مع ازدياد الوعي العالمي بالقضايا البيئة والحملات المتتالية المحذرة من الاحتباس الحراري، تسعى الكثير من الشركات التكنولوجية البارزة للتوافق مع الممارسات المستدامة والتخفيف من بصمتها الكربونية.
وبالفعل، أظهرت مؤسسات تقنية عدة حول العالم التزامها بدمج المواد المعاد تدويرها ببراعة في خطوط إنتاجها.
لكن ما الذي يجعل منتجاً أن يكون مستداماً؟
الجواب ببساطة هو أن يكون هذا المنتج الإلكتروني غير ضار بالبيئة، أي أن تكون كل مرحلة من دورة حياته غير ضارة بالبيئة، بدءاً من التصميم ثم الإنتاج والتعبئة والشحن والتشغيل، وحتى الوصول إلى إعادة التدوير بعد الانتهاء من الاستخدام.
شركات تقنية عالمية تسعى للاستدامة
تبرز هنا أسماء كثيرة في المجال التقني، منها «إتش بي» و«آيسر» و«سوني» و«سامسونغ» و«مايكروسفت» و«كانون»، وغيرها.
فلو بدأنا مع شركة «آيسر»، يعدّ خط «فيرو» ( Vero) مثالاً للمنتجات المستدامة المصنوعة من مواد معاد تدويرها.
ويتضمن أيضاً خيار «eco +» في بعض أجهزة الكمبيوتر السماح للمستخدمين بالتحكم في فاعلية الطاقة وتقليل بصمتهم الكربونية.
ومن خلال مبادرة «Earthion» للعلامة التجارية، تتعهد شركة «آيسر» بأن منتجاتها الأساسية ستحتوي على 30 في المائة من المحتوى المعاد تدويره بعد الاستهلاك في منتجاتها بحلول عام 2025.
كما تسعى لتوفير مصادر كهرباء متجددة بنسبة 100 بالمئة بحلول عام 2035، وتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
الاستدامة وارتفاع الأسعار؟
تواجه أسعار المنتجات التي تتضمن مواد صديقة للبيئة بانتقادات، حيث تكون في أغلب الأحيان مرتفعة أكثر من تلك غير الصديقة للبيئة. إلا أن جومانا كرم، رئيس وحدة المنتجات والتسويق في «آيسر» (ACER) الشرق الأوسط ، تعدّ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أن ذلك الفارق البسيط في الأسعار هو شيء مبرر ومفيد للمستخدم على المديين القصير والبعيد، وأنه مفيد من ناحية تقليل استخدام الطاقة التشغيلية للمنتج». وتقول كرم: «إنه يجب النظر أيضاً إلى عمر المنتج الإلكتروني والمدة التي يكون صالحاً فيها للاستخدام وتكلفة أي إضافة قد تتطلبها عملية تطوير هذا المنتج أو تصليح أي خلل فيه». وتشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «نجاح (آيسر) في تقليل الفارق بين أسعار المنتجات الصديقة للبيئة أكثر في كل عام».
«لوجيتك» تسير في الاتجاه ذاته
حالياً، تشتمل لوحات المفاتيح و65 في المائة من أجهزة «الماوس» من «لوجيتك»، ومنها فأرة الألعاب اللاسلكي «Logitech G Pro X Superlight» التي تعدّ منتجاً محايداً تماماً للكربون، على بلاستيك معاد تدويره بعد الاستهلاك. وقد أدى ذلك إلى تقليل تأثير «لوجيتك» الكربوني بشكل كبير، وذهب إلى أبعد من التزام الشركة الأولي الوصول إلى 50 في المائة في عام 2020.
كما تخلصت «لوجيتك» مما يقرب من 8000 طن من البلاستيك البكر من منتجاتها في عام 2021، وهذا يعادل ما يقدر بنحو 19000 طن من ثاني أكسيد الكربون المحفوظة طوال دورة حياة المنتج.
«نيكون» تهدف إلى «صفر كربون»
ومن الأسماء التي تضاف إلى لائحة الشركات التي تعمل على خفض انبعاثات الكربون، هي «نيكون» التي تخطط للتقليل انبعاثاتها إلى «صفر تقريباً» بحلول عام 2050.
وقد قامت في عام 2021 بأهداف جديدة للحدّ من غازات الاحتباس الحراري تتمثل بخفض تلك الانبعاثات في منشآتها بنسبة 71.4 في المائة بحلول مارس (آذار) 2031.
الهواتف الذكية المجددة
تشكل صناعة الهواتف الذكية أحد التحديات البارزة في مجال الاستدامة الإلكترونية. فوفقاً لتقرير عن «Counterpoint Research» صادر في عام 2020، شهدت سوق الهواتف الذكية التي تم تجديدها عالمياً مبيعات بلغت 137 مليون وحدة؛ مما أدى إلى تحقيق إيرادات بقيمة 65 مليار دولار. تعد سوق الهواتف الذكية التي تم تجديدها مهمة للاستدامة؛ لأنه يطيل عمر الأجهزة ويقلل من الحاجة إلى موارد جديدة.
كما لفتت شركة «Fairphone»، وهي شركة تقنية أوروبية ناشئة، الانتباه إليها من خلال إنتاج هواتف ذكية من مصادر مستدامة ويمكن إصلاحها بسهولة.
وتمكنت الشركة من بيع نحو 95 ألف هاتف في عام 2019، وهو جزء صغير، ولكنه مهم في سوق الهواتف الذكية العالمية.
حقائق
التزامات الشركات أخرى
«غوغل» تلتزم باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المائة في عملياتها بحلول عام 2025.
«أمازون» تتعهد بتحقيق انبعاثات كربونية صافية صفرية بحلول عام 2040.
«مايكروسوفت» تحدد هدفاً يتمثل في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 80 في المائة بحلول عام 2030.
تقليل البصمة الكربونية
يشير مصطلح «البصمة الكربونية» إلى الكمية الإجمالية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري (ثاني أكسيد الكربون بشكل أساسي) التي يتم إنتاجها بشكل مباشر وغير مباشر من خلال الأنشطة أو دورات حياة المنتجات.
يمكن أن تختلف البصمة الكربونية لتوليد الكهرباء بشكل كبير اعتماداً على الأساليب ومصادر الوقود المستخدمة.
ووفقًا لـ«2022 Global Carbon Atlas»، بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية من إنتاج الكهرباء والحرارة إلى 14.9 مليار طن في عام 2021، بزيادة قدرها 3.3 في المائة عن عام 2020.
وكانت هذه الزيادة مدفوعة بعدد من العوامل، بما في ذلك الانتعاش الاقتصادي من وباء «كوفيد - 19» واستمرار استخدام الفحم لتوليد الطاقة.
وظلت حصة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة من إنتاج الكهرباء والحرارة من إجمالي الانبعاثات العالمية مستقرة نسبياً في السنوات الأخيرة، عند نحو 40 في المائة. ومع ذلك، فقد تغيرت تركيبة الانبعاثات، مع التحول عن الفحم إلى الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة.