متهم بارز في هجمات 11 سبتمبر «غير مؤهل» للمثول أمام المحكمة

لجنة طبية في غوانتانامو تحدثت عن معاناته من علّة عقلية

رمزي بن الشيبة (نيويورك تايمز)
رمزي بن الشيبة (نيويورك تايمز)
TT

متهم بارز في هجمات 11 سبتمبر «غير مؤهل» للمثول أمام المحكمة

رمزي بن الشيبة (نيويورك تايمز)
رمزي بن الشيبة (نيويورك تايمز)

خلصت لجنة طبية عسكرية إلى أن رمزي بن الشيبة، المتهم بالتآمر لشنّ هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، يعاني من علة عقلية تجعله غير مؤهل لمواجهة المحاكمة أو الاعتراف بالذنب في قضية عقوبتها الإعدام، بحسب تقرير رُفع إلى قاضي المحاكمة، الجمعة.

تأتي هذه النتيجة كآخر انتكاسة لجهود الادعاء في تحويل قضايا الإعدام طويلة الأمد في خليج غوانتانامو إلى المحاكمة. ففي الأسبوع الماضي، ألغى قاضٍ عسكري اعتراف رجل متهم بتدبير هجوم المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في قضية أخرى من قضايا غوانتانامو، بسبب الحصول على اعترافاته تحت التعذيب الذي مارسته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وألقت مسألة سلامة بن الشيبة وقدرته على مساعدة محاميه في الدفاع عنه بظلالها على قضية 11 سبتمبر منذ مثوله أمام المحكمة للمرة الأولى عام 2008، ثم كشفت محامية عسكرية أن موكلها كان مقيداً بأغلال في الكاحل، وأن إدارة السجن كانت قد قدمت له العلاج بعقاقير ذات آثار نفسية. وكان المتّهم قد عطّل جلسات المحاكمة على مرّ السنوات السابقة بسبب نوبات الغضب، واشتكى في المحكمة وفي ملفات المحاكمة من أن وكالة المخابرات المركزية تعذبه بالضوضاء والاهتزازات وغيرها من الأساليب لحرمانه من النوم.

ولم يتضح ما إذا كان قد سُمح للسجين بالاطلاع على التقرير الذي رُفع يوم الجمعة. وكان قد قاوم لسنوات فكرة أن لديه مرضاً عقلياً ويجب فصله عن المحاكمة المشتركة مع الرجل المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر؛ خالد شيخ محمد، و3 متهمين آخرين. ويواجه الرجال الخمسة تهمة التآمر لاختطاف طائرة عام 2001، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 3 آلاف شخص في مدينة نيويورك، وفى مبنى البنتاغون، وفي بنسلفانيا.

الآن، يعود الأمر إلى القاضي الكولونيل ماثيو ماكول، ليقرر ما إذا كان سيحذف بن الشيبة من القضية ويمضي قدماً في محاكمة الرجال الأربعة، أو تأجيل الإجراءات في انتظار العلاج. وقد حدد ماكول جلسات استماع بشأن هذا الأمر في خليج غوانتانامو خلال الأسبوع الذي يبدأ اعتباراً من 18 سبتمبر.

ومن بين المسائل المطروحة اليوم ما إذا كان ممثلو الادعاء العام سيطعنون في النتائج التي توصل إليها فريق التحقيق، ويلتمسون شهادة أعضاء اللجنة الطبية العسكرية، وغيرهم من الخبراء، بشأن كيفية التعامل معه في ظل الرعاية الصحية المحدودة المتاحة في مركز الاحتجاز، الذي يضم 30 سجيناً في خليج غوانتانامو.

ورفض ديفيد بروك، محامي بن الشيبة، الذي جرى التواصل معه في خليج غوانتانامو يوم الجمعة، مناقشة التقرير أو التعليق بشأنه. وجاء تقرير الجمعة نتيجة لأمر أصدره القاضي في أبريل (نيسان) لـ3 من خبراء الصحة العقلية بالتحقيق فيما إذا كان بن الشيبة «يعاني من علة عقلية أو خلل يجعله غير مؤهل عقلياً للمثول أمام المحكمة».

وفيما رفع الادعاء التقرير مختوماً، فإن الأشخاص الثلاثة الذين اطلعوا عليه وتحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم قالوا إن بن الشيبة وُجد غير مؤهل. وقال أحد الأشخاص الذين قرأوا التقرير إن اللجنة شخصت حالته باضطراب ما بعد الصدمة «مع سمات ذهانية».

رمزي بن الشيبة مُتهم بتنظيم خلية لخاطفي الطائرات في هامبورغ بألمانيا، بما في ذلك البحث عن مدارس الطيران في الولايات المتحدة، وتحويل الأموال لبعض خاطفي الطائرات الـ19 الذين نفذوا الهجمات. كما يُزعم أنه عمل مع زعيم الخلية محمد عطا، وأبلغ قادة تنظيم «القاعدة» في أفغانستان بأن الهجوم سيحدث في 11 سبتمبر.

وتوصلت اللجنة الطبية إلى النتيجة بعد أكثر من عام من دعوة الادعاء العام للمتهمين في القضية للاعتراف بالذنب مقابل السجن مدى الحياة، بدلاً من المخاطرة بإمكانية صدور حكم بالإعدام في المحاكمة، وذلك بالاعتراف بأدوارهم في عمليات الاختطاف.

وتوقفت المحادثات، التي بدأت في مارس (آذار) 2022، في انتظار ردّ من إدارة الرئيس جو بايدن حول ما إذا كانت ستُقدم عدة ضمانات، بما في ذلك أن المدانين لن يُحتجزوا قيد الحبس الانفرادي. بيد أن ممثلي الادعاء أشاروا في المستندات الأخيرة إلى أنه قد جرى استبعاد بن الشيبة من المحادثات لأنه يخضع لاختبار الكفاءة.

وليس واضحاً ما يمكن أن يقدّمه الطاقم الطبي العسكري في السجن لمساعدة بن الشيبة على استعادة كفاءته. ويريد المتهمون ضمانات في جزء من صفقة الاعتراف بالذنب بأن ينظم السجن برنامجاً لرعاية المصابين بالصدمات النفسية تحت إدارة مدنية.

وفقاً لمحاميهم، فإن ما لا يقل عن 4 من المتهمين يعانون من اضطرابات في النوم، أو إصابات في الدماغ، أو خلل في الجهاز الهضمي، أو مشكلات صحية أخرى يعزونها إلى أساليب الاستجواب الوحشية التي مارستها وكالة الاستخبارات المركزية خلال فترة امتدت بين 3 و4 سنوات أمضوها رهن الاحتجاز لدى «سي آي إي»، قبل نقلهم إلى خليج غوانتانامو في عام 2006.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: محاكمة تفجير المدمرة «كول» تنطلق بعد 25 عاماً

الولايات المتحدة​ قصف الإرهابيون المدمرة «كول» بمياه ميناء عدن في 12 أكتوبر 2000 وكان يُنظر إليه على أنه مقدمة لهجمات 11 سبتمبر (نيويورك تايمز)

غوانتانامو: محاكمة تفجير المدمرة «كول» تنطلق بعد 25 عاماً

تقرر انطلاق محاكمة سجين متهم بالتخطيط لتفجير المدمرة الأميركية «كول» في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، والتي يمكن أن تصل عقوبة الإدانة فيها إلى الإعدام.

كارول روزنبرغ (واشنطن )
الولايات المتحدة​ «غوانتانامو»: هل «الإيهام بالغرق» الذي تعرض له مدبر «هجمات سبتمبر» سيخفف من عقوبته؟

«غوانتانامو»: هل «الإيهام بالغرق» الذي تعرض له مدبر «هجمات سبتمبر» سيخفف من عقوبته؟

خلال السنوات التي أعقبت إيهام مسؤولين يتبعون «سي آي أيه» الرجل المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر بالغرق، طرحت الوكالة تفسيرات لهذا الأسلوب.

كارول روزنبرغ (واشنطن )
أميركا اللاتينية معتقل في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في عام 2019 خلال آخر زيارة قام بها المصورون الصحافيون قبل أن ينهي السجن تسهيلاته الإعلامية (نيويورك تايمز)

أسرار المواقع السوداء وأمراض الشيخوخة للمعتقلين تتصدر محاكمات غوانتانامو

الكثير من التساؤلات التي تواجه مستقبل عمليات السجون في خليج غوانتانامو تجمعت في قضية إصدار الحكم على أحد قادة تنظيم «القاعدة» المقرين بالذنب.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
العالم الغواصة النووية الروسية «كازان»... (أ.ف.ب)

توسع قواعد التجسس الصينية في كوبا يثير قلق واشنطن

كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن محطات تنصت جديدة ومواقع مجهولة الهوية قرب قاعدة بحرية أميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي في خليج غوانتانامو في صورة قدمها محاموه إلى هيئة المحلفين إذ حُكم على العراقي بالمؤبد بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان (نيويورك تايمز)

«غوانتانامو»: عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يتلقى حكماً بالسجن 30 عاماً

هيئة محلفين عسكرية أميركية تُصدر حكماً بالسجن 30 عاماً، لكن بموجب صفقة إقرار بالذنب ستنتهي العقوبة في 2032.

كارول روزنبرغ (واشنطن)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.