أثار كلام الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، مارك زوكربيرغ، أخيراً عن أن تطبيق «إنستغرام» قد «ارتفع عدد مستخدميه النشطين شهرياً إلى 3 مليارات مُستخدم»، تساؤلات بشأن فرص تقديم الأخبار عبر الفيديوهات القصيرة. وذكرت «ميتا» الشركة المالكة لـ«إنستغرام» أن أحد أبرز عوامل نمو عدد المستخدمين النشطين كان المقاطع المصورة القصيرة (الريلز)، التي أُطلقت عام 2020 لتتيح إنشاء محتوى قصير ومشوّق.
لقد كان الغرض من هذه الخاصية في بادئ الأمر مجرد المنافسة مع تطبيقات، مثل: «يوتيوب شورتس» (المملوك لشركة «غوغل») و«تيك توك»، غير أن هذه الخاصية كانت الأبرز بين تفضيلات المستخدمين وساهمت في نمو أسرع لتطبيق «إنستغرام» خلال وقت لاحق. ووفق دراسة لمركز «بيو» للأبحاث، نهاية العام الماضي، فإن نحو 30 في المائة من مستخدمي «إنستغرام» في الولايات المتحدة يحصلون بانتظام على الأخبار عبر المنصة، بينما أفاد 52 في المائة بأنهم يشاهدون محتوى خبرياً؛ سواء عبر الروابط أو لقطات الشاشة، في حين يرى 44 في المائة أخباراً عاجلة أثناء وقوع الأحداث البارزة.
حاتم الشولي، المشرف على تحرير الإعلام الرقمي في قناة «الشرق للأخبار»، قال إن «إنستغرام» بات إحدى أهم المنصات لوسائل الإعلام المختلفة، لأن معدلات وصوله ضخمة، وأشار في كلامه لـ«الشرق الأوسط» إلى قيمة مضافة يتميز بها التطبيق، موضحاً أن «فيسبوك» بات منصة تستهدف شريحة عمرية أكبر نسبياً، بينما «تيك توك» يجتذب «الجيل زد»، فيما هم أصغر، في حين أن «إنستغرام» يُعدّ واجهة رقمية تجمع الفئتين، الشباب والأكبر عمراً، وبالتالي بات المنصة الوحيدة التي تجمع شرائح عمرية واجتماعية متنوعة. وأضاف: «هذه الميزة تُعدّ فرصة لوسائل الإعلام لتحقيق انتشار ومعدلات وصول أوسع».
على الرغم من النظرة المتفائلة التي بدت في حديث الشولي، فإنه أشار إلى تحديات تواجه الأخبار، أهمها «معضلة الخوارزميات الخاصة بأي تطبيق مملوك لشركة (ميتا) تحديداً، التي لا تبرز الأخبار كأولوية مقارنة بأنماط أخرى، مثل المحتوى الترفيهي، بينما تحد من نسبة وصول الأخبار للمستخدمين».
ويرى شولي أن أمام الناشرين فرصة في «إنستغرام»، وأن «الاستراتيجية الأنسب للناشرين للاستفادة من (إنستغرام) هي الحضور المكثف، لكن ليس بالشكل النمطي للأخبار، بينما هذه منصة ترفيهية بالأساس. ومن ثم، فتقديم الأخبار من خلالها يتطلب ابتكاراً وتنوعاً في المحتوى والشكل الخاص بنماذج طرح الأخبار». وأضاف: «(الريلز) الآن من أهم أدوات نشر الأخبار عبر (إنستغرام). ومن حسن الحظ، فهي كانت الأداة الأبرز في تحقيق النمو للتطبيق»، لافتاً أن «اللقطات السريعة والمباشرة هي الأكثر تأثيراً على (إنستغرام). وعليه، لم يعد هناك داعٍ للإسهاب، عندما يكفي أن تصل إلى المستخدم من خلال فيديو يركز على خبر واحد في 30 ثانية».
من جهة ثانية، أشار شولي إلى مميزات أخرى تعزز الخدمة الإخبارية، موضحاً أن «(إنستغرام) يوفر ألبومات الصور التي تساهم في تعزيز التفاعل مع الجمهور، فضلاً عن خاصية (الستوري)؛ حيث نسبة جيدة من الجمهور قد تصل إلى الموقع الإلكتروني للأخبار عبر هذه الخدمة».
جدير بالذكر أن «ميتا» كانت قد اشترت «إنستغرام» عام 2012 مقابل مليار دولار، وهي صفقة أثارت حينذاك تساؤلات بشأن استراتيجية الشركة؛ إذ كان التطبيق حينها مجرد منصة لمشاركة الصور من دون تحقيق إيرادات تُذكر.
هنا يعلّق خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في مصر والمملكة العربية السعودية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الجمهور بات يميل إلى الأخبار المختصرة والمحتوى المباشر، وأردف أن «جميع وسائل الإعلام غدت مُجبرة على مسايرة احتياج الجمهور، وتلبية رغباته التي تحولت بشكل كبير، وأصبحت تميل إلى المكثف، والتفاعلي، والمبتكر. أما نشرات الأخبار الطويلة فلم تعد الأقرب للجمهور».
وعزا عبد الراضي تغيير سلوكيات الجمهور إلى «تأثير منصة (تيك توك) التي نجحت في استقطاب الشباب وتغيير تفضيلاته». غير أنه حذّر من المبالغة في الاتجاه نحو المحتوى القصير لمجاراة المنصات، شارحاً أن «المبالغة في الاختصار بغرض الحضور على منصات، مثل (إنستغرام)، قد تجعل صُناع الأخبار يقعون في أخطاء مهنية، مثل تجاهل تفاصيل مفصلية في القصة الخبرية، أو الاعتماد على محتوى مجتزأ لا يوفي بمعايير الدقة والمهنية».
وتابع أن «المحتوى القصير على (إنستغرام) قد يكون مدخلاً جذاباً لتحليلات أعمق تأتي لاحقاً».



