«يزن» هو اسم الشخصية التي يلعبها الممثل السوري قيس صبح في مسلسل «الخائن». من خلالها يخوض تجربة التمثيل للمرة الأولى. وعلى الرغم من ذلك استطاع أن يحصد محبة المشاهد العربي، فسطع نجمه وتحول بين ليلة وضحاها إلى ممثل مشهور ذاع صيته على الساحة الفنية.
يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتوقع أن ألاقي كل هذا النجاح، وعندما لمست حب الناس لي فرحت كثيراً. واليوم عندما أسير على الطرقات أو في مراكز تجارية وألتقي أحدهم يطالبني بالتقاط صورة معي أكون سعيداً».
«يزن» البالغ من العمر 15 عاماً يجسد دور الابن الضائع بين أب وأم منفصلين، فيقدم نموذجاً للشاب المراهق الذي يتأثر بوضع والديه المطلَّقَين نفسياً واجتماعياً.
يعيش قيس صبح بين والدين مطلَّقَين. «نعم والداي تطلقا منذ كنت صغيراً. ربما لذلك لم أتأثر كثيراً بانفصالهما. اليوم أتنقل بين منزلَي أبي وأمي وأتفهم جيداً هذا الوضع. وعندما قمت بدور (يزن) في (الخائن) أدركت النتائج السلبية التي يمكن أن يولِّدها الانفصال بين الزوجين. فهي تؤثر مباشرة في الأولاد. وشكرت رب العالمين كوني لم أمرّ بتلك الحالات. فعندما نرى الأسوأ تخفّ وطأة السيئ الذي نعيشه في حال حضر في حياتنا. كل هذه الدروس اكتسبتُها من دوري في شخصية (يزن)».
يفتخر قيس صبح بوقوفه إلى جانب نجوم كبار في الوطن العربي؛ فالمسلسل وفّر له فرصة التعرف إلى سلافة معمار وقيس الشيخ نجيب وغيرهما. «كان الأمر رائعاً، لم أتخيل يوماً أني سألتقيهما بعيداً عن الشاشة الصغيرة. فأنا أتابع بشكل جيد الدراما العربية والسورية». ويتابع: «تخيلي أن سلافة معمار كانت تتصرف معي كأم حقيقية وتقول لي: الله يرضى عليك».
ولكن كيف دخل قيس صبح عالم التمثيل؟ يروي لـ«الشرق الأوسط» أنه تقدم إلى شركة مختصة بعملية الـ«كاستينغ» للمسلسلات والأفلام، ومن ثمّ أرسلوا وراءه لأنه يناسب الشخصية المرغوب في تجسيدها. «خفتُ بداية من طول الدور، إذ إن شخصية (يزن) ترافق عرض حلقات المسلسل الـ90. كنت أول مرة أدخل فيها هذا المجال، ومن الباب العريض. كنت أجهل أنني سأستطيع تجسيد الدور كما يجب. وأعتقد أن أدائي في الحلقات الأولى كان أقل مستوى من التي تلتها. وفي الوقت نفسه أردد بيني وبين نفسي أنه ما زال بإمكاني تقديم الأفضل».
من الطبيعي أن يشعر قيس بتقدمه في أدائه مع مرور الوقت. كما أن نصائح النجوم الذين تعاون معهم ساعدته كثيراً. «تشرفت بالتعاون مع نجوم يتمتعون بهذا القدر من التواضع. لم يتوانوا عن تقديم العون لي في أي مشهد يشعرون بأنني مرتبك فيه. فبمجرد طرحي سؤالاً، كان الجميع يهرع لمساعدتي. لم يبخلوا عني بإسداء نصائح تتعلق بالحياة عامة. فكانوا يكررون على مسمعي ضرورة التزود دائماً بالتواضع، وكذلك بأن أتفاءل دائماً وأبتعد عن الغرور حتى لو صرت ممثلاً مشهوراً. أحمل ذكريات جميلة من هذه التجربة ستبقى معي طول العمر».
منذ صغره كان ولعه بالفنون كبيراً، ويرافق والده لحضور المسرحيات. تعلم العزف على البيانو وحمل ريشته لرسم لوحات يعتز بها. «ربما لأنني لم أطوِّر قدراتي في تلك الفنون خفّ حماسي لها. كما أن تركيزي على التمثيل سرق مني كل وقتي. كنت أمثّل وحدي أمام المرآة في غرفتي؛ لولعي الكبير بهذا المجال. ومن ثم ساعدني والداي في حفظ النصوص. وكنت أتدرب معهما على مشاهدي في (الخائن). ولن أنسى الدور الكبير الذي لعبته مدربة التمثيل في المسلسل عبير صباح».
يخطط قيس لإكمال دراسته والتخصص في فن المسرح والتمثيل. «حالياً أتابع دراستي الثانوية ولكنني أنوي التخصص أكاديمياً في التمثيل».
معجَب بالممثلَين عابد فهد وباسم ياخور، يتمنى قيس صبح أن يتقمص يوماً، دوراً مركباً، ويشيد بالأول الذي ترك بصمة كبيرة في عالم التمثيل إثر بطولته في مسلسل «ولادة من الخاصرة». وكذلك الممثل ياخور الذي يجيد الكوميديا والتراجيديا على السواء. «أحب مثلاً تقديم دور لشخص يعاني أزمة نفسية. أحب هذا النوع من الأدوار الصعبة. ومن الفنانين العالميين الذين لفتوني البريطاني أنطوني هوبكنز. فدوره في فيلم (هنيبعل) تأثرت به كثيراً وعَلَق في ذاكرتي».
عندما نرى الأسوأ تخف وطأة السيئ الذي نعيشه في حال حضر في حياتنا
يقول قيس صبح إن تجربته في مسلسل «الخائن» تعلَّم منها الكثير وزوَّدته بثقة كبيرة في النفس. ولكن هل أثَّرت الشهرة التي حققها على حياته العادية؟ يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستوعب حتى الساعة أنني صرت مشهوراً، لا سيما أنني حصدتها بين ليلة وضحاها. ولكنها لم تُجرِ أيَّ تغيير على حياتي، وما زلت كما أنا قيس الشخص العادي. وسأعمل جاهداً على التزامي بالتواضع مهما بلغتُ من نجاحات. فهي النصيحة الرئيسية التي زوَّدني بها النجوم الذين تعاونت معهم».
ويختم قيس متحدثاً عن انطباعه الأول عن أجواء الفن والتمثيل: «بدايةً ارتبكت كثيراً وانبهرت بعالم الأضواء والنجوم الذين أقف إلى جانبهم. لم يكن الأمر سهلاً بتاتاً، ولكن مع الوقت صرت أشعر بالتحسن. فروح الفن موجودة عندي منذ الصغر. ولكن بمؤازرة هؤلاء الفنانين الكبار استطعت تجاوز الأمر».