تسخير الذكاء الاصطناعي لتطوير الموارد البشرية وإدارة المواهب بفاعلية

من أتمتة المهام إلى شريك استراتيجي

«باين آند كومباني»: الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد أداة لتحسين الكفاءة بل وسيلة لتحويل الموارد البشرية إلى قوة دافعة (أدوبي)
«باين آند كومباني»: الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد أداة لتحسين الكفاءة بل وسيلة لتحويل الموارد البشرية إلى قوة دافعة (أدوبي)
TT

تسخير الذكاء الاصطناعي لتطوير الموارد البشرية وإدارة المواهب بفاعلية

«باين آند كومباني»: الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد أداة لتحسين الكفاءة بل وسيلة لتحويل الموارد البشرية إلى قوة دافعة (أدوبي)
«باين آند كومباني»: الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد أداة لتحسين الكفاءة بل وسيلة لتحويل الموارد البشرية إلى قوة دافعة (أدوبي)

يشهد مجال إدارة الموارد البشرية تحولاً جذرياً بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يسهم في إعادة تشكيل الأدوار والعمليات داخل المؤسسات. تكشف دراسة حديثة لشركة «باين آند كومباني» عن الأثر الإيجابي لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «تشات جي بي تي»، موضحة كيف يمكنها تمكين الموارد البشرية من التحول إلى شريك استراتيجي حقيقي يدعم النمو والابتكار.

سيرج عيد الشريك في شركة «باين آند كومباني» بمنطقة الشرق الأوسط متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (باين آند كومباني)

أتمتة المهام الروتينية لتعزيز الكفاءة

أوضحت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتيح لفرق الموارد البشرية توفير وقت يصل إلى 35 في المائة من خلال أتمتة المهام الروتينية مثل فرز السير الذاتية وجدولة المقابلات وتحليل البيانات. يقول سيرج عيد، الشريك في شركة «باين آند كومباني» بمنطقة الشرق الأوسط، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه من خلال أتمتة هذه المهام، يمكن لفرق الموارد البشرية التركيز على بناء ثقافة عمل إيجابية وزيادة مشاركة الموظفين، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية. ويضيف أن هذه التقنيات تتيح تحسين الشفافية والعدالة في التوظيف من خلال تحليل المقابلات في الوقت الفعلي والكشف عن التحيزات، ما يضمن بيئة عمل أكثر إنصافاً.

من العمليات التشغيلية إلى الأدوار الاستراتيجية

يُمكّن الذكاء الاصطناعي التوليدي الموارد البشرية من الانتقال من المهام الإدارية إلى أدوار استراتيجية تدعم الأهداف المؤسسية. يعد سيرج عيد أن الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في الموارد البشرية، حيث يتيح لفرق العمل تصميم خطط توجيه وظيفية شاملة وتوفير محتوى تعليمي ديناميكي، ما يضع التركيز على تعزيز تجربة الموظف ودفع القيمة للأعمال.

على سبيل المثال، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الأداء وتحديد فجوات المهارات واقتراح طرق لتطويرها. هذا يساعد المؤسسات على التخطيط التنبؤي للقوى العاملة وتلبية احتياجاتها المستقبلية.

الفرص الواعدة في الشرق الأوسط

وفقاً لعيد، يوفر الشرق الأوسط فرصاً كبيرة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية، نظراً للتنوع الثقافي وسرعة نمو القوى العاملة. تشمل الفرص الرئيسية:

- التكيف مع السياق المحلي: من خلال دعم حلول متعددة اللغات تراعي الخصوصيات الثقافية.

- تطوير المهارات: عبر سد فجوات المهارات بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية الإقليمية.

- التخطيط التنبؤي للقوى العاملة: يتم ذلك بإعداد المؤسسات للتغيرات في أسواق العمل سريعة التطور.

- دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: توفير حلول فعالة من حيث التكلفة تدعم نمو هذه الشركات التي تُعتبر أساساً للاقتصاد الإقليمي.

«باين آند كومباني»: يساعد الذكاء الاصطناعي الموارد البشرية على التحول من المهام الإدارية إلى أدوار استراتيجية (أدوبي)

التحديات والتغلب عليها

وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة، تواجه المؤسسات تحديات عدة عند دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية. يشدد عيد على أن أهمية إدارة التغيير من خلال التغلب على مقاومة التكنولوجيا الجديدة. ويشير أيضاً إلى مسألة التحيز في الخوارزميات وضرورة ضمان تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على بيانات متنوعة لتجنب التمييز. هذا وتعد فجوات المهارات من التحديات البارزة التي يجب تدريب فرق الموارد البشرية على استخدام أدواتها بفاعلية. ويشير سيرج عيد أيضاً إلى المخاوف السائدة بشأن الخصوصية، حيث من الأهمية التأكد من أن بيانات الموظفين تُدار بأمان وأخلاقية.

وللتغلب على هذه التحديات، يوصي عيد بتطبيق أطر حوكمة قوية، والاستثمار في برامج تدريبية، والتعاون مع مزودي حلول موثوقين لتعزيز الثقة والشفافية.

تحول استراتيجي في الموارد البشرية

تشير تحليلات «باين آند كومباني» إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يوفر للمؤسسات فرصة لإعادة هيكلة فرق الموارد البشرية وتطوير مهاراتها. يقول جون هازان، الشريك ورئيس حلول المواهب في الشركة، إن «تبني الذكاء الاصطناعي يمكّن قادة الموارد البشرية من التركيز على الابتكار وتصميم ثقافة عمل قوية، بينما تركز فرق إدارة المواهب على تحليلات البيانات المتقدمة».

يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي خطوة محورية في تحويل الموارد البشرية إلى شريك استراتيجي فعّال في المؤسسات. من خلال أتمتة المهام الروتينية وتعزيز التحليلات التنبؤية، يُمكن لهذه التقنيات أن تُسهم في بناء بيئات عمل أكثر شمولية وابتكاراً.


مقالات ذات صلة

نوافذ ذكية تنظّم نقل الضوء والحرارة

تكنولوجيا تعتمد النوافذ الذكية على جسيمات نانوية دقيقة تتلاعب بالضوء والحرارة من خلال عمليات التبعثر والامتصاص (أدوبي)

نوافذ ذكية تنظّم نقل الضوء والحرارة

تُعدل جسيمات نانوية دقيقة من شفافية وخصائص النوافذ الحرارية في الوقت الفعلي.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)

40 % من شركات الطاقة ستعتمد الذكاء الاصطناعي في غرف التحكم بحلول 2027

الذكاء الاصطناعي سيقلل من المخاطر الناتجة عن الأخطاء البشرية ولكن سيؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «ساس»: ستقود الشركات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي عام 2025 وتعمل على أتمتة المهام لاتخاذ قرارات أسرع والابتكار (أدوبي)

بين تحولات وتحديات... ما رؤية شركة «ساس» للذكاء الاصطناعي في 2025؟

«ساس»: سيصل إنفاق الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا على الذكاء الاصطناعي إلى 7.2 مليار دولار بحلول 2026.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شعار البنك المركزي السعودي في مؤتمر التقنية المالية (تصوير: تركي العقيلي)

«المركزي السعودي» يتيح خدمة «غوغل باي» خلال 2025

وقَّع البنك المركزي السعودي (ساما) وشركة «غوغل» اتفاقية لإتاحة خدمة الدفع «غوغل باي» خلال هذا العام، عبر نظام المدفوعات الوطني (مدى) في المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا «ديب سيك V3» نموذج ذكاء اصطناعي متطور يتيح تلخيص المقالات وتحليل الصور والفيديوهات والإجابة عن الأسئلة بدقة عالية (أبل)

«ديب سيك» تطلق تطبيقها الرسمي المنافس لـ«تشات جي بي تي»

طرحت شركة «ديب سيك» (DeepSeek)، الشركة الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تطبيقها الرسمي على متجر تطبيقات «أبل».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

40 % من شركات الطاقة ستعتمد الذكاء الاصطناعي في غرف التحكم بحلول 2027

«غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)
«غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)
TT

40 % من شركات الطاقة ستعتمد الذكاء الاصطناعي في غرف التحكم بحلول 2027

«غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)
«غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)

كشف استطلاع حديث لشركة «غارتنر للأبحاث» أن 40 في المائة من شركات الطاقة الكهربائية والمرافق ستقوم بنشر مشغلين معززين بالذكاء الاصطناعي في غرف التحكم لديها من أجل تقليل المخاطر الناتجة عن الأخطاء البشرية، ولكن ستؤدي هذه الخطوة في الوقت ذاته إلى زيادة نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية.

وأشار استطلاع «غارتنر 2025» للرؤساء التنفيذيين لشؤون تكنولوجيا المعلومات والمسؤولين التنفيذيين للتكنولوجيا إلى أن 94 في المائة من الرؤساء التنفيذيين لشؤون التكنولوجيا لدى شركات الطاقة الكهربائية والمرافق يخططون لزيادة استثمارات الذكاء الاصطناعي في عام 2025، مع متوسط زيادة في الإنفاق يقدر بنحو 38.3 في المائة.

وقالت جو آن كلينش المحلل والمدير الأول لدى «غارتنر» إن اتخاذ القرار البشري يعد عنصراً حاسماً ولكنه أيضاً عامل رئيسي في الحوادث التي تقع في القطاع الصناعي. وذكرت أن العمليات المعززة بالذكاء الاصطناعي توفر حلاً مناسباً في هذا السياق، إذ إنها تقوم عند إدارتها على نحو جيد بأداء المهام بشكل متكرر وبدقة ودون تحيز.

يُعد اتخاذ القرار البشري ضرورياً ولكنه أحد أسباب الحوادث في القطاع الصناعي ما يجعل الذكاء الاصطناعي بديلاً أكثر دقة واستمرارية (أدوبي)

التحول عبر تصميم عمليات ذكية

يشهد قطاع الطاقة الكهربائية والمرافق تحولاً من النموذج التقليدي للأصول المملوكة من قبل شركات المرافق، مدفوعاً بالتقدم التقني والتطور اللذين تشهدهما مواقف العملاء منها. وستساهم اللامركزية المستقبلية عبر موارد الطاقة الموزعة مثل الألواح الشمسية وتخزين الطاقة، في تمكين تطبيق السلوكيات الدائرية الديناميكية، ما يتيح للأصول الذكية المملوكة من قبل العملاء تحقيق أهدافها المتعلقة بالتكلفة والإنتاج والراحة.

وأضافت كلينش أنه يجب على الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات في شركات الطاقة الكهربائية والمرافق التركيز على تصميم عمليات ذكية من أجل دمج هذه الأصول في منظوماتها الرقمية. وسيساعد كل من الاستثمار في البنى التحتية للبيانات والتحليلات والتحول إلى الخدمات القائمة على السحابة والاستعداد لدمج الذكاء الاصطناعي في عمليات غرف التحكم، هؤلاء المسؤولين التنفيذيين في هذا المجال الجديد والتنافسي.

إدارة مخاطر الأمن الإلكتروني

يساهم نشر المشغلين المعززين بالذكاء الاصطناعي في غرف التحكم في تقليل مخاطر الأخطاء البشرية ويعزز الكفاءة من خلال معالجة البيانات بصورة آنية والصيانة التنبؤية والكشف التلقائي عن الانحرافات. وإلا أن التحول يؤدي إلى زيادة مخاطر نقاط الضعف في أمن الأنظمة المادية والإلكترونية، الأمر الذي يتطلب استثمارات ملموسة في معايير أمن إلكتروني أكثر تقدماً، والامتثال للتشريعات المتطورة.

وتعد كلينش أنه من المهم أن تؤسس الشركات لآليات حماية مثل ضوابط إمكانية الوصول ونطاق التطبيق وذلك فيما يخص نشر أدوات الذكاء الاصطناعي والبيانات التي يمكن لهذه الأدوات الوصول إليها.

وتردف: «يجب على الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات تطوير استراتيجية ذكاء اصطناعي تتناغم مع الأهداف التجارية، ومدعومة بالإدارة الجيدة وأطر الأمن الإلكتروني الراسخة، وضمان تدريب القوى العاملة وتحديث البنى التحتية من أجل الوصول إلى إدارة فعالة وضمان إمكانية التطوير المستقبلي».

تنصح الدراسة بالتركيز على تصميم عمليات ذكية ودمج الأصول الموزعة في الأنظمة الرقمية لتعزيز الكفاءة (أدوبي)

نصائح للاستفادة من الذكاء الاصطناعي

وبهدف إتمام هذا التحول إلى عمليات معززة بالذكاء الاصطناعي والاستفادة الكاملة من ذكاء عملية اتخاذ القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، توصي «غارتنر» الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات في شركات الطاقة الكهربائية والمرافق بوضع خطة شاملة لدمج الذكاء الاصطناعي وتحديد المجالات الرئيسية في عمليات غرف التحكم التي يمكن فيها للذكاء الاصطناعي تقليل الأخطاء البشرية ووضع ضوابط على التنفيذ والمراقبة بهدف التخفيف من المخاطر.

كما تشدد على أهمية نشر ممارسات أمن إلكتروني متقدمة والاستثمار في تدابير متطورة مصممة خصيصاً لأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل الأمن الإلكتروني المعزز بالقدرات الكمومية. أيضاً إجراء عمليات تدقيق دورية للعناصر الأساسية لسلامة الأمن الإلكتروني، بما في ذلك تقييم نقاط الضعف وتخطيط الاستجابة للحوادث.

ومن الأهمية بمكان تدريب موظفي غرف التحكم على تقنيات الذكاء الاصطناعي لضمان قدرتهم على التعاون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي بكفاءة، والتأكيد على أهمية الإشراف، وتفسير مخرجات الذكاء الاصطناعي، واعتماد التفكير النقدي في اتخاذ القرار.