البيت الأبيض يتّهم لجنة «نوبل» بـ«تسييس» الجائزة

قال إنها تُعطي الأولوية للسياسة على حساب السلام بعد منحها لزعيمة المعارضة الفنزويلية

زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث إلى أنصارها خلال احتجاج بكاراكاس في 9 يناير 2025 وقد فازت بجائزة «نوبل للسلام» اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث إلى أنصارها خلال احتجاج بكاراكاس في 9 يناير 2025 وقد فازت بجائزة «نوبل للسلام» اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

البيت الأبيض يتّهم لجنة «نوبل» بـ«تسييس» الجائزة

زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث إلى أنصارها خلال احتجاج بكاراكاس في 9 يناير 2025 وقد فازت بجائزة «نوبل للسلام» اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث إلى أنصارها خلال احتجاج بكاراكاس في 9 يناير 2025 وقد فازت بجائزة «نوبل للسلام» اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

اتهم البيت الأبيض، الجمعة، لجنة جائزة «نوبل» بتغليب السياسة على حساب السلام، بعد إعلان فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة «نوبل للسلام» لعام 2025، وتجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب رغم حملته المكثفة وجهوده الأخيرة لإنهاء الحرب في غزة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، ستيفن تشونغ، في منشور على منصة «إكس»، إن الرئيس ترمب «سيواصل إبرام اتفاقات السلام وإنهاء الحروب وإنقاذ الأرواح؛ فهو يملك قلباً مُحباً للخير، ولن يكون هناك شخص مثله يستطيع تحريك الجبال بقوة إرادته المحضة. لقد أثبتت لجنة (نوبل) أنها تُعطي السياسة الأولوية على حساب السلام».

وكانت لجنة «نوبل» النرويجية قد أعلنت، في بيان، أن الجائزة منحت لماتشادو، «تقديراً لعملها الدؤوب في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا، ونضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الديكتاتورية إلى الديمقراطية». واختارت اللجنة تسليط الضوء على فنزويلا في عامٍ هيمنت عليه تصريحات ترمب المتكررة بأنه «الأحق بجائزة نوبل للسلام».

وفازت ماتشادو (56 عاماً)، وهي مهندسة كيميائية ونائبة في البرلمان الفنزويلي منذ عام 2010، بالجائزة بعد عقدَيْن من النضال السياسي. أكدت اللجنة أنها «حافظت على شعلة الديمقراطية متقدة وسط ظلام دامس»، رغم تعرضها لملاحقات وتهديدات أجبرتها على العيش متخفية، لكنها بقيت في بلادها تقاوم الفساد والاستبداد.

«المرأة الحديدية»

وتُعرف ماتشادو بلقب «المرأة الحديدية في فنزويلا»، بعد رفضها الانسحاب من الانتخابات رغم منعها من الترشح، واضطرارها إلى الاختباء أكثر من 14 شهراً، لتواصل عملها السري دفاعاً عن سيادة القانون ونزاهة الانتخابات. وقد قادت جهوداً لتوحيد صفوف المعارضة المنقسمة، مطالبة بانتخابات حرة وحكومة تمثّل جميع التيارات.

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو خلال مسيرة انتخابية بولاية زوليا بفنزويلا في 23 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وكانت ماتشادو مُرشّحة المعارضة في انتخابات 2024 قبل أن يمنعها النظام من الترشح، فدعّمت مرشحاً بديلاً هو إدموندو غونزاليس الذي أظهرت نتائج الفرز فوزه، لكن الرئيس نيكولاس مادورو رفض الاعتراف بالنتائج، وشنّ حملة قمع واسعة ضد المعارضة والإعلام المستقل.

ورأت الإدارة الأميركية أن منح الجائزة لماتشادو جاء بوصفه تحدياً غير مباشر لحملة ترمب، لكنه يتسق في الوقت نفسه مع مواقف الرئيس الأميركي العدائية تجاه مادورو، في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس وتكثيف الوجود العسكري الأميركي قرب فنزويلا بذريعة مكافحة عصابات المخدرات.

وكانت ماتشادو قد كتبت في أغسطس (آب) الماضي، بعد إعلان الولايات المتحدة مكافأة مالية قدرها 50 مليون دولار للقبض على مادورو:

«نحن الفنزويليين نشكر الرئيس ترمب وإدارته على عملهم الحازم والحاسم لتفكيك الهيكل الإجرامي والإرهابي الذي يتمسك بالسلطة بشكل غير شرعي في بلدنا».

في المقابل، كان ترمب قد استبق الإعلان الرسمي عن الجائزة بتصريح على منصة «تروث سوشيال»، قال فيه: «لن يمنحوني جائزة نوبل للسلام... إنهم يعطونها فقط إلى الليبراليين».

وهاجم اللجنة النرويجية، واصفاً إياها بـ«اليسارية» و«المعادية للمحافظين الأميركيين»، فيما توقعت وسائل إعلام أميركية بينها «فوكس نيوز» و«ديلي بيست» و«نيويورك تايمز» أن يردّ ترمب بقوة، وربما يفرض رسوماً جمركية كبيرة على النرويج قد تصل إلى 100 في المائة.

سعي ترمب للجائزة

لم يسعَ أحد إلى نيل جائزة «نوبل للسلام» كما فعل ترمب؛ إذ أطلق حملة ضغط سياسية وإعلامية ضخمة، عادّاً أنه المرشح الأجدر بها لـ«إحلاله السلام» في ثمانية نزاعات دولية خلال ولايته، منها كوسوفو وصربيا، والكونغو ورواندا، وأرمينيا وأذربيجان، وإسرائيل وإيران، فضلاً عن مساعيه لمنع حرب نووية بين الهند وباكستان.

ورغم حصوله على دعم من عدد من القادة الأفارقة ورئيس وزراء باكستان وغيرهم، فإن ترشيحه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار جدلاً، خصوصاً بعدما نشر الأخير صورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُظهر نتنياهو وهو يعلّق ميدالية «نوبل» على صدر الرئيس الأميركي عقب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في خطوة عدّتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، «الرصاصة الأخيرة» في حملته الدعائية للفوز بالجائزة.

أسباب استبعاده

رغم الجهود المكثفة، استبعد الخبراء فوز ترمب بالجائزة لأسباب موضوعية وشخصية. فمن الناحية الإجرائية، تُمنح الجائزة تقديراً لإنجازات العام السابق (2024)، ولم يكن ترمب قد تولّى منصبه بعد، إذ أُغلق باب الترشيحات في 31 يناير (كانون الثاني) 2025، أي بعد 11 يوماً من أدائه اليمين لولايته الثانية، ما يعني أنه لم يكن مؤهلاً للترشح هذا العام.

صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر عبارة «نوبل لترمب» في شمال إسرائيل (رويترز)

كما أن سلوكه السياسي المثير للانقسام داخلياً وخارجياً يتناقض -وفق بعض خبراء لجنة الجائزة- مع قيم الجائزة القائمة على ترسيخ السلام والأخوة بين الشعوب.

وتُعد جائزة «نوبل للسلام» من أرفع الجوائز الدولية، وتُمنح منذ عام 1901 تقديراً للجهود البارزة في تعزيز السلام والدبلوماسية وحقوق الإنسان. وتضم لجنة الجائزة خمسة أعضاء، يعيّنهم البرلمان النرويجي، وتُقيّم سنوياً مئات الترشيحات، إذ بلغ عددها هذا العام 338 (244 فرداً و94 منظمة)، وهو الأعلى في تاريخ الجائزة.

ومن أبرز الحاصلين عليها: نيلسون مانديلا (1993)، والدالاي لاما (1989)، والأم تيريزا (1979)، وباراك أوباما (2009)، ومالالا يوسفزي (2014). أما من الرؤساء الأميركيين، ففاز بها ثيودور روزفلت (1906)، وودرو ويلسون (1919)، وجيمي كارتر (2002)، وباراك أوباما (2009).

ويحصل الفائز على شهادة وميدالية ذهبية ومبلغ 11 مليون كرونة سويدية (نحو 1.17 مليون دولار).

ويعتقد بعض المراقبين أن ترمب قد يكون مرشحاً أوفر حظاً في العام المقبل إذا تمكن فعلاً من تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، أو التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: ترمب يعتزم حضور منتدى «دافوس 2026»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

البيت الأبيض: ترمب يعتزم حضور منتدى «دافوس 2026»

أكد مسؤول في البيت الأبيض، اليوم، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيحضر الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)

برّاك: سوريا ستُسهم في تفكيك «داعش» و«حزب الله»

أفاد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ولبنان، توم برّاك، بأن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، ولقاءه الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، شكّلا.

«الشرق الأوسط» (دمشق - لندن)
شؤون إقليمية عراقجي لدى حضوره تصويت مجلس الأمن الدولي بشأن قرار لتمديد القرار «2231» الخاص بالاتفاق النووي في 26 سبتمبر (د.ب.أ)

إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة أميركا وإسرائيل على ضرب مواقعها النووية

دعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأمم المتحدة لفرض «إجراءات مناسبة» على أميركا وإسرائيل بسبب الضربات العسكرية التي نفذتاها ضد المواقع النووية الإيرانية.

الولايات المتحدة​ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (آ ب)

وزير الحرب الأميركي يعلن إطلاق عملية «رمح الجنوب» ضد عصابات المخدرات

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الخميس، إطلاق عملية «رمح الجنوب» ضد تجار المخدرات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يستقل طائرة من مطار جون مونرو هاميلتون في أونتاريو بكندا (أ.ب)

أميركا تصنّف أربع جماعات في أوروبا منظمات إرهابية أجنبية

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة أدرجت جماعة «أنتيفا أوست» ومقرها ألمانيا، وثلاث جماعات أخرى، على قائمتها للمنظمات الإرهابية العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البيت الأبيض: ترمب يعتزم حضور منتدى «دافوس 2026»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

البيت الأبيض: ترمب يعتزم حضور منتدى «دافوس 2026»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

أكد مسؤول في البيت الأبيض، اليوم، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيحضر الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا العام المقبل.

ويناقش قادة الأعمال والسياسة في هذا الاجتماع التحديات العالمية المُلحة.

وانطلق الاجتماع السنوي لعام 2025 في 20 يناير (كانون الثاني)، وهو يوم تنصيب ترمب، واستمر لعدة أيام. وخاطب ترمب الحضور عبر دائرة الفيديو.


وزير الحرب الأميركي يعلن إطلاق عملية «رمح الجنوب» ضد عصابات المخدرات

وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (آ ب)
وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (آ ب)
TT

وزير الحرب الأميركي يعلن إطلاق عملية «رمح الجنوب» ضد عصابات المخدرات

وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (آ ب)
وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (آ ب)

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الخميس، إطلاق عملية «رمح الجنوب» ضد تجار المخدرات، مشدداً على أن نصف الكرة الغربي هو جوار أمريكا «وسنحميه من عصابات المخدرات».

وقال هيغسيث في منشور بحسابه على منصة «إكس»: «أمر الرئيس ترمب بالتحرك ووزارة الحرب تنفذ ذلك. أُعلن اليوم عن عملية رمح الجنوب».

وأضاف وزير الحرب الأميركي أن عملية رمح الجنوب «ستدافع عن وطننا وتُبعد إرهابيي المخدرات عن نصف الكرة الأرضية، وتُؤمّن وطننا من المخدرات التي تقتل شعبنا. نصف الكرة الغربي هو جوار أمريكا، وسنحميه».


ترمب يعتزم تكثيف تنقلاته المحلية في ظل انتقادات لأدائه الاقتصادي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث داخل المكتب البيضاوي (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث داخل المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

ترمب يعتزم تكثيف تنقلاته المحلية في ظل انتقادات لأدائه الاقتصادي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث داخل المكتب البيضاوي (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث داخل المكتب البيضاوي (رويترز)

قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، الخميس، إن الرئيس دونالد ترمب «سيزيد من وتيرة» تنقلاته في الولايات المتحدة، في ظل انتقادات حتى من داخل حزبه لأدائه الاقتصادي.

واتهمت مؤخراً عضوة الكونغرس اليمينية المتطرفة مارغوري تايلور غرين، الرئيس بتكريس الكثير من الوقت للقضايا الدبلوماسية والسفر إلى الخارج، فيما يتزايد السخط بين الأسر الأميركية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي إن «إصلاح الكارثة التي تسبب بها (الرئيس السابق الديمقراطي) جو بايدن على صعيد التضخم والاقتصاد يشكل أولوية منذ اليوم الأول» للجمهوري البالغ 79 عاماً، والذي عاد إلى الرئاسة في 20 يناير (كانون الثاني).

ترمب يوقع على حزمة التمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة 12 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

وأكد في بيان أُرسل إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الحكومة وضعت مذاك برنامجاً قوياً لخفض أسعار السلع الأساسية مثل البنزين والبيض وإعادة التضخم إلى معدل سنوي قدره 2.5 في المائة».

وتكبد الحزب الجمهوري هزائم في الانتخابات المحلية الأخيرة، وهو ما اعتبره بعض الأصوات في حركة «اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً» (ماغا) التي أنشأها الملياردير النيويوركي، بمثابة جرس إنذار.

في حين تشير استطلاعات الرأي إلى قلق مستمر أو حتى متزايد بين الأسر بشأن انهيار قدرتها الشرائية، يدافع دونالد ترمب عن نفسه من خلال تقديم وعود جديدة، والتأكيد أن الاقتصاد أكثر قوة مما تشير إليه استطلاعات الرأي، ومهاجمة سجل سلفه.

وكرّر، مساء الأربعاء، أن «البلاد لم تكن في أي وقت مضى في حال أفضل».