نور الملّاح لـ«الشرق الأوسط»: لم يعد لدي ما أخسره

يصف الأعمال الغنائية اليوم بصاحبة النغمة الواحدة

يصف الملّاح الساحة الفنية اليوم بالفوضى العارمة (نور الملّاح)
يصف الملّاح الساحة الفنية اليوم بالفوضى العارمة (نور الملّاح)
TT

نور الملّاح لـ«الشرق الأوسط»: لم يعد لدي ما أخسره

يصف الملّاح الساحة الفنية اليوم بالفوضى العارمة (نور الملّاح)
يصف الملّاح الساحة الفنية اليوم بالفوضى العارمة (نور الملّاح)

ينتمي الفنان نور الملّاح إلى زمن الفن الجميل، وفي جعبته مئات الأعمال الغنائية التي شكّلت نجاحات متتالية. تعاون معه أبرز نجوم الفن في لبنان، فلحّن الأغاني لجورج وسوف ونجوى كرم وماجدة الرومي، وربيع الخولي، ورامي عياش، وغيرهم. أسهم في شهرتهم الواسعة من خلال أغنيات لا يزال العالم العربي يرددها حتى اليوم. فمن منا لا يتذكر أغنية «حلف القمر» و«روحي يا نسمة» للوسوف، و«خدني حبيبي» و«عم يسألوني عليك الناس» لماجدة الرومي.

يقول بأنه لم يلق الوفاء من أحد (نور الملّاح)

لكن الملحن اللبناني ابتعد منذ فترة طويلة عن الساحة، فصارت إطلالاته الإعلامية قليلة، فيما توقّف عن التعامل مع الفنانين على الساحة. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عن سبب هذا البعد يردّ: «مع الأسف صاروا اليوم يدرجونني على لائحة (الدقة القديمة). أما الحقيقة فهي ساطعة كالشمس. فألحاني لا تزال تتردد حتى اليوم، والناس تتحمّس عند سماعها وتصفّق طرباً».

لم أغب عمداً... ولكن الظروف أسهمت بذلك

نور الملّاح

ويشير الملّاح إلى أن الناس صارت اليوم محكوماً عليها بسماع أعمال دون المستوى. «إنهم يقدّمون لهم الأغاني كطبق لا يوجد غيره على المائدة الفنية، ويغصبونهم على تناوله بطريقة أو بأخرى. فمعظم أغاني اليوم ألحانها مسروقة. كما أنها تتألف من نغمة واحدة يتم تكرارها في الأعمال كافة، بينها ما اقتبس من ألحان تركية وإسبانية، وأخرى من الهند واليونان. أما شعراء الأغنية فيضطرون للمسايرة، ويكتبون ما يناسبها. برأيهم أن هذه الاستمرارية لهم ضرورية كي يواكبوا الـ(ترند)».

ألف أكثر من ألف أغنية ولحن لا تزال تُردد في الحفلات (نور الملّاح)

يقول إن الساحة الفنية ترتكز على أعمال سيئة، وإن الفوضى العارمة تهيمن عليها. والقاعدة الأساسية الرائجة هي قنص الفنانين. «كل شيء يسهم في انتشار الأغنية يجب أن يدفع ثمنه سلفاً. وهذا الأمر يسري على شاشات التلفزة كما عبر أثير الإذاعات. ليس المهم مستوى ما يبثّونه ويعرضونه، الأهم هو جني الربح الوفير. حتى الغناء ما عاد مقتصراً على فنانين حقيقيين، ووسائل التواصل الاجتماعي شرّعت الشهرة للجميع، فباستطاعة أي شخص اليوم أن يغني ويحقق الانتشار بين ليلة وضحاها مع الأسف».

الغناء ما عاد مقتصراً على فنانين حقيقيين ووسائل التواصل الاجتماعي شرّعت الشهرة للجميع

نور الملّاح

تعزّ الدنيا على نور الملّاح القابع اليوم في منزله، وانتقاداته القاسية للساحة الفنية يدرجها ضمن خبرة طويلة تخوّله ذلك. «لم يعد عندي ما أخسره. أقول الأمور بصراحة ولو كان وقعها ثقيلاً». يعاتبه كثيرون لأنه لم يأخذ حقّه كما يجب. فهو أيضاً إلى جانب موهبة التلحين يملك صوتاً جميلاً. فلماذا هذا الغياب من دون أي إنتاج حديث؟ «كيف أقدّم الجديد ولا وسيلة عندي لذلك؟! فالأعمال الغنائية باتت مكلفة جداً. من أين لي ميزانية أخصصها لهذا الموضوع؟ لقد ألّفت أكثر من ألف أغنية ولحن، لا تزال تُردد حتى الساعة في الحفلات. أنا لم أغب عمداً، ولكن الظروف أسهمت بذلك».

بعض الفنانين يجهلون مخارج الحروف وآخرون يتمسّكون بأسلوب غنائي لديهم قدرات أهم منها لإبرازها

نور الملّاح

تغيرات كثيرة طالت الفن اليوم، فبات لا يشبه الزمن الماضي، يقول نور الملاح في سياق حديثه. ويتابع: «في الماضي كانوا يقدّرون الفنان ويطالبونه بإطلالة إعلامية تلفزيونية أو إذاعية أو مكتوبة. أما اليوم فبات المغني وجميع تحركاته على كل شفّة ولسان بفضل وسائل التواصل. انعدم وهج الفنان الذي كان يتم انتظار إطلالته بين حين وآخر. حتى إن السبق الصحافي ما عاد موجوداً، فلا جديد تحت الشمس».

في برنامج {ذا ستايدج} الذي كرّمه في حلقة خاصة (نور الملّاح)

يرى الملّاح أن أصواتاً غنائية كثيرة وجميلة لا تتوفّر لها الفرص. فمن يديرون الساحة يفضلون المغنين «القبابيط». ويتابع: «مع الأسف إنهم يكتسحون الساحة بأعمال هابطة. والأسوأ هو أنهم يقدّمونهم على غيرهم، ويبرزونهم باعتبارهم نجوماً».

وينتقد الملّاح أسلوب غناء رائج، ولكن على قواعد غير أصيلة. «بعضهم يجهل مخارج الحروف كالفنان وائل كفوري. وبعضهم يتمسّك بأسلوب غنائي لديه قدرات أهم منها لإبرازها كنجوى كرم. فالصوت يجب أن يولد من الرأس، ولكن الغالبية تغني من الزلاعيم، وهو أمر خاطئ».


مقالات ذات صلة

«أدونيس» في «أعياد بيروت»... مرآة جيل يتلمَّس صوته

يوميات الشرق الغناء أحياناً شفاء (أعياد بيروت)

«أدونيس» في «أعياد بيروت»... مرآة جيل يتلمَّس صوته

مَن غنّوا مع أنطوني وصفّقوا لنيكولا وجوي وجيو، شكَّلوا جزءاً من الحكاية ومن الأغنية والصدى الذي يعود إليهم من فوق المسرح، كأنّ الفرقة مرآتهم وهم امتداد لوجودها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق غلاف الكتاب الجديد «المزيكاتي» (الشرق الأوسط)

«المزيكاتي»... قراءة روائية لدراما حياة بليغ حمدي

يُطل الملحن المصري الراحل بليغ حمدي (1931-1993) في كتاب جديد يمثل سيرة روائية لحياته بعنوان «المزيكاتي».

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق الموسيقى كانت مساحة تتهيّأ فيها الأرواح للسمو (الشرق الأوسط)

«شهرزاد» في «إكسير»: الموسيقى بين الكروم والغروب صلاةٌ للحبّ والحياة

كلّما ارتفعت الموسيقى، بدت الأرض أقل احتمالاً؛ كأنّ النغمة وحدها تُتيح لنا احتمال الحياة. هذا العزف الذي تسلَّل بين الكروم كان معذِّباً بقدر ما كان مُخلّصاً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)

«غود سايف ذا كوين» تُحيي روح فريدي ميركوري في لبنان وتستحضر جنون الروك

ما تقدَّم كان طَقْساً روحياً تدفَّقت فيه المشاعر مع كلّ نغمة وكلّ ضربة إيقاع، واستيقظت فيه الروح، وانتفضت القلوب، وتوحَّد الجمهور في حالة جماعية من النشوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المغني البريطاني إد شيران (رويترز)

بنحو 1200 دولار... لوحات فنية بتوقيع إد شيران تُعرض في مزاد بريطاني

تُعرض لوحات تجريدية وسلسلة مطبوعات فنية تحمل توقيع نجم البوب البريطاني إد شيران، في مزاد خيري، على ما أعلنت دار المعارض «هيني» في لندن، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أحمد المالكي لـ «الشرق الأوسط» : الكتابة لأكثر من مطرب متعة

الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي (الشرق الأوسط)
الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي (الشرق الأوسط)
TT

أحمد المالكي لـ «الشرق الأوسط» : الكتابة لأكثر من مطرب متعة

الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي (الشرق الأوسط)
الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي (الشرق الأوسط)

يقول الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي إنه يجد في كتابة الأغاني لأكثر من مطرب في الوقت نفسه متعة كبيرة.

وشهدت الفترة الأخيرة تعاوناً بين المالكي ومطربين متنوعين من بينهم: أصالة، ومصطفى حجاج، ورامي جمال، ومصطفى كامل، وكارمن سليمان، وشيرين عبد الوهاب، وآمال ماهر، وتامر حسني، وغيرهم.

وخلال حواره لـ«الشرق الأوسط»، أعرب الشاعر المصري عن سعادته بأحدث إصداراته الغنائية، حيث تعاون مع رامي جمال في أغنيتين هما «ما طلعتش جدع»، و«يا جمالك»، ومع «نقيب الموسيقيين» مصطفى كامل بأغنية «ناقصة سكر»، وقدم لشيرين «عودتني الدنيا»، ولتامر حسني «حلال فيك»، ولمصطفى حجاج «بشكرك».

وأشار المالكي إلى تعاونه مع كارمن سليمان في أحدث ألبوم غنائي لها، الذي سيتم طرح أغنياته تباعاً، وفق قوله، بينما ينتظر طرح أغنية من كلماته بصوت آمال ماهر خلال أيام، بالإضافة لتعاونه المرتقب مع هيفاء وهبي في إحدى الأغنيات.

وقال المالكي إنه لا يكتب لمطرب معين، بل يتعامل مع الأغنية بتلقائية: «وقت الكتابة لا أتخيل أي فنان، بل أكتب في المطلق، عندما تحضرني حالة الأغنية ومشاعرها، حيث أتعامل بصفتي هاوٍ، وبطبيعتي من دون توجيه كلماتي حسب أسلوب أي مطرب، لكن بشكل عام هناك كلمات لا بد أن تقدمها فنانة مثل (عودتني الدنيا) لشيرين، في المقابل توجد كلمات أخرى لا تليق إلا بفنان».

ويؤكد المالكي أنه لا يجد تعارضاً أثناء الكتابة لأكثر من فنان في الوقت نفسه: «حين أكتب الأغنية أتخيل الحالة، وعند انتهاء اللحن، أعرضها على المطربين، والألحان بشكل عام تبحث عمن يليق بها».

وذكر الشاعر المصري أنه لا يخصص وقتاً لكتابة أشعاره الغنائية، بل مشاعره وأحاسيسه هما المرشد الحقيقي، والدافع الوحيد له حينما يكتب، «في الغالب أكتب في المقهى وسط الناس؛ لأن هذه الحالة تمثل لي الكثير».

وكتب المالكي، أخيراً، أغنية «حلال فيك» لتامر حسني، التي طرحها حسني بمصاحبة عدد من مشاهد أحدث أفلامه «ريستارت»، حيث أكد المالكي أن الأغنية لم تكتب خصيصاً ليتم توظيفها بالفيلم: «فقد كتب الأغنية، ولحنها رامي جمال من دون توجيهها لتامر مباشرة، وعندما استمع لها حسني أخذها في اللحظة نفسها، كما أنه ضمها لألبومه القادم (لينا معاد)»، لافتاً إلى أن «كتابة أغنيات يتم توظيفها في عمل فني، لا تتطلب قراءته السيناريو بشكل كامل، بل يكتفي بالملخص».

الشاعر أحمد المالكي مع الفنانة هيفاء وهبي وتعاون فني مرتقب (الشرق الأوسط)

وعن تعاونه أخيراً مع شيرين عبد الوهاب في أغنية «عودتني الدنيا»، قال: «تمنيت العمل معها، والأغنية أحدثت ضجة كبيرة؛ لأنها تليق بصوت شيرين وإحساسها، ووجدت أن الفنان تامر عاشور هو أنسب فنان في هذه المنطقة، حتى إنه عندما استمع لكلماتها انبهر، وقام بتلحينها في اليوم نفسها».

وبالحديث عن شيرين وتعاونه معها، كشف المالكي عن رأيه في جدل حفلها الأخير بختام مهرجان «موازين»، والهجوم عليها بعد غنائها «بلاي باك»، موضحاً أنها في مرحلة عودة، وتعافٍ، ويكفي أنها التزمت بتقديم الحفل، في أول وقوف لها على المسرح بعد فترة غياب، ومهما فعلت فهي نجمة محبوبة، كما أنها قدمت أغنيات «بلاي باك»، وأخرى مباشرة بصوتها أيضاً.

وقال المالكي إنه لا يستطيع كتابة أغنيات بلهجات أخرى غير المصرية، لأنها ليست لهجته أو منطقته، والتعبير عن مشاعره حينها ليس سهلاً، كاشفاً عن تعاون قادم مع المطرب الكويتي علي كاكولي.

وعن آخر مستجدات تعاونه مع إليسا، قال الشاعر المصري إن «هناك أغنيتين لإليسا سيتم طرحهما خلال الفترة القادمة، من بينهما الأغنية الأولى والأخيرة التي تعاونت خلالها مع الملحن الراحل محمد رحيم».

وعن رأيه في الجدل حول لقب «صوت مصر» وهل يجب أن يقتصر على اسم بعينه؟ قال المالكي إن أي فنان صوته مميز، ويغني بشكل رائع هو «صوت مصر».

المالكي أعرب عن سعادته بأحدث إصداراته الغنائية مع الفنانين رامي صبري ومصطفى كامل وشيرين عبد الوهاب (الشرق الأوسط)

وعن الأفكار الغنائية التي تعيش أكثر من غيرها وتدوم لسنوات طويلة، أوضح أنه يقدم أعماله من دون الارتباط بلغة زمن، أو أسلوب بعينه، ويحرص على أن يدوم العمل عبر مصطلحات لا تشيخ، وتدوم وتناسب أجيالاً متتالية، وكلمات مصرية دارجة، وفق قوله، لكنه شدد على أهمية الإحساس والمعنى أكثر من اللفظ نفسه، حتى يصل لكل المستويات الثقافية؛ لإيمانه بأن الأعمال الفنية تسمعها شرائح مجتمعية عدة، ليست على القدر نفسه من الثقافة.

وكشف المالكي أن كل واحد من فريق العمل الفني (الشاعر والملحن والمطرب) يتمتع بمكانة ومنطقة خاصة في العمل، لافتاً إلى أنه «اسم معروف في مجال الكلمة، وله شكل غنائي مميز»، وفق تعبيره، وأضاف: «عندما أكتب لأحد الفنانين تكون ردود الفعل حول الكلمات فقط، من دون الاستعانة بعوامل فنية أخرى لإبرازها، حيث إن هناك كلمات يساهم في إبرازها وشهرتها اللحن والتوزيع أحياناً».