولى حفلاتها الخاصة، اجتمعت فيها بوالدها. فاعتلى المسرح وغنّى معها «اعتزلت الغرام» لماجدة الرومي، و«شباك حبيبي» للموسيقار الراحل ملحم بركات. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت من أجمل اللحظات في حياتي. فأن يشاركني والدي هذه الأمسية الاستثنائية بغنائه معي كان أمراً رائعاً».
تعبّر نور عن تأثرها بوالدها وتستطرد: «تعلّمت منه الكثير، كونه صاحب خلفية موسيقية رفيعة المستوى. وكذلك زوّدني بالنصائح في كيفية السير في طريقي الفني، وكيفية تعاملي مع الناس، مشدداً على ضرورة تمتعي بالقوة والصلابة. وهو ما ولّد عندي نوعاً من الثبات المهني».

تعترف نور بأن الشهرة لم تشكل يوماً هدفاً لها. ولذلك سارت في مشوارها الفني بتأنٍ. «لم أتسرّع في قراراتي ولم ألهث يوماً وراء الأضواء. هدفي الرئيسي هو تقديم الأفضل في عالم الفن. ولم أشأ يوماً أن أضيّع بوصلة مبدأي في هذا المجال».
في حفلها الغنائي في «مترو المدينة» تعرّف الجمهور إليها عن كثب، وفاجأته بإمكانياتها الغنائية وحرفيتها في التنقل بين الأنماط الموسيقية الشرقية والغربية. قدّمت أغانيها الخاصة المعروفة مثل «شو الحل» و«بالليل».
فهل قصدت استعراض قدراتها الغنائية، ولماذا؟ تردّ: «كنت متحمسة لأن يتعرّف إلي الناس عن قرب. واخترت ما سأغنيه بدقة، فلا يشبه ما سبق وقدمته من قبل. وبالتأكيد اعتبرت هذه الأمسية فرصة لإبراز شغفي بالموسيقى والغناء».
تقول إنها اختارت أغنيات تربّت عليها وتذكّرها بطفولتها، ومن بينها تلك الخاصة بالراحل ملحم بركات وفيروز ووردة. «في الماضي كنت أركّز على الغناء بالأجنبية، ولكن والدي لفت نظري إلى ضرورة التماهي مع لغة بلدي وناسه. فرحت أغني بالعربية ولمست تفاعلاً كبيراً من الناس وهو ما أسعدني. والأهم عندما أغني للعمالقة أو لأي أحد آخر لا أحاول تقليده. فما أرغب دائماً في إيصاله إلى الناس هو أسلوبي الغنائي، بحيث لا أشكّل نسخة عن أحد».
تحدّث نفسها نور وتحضّها على إكمال طريقها بثقة. «أقول لنور دائماً لا تتوقفي عن الحلم. جاهدي وثابري ولا بدّ أن تصلي».
وعن تجربتها في المسرحية الاستعراضية «كلّو مسموح»، تقول: «شكّلت محطة مهمة في حياتي المهنية. عندما اتصل بي مخرج العمل روي الخوري للمشاركة من خلال دور تمثيلي غنائي، تحمست كثيراً. كانت تجربة غنية تعلمت منها الكثير. وأكثر ما حفظته هو متعة العمل الجماعي. فالمسرحية ترتكز على فريق متكامل. وهذا ما زاد من بريقها. كما أن العمل مع فنانة بمستوى كارول سماحة كان بمثابة فرصة لا يمكن تفويتها. فهي من الفنانات الراقيات والمحترفات في آن».
وتشدد نور على أن «كلّو مسموح» عمل حمّلها مسؤولية كبيرة. «كان العنوان العريض الذي وضعته لنفسي هو (ممنوع الغلط). فالتحدي كان هائلاً وقررت مواجهته بكل ما لدي من قوة».
وعما إذا تخاف مواجهة صدمات في مشوارها الفني في المستقبل، تردّ: «جميع المهن فيها تحديات وصدمات وصراعات. والساحة الفنية مساحة عملاقة تتّسع للجميع. سأسير على مهلي وأحترم مهنتي كما تربيت في منزل والديّ. سأصعد السلم درجة درجة كوني لست مستعجلة على شيء. فليس هناك من يستطيع سرقة مكان الآخر. ولكل منا مطرحه على الساحة. الأهم هو أن نعرف كيفية إيصال الغناء بإحساس كبير. فهذا وحده ما يشكّل هوية الفنان الحقيقي».
وعن الثنائية التي تؤلفها مع الملحن نبيل خوري الذي تعاونت معه في أكثر من عمل، تردّ: «نبيل شخص معطاء، وصاحب موهبة لافتة. وقد عرف كيف يجدد الساحة الفنية بألحانه الجميلة. هناك عمل جديد سأصدره قريباً من توقيعه، بعنوان: «ما بيشبهني»، ويتميز بإيقاع يتلون بالمقسوم. فهو أصرّ على ذلك، وكان يجب أن أثق بإحساسه. أعدّها من أجمل الأغاني التي قدمتها حتى اليوم. وعندما أنشدتها لأول مرة في الحفل لاقت تجاوباً كبيراً من قبل الحضور. ولذلك أتوقع لها النجاح فور صدورها».
وعما إذا تفكّر بالتعاون مع ملحن آخر غير خوري تختم لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة لم أجتهد للبحث عن تعاون جديد مع غيره. فهو عرف كيف يحاكي شخصيتي بألحان تشبهني. وفي الفن لا يمكننا التوقع والتكهن، فلا شيء مستحيل».









