تصميم وسائل التواصل الاجتماعي يسهل نشر الأخبار الكاذبة

نهج جديد لمكافأة المستخدمين المتشاركين بالمراسلات الحقيقية

تصميم وسائل التواصل الاجتماعي يسهل نشر الأخبار الكاذبة
TT

تصميم وسائل التواصل الاجتماعي يسهل نشر الأخبار الكاذبة

تصميم وسائل التواصل الاجتماعي يسهل نشر الأخبار الكاذبة

هل وسائل التواصل الاجتماعي مصممة لمكافأة الناس على التصرف السيئ؟

من الواضح أن الإجابة هي نعم... نظراً لأن لبّ المكافأة على منصات التواصل الاجتماعي يعتمد على الشعبية، كما يتضح من عدد الردود - الإعجابات والتعليقات - التي تتلقاها المراسلة المنشورة من المستخدمين الآخرين. ثم، وبعد ذلك، تعمل خوارزميات التصميم على تضخيم انتشار المنشورات التي جذبت الانتباه.

لا تعد مشاركة المحتوى المقروء على نطاق واسع، مشكلة بحد ذاتها. لكنها تصبح مشكلة عندما يتم إعطاء الأولوية للمحتوى المثير للجدل الذي يثير الانتباه، حسب التصميم.

تصميم لمراسلات جذابة

نظرا لتصميم مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يتيح للمستخدمين تشكيل عادات لمشاركة المعلومات الأكثر جاذبية تلقائياً بغض النظر عن دقتها والضرر المحتمل لها. وهكذا يتم تضخيم البيانات الهجومية، والهجمات على المجموعات الخارجية، والأخبار الكاذبة، وغالباً ما تنتشر المعلومات المضللة بشكل أكبر وأسرع من الحقيقية.

وكتب كل من إيان أندرسون وجيزم سيلان الباحثان في علم النفس بجامعتي ساوث كاليفورنيا، وييل، وويندي وود البروفسورة السابقة بجامعة ساوث كاليفورنيا في دراسة قدمت إلى قمة جائزة نوبل لعام 2023، أنهم يعتقدون أن «وسائل التواصل الاجتماعي لديها بالفعل القدرة على خلق عادات المستخدم لمشاركة محتوى عالي الجودة. فبعد إجراء بعض التعديلات على هيكل المكافآت لمنصات التواصل الاجتماعي، يبدأ المستخدمون في مشاركة المعلومات الدقيقة والقائمة على الحقائق».

إن مشكلة تبادل المعلومات المضللة المدفوعة بالعادات، كبيرة. ويُظهر بحث أجرته منصة «فيسبوك» أن القدرة على مشاركة المحتوى الذي تمت المشاركة به بالفعل بنقرة واحدة، تؤدي إلى تبادل معلومات مضللة. أما المحتوى الذي تمت إعادة مشاركته مرتين فيقدم نسبة 38 في المائة من مشاهدات المعلومات النصية الخاطئة و65٪ من مشاهدات المعلومات المضللة الفوتوغرافية.

إعادة هيكلة المكافآت

وبهدف التحقيق في تأثير هيكل المكافآت الجديد، قال الباحثون الثلاثة إنهم قدموا مكافآت مالية لبعض المستخدمين لمشاركة محتوى دقيق وعدم مشاركة معلومات مضللة. وتحاكي هذه المكافآت المالية التعليقات الاجتماعية الإيجابية، مثل الإعجابات، التي يتلقاها المستخدمون عادةً عند مشاركة المحتوى على المنصات.

وأضافوا: «في الأساس، أنشأنا هيكلاً جديداً للمكافأة يعتمد على الدقة بدلاً من الاهتمام. وكما هو الحال في منصات التواصل الاجتماعي الشعبية، تعلم المشاركون في بحثنا ما حصلوا عليه من خلال مشاركة المعلومات ومراقبة النتيجة، دون أن يتم إخطارهم صراحةً بالمكافآت مسبقاً. هذا يعني أن التدخل -من قبلنا- لم يغير أهداف المستخدمين، بل غير فقط تجاربهم عبر الإنترنت».

بعد التغيير في هيكل المكافأة، تشارك المستخدمون بمحتوى أكثر دقة بشكل ملحوظ. والأمر الأكثر أهمية هو أن المستخدمين استمروا في مشاركة المحتوى الدقيق حتى بعد إزالة المكافآت من أجل الدقة في جولة لاحقة من الاختبار.

تظهر هذه النتائج أنه يمكن منح المستخدمين حوافز لمشاركة المعلومات الدقيقة.

وتشجع منصات وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمين على مشاركة المحتوى الذي يجذب الانتباه والذي يشرك الآخرين على حساب الدقة والأمان، لأن المحتوى الذي يجذب الانتباه يبقي المستخدمين نشطين على المنصات.

ويوفر هذا النشاط لشركات التواصل الاجتماعي بيانات مستخدم قيّمة لمصدر إيراداتها الأساسي: الإعلانات المستهدفة. لذا، ومن الناحية العملية، قد تشعر شركات وسائل التواصل الاجتماعي بالقلق من أن تغيير عادات المستخدم يمكن أن يقلل من تفاعل المستخدمين مع منصاتهم.

ومع ذلك، توضح التجارب أن تعديل مكافآت المستخدمين لا يقلل من المشاركة الإجمالية. وبالتالي، يمكن لشركات التواصل الاجتماعي بناء عادات لمشاركة المحتوى الدقيق دون المساس بقاعدة مستخدميها. يمكن للمنصات التي تقدم حوافز لنشر محتوى دقيق أن تعزز الثقة وتحافظ على أو تزيد من التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

واختتم الباحثون القول: «في دراساتنا، أعرب المستخدمون عن مخاوفهم بشأن انتشار المحتوى المزيف، ما دفع البعض إلى تقليل مشاركتهم على المنصات الاجتماعية. لذا يمكن أن يساعد هيكل المكافأة المستند إلى الدقة في استعادة ثقة المستخدمين المتضائلة».

«فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

تكنولوجيا شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

أشعل اعتقال بافيل دوروف، مالك ومؤسس «تلغرام»، في فرنسا نقاشاً حول الإشراف على التطبيق ومشكلاته مع قوات إنفاذ القانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جناح شركة «تمارا» التي توفر خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» في السعودية والخليج بمعرض «ليب24» بالرياض (إكس)

«الفنتك» تغزو الهواتف... من السداد السريع إلى استثمار الأموال

تطبيقات التكنولوجيا المالية أصبحت جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه في حياة الجيل الجديد، وحددت «فنتك السعودية» 9 مجالات لهذه التطبيقات.

عبير حمدي (الرياض)
تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا هذه الإضافات متاحة باللغة الإنجليزية فقط وعلى عدد محدود من الأجهزة (شاترستوك)

«غوغل» تقدم ملحقين جديدين لـ«جيميناي» مصممين لهواتف «بيكسل 9»

هذه الميزات حصرية حالياً لأجهزة «بيكسل» الأحدث.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
TT

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)

في خطوة تعد من أبرز التطورات في مجال التكنولوجيا العصبية، طور فريق من العلماء والباحثين في جامعة كاليفورنيا، ديفيس (UC Davis Health) واجهة دماغ - حاسوب (Brain - Computer Interface - BCI) جديدة تهدف إلى مساعدة المرضى الذين يعانون من الشلل أو الأمراض العصبية، مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS)، على استعادة قدرتهم على التواصل باستخدام أدمغتهم مباشرةً. تعتمد هذه التقنية على تحويل الإشارات العصبية في الدماغ إلى نصوص منطوقة، مما يمكّن المرضى من «التحدث» بأفكارهم بدقة تصل إلى 97.5 في المائة.

ما هو التصلب الجانبي الضموري (ALS)؟

التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضاً باسم مرض «لو جيريج»، هو مرض عصبي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية التي تتحكم في الحركة في الجسم. هذا التدهور يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على الحركة، بما في ذلك الوقوف، والمشي، واستخدام اليدين، وحتى فقدان القدرة على التحكم في العضلات المستخدمة في الكلام، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق المفهوم.

التقنية الجديدة وكيفية عملها

التقنية الجديدة التي طورتها جامعة كاليفورنيا تعتمد على زرع مستشعرات في الدماغ، قادرة على تسجيل الإشارات العصبية عند محاولة المريض التحدث. ثم يتم تحويل هذه الإشارات إلى نص يظهر على شاشة الكومبيوتر، ويمكن قراءة النص بصوت عالٍ باستخدام صوت مصطنع يُشبه صوت المريض قبل فقدان قدرته على الكلام.

في إحدى الحالات التي تم توثيقها، تم زرع أربع مصفوفات من الأقطاب الدقيقة في منطقة من الدماغ، وهي مسؤولة عن تنسيق حركات الكلام. هذه الأقطاب سجلت نشاط الدماغ من 256 قطباً قشرياً، مما سمح للنظام بترجمة الإشارات العصبية إلى كلمات يمكن فهمها ونطقها بواسطة الكومبيوتر.

نتائج الدراسة والتجارب السريرية

أُجريت التجارب السريرية لهذه التقنية على مريض يدعى «كيسي هاريل»، رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من «ALS «. في غضون دقائق من تفعيل النظام، تمكّن كيسي من التواصل بأفكاره باستخدام الكلمات. أشارت النتائج إلى أن النظام حقق دقة تصل إلى 99.6 في المائة في الجلسة الأولى باستخدام مفردات تحتوي على 50 كلمة فقط. وعندما تم توسيع حجم المفردات إلى 125 ألف كلمة، استمرت الدقة عند 97.5 في المائة بعد ساعة إضافية من التدريب.

تأثير التكنولوجيا على جودة الحياة

أشارت التقارير إلى أن كيسي استخدم النظام لأكثر من 248 ساعة من المحادثات ذاتية الإيقاع، سواء كان ذلك شخصياً أو عبر دردشات الفيديو. تتيح هذه التكنولوجيا الجديدة للمرضى الذين فقدوا قدرتهم على الكلام بسبب الشلل أو الأمراض العصبية التواصل مرة أخرى مع أحبائهم وأصدقائهم ومقدمي الرعاية، مما يساهم في تحسين جودة حياتهم، وتقليل العزلة الاجتماعية التي قد يسببها فقدان القدرة على التواصل.

يعدّ تطوير واجهة الدماغ - الحاسوب لتحويل الأفكار إلى كلام خطوةً نوعية نحو تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عصبية معقدة مثل التصلب الجانبي الضموري. تقدم هذه التقنية أملاً جديداً في مجال الطب العصبي، وتعد بإحداث تغيير حقيقي في حياة المرضى وأسرهم. مع المزيد من البحث والتطوير، يمكن أن نشهد في المستقبل القريب تطبيقات أوسع لهذه التكنولوجيا المبتكرة في علاج حالات مرضية أخرى.