قدّم الفنان المصري نضال الشافعي ضمن موسم دراما رمضان الماضي، دوراً لافتاً في مسلسل «رسالة الإمام» الذي يعتبره «عودة حميدة» للأعمال التاريخية التي توقف تقديمها في مصر منذ أكثر من 20 عاما. فيما يشارك راهناً في بطولة مسرحية «سيدتي الجميلة»، رفقة الفنانة داليا البحيري، التي تشهد إقبالاً جماهيرياً رغم ضعف الدعاية الذي يعاني منه «مسرح الدولة» في مصر، فما سبب كل هذا الحماس الذي يبديه نضال الشافعي لهذا العمل المسرحي تحديداً؟
طرحنا عليه السؤال فأجاب قائلاً: «العمل يتم تقديمه على خشبة المسرح القومي المصري، الذي يعد من أعرق مسارح الشرق الأوسط، والوقوف عليه بمنزلة حلم يراود كل فنان. والعروض التي جاءتني بعد مشاركتي للفنان يحيى الفخراني في تقديم رائعة شكسبير (الملك لير) منذ سنوات، لم تكن مقنعة بالقدر الكافي، لكنني تحمست لهذه المسرحية لعدة أسباب. من بينها وجود داليا البحيري، فهي نجمة جميلة وأخت رائعة وبيننا كيمياء على المستوى الإنساني، وكنا نبحث عن عمل مناسب يضمنا معاً».
ويضيف: «المخرج محسن رزق يمثل قيمة مضافة للتجربة بما يمتلكه من وعي ورؤية وفهم واضح لما يريد أن يفعله، خصوصاً أن العمل مأخوذ عن النسخة الإنجليزية لمسرحية بجماليون وهو ما يعني امتلاكنا لخصوصية ورؤية تختلف عن المعالجات الأخرى المأخوذة عن النص نفسه».
لكن ماذا عن «الصفعة» التي وجّهها إلى داليا البحيري من فرط الاندماج أثناء البروفات الأولى للمسرحية؟ يبتسم الشافعي ويقول: «حدث بالفعل، واعتذرت لها وأكرر اعتذاري عن ذلك الموقف غير المقصود طبعاً، هي فنانة رائعة ولم تغضب وتفهمت ما حدث، ثم إن أداءها رائع، وتندمج في المشهد وتساعد من يقف أمامها على الاندماج. ورغم أنها تمتلك خبرة سنوات طويلة، تكون خائفة من رد فعل الجمهور، وكأن هذا العمل هو العمل الأول لها، ومن هنا تراها خائفة على نفسها وعلى من يقف أمامها، والحق أنني مندهش كيف تكون نجمة بهذا الحضور والتاريخ الفني، ومع ذلك تتصرف بكل هذه البساطة والتواضع في حياتها اليومية».
ورغم أن «سيدتي أنا» تستعيد النص الأصلي لمسرحية «بجماليون» الذي كتبه برنارد شو عام 1912، فإن البعض لا يزال يقارن تلك التجربة الوليدة بمسرحية «سيدتي الجميلة» التي قدمها فؤاد المهندس وشويكار عام 1969، وهنا يوضح أنه لا مجال للمقارنة بينهما، فنسخة المهندس وشويكار رائعة، لكنه نص تم تمصيره، أما «سيدتي أنا» فالنص يقدم الأشخاص والأماكن كما ظهرت في النص الأصلي مع رؤية مختلفة. وعلى سبيل المثال، هناك مشاهد وشخصيات وأحداث موجودة في النسخة الأحدث، لا توجد نهائياً في نسخة المهندس.
ويضيف: «المهندس وشويكار في دمي وشراييني، سواء المسرح أو الأفلام، ولسنا في موضع مقارنة بهما، لكن كل ما هنالك أن لدينا رؤية جديدة ومختلفة تناسب 2023 كما تناسب خشبة المسرح القومي».
وحول ما يراه البعض من أن مسرحية «بجماليون» قُتلت بحثاً، وأن إعادة تقديمها هو نوع من اللعب في المضمون وخوف من المغامرة، يشير إلى أن تقديم الكلاسيكيات العالمية أمر ضروري طوال الوقت، مهما سبق من تناولها، بشرط أن تحمل رؤية جديدة، وألا تكون تكراراً للمعالجات السابقة، فضلاً عن أهمية بناء الوعي لدى الأجيال الجديدة بتلك الأعمال الكلاسيكية. هذه رسالة مهمة يجب أن يضطلع بها مسرح الدولة عموماً، والمسرح القومي بشكل خاص. لا بد من النهوض بالذوق العام لدى الناس، وتنمية الإحساس بالجمال لدى الجماهير، ولا يمكن التحجج بأن هذا العمل أو ذاك تم تقديمه هنا أو هناك.
وعما إذا كان ضعف الدعاية في مسرح الدولة قد جعله يشعر ببعض التردد أو التخوف، قال إن هناك أشياء كثيرة لو انشغلنا بها سنتوقف ولن نتحرك خطوة واحدة إلى الأمام. وهناك تاريخ من مبادرات الفنانين طوال الوقت لدعم وتنشيط مسرح الدولة، كما رأينا قديماً حسين فهمي وعزت العلايلي في «أهلاً يا بكوات»، وأخيراً يحيى الفخراني في «الملك لير». لو كل نجم تخوف من هذه العقبة أو تلك وهرب من مسرح الدولة، سوف نكون أنانيين ونفتقر للجرأة. مسرح الدولة شرف ومساندة لنا.
وحول ثلاثية المسرح والمسلسلات والسينما وكيف يرتب أولوياته بشأنها، أكد أن كل وسيلة منها لها مذاقها المختلف، فالمسرح يعطيك لذة رد الفعل الجماهيري المباشر والحي، بينما السينما تصنع تاريخك، أما الفيديو فيكاد أيضاً أن يصنع تاريخ النجوم بعد تطوره في السنوات الأخيرة.
ورغم أن لنضال الشافعي أعمالاً سينمائية بارزة مثل «الجزيرة» بجزأيه و«الديلر» و«الثلاثة يشتغلونها»، فإن البعض يشير إلى أن أفلامه الأخيرة لم تحقق الصدى المتوقع مثل «ضغط عالي» و«الورشة» و«زنزانة 7» فكيف يرى الأمر؟ يوضح أنه لا يتفق تماماً مع هذا الرأي، ففيلم «زنزانة 7» حقق نجاحاً وفق شباك التذاكر وحقق إيرادات لا تقل عن 30 مليون جنيه (نحو مليون دولار أميركي) في مصر، كما أنه بيع في دول الخليج بأرقام كبيرة رغم عرضه إبان أزمة «كورونا».
ويضيف: «فيلم (الورشة) تم إنتاجه كعمل فني خالص، وليست له علاقة بالسوق، وإنما هو فيلم مهرجانات كما يقال، أما فيلم (ضغط عالي)، فلم تكن له أي دعاية ولم يعرف أحد بوجوده أصلاً».
وأضاف: «الشاهد في كلامي أن هناك أخطاء حدثت وتعلمت منها في تلك التجارب السينمائية، فربما يكون التمثيل عظيماً، لكن هناك مشكلات تخص الدعاية والتسويق أو التوزيع قد تؤثر عليه».
وحول تراجعه عن تقديم اللون الكوميدي في المسلسلات أو السينما أخيراً، أشار إلى أن الكوميديا لون صعب وبحاجة إلى كتابة جيدة، وإنتاج قوي، خصوصاً في وجود مفهوم خاطئ داخل صناعة السينما أن الكوميديا مجرد حوارات ضاحكة بين ممثلين، ولا داعٍ لديكور رائع أو إضاءة مميزة أو إخراج بارع. لذلك تراجعت عن هذا اللون، وذهبت للأدوار المركبة حتى لا يتم تنميطي في الكوميديا.