هل تستطيع «أبل» رؤية ما تفعلونه في أثناء ارتداء خوذة «فيجن برو»؟

وسائل قوية لحماية الخصوصية رغم عديد الكاميرات والميكروفونات والمستشعرات

هل تستطيع «أبل» رؤية ما تفعلونه في أثناء ارتداء خوذة «فيجن برو»؟
TT

هل تستطيع «أبل» رؤية ما تفعلونه في أثناء ارتداء خوذة «فيجن برو»؟

هل تستطيع «أبل» رؤية ما تفعلونه في أثناء ارتداء خوذة «فيجن برو»؟

منذ أبصر هاتف «آيفون»، النور عام 2007، لم يحظَ منتجٌ بالتغطية الإعلامية التي تحظى بها «فيجن برو Vision Pro»، فقد شهدت خوذة «أبل» عدداً لا يُعدّ ولا يُحصى من التقييمات ومقالات الرأي التي استكشفت إمكاناتها، وعمد بعضُها إلى طرح أسئلة حول تداعيات هذا الجهاز على الخصوصية.

تصميم مدجج بكاميرات وميكروفونات ومستشعرات

بالطبع، يوجد سبب وجيه للشعور بالقلق من الأجهزة المنزلية المدجّجة بالميكروفونات، والكاميرات، وأجهزة الاستشعار –وخوذة «أبل» تحتوي على الكثير منها.

يصرّح موقع «أبل» الإلكتروني بأنّ «فيجن برو» مجهّزة بنظام كاميرا تجسيمي ثلاثي الأبعاد، وكاميرتين أساسيتين عاليتي الدقّة، وكاميرا «ترو دبث TrueDepth camera»، وماسح «ليدار LiDAR» (لتحديد المسافات ضوئياً)، و4 وحدات قياس القصور الذاتي، وجهاز استشعار ومضيّ، وجهاز استشعار للضوء المحيط، ونظام من 6 ميكروفونات بترشيح مكاني اتجاهي.

لا تتيح أجهزة الاستشعار هذه لخوذة «فيجن برو» معرفة كلّ شيءٍ عن محيطكم لتتمكّن من إسقاط عناصر الكومبيوتر المكانية في محيطكم فحسب، بل تسمح لها أيضاً بمعرفة ما تبحثون عنه.

حماية الخصوصية مثيرة للإعجاب

توحي أجهزة الاستشعار هذه جميعها كأنّ «فيجن برو» مصمَّمة لعميل استخباراتي، ولكن في حال كنتم قلقين من احتمال استخدام الخوذة للتجسّس عليكم في منزلكم، اطمئنوا، لأنّ «أبل» جعلت هذا الأمر مستحيلاً. فقد نشرت الشركة أخيراً تصريحاً رسمياً تتحدّث فيها بالتفصيل عن عشرات تدابير حماية الخصوصية في «فيجن برو»، وبعضها مثيرٌ حقاً للإعجاب ويستحقّ الثناء.

* ميزة «بيرسونا»

على سبيل المثال، ابتكرت «أبل» ميزة ممتعة اسمها «بيرسونا Persona»، (الشخصية)، وهي عبارة عن نسخة معاد ابتكارها من وجهكم يراها المشاركون الآخرون في أثناء ارتدائكم الخوذة خلال اتصال «فيس تايم» مثلاً؛ ولا داعي للقلق من فكرة استخدام أحدهم خوذتكم وانتحال صفتكم لسرقة المال في اتصال هاتفي.

تحصل «بيرسونا» على الحماية من ميزة «أوبتيك آي دي»، (الهوية البصرية)، وهي تقنية شبيهة ببصمة الوجه، تعتمد على مسح القزحية. إذن، في حال وضع أحدهم خوذتكم –حتّى ولو كان يعرف الرمز السري للدخول إلى الجهاز– لن يستطيع تفعيل «بيرسونا» في ظلّ تشغيل ميزة «الهوية البصرية»، حتّى إنّها لن تعمل في حال سمحتم لأحدهم باستخدام الخوذة بوضع الضيف.

* تشفير البيانات

الميزة الثانية التي تستحقّ الثناء هي حاجة «فيجن برو» لرؤية محيطكم لتتمكّن من إسقاط نوافذ الحوسبة المكانية «فيجن OS» والتطبيقات أمامكم.

تحتوي الخوذة على عددٍ هائل من الكاميرات وأجهزة الاستشعار، لذا لا عجب من قلق الناس من انكشاف تفاصيل منازلهم ومحتواها لـ«أبل»، وتطبيقات الطرف الثالث، وحتّى الوكالات الحكومية. ولكن هل يجب أن نقلق حقاً من اطلاع «فيجن برو» على معلومات حسّاسة في حياتنا، كالفواتير الصحية؟

تُطمئن «أبل» زبائنها إلى أنّ كلّ المعلومات عن المنزل ومحتوياته وأي تفاصيل أخرى تُخزّن محلياً على الخوذة نفسها، وتخضع للتشفير، ولا تُرسل أبداً إلى «أبل» أو للأطراف الثالثة، حتّى إن التطبيقات التي تحمّلونها على الجهاز لا يمكن أن تصل إلى البيانات الحساسة إلّا في حال منحتموها الإذن بذلك. ولأنّ هذه المعلومات لا تُرسل ولا تُخزّن من «أبل»، لا تستطيع الأخيرة مشاركة تفاصيل منزلكم الداخلية مع أي طرف.

حواجز أمام المواقع والتطبيقات الإلكترونية

* منع تغلغل التطبيقات والمواقع الإلكترونية

وأخيراً وليس آخراً، أبدعت «أبل» في ميزة الخصوصية الثالثة، التي تمنع المواقع الإلكترونية، وحتّى الموقع نفسه الذي يتصفّحه المستخدم، من معرفة ما يبحث عنه. تتعقّب «فيجن برو» حركة عينَي المرتدي، أي إنّها تعرف ما تبحثون عنه طوال الوقت، وهذا التعقّب هو ما يتيح للمستخدم التفاعل بواسطة زرّ أو رابط إلكتروني بمجرّد نقر إصبعيه ببعضهما.

تعي «أبل» جيّداً أنّ المكان الذي ننظر إليه قد يكشف عن الكثير عن نياتنا، ولهذا السبب، تمنع المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي يتصفّحها المستخدم وهو يرتدي الخوذة من معرفة الأشياء التي ينظر إليها. وهذا يعني أنّ الموقع الذي تتصفّحونه يُدرك إلى أين تنظرون فقط عند النقر للتفاعل معه، فقط في هذه اللحظة، لا قبلها ولا بعدها.

على سبيل المثال، لنقل إنّ المستخدم يتصفّح بحثاً عن ملابس على موقع «وول مارت» عبر محرّك «سفاري» وبواسطة خوذة «فيجن برو»؛ ينظر بعينيه إلى عشرات الفساتين المعروضة على الصفحة، ومن ثمّ يرصد الفستان الصحيح. وخلال التصفّح، يركّز المستخدم على خيار أكثر من آخر.

تستفيد متاجر «وول مارت» كثيراً من معرفة الخيارات التي ركّزت عليها عينا المستخدم، والأخرى التي مرّت عليها مرور الكرام، وتستخدم هذه المعلومات القيّمة في الإعلانات المستهدِفة وتصنيف الزبائن. ولكنّ «أبل» تمنع المواقع الإلكترونية من معرفة ما وقعت عليه عينا المستخدم على صفحتها حتّى يعمد إلى النقر بإصبعه على الرابط أو الصورة.

هذه الإجراءات الحمائية وغيرها المدمجة في «فيجن برو» ليست مفاجئة، نظراً لالتزام «أبل» الصريح والعلني الخصوصية.

ولكن هل هذا يعني أنّ «فيجن برو» آمنة مائة في المائة؟ لا طبعاً، لأنّه لا يوجد جهازٌ آمن بالكامل، إلّا أنّ الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الشركة منذ اليوم الأوّل تبشّر ببداية مطمئنة للجهاز القادر على معرفة أكثر التفاصيل خصوصية عنكم وأكثر من أي جهاز سبقه.

* مجلّة «فاست كومباني» – خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

أوروبا شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا تجربتي مع  «أبل إنتليجنس»

تجربتي مع «أبل إنتليجنس»

أصدرت «أبل» أخيراً تحديثاً لأنظمة التشغيل الخاصة بها قدم بدايات مجموعة جديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي تسمى «أبل إنتليجنس» «أبل» Intelligence. «ذكاء أبل»…

جيم روسمان (واشنطن)
الاقتصاد عملاء يسيرون أمام شعار «أبل» داخل متجر الشركة بمحطة «غراند سنترال» في نيويورك (رويترز)

السيولة النقدية ترتفع لـ325 مليار دولار... وارن بافيت يخفض حيازته لأسهم «أبل» لمستوى قياسي

واصل رجل الأعمال الأميركي وارن بافيت وشركة بيركشاير هاثاواي، تخارجهما من سوق الأسهم في الربع الثالث، إذ خفضا حيازاتهما في «أبل» لمستوى قياسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا صورة نشرتها «أبل» تكشف عن حجم «ميني ماك» الجديد (الشرق الأوسط)

«أبل» تكشف عن آخر إصدارات جهاز «ميني ماك» بمعالج جديد

أزاحت «أبل» الستار، الثلاثاء، عن جهاز جديد، يتمثّل في «ماك ميني»، المعزّز بمعالج M4، وشريحة M4 Pro الجديدة، مشيرةً إلى أن تصميمه الجديد.

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا جهاز «آيفون 15» معروض في أحد متاجر بالي بإندونيسيا (إ.ب.أ)

«أبل» تبشّر بعصر جديد لأجهزتها بعد تشغيل الذكاء الاصطناعي التوليدي

شغّلت «أبل»، الاثنين، أول نظام ذكاء اصطناعي توليدي لها، «أبل إنتلجنس»، على الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر والأجهزة اللوحية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.