البابا فرنسيس... قبَّل أقدام أمراء الحرب واحتضن الرجل المشوَّه

أقواله وأفعاله جعلت منه شخصية روحية محبوبة وخارجة عن المألوف

البابا فرنسيس... قبَّل أقدام أمراء الحرب واحتضن الرجل المشوَّه
TT

البابا فرنسيس... قبَّل أقدام أمراء الحرب واحتضن الرجل المشوَّه

البابا فرنسيس... قبَّل أقدام أمراء الحرب واحتضن الرجل المشوَّه

يوم دخل البابا فرنسيس عالم «إنستغرام» سنة 2016، جمعَ مليون متابع في أقلّ من 12 ساعة، محطّماً بذلك أرقاماً قياسية سجّلها فنانون ومشاهير على صفحات التواصل الاجتماعي.

هو بابا الفاتيكان الأوّل الذي تصدّر غلاف مجلة «رولينغ ستون»، ورُسم على هيئة شخصية كرتونيّة في مجموعة من القصص المصوّرة، كما تحوّل إلى «سوبرمان» أو «سوبربابا» على أحد جدران مدينة روما.

جداريَّة في روما تصوِّر البابا فرنسيس كـ«سوبرمان» (أ.ف.ب)

لم يحصل ذلك لمجرّد أنه رأس الكنيسة الكاثوليكية؛ بل لأنّه -فور حصوله على هذا اللقب- دخل القلوب من دون استئذان. أما مفتاحُه إلى تلك القلوب فكان الكثير من البساطة والتواضع، إلى جانب أقوالٍ وأفعالٍ متقدّمة في الإنسانية، ليستحقّ لقب «شخصية العام» من مجلّة «تايم» التي سمّته «بابا الناس» في 2013.

البابا فرنسيس على غلاف مجلة «تايم» وبطلاً لقصصٍ مصوَّرة

على امتداد 12 سنة من ولايته البابويّة، تعدّدت القرارات والمواقف التي جعلت من فرنسيس شخصية روحيّة خارجة عن المألوف. من محاربة الفساد داخل مؤسسات الفاتيكان، مروراً بتبنّيه قضية اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وليس انتهاءً بترحاله الذي شمل 66 بلداً وقرّبه أكثر من الناس.

البابا الكيميائيّ

الكيمياء التي تَخصص فيها طالباً، نقلها خورخي ماريو بيرغوليو معه إلى الكنيسة، بعد انخراطه في الحياة الكهنوتيّة. فقد وضع البشر في طليعة اهتماماته، اقترب منهم وأصغى إليهم، وهُم بادلوه تلك المحبة.

البابا فرنسيس خلال سنواته الكهنوتيّة الأولى في الأرجنتين (موقع أخبار الفاتيكان)

عرف الفقر، فبدأ مسيرته عامل تنظيف وحارساً ليلياً، قبل أن ينتقل للعمل في أحد مختبرات العاصمة الأرجنتينية؛ حيث ولد في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1936. أما الدعوة الدينية التي أتت في مطلع عشريناته، فأوحت له بها جلسة اعترافٍ مع أحد الكهنة عام 1955.

لاحقاً، وعندما ترقّى لمنصب رئيس أساقفة بوينس آيرس عام 1998، لم يتبدّل الكثير في أسلوب عيش بيرغوليو. ظلّ يطهو طعامه بنفسه، ويستخدم الحافلة في تنقّلاته اليوميّة، ويخصص وقتاً للعب كرة القدم مع أطفال الأحياء المحرومة.

يقول البابا فرنسيس إنه تعلَّم التواضع وهو يلعب كرة القدم في شوارع الأرجنتين (أ.ب)

الإقامة في غرفة فندق

وكأنه تقليدٌ يعكس إصراره على العيش ببساطة، رفض البابا فرنسيس أن يستقلّ السيارة البابويّة يوم انتخابه في 13 مارس (آذار) 2013. انتقل إلى الفندق مع زملائه الكرادلة داخل الحافلة المخصصة لهم، بعد أن تلقّى التهاني منهم وقوفاً وليس جالساً على العرش البابويّ. بخطواته اللافتة تلك، أوحى بأنه آتٍ لإرساء منهجٍ سلوكي جديد في الفاتيكان، قائمٍ على استئصال مظاهر البذخ والرفاهية، واستبدال الزهد بها، والاقتراب من البشر والإصغاء إليهم وخدمتهم.

البابا فرنسيس مستقلاً الحافلة إلى جانب زملائه الكرادلة (رويترز)

هو الذي تعمّد اختيار اسم قدّيس الفقراء فرنسيس الأسيزي، ليرافقه في بابويّته، وباشر فوراً في استلهام أفعاله. في اليوم الذي تلا تسلّمه منصبه، زار البابا كردينالاً مريضاً في المستشفى؛ حيث تبادلَ الحديث مع الموظفين والمرضى. وفور عودته من تلك الزيارة، أبلغ الدوائر المختصة بأنه لن يقيم في القصر البابوي كما أسلافه؛ بل سيمكث في أحد أجنحة الفندق التابع للفاتيكان.

تطهير «بنك الفاتيكان»

من بين القرارات الأولى التي اتّخذها البابا فرنسيس عقب تسلّمه منصبه: إلغاء المكافآت المالية التي كانت تُقدّم لموظّفي الفاتيكان كلّما انتُخب بابا جديد، والتي تقدَّر بملايين اليوروات. حوّل ذلك المبلغ للأعمال الخيريّة، كما أوقف المكافآت السنوية الخاصة بالكرادلة المشرفين على «مصرف الفاتيكان».

خلال سنته الحَبريّة الأولى، قاد البابا فرنسيس حملة تطهيرٍ داخل المؤسسة الماليّة الفاتيكانيّة، والتي كانت تدور حولها شبهات فساد وتبييض أموال.

حوَّل البابا فرنسيس المكافآت المالية الممنوحة لموظَّفي الفاتيكان إلى الأعمال الخيرية (موقع أخبار الفاتيكان)

بابا التواضع

تسلّمَ فرنسيس كنيسة مثقلة بقضايا مالية وأخلاقية، تسببت في شرخٍ بين المؤمنين المسيحيين وكنيستهم. ولكن البابا، وبسلوكه المنفتح على الناس وبقربِه منهم، أعاد الملايين إلى ساحة القدّيس بطرس بعد سنواتٍ من الجفاء. ووفق أرقام الفاتيكان، فإنّ سنته الأولى شهدت مشاركة 6 ملايين شخص في الاحتفالات الدينية التي ترأسَها. بينما كان قد اقتصر الحضور خلال السنة التي سبقتها على مليوني شخص.

هدم البابا فرنسيس الجدران ولم يرتدِ قفّازات. برع في ترميم صورة كنيسة متواضعة تحتضن أبناءها، ولا سيما الأكثر بؤساً. أثمر ذلك شعبية كبيرة تجاه رجل لا يوفّر فرصة لاحتضان طفلٍ، أو مريض، أو حتى شخصٍ مصاب بتشوّهاتٍ وتقرّحاتٍ من شبه المستحيل أن يلمسها أحد.

البابا فرنسيس يقبِّل رجلاً مصاباً بمرض جلدي نادر خلال لقائه المؤمنين في ساحة القديس بطرس (موقع أخبار الفاتيكان)

في تقليدٍ خاص بعيد القيامة لدى المسيحيين، غسل البابا فرنسيس عام 2013 أقدامَ 12 سجيناً وقبّلها. أما المفارقة في تصرّفه ذاك، فكانت أنّ جزءاً من هؤلاء السجناء الأحداث كانوا من المسلمين، ولم تقتصر الرتبة الكنَسيّة على أبناء الطائفة المسيحية.

البابا فرنسيس غاسلاً أقدام المساجين في «رتبة خميس الأسرار» عام 2013 (موقع أخبار الفاتيكان)

وفي مشهدٍ أثار صدمة كبيرة حول العالم سنة 2019، ركع فرنسيس وقبّل أقدام قادة جنوب السودان المتناحرين، في حركة عبّرت عن توسّله لهم كي لا يعودوا إلى الحرب الأهليّة. وسط ذهول رئيس جنوب السودان سلفا كير وأمراء حربٍ آخرين، جثا البابا بصعوبة، وكان حينها في الـ82 من عمره، ولثم أحذيتهم.

قضايا البابا فرنسيس

مقابل عدم إنجاز الكثير في ملفّ تورّط عدد من الكهنة في قضايا تحرّش واستغلال جنسي للقاصرين، وعدم الإيفاء بالوعود التي أطلقت حول تطوير دور المرأة ومراتبها داخل الكنيسة، حقق البابا فرنسيس إنجازاتٍ في مجالاتٍ أخرى.

- المهاجرون غير الشرعيين

في طليعة القضايا التي تبنّاها البابا فرنسيس، معاناة المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين. تزامنَت ولايته البابويّة مع تفاقم تلك المشكلة، فوضع نُصب عينَيه الإضاءة عليها والمساعدة قدر المستطاع في التخفيف من وطأتها.

حثّ العالم على التعامل مع اللاجئين والمهاجرين بصفتِهم بشراً لديهم حقوق، وللغاية هذه زار بابا الفاتيكان عدداً من مراكز اللجوء حول العالم. وفي عام 2016 حلّ ضيفاً استثنائياً على جزيرة لسبوس اليونانيّة؛ حيث قصد مخيّم موريا الذي يضمّ آلاف المهاجرين.

لقاء البابا فرنسيس مع المهاجرين غير الشرعيين في جزيرة لسبوس عام 2016 (أ.ف.ب)

وفي 2019، أعلن الفاتيكان أن البابا تبرّع بمبلغ 500 ألف دولار مخصصٍ لتأمين السكن والطعام للمهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، وجّه رأس الكنيسة الكاثوليكية انتقاداتٍ إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلاً إنه «شخص يفكّر حصراً ببناء الجدران بدل الجسور».

- البابا الرحّالة

في عهد البابا فرنسيس، ما عادت أوروبا مركز الكاثوليكية. فمن خلال رحلاته الرعويّة التي امتدّت شرقاً وغرباً وشملت القارات كافة، كان الحَبر الأعظم يؤكّد أن المسيحيّة ليست طائفة غربيّة حصراً. حطّ في دولٍ مثل: اليابان، وكازاخستان، وبنغلاديش، ومصر، والعراق؛ حيث يمثل المسيحيّون فيها أقلية. كما عيّن كرادلة من بلادٍ لم تكن ممثّلة عادة في الفاتيكان، مضاعفاً بذلك حظوظ غير الأوروبيين بأن يخلفوه إلى البابويّة، هو الأرجنتيني الجنسية، وأول بابا من أميركا اللاتينية منذ أكثر من ألف عام.

البابا فرنسيس معتمراً القبَّعة المكسيكية التقليدية أو «السومبريرو» خلال توجُّهه إلى مكسيكو عام 2016 (أ.ب)

- المثليّة والمناخ والحروب

اتّخذ البابا فرنسيس مواقف متقدّمة في موضوع المثليّة الجنسية، فبدا أكثر تسامحاً وتعاطفاً من أسلافه مع هذه الفئة المجتمعية. وإذ حثّ الكهنة حول العالم على تقبّل المثليين، قال: «من أنا حتى أطلق الأحكام عليهم؟».

أما في شأن المناخ، فقد خصص البابا فرنسيس عام 2015 وثيقة بابويّة للبيئة، محذّراً من أخطار استغلال الطبيعة والتغيّر المناخي. وبذلك، يعدُّ البابا الأول الذي أولى الموضوع البيئي اهتمامه.

أَولى البابا فرنسيس اهتماماً كبيراً بالشأن البيئي (أ.ف.ب)

سياسياً، لعب البابا فرنسيس دوراً محورياً في ترميم العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والولايات المتحدة الأميركية. أما مع الصين، فقد عمل على تقريب وجهات النظر، بعد سنواتٍ من التباعد بين بكين والفاتيكان.

وإذا كان قد انتُقد على موقفه الفاتر من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وتردّده في انتقاد الغزو وفلاديمير بوتين، فقد بدا أكثر تشدّداً في الحرب الإسرائيلية على غزة. وصف البابا فرنسيس الضربات الإسرائيلية الجويّة على القطاع الفلسطيني بالوحشيّة، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حثّ المجتمع الدولي على التحقيق فيما إذا كان ما يحصل في غزة هو إبادة للفلسطينيين.

البابا فرنسيس قُرب مجسَّم الطفل يسوع ملفوفاً بالكوفيَّة الفلسطينية في الفاتيكان (رويترز)

«بابا الناس» في الحياة والممات

كان خورخي بيرغوليو في الـ21 من عمره عندما أصيب بالتهابٍ رئوي حادّ هدّد حياته، ما اضطرّ الأطباء آنذاك إلى استئصال جزءٍ من رئته. ولكن الصدر بقي نقطة ضعفه طيلة حياته، وقد شكّل السبب المباشر لوفاته.

تحضّر البابا فرنسيس لرحيله، ففي نوفمبر 2024 أمر بتعديل طقوس الجنازة البابويّة حتى تصبح جنازته أشبه بتلك التي تقام لأُسقف، وليس لحَبرٍ أعظم. كما أوصى بأن يُستبدَل تابوت خشبي اعتياديّ بالنعوش الثلاثة التي يُدفن فيها الباباوات عادة، والمصنوع كلٌّ منها من الرصاص وخشب السرو والسنديان.

الإطلالة الأخيرة للبابا فرنسيس في قدَّاس الفصح قبل ساعات من وفاته (رويترز)

هو البابا الأول منذ عام 1903 الذي أوصى بأن يُدفن خارج الحرم الفاتيكاني. ارتأى أن يكون مثواه الأخير في كاتدرائية سانتا ماريا ماجيوري في روما. لعلّه أراد أن يستريح في مكانٍ قريب من زحمة البشر ودفئهم، محتفظاً بلقبه «بابا الناس».


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يتجول داخل جامع السلطان أحمد في ثالث أيام زيارته إلى تركيا

شؤون إقليمية البابا ليو يتفقد الطراز المعماري لجامع السلطان أحمد في إسطنبول خلال زيارته له يوم 29 نوفمبر (أ.ب)

بابا الفاتيكان يتجول داخل جامع السلطان أحمد في ثالث أيام زيارته إلى تركيا

زار البابا ليو الـ14 جامع السلطان أحمد في إسطنبول المعروف بـ«الجامع الأزرق» في أول زيارة لدار عبادة ومعلم إسلامي بارز منذ انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي مرحباً ببابا الفاتيكان في القصر الرئاسي في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

البابا يُدشّن أولى زياراته الخارجية من تركيا

دشّن بابا الفاتيكان، ليو الرابع عشر، أولى زياراته الخارجية من تركيا، حيث وصل إلى العاصمة أنقرة، أمس (الخميس)، في زيارة تستمر 4 أيام، ينتقل بعدها إلى لبنان.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة)
المشرق العربي السيارة التي استخدمها بابا الفاتيكان الراحل فرنسيس خلال زيارته لبيت لحم منذ أكثر من 10 أعوام (أ.ب)

سيارة استخدمها البابا الراحل فرنسيس تتحول إلى عيادة متنقلة لأطفال غزة

تحولت سيارة استخدمها البابا الراحل فرنسيس قبل أن تتحول إلى عيادة متنقلة لتقديم الرعاية للأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
يوميات الشرق البابا فرنسيس في استاد مدينة زايد الرياضية بأبوظبي... فبراير 2019 (د.ب.أ)

كاميرا للبابا فرنسيس تُباع بنحو 7.5 مليون دولار

بيعت كاميرا من ماركة «لايكا» كانت للبابا فرنسيس، ضمن مزاد أُقيم في فيينا، السبت، مقابل 7.49 مليون دولار، على أن يعود ريع المزاد لجمعية البابا الراحل الخيرية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
المشرق العربي البابا ليو الرابع عشر خلال قداس في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان 26 أكتوبر 2025 (رويترز)

البابا ليو يعتزم زيارة موقع انفجار مرفأ بيروت خلال وجوده في لبنان

أعلن الفاتيكان برنامج الزيارة التي ستجرى بين 27 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) إلى تركيا ولبنان، وتتضمّن زيارة موقع انفجار مرفأ بيروت للصلاة

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».