وسط أزمة عميقة... الأرجنتين تختار رئيسها الأحد

التنافس بين وزير الاقتصاد والليبرالي خافيير ميلي

رد فعل المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير مايلي خلال الحدث الختامي لحملته الانتخابية (رويترز)
رد فعل المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير مايلي خلال الحدث الختامي لحملته الانتخابية (رويترز)
TT

وسط أزمة عميقة... الأرجنتين تختار رئيسها الأحد

رد فعل المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير مايلي خلال الحدث الختامي لحملته الانتخابية (رويترز)
رد فعل المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير مايلي خلال الحدث الختامي لحملته الانتخابية (رويترز)

ينتخب الأرجنتينيون، الأحد، رئيس البلاد المقبل في اقتراع لم تحسم نتيجته يتنافس فيه وزير الاقتصاد في بلاد تشهد أزمة عميقة ومرشح ليبرالي جداً، وفقاً لما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

في شوارع بوينس آيرس وضواحيها، تنتشر ملصقات لمرشح الكتلة الحكومية (يسار وسط) سيرخيو ماسا (51 عاماً) خلافاً لليبرالي خافيير ميلي (53 عاماً) الذي يقوم بحملته إلى حد كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يعقد ميلي إلا لقاءً واحداً كبيراً بين جولتَي التصويت، كان الخميس في قرطبة، ثانية كبرى مدن البلاد، خلال اختتام حملته.

وتظهر استطلاعات الرأي أن المرشحَين متقاربان، حتى مع تقدم بسيط لميلي. وأفادت الكثير من المعاهد بأن نسبة الناخبين المترددين تبلغ نحو 10 في المائة أو أكثر.

المرشح الرئاسي الأرجنتيني سيرجيو ماسا يحمل دمية نمر قطيفة خلال تجمع حملته الختامية (رويترز)

وقال نيكولاس سالدياس، المحلل في وحدة «إيكونومست إنتليجنس يونيت» للبحوث التابعة لمجموعة «إيكونومست» البريطانية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الوضع يتّسم بدرجة عالية من عدم اليقين. والعديد من الناخبين سيتخذون قرارهم في اليوم الأخير أو في الساعات الأخيرة وحتى في مراكز التصويت».

الخوف مما هو جديد

وقالت سيرخيا ألايا، وهي مصففة شعر تبلغ 63 عاماً لدى مرورها في سوق صغيرة في ضاحية العاصمة: «لا أعرف حتى الآن لمن سأصوت. نحن نخاف مما هو جديد لكننا لا نريد الاستمرار كما كنا».

وتشهد الأرجنتين واحداً من أعلى معدلات التضخم في العالم (143 في المائة خلال عام)، بينما قيمة عملتها الوطنية (البيزو) مستمرة في الانخفاض.

كذلك، يكافح ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية من أجل سداد قرض بقيمة 44 مليار دولار حصل عليه عام 2018 من صندوق النقد الدولي بسبب التراجع الحاد في احتياطات النقد الأجنبي.

ومنذ 16 شهراً في حكومة ألبرتو فرنانديس المنتهية ولايته، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، حاول ماسا خلال حملته الانتخابية أن ينأى بنفسه عن إدارة بلد يعيش 4 من كل 10 سكان فيه تحت خط الفقر، وأن يقنع الأرجنتينيين بأن التوجه سينعكس في المستقبل.

واستطاع ماسا الفوز في الجولة الأولى من الانتخابات في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، بنسبة 37 في المائة، متقدماً على خافيير ميلي (30 في المائة) ومرشحة اليمين الوسط باتريسيا بولريتش (24 في المائة) التي انضمت منذ ذلك الحين إلى معسكر ميلي.

وخفف ميلي الذي كان المرشح الأوفر حظاً للفوز في الجولة الأولى، من حدة خطابه مذاك بعد تصريحات مثيرة للجدل مثل إعلانه أنه ضد الإجهاض وأنه يريد تسهيل شراء الأسلحة وبيع الأعضاء البشرية.

«تغيير مفيد»

وقال الطالب ماتياس إيسوكوريان، البالغ 19 عاماً: «قد يكون هذا التغيير مفيداً»، متأسفاً لخطاب ميلي «المتطرف» أحياناً وافتقاره إلى الخبرة في السياسة.

وخلال المناظرة الأخيرة بين المرشّحين، بدا ميلي أقل ارتياحاً من ماسا الذي أحرجه في بعض مقترحاته المتطرفة.

وقال بنجامين خيدان، مدير الشؤون الأرجنتينية في «ويلسون سنتر» ومقره واشنطن، إن ماسا «لا يستطيع أن يقدم نفسه على أساس سجله نظراً إلى إدارته الكارثية للاقتصاد، ولا على أساس أفكاره لأنه لو كانت لديه أفكار جيدة لنفذها». وأضاف: «لم يتبقَّ له إلا بث الخوف والتحذير مما تعنيه رئاسة ميلي».

ومنذ الجولة الأولى، يستنكر معسكر ميلي محاولات تزوير مفترضة وهو أمر غير مسبوق منذ عودة الديمقراطية إلى الأرجنتين قبل 40 عاماً. لكن لم تقدَّم أي شكوى رسمية.

ويبلغ عدد المسجلين في القوائم الانتخابية نحو 36 مليون شخص لهذا التصويت الإجباري الذي سيجري بين الساعة 08:00 (11:00 ت غ) و18:00 (21:00 ت غ). ومن المقرر أن يتولى الرئيس الجديد منصبه في 10 ديسمبر (كانون الأول).


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».