كيف تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في الإنقاذ من كوارث؟

بعد 20 عاماً على كارثة تسونامي

حطام حفار وسط دمار ناتج عن تسونامي ضرب  باندا آتشيه في إندونيسيا في 10 يناير 2005 (إ.ب.أ)
حطام حفار وسط دمار ناتج عن تسونامي ضرب باندا آتشيه في إندونيسيا في 10 يناير 2005 (إ.ب.أ)
TT

كيف تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في الإنقاذ من كوارث؟

حطام حفار وسط دمار ناتج عن تسونامي ضرب  باندا آتشيه في إندونيسيا في 10 يناير 2005 (إ.ب.أ)
حطام حفار وسط دمار ناتج عن تسونامي ضرب باندا آتشيه في إندونيسيا في 10 يناير 2005 (إ.ب.أ)

عندما ضربت أمواج تسونامي دولاً على ساحل المحيط الهندي في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2004، استغرق الأمر أياماً لمعرفة نطاق الكارثة في بعض المناطق، بسبب عدم توفّر وسائل اتصال. بعد عشرين عاماً أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي قادرة على متابعة الكوارث الطبيعية في الوقت الفعلي واستباق حدوثها في بعض الأحيان.

فيما كانت شبكات التواصل الاجتماعي لا تزال غير معروفة، كان مارك أوبرلي يحرز تقدّماً على طريق الحداثة في العام 2004 عبر مدوّنته التي سمحت له بإبلاغ عائلته وأصدقائه وحتى أشخاص غير معروفين بالنسبة إليه عن كارثة تسونامي التي نجا منها.

مواطن سريلانكي يرتدي قناع وجه يبحث عن جثث في شوارع جالي بسريلانكا 29 ديسمبر 2004 (أعلى) ومنظر لنفس المنطقة بعد 20 عاماً (أسفل) في 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

كان هذا السائح الأميركي يمضي إجازته في مدينة فوكيت التايلاندية التي طالتها أمواج عملاقة، كما هو حال أماكن أخرى.

ظنّ الجميع هناك أن التسونامي كان محلياً. ولكن مركز الزلزال كان في الواقع في إندونيسيا بالقرب من جزيرة سومطرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبلغت قوة الزلزال 9.1 درجة على مقياس ريختر، وتسبّب في حدوث أمواج ضخمة اجتاحت السواحل وأسفرت عن مقتل أكثر من 220 ألف شخص في 14 دولة. كما تحرّكت الأمواج بسرعة قصوى بلغت نحو 800 كيلومتر في الساعة.

ويقول أوبرلي وهو طبيب ساعد الضحايا «من خلال الرسائل النصية التي أرسلها الأصدقاء في بلداننا، بدأنا ندرك حجم الكارثة».

ويضيف «كتبت هذه المدوّنة لأنّه كان هناك العديد من الأصدقاء والأقارب الذين أرادوا معرفة المزيد. كما تلقّيت الكثير من الطلبات من مجهولين. كان الناس يائسين من تلقي أنباء جيدة».

سيارات محطمة في شارع باتونج في بوكيت في 28 ديسمبر 2024 بعد أن اجتاح المدينة تسونامي 26 ديسمبر 2004 (أعلى) والشارع نفسه في 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«مأساة»

في العام 2004، كان المدوّنون يعامَلون على أنّهم من الرواد إلى حدّ أنّهم حصلوا على لقب «شخصية العام» من قبل قناة «إي بي سي نيوز» الأميركية.

وكان موقع «فيسبوك» الذي أُطلق في وقت سابق من ذاك العام، لا يزال في مراحله الأولى.

ورغم أنّ بعض صور تسونامي نُشرت على موقع «فليكر»، فإنّها لم تُنشر في وقت حدوث الكارثة كما هو الحال اليوم على منصة «إكس» أو «إنستغرام» أو «بلوسكاي».

السريلانكيون في طريقهم عبر شوارع جالي بعد التسونامي الآسيوي في جالي بسريلانكا في 26 ديسمبر 2004 (أعلى) ومنظر لنفس المنطقة بعد 20 عاماً (أسفل) في 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

ومؤخراً، قالت لورا كونغ رئيسة «المركز الدولي للمعلومات» بشأن تسونامي ومقرّه هونولولو، إن كارثة العام 2004 «كانت مأساة»، مضيفة «حتى لو كنّا نعلم أنّ شيئاً ما يحدث، لم يكن بوسعنا أن نخبر أحداً».

من جانبه، يشير جيفري بليفينس أستاذ دراسات الصحافة في جامعة سينسيناتي الأميركية، إلى أنّ «وسائل التواصل الاجتماعي كان من الممكن أن تساعد على الفور في تحديد مكان الناجين الآخرين وجمع المعلومات».

ويضيف «ربما كان من الممكن تحذيرهم مسبقاً».

أجرى دانييل ألدريخ الأستاذ في «نورثإيسترن يونيفيرسيتي» في بوسطن في الولايات المتحدة، مقابلات مع ناجين في منطقة تاميل نادو في الهند، أخبروه أنّه لم تكن لديهم أي فكرة في العام 2004 عن ماهية التسونامي، ولم يتلقّوا أي تحذيرات.

ويقول «في الهند، كان هناك نحو 6 آلاف شخص غير مستعدّين للأمر، وغرقوا». اليوم، يبرز تناقض واضح مع العام 2004، ففي فبراير (شباط)، تمّ إنقاذ طالب يبلغ من العمر 20 عاماً من تحت الأنقاض في تركيا التي ضربها زلزال، بعدما نشر موقعه عبر الإنترنت.

وخلال فيضانات اجتاحت جنوب إسبانيا في أكتوبر (تشرين الأول)، لجأ متطوّعون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في البحث عن مفقودين.

جنود سريلانكيون يتفقدون موقع قطار خرج عن مساره وتضرر بسبب تسونامي آسيوي في ديلواثا بالقرب من جالي جنوب سريلانكا في 2 يناير 2005 (أعلى) ومنظر لنفس المنطقة بعد 20 عاماً (أسفل) في 7 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

مخاطر

فضلاً عن ذلك، يسمح العدد الكبير من الصور المنشورة عبر الإنترنت بفهم أسباب الكوارث الطبيعية بشكل أفضل.

وفي العام 2018، جمع علماء مقاطع فيديو لموجات تسونامي في مدينة بالو الإندونيسية قتلت أكثر من أربعة آلاف شخص، وذلك بهدف إعادة بناء مسارها والوقت المنقضي بين الموجات.

وخلصوا إلى أنّ سرعة التسونامي كانت كبيرة بسبب انزلاقات التربة تحت الماء بالقرب من الساحل.

غير أنّ انتشار شبكات التواصل الاجتماعي في كلّ مكان ليس خالياً من المخاطر.

ويحذر متخصّصون من خطر نشر معلومات مغلوطة وشائعات، كما حصل خلال إعصار هيلين الذي ضرب الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول).

ناجون من تسونامي يسيرون في شارع بانجليما بوليم المغمور بالمياه في باندا آتشيه بإندونيسيا في 26 ديسمبر 2004 (أعلى) وسائقو السيارات يمرون بنفس المنطقة بعد 20 عاماً (أسفل) في 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

فقد واجهت جهود المنقذين عراقيل هناك بسبب توترات مع السكان على خلفية نظريات مؤامرات تقول إنّ المساعدات تمّ تحويلها إلى مكان آخر، وتمّت التغطية على العدد الفعلي للضحايا.

ويوضح ألدريخ أنّ المسعفين أبلغوا عن تهديدات من قبل ميليشيات مسلّحة واضطرّوا إلى نقل بعض أنشطتهم وتكييفها.

ويخلص إلى أنّ «شبكات التواصل الاجتماعي غيّرت طريقة الاستجابة للكوارث، للأفضل وللأسوأ».


مقالات ذات صلة

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

العالم العربي عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

توقيف السلطات اللبنانية، عبد الرحمن القرضاوي، أثار تساؤلات بشأن إمكانية تسليمه للقاهرة في ظل جدل على منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية شعار تطبيق «واتساب» يظهر ضمن صورة مركبة (رويترز)

إيران ترفع الحظر عن «واتساب» و«غوغل بلاي»

ذكرت وسائل إعلام رسمية في إيران، اليوم الثلاثاء، أن السلطات رفعت الحظر عن منصة التراسل الفوري «واتساب» و«غوغل بلاي».

«الشرق الأوسط» (طهران)
يوميات الشرق قضاء الكثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)

5 عادات سيئة تمنعك من تحقيق أهدافك

لدينا جميعاً بعض العادات السيئة التي يصعب التخلص منها، والتي تترك تأثيراً سلبياً عميقاً على قدرتنا على تحقيق أهدافنا والتمتع بحياة ذات مغزى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يُعد الملتقى الأكبر من نوعه في المملكة (واس)

1500 مؤثر يستكشفون في الرياض فرص تطوير صناعة التأثير الرقمي عالمياً

أكد المشاركون في جلسات الملتقى على أهمية البُعدين الاجتماعي والإنساني في حضورهم وأطروحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري يلقي كلمة أمام الحضور (الملتقى)

«ملتقى صناع التأثير» ينطلق في الرياض بحوارات وشراكات بـ267 مليون دولار

انطلاق «ملتقى صناع التأثير»، الأربعاء، في الرياض، بصفته أكبر تجمع للمؤثرين في العالم.

عمر البدوي (الرياض)

بعد تسببها بحوادث متزايدة... الطيور هاجس بات يؤرق الطيارين

عمال الإنقاذ خلال انتشال جثث في موقع تحطم طائرة بعد انحرافها عن المدرج بمطار موان الدولي بكوريا الجنوبية (رويترز)
عمال الإنقاذ خلال انتشال جثث في موقع تحطم طائرة بعد انحرافها عن المدرج بمطار موان الدولي بكوريا الجنوبية (رويترز)
TT

بعد تسببها بحوادث متزايدة... الطيور هاجس بات يؤرق الطيارين

عمال الإنقاذ خلال انتشال جثث في موقع تحطم طائرة بعد انحرافها عن المدرج بمطار موان الدولي بكوريا الجنوبية (رويترز)
عمال الإنقاذ خلال انتشال جثث في موقع تحطم طائرة بعد انحرافها عن المدرج بمطار موان الدولي بكوريا الجنوبية (رويترز)

يعزى كثير من الحوادث الجوية في العالم، رغم أن معظمها كان طفيفاً، إلى الاصطدام بالطيور، الأمر الذي ربما أدى إلى تحطم طائرة ركاب، اليوم الأحد، أثناء هبوطها في كوريا الجنوبية آتية من بانكوك، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ 1988، أودى اصطدام طائرات بالطيور بحياة 262 شخصاً، وتسبَّب بتدمير 250 طائرة في جميع أنحاء العالم، وفق مجموعة المخاطر المتعلقة بالحياة البرية، والتابعة لهيئة الطيران الأسترالية.

ولا تشمل هذه الحصيلة حادث الطائرة الكورية الذي أسفر عن مقتل 179 شخصاً.

وبات هذا النوع من الحوادث يتكرر مع ازدياد عدد الرحلات الجوية. ففي الولايات المتحدة وحدها، جرى الإبلاغ عن 291.600 حادث بين حيوانات برية وطائرات مدنية، بين عاميْ 1990 و2023، وفق قاعدة بيانات أنشأتها إدارة الطيران الفيدرالية.

وفي فرنسا، سجلت المديرية العامة للطيران المدني 600 حادث سنوياً، خلال رحلات تجارية.

وتتسبب هذه الحوادث، كل عام، بأضرار للطائرات تتجاوز قيمتها 1.2 مليار دولار، وفق المجموعة الأسترالية.

وتحدث غالباً أثناء الإقلاع والهبوط، على ارتفاعات منخفضة إلى حد ما، تتراوح بين 0 و50 قدماً (15 متراً).

ونادراً ما تسجل حوادث أثناء التحليق، لكنها ممكنة، ففي فرنسا تحطمت طائرة ركاب في عام 2021 بمنطقة سين إيه مارن في ضواحي باريس، بعد اصطدامها بطائر الغاق خلال تحليقها.

يعود أحد أشهر حوادث الطيران، الناجمة عن الاصطدام بالطيور، إلى يناير (كانون الثاني) 2009، عندما تمكن قائد طائرة من طراز «إيرباص A320» تابعة لشركة الخطوط الجوية الأميركية وتُقلّ 155 راكباً، من الهبوط على نهر هدسون في نيويورك، بعد اصطدامه بمجموعة من طيور الأوز البرية.

وقاية

وتُشكل حوادث الاصطدام الخطيرة بالحيوانات أقل من 8 في المائة من الحالات، وهي تميل نحو الانخفاض في السنوات الأخيرة، وفق الإدارة العامة للطيران المدني في فرنسا.

والأضرار مادية في معظمها، وتتمثل في تعرض هيكل الطائرة لخدوش.

لكن في حال قيام طائر أو أكثر «بدخول المحرك، فمن المحتمل أن يكون الضرر أكثر خطورة»، خصوصاً إذا تأثر الضاغط «مما قد يتسبب في خلل أو يؤدي الى إيقاف المحرك»، وفق خبير في الطيران.

وأوضحت الإدارة العامة للطيران المدني أنه قد يترتب على ذلك «عواقب على السلامة الجوية أو على استمرار الرحلة»، مع التسبب في «توقف المحرك والهبوط الحذِر والعزوف عن الإقلاع والعودة والتأخير».

وتزداد المخاطر ربطاً بحجم الطيور وعددها، خصوصاً خلال فترة الهجرة.

وقد ينشأ عن الاصطدام لهيب أو نشوب حريق بالمحرك.

وأوضح الخبير أن «الأمر لا يصل إلى حد تعطيل النظام الهيدروليكي والكهربائي للطائرة بالكامل»، مما يتيح لقائد الطائرة المناورة والتحكم بمُعدات الهبوط، مشيراً إلى إمكان استخدام المحرك الثاني في حال توقف الأول.

وللوقاية من المخاطر التي تُشكلها الطيور، اتخذت المطارات والشركات المصنّعة للطائرات مجموعة تدابير؛ منها اختبار مقاومة المحركات عن طريق رمي الدجاج النافق عليها، إضافة إلى إجراءات حول المطارات مثل بث صرخات استغاثة تُطلقها الطيور عادة، أو إطلاق أعيرة وقائية في الهواء لإبعادها.