ظاهرة «النينيو» المناخية تهدد مدغشقر بالجوع والجفاف

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 1 فبراير 2024 منظراً جوياً لمنطقة أنوسي بجنوب مدغشقر (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 1 فبراير 2024 منظراً جوياً لمنطقة أنوسي بجنوب مدغشقر (أ.ف.ب)
TT

ظاهرة «النينيو» المناخية تهدد مدغشقر بالجوع والجفاف

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 1 فبراير 2024 منظراً جوياً لمنطقة أنوسي بجنوب مدغشقر (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 1 فبراير 2024 منظراً جوياً لمنطقة أنوسي بجنوب مدغشقر (أ.ف.ب)

في قرية صغيرة جنوب مدغشقر، تحتمي عشرات النساء من الحرارة الحارقة تحت شجرة، في انتظار دورهنّ ليزنّ أطفالهن.

وتواجه هذه الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي منذ أكتوبر (تشرين الأول) شحّاً في كمية المتساقطات، في وقت تلوح في الأفق مخاوف من تفاقم الجوع في ظل ظاهرة «النينيو» المناخية.

وتتعرض البلاد لظواهر مناخية حادة كالعواصف والجفاف، في حين يتوقّع الخبراء أن تتفاقم بسبب التغير المناخي، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وتقول رينا غيلاني، منسقة الأمم المتحدة لأزمة المناخ المعنية بالاستجابة لظاهرة «النينيو»: إنّ «مدغشقر تواجه راهناً أزمة مناخية».

وتشير الأمم المتحدة إلى أنّ ما لا يقلّ عن 1.3 مليون شخص في مدغشقر، إحدى أفقر الدول بالعالم، يعانون أصلاً سوء التغذية.

وخلال السنوات الأخيرة، تعرضت منطقة شاسعة في جنوب مدغشقر لأسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود.

وتشير التوقعات المناخية إلى أنّ 2024 ستكون أكثر جفافاً، مع عواقب وخيمة على موسم الحصاد الذي يبدأ في مايو (أيار).

وتقول ناسولو، وهي أم لعشرة أبناء: «لا شيء ينمو في أرضنا. فكل ما نزرعه ييبس. نحن نعاني بسبب كل ما يحصل».

«كمية لا تكفي من الطعام»

وقد حضرت ناسولو برفقة أمهات أخريات إلى مركز اجتماعي في قرية مانيندرا لإخضاع أبنائها لمعاينة صحية.

وتعصف رياح جافة فوق الأراضي الترابية في حين تلامس درجات الحرارة 35 درجة مئوية.

وتقول أريسوا (37 عاماً) التي سارت سبعة كيلومترات لكي تزن ابنها البالغ سنة واحدة: «آتي كل أسبوعين لأتفقد وزنه وأطمئن عليه».

وعلمت قبل ثلاثة أشهر أن طفلها يعاني سوء تغذية حاداً؛ فوضع الفريق الطبي له سواراً لمراقبة كتلته العضلية.

وتقول بيأس: «كان عليّ إطعامه السمك والموز والأناناس، لكننا لا نملك ما يكفي من الطعام. فالأمطار لا تهطل».

وعلى الصعيد العالمي، كان 2023 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وفي الشهر الفائت، حذّرت المنظمة من أن 2024 قد يكون أكثر حرّاً لأن ظاهرة «النينيو» التي رُصدت في منتصف عام 2023، عادة ما تتسبب بارتفاع درجات الحرارة العالمية لعام بعد حدوثها.

وتقول غيلاني التي جالت في مدغشقر الأسبوع الفائت: إن أنظمة الإنذار المبكر للكشف عن المخاطر المناخية هي المفتاح لتوفير المساعدات كالبذور والطعام والأموال بصورة فورية.

وتحاول منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مساعدة المزارعين لمواجهة التحديات المناخية.

ويستخدم البعض تطبيقاً على الهواتف المحمولة يجمع بيانات الأرصاد الجوية الزراعية.

ويقول بيانفونو ماناسوا، الذي يزرع الذرة والفول السوداني، «إن هذا التطبيق يوفر لنا توقعات أفضل في ما يخص الأمطار والرياح ويساعدنا على اتخاذ قرارنا في ما إذا كنّا سنباشر بالزرع أم لا».

وتابع: «لقد غيّر حياتنا».

وبدأ آخرون بزراعة مزيد من البذور المقاومة للجفاف.

ويقول إيالي تسيفونانومبي، الذي يبيع بذوره لمنظمة الأغذية والزراعة: «اخترت زراعة الدخن؛ لأنه مغذٍ ولا يتطلّب كميات كبيرة من المياه».


مقالات ذات صلة

هل يمكن لباريس 2024 أن تصبح الأولمبياد الأكثر صداقة للبيئة؟

رياضة عالمية أولمبياد باريس سيكون الأكثر صداقة للبيئة (رويترز)

هل يمكن لباريس 2024 أن تصبح الأولمبياد الأكثر صداقة للبيئة؟

بميداليات مصنوعة من الحديد الذي جُمع من أعمال تجديد برج إيفل... تهدف دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 لأن تكون الأولمبياد الأكثر صداقة للبيئة على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة الميكروبات الموجودة داخل لحاء الأشجار أو في الخشب نفسه تزيل غاز الميثان وكذلك ثاني أكسيد الكربون (أ.ف.ب)

دراسة: لحاء الشجر يمكنه إزالة غاز الميثان من الغلاف الجوي

وجدت دراسة حديثة أن لحاء الأشجار يمكن أن يزيل غاز الميثان من الغلاف الجوي، مما يوفر فائدة إضافية في معالجة تغيُّر المناخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة العلماء نظروا إلى الدلفين بوصفه نموذجاً لبناء مركبات مائية سريعة وقادرة على المناورة (رويترز)

مروحة تحاكي «جلد الدلفين» تعمل على خفض انبعاثات سفن الشحن

تحمل مروحة جديدة ابتكرها معهد نينغبو لتكنولوجيا وهندسة المواد (NIMTE) مطلية بمادة تحاكي جلد الدلفين، وعداً بالحد بشكل كبير من استهلاك الوقود والانبعاثات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عُمّال في موقع بناء بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

تقييم «البناء المستدام» بالسعودية ينمو 254 % في النصف الأول من 2024

سجل برنامج «البناء المستدام» في السعودية نمواً بنسبة 254 في المائة لمساحات المشاريع المستفيدة من نظام تقييم الاستدامة خلال النصف الأول للعام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق برانيغان تعرض بعض الأعمال الفنية لشجرة الجميز (ناشيونال ترست)

عرض نسخ فنية من جذع شجرة «الجميز» العتيقة تخليداً لذكراها

من المقرر أن يُعرض بعض الأعمال الفنية للفنانة شونا برانيغان في 4 مواقع مختلفة بالقرب من جدار «هادريان» التاريخي، حسب هيئة التراث القومي البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية الأخرى، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وضرب أقوى إعصار هذا العام تايوان والفلبين ثم الصين هذا الأسبوع، مما أدى إلى إغلاق مدارس وشركات وأسواق مالية مع زيادة سرعة الرياح إلى 227 كيلومتراً في الساعة. وتم إجلاء مئات الآلاف على الساحل الشرقي للصين قبل وصول الإعصار إلى اليابسة، أمس الخميس.

ويقول العلماء إن العواصف المدارية الأقوى جزء من ظاهرة أوسع من الظواهر الجوية المتطرفة الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.

ودرس الباحثون بقيادة تشانغ وين شيا في الأكاديمية الصينية للعلوم البيانات التاريخية للأرصاد الجوية وخلصوا إلى أن 75 في المائة تقريباً من مساحة اليابسة في العالم شهدت ارتفاعاً في «تقلبات هطول الأمطار»، أو تقلبات أوسع بين الطقس الجاف والرطوبة.

وذكر الباحثون في بحث نشرته مجلة «ساينس» أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى زيادة قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بالرطوبة، مما يسبِّب تقلبات أوسع في هطول الأمطار.

وقال ستيفن شيروود، وهو عالم في مركز أبحاث تغير المناخ بجامعة نيو ساوث ويلز ولم يشارك في الدراسة: «التقلبات زادت في معظم الأماكن، ومن بينها أستراليا، مما يعني فترات أمطار أكثر غزارة وفترات جفاف أكثر جفافاً».

وأضاف: «سيزيد هذا الأمر مع استمرار ظاهرة الاحترار العالمي، مما يزيد من فرص حدوث جفاف و/ أو فيضانات».

ويعتقد العلماء أن تغير المناخ يعمل أيضاً على تغيير سلوك العواصف المدارية، بما يشمل الأعاصير، مما يجعلها أقل تواتراً لكن أكثر قوة.

وقال شيروود لـ«رويترز»: «أعتقد أن ارتفاع نسبة بخار الماء في الغلاف الجوي السبب الرئيسي وراء كل هذه الاتجاهات نحو ظواهر هيدرولوجية أكثر تطرفاً».

والإعصار «جايمي»، الذي وصل إلى اليابسة لأول مرة في تايوان، يوم الأربعاء، الأقوى الذي يضرب الجزيرة، منذ 8 سنوات.