اغتيال كيرك يُحيي الجدل حول حرية الرأي والتعبير في أميركا

تصاعد العنف السياسي يعكس حجم الاحتقان السياسي والانقسامات

متظاهر يحمل صورة للمذيع الكوميدي جيمي كيمل 18 سبتمبر 2025 في لوس أنجليس (أ.ب)
متظاهر يحمل صورة للمذيع الكوميدي جيمي كيمل 18 سبتمبر 2025 في لوس أنجليس (أ.ب)
TT

اغتيال كيرك يُحيي الجدل حول حرية الرأي والتعبير في أميركا

متظاهر يحمل صورة للمذيع الكوميدي جيمي كيمل 18 سبتمبر 2025 في لوس أنجليس (أ.ب)
متظاهر يحمل صورة للمذيع الكوميدي جيمي كيمل 18 سبتمبر 2025 في لوس أنجليس (أ.ب)

اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك في جامعة يوتا في وضح النهار أمام الآلاف من مناصريه برصاصة أودت بحياته، هزَّ الشارع الأميركي وأثار موجةً من التنديد والاستنكار من أبرز السياسيين، مع استثناءات أظهرت عمق الانقسامات. اليوم، تنظر أميركا إلى نفسها في مرآة هذه الانقسامات، وعلى الرغم من أن البلاد ليست غريبة عن الاغتيالات السياسية التي لطّخت تاريخها، فإن المشهد يبدو مختلفاً.

مع الحزن والحداد، تعالت بعض الأصوات المنتقدة لمواقف كيرك، بعضها وصل إلى حد الاحتفال بمقتله. وبمواجهتها، تعالت لهجة الوعيد والتهديد بالمحاسبة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأعضاء إدارته، الذين اتهموا اليسار المتطرف بالتسبب في حوادث من هذا النوع، متعهدين بالملاحقة والمحاسبة، في مواقف عدّها البعض تهديداً لحرية الرأي والتعبير المحمية في البند الأول من الدستور.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، أسلوب إدارة ترمب في احتواء الأزمة، وتأثير محاسبة المنتقدين على حرية الرأي والتعبير، وما إذا كان العنف السياسي حكراً على آيديولوجية واحدة، أم ظاهرة عابرة للأحزاب.

التطرف بين اليسار واليمين

موقع تذكاري مؤقت لتشارلي كيرك في أريزونا... 18 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

بعد اغتيال كيرك، وجه الجمهوريون أصابع الاتهام للحزب الديمقراطي، وتعهد الرئيس الأميركي بملاحقة اليسار المتطرف، مشيراً إلى أنه المسؤول عن العنف السياسي في أميركا. ويعارض ستيفن كنت، الكاتب السياسي والخبير الاستراتيجي الجمهوري إلقاء اللوم على حزب معين في حادثة كيرك بشكل خاص والعنف السياسي بشكل عام، مشيراً إلى وجود «فكر تآمري» في الولايات المتحدة يولد أعمال عنف من قبل أتباعه. ويعطي كنت أمثلةً على ذلك قائلاً: «يؤمن العنصريون البيض بهذه النظرة التآمرية، بالإضافة إلى الماركسيين والإسلامويين وأتباع آيديولوجية التحول الجنسي. هؤلاء هم أشخاص فقدوا الأمل في النظام السياسي، ويلجأون إلى وسائل مختلفة لملاحقة أعدائهم. هذه مشكلة واسعة النطاق، وما حدث لشارلي كيرك هو أحد مظاهرها».

متظاهرة تحمل لافتة «حرية التعبير» في كاليفورنيا... 18 سبتمبر 2025 (أ.ب)

من جانبه، وجّه جايك مكوبي، المستشار السابق في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية والمستشار الاستراتيجي السابق في وزارة العدل، اتهامات لاذعة للجمهوريين حيال تعاطيهم مع قضية الاغتيال، خصوصاً في ظل موجة التسريحات التي طالت موظفين انتقدوا كيرك بعد اغتياله وملاحقتهم.

ويقول مكوبي إن إجراءات من هذا النوع تتعارض مع آيديولوجية حرية التعبير التي قامت عليها الولايات المتحدة، حيث يمكن للأميركيين التعبير عن رأيهم دون التعرُّض لإجراءات عقابية من الدولة. ويضيف: «هنا نرى الولايات المتحدة وكبار مسؤوليها، بمَن فيهم رئيس الولايات المتحدة، يقولون: إذا تحدَّثتَ بطريقة نعدّها مرفوضةً، فستجد نفسك في مشكلة قانونية أو تجارية أو شخصية. لقد رأينا لسنوات هؤلاء الأشخاص أنفسهم يتحدَّثون عن أهمية حرية التعبير، وخطورة أمور مثل ثقافة الإلغاء، وضرورة السماح للناس بالتعبير عن آرائهم مهما كانت مسيئة».

من ناحيته، شدَّد مات دالاك، بروفسور الإدارة السياسية في جامعة جورج واشنطن، والمختص في التطرف السياسي، على أن العنف السياسي في الولايات المتحدة ليس حكراً على طرف واحد حالياً، مشيراً إلى كثير من الدراسات التي أُجريت في السنوات الأخيرة والتي تظهر تاريخياً أن معظم أعمال العنف ذات الدوافع السياسية تأتي من اليمين وليس من اليسار. لكنّه يعقب: «من الواضح أن هناك عنفاً سياسياً من اليسار، واغتيال تشارلي كيرك المروع خير دليل على ذلك».

مسؤولية سياسية ومحاسبة

ترمب خلال زيارته إلى تشيكرز ببريطانيا في 18 سبتمبر 2025 (رويترز)

ويعدّ دالاك أن المشكلة اليوم تكمن في خطاب الرئيس الأميركي. فالرئيس عادةً ما يسعى في مثل هذه اللحظات إلى توحيد البلاد، لكن هذا ليس أسلوب ترمب في التعامل. ويقول دالاك إن الغالبية العظمى من المسؤولين الديمقراطيين المنتخبين تعاملوا مع الاغتيال بالشكل الصحيح وأدانوه بوصفه عملاً عنيفاً مروعاً، مضيفاً: «لقد كانت الاحتفالات باغتياله في الغالب عبر الإنترنت. كانت مقلقة للغاية ومروعة في حد ذاتها، لكنها لم تكن صادرة عن القيادات العليا في الحزب الديمقراطي... أعتقد أن البلاد في موقف خطير».

وفي حين تشير الأرقام إلى أن أعمال العنف الناجمة عن حركات اليمين المتطرف أعلى من تلك التي ينفِّذها اليسار المتطرف، فإن كنت يقول إن السبب يعود بشكل كبير إلى أن العنف اليساري في الولايات المتحدة يتم تقديره بأقل من حجمه أو يُصنَّف بشكل خاطئ تماماً. ويعطي مثالاً على ذلك في حوادث إطلاق النار في المدارس التي وقعت أخيراً من قبل «طلاب يعانون من اضطراب الهوية الجنسية». ويقول: «لا يتم احتساب هذه الحوادث على أنها عنف سياسي، لكنها في الواقع كذلك. فهي سياسية بطبيعتها، وتستند إلى آيديولوجية تنتمي إلى الجناح اليساري في أميركا. أعتقد أننا بدأنا الآن نرى صعود هذا الأمر مع يأس الديمقراطيين أو الليبراليين والناس اليساريين من سوء الأوضاع السياسية بالنسبة لهم منذ عام 2016».

ومن ضمن الإجراءات التي اعتمدتها إدارة ترمب لمحاسبة المنتقدين والمحتفلين، سحب التأشيرات من غير الأميركيين، وهذا ما أعلنه وزير الخارجية ماركو روبيو. قرار يتفق معه كنت الذي قال: «أنا أتفق مع ماركو روبيو. إذا لم تكن لديك آراء تتوافق مع المبادئ الأميركية، وهي أن الناس يجب أن يتعايشوا ويتبادلوا آراءهم السياسية دون أن يتم قتلهم، فإنك لا تحتاج حقاً إلى الوجود هنا بأي تأشيرة سفر أو ما شابه».

«أنتيفا» منظمة إرهابية

متظاهرون يحملون لافتة لـ«أنتيفا» في احتجاجات بمونبليه الفرنسية... 10 سبتمبر (إ.ب.أ)

من الإجراءات الأخرى التي اتخذها ترمب تصنيف حركة «أنتيفا» اليسارية «إرهابيةً»، لكن كنت يستغرب من اتخاذ خطوة من هذا النوع، مشدداً على استحالتها. ويفسر: «هذا أمر لم يحدث من قبل. نحن لا نملك أي قائمة لمنظمات إرهابية محلية. لدينا جماعات متطرفة يراقبها مكتب التحقيقات الفيدرالي. لكن لا توجد آلية تسمح بوصف (أنتيفا)، وهي جماعة لا مركزية لا يوجد لها زعيم أساسي، وأعضاؤها يتواصلون عبر الإنترنت ومجموعات الدردشة، بأنها جماعة إرهابية. هذا تصعيد كبير، ولست متأكداً من أن له أي تأثير».

ويوافق مكوبي، الذي عمل في وزارة العدل مع كنت، ويصف الإدراج بـ«الفكرة الغامضة للغاية». ويضيف: «جزء من المشكلة في كونها فكرة غامضة هو أن هذه الإدارة قد وجدت طرقاً لتطبيق إرادتها تحت رعاية هذه الأفكار الغامضة للغاية. وهنا الفكرة تقضي بالقول إن هؤلاء الأشخاص الذين يعارضوننا هم (أنتيفا)، لذا علينا مضايقتهم بواسطة عملاء الحكومة. هذا تهديد حقيقي. لقد رأيت هذا في جميع أنحاء البلاد مع هذه الإدارة. لقد رأيت ذلك في وسائل الإعلام، حيث تم طرد أشخاص من البث. لقد رأيت ذلك في مجال الأعمال، وفي هذه الإدارة الحالية في (الاحتياطي الفيدرالي)، حيث يقومون بإقالة الأشخاص من مجلس الإدارة. هذه الإدارة لا تهتم كثيراً بالالتزام بالقواعد أو بنص القانون. إنها إدارة ستستخدم أي سلطة تُمنح لها من أجل إعلان إرادتها وتنفيذها».

أسباب العنف السياسي

انتشار أمني خلال فعالية لتكريم ذكرى تشارلي كيرك في بوسطن... 18 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

يوجه مكوبي اللوم في حوادث العنف المُسلّح إلى سهولة امتلاك سلاح في الولايات المتحدة. ويقول: «لقد قاد اليسار على مدى أجيال الكفاح ضد العنف المسلح، وكان في طليعة القائلين إننا نحن بحاجة إلى تقليل قدرة الناس على الحصول على الأسلحة النارية. نحن بحاجة إلى أن يكون الناس أكثر مسؤولية في التعامل مع الأسلحة النارية». ويتابع: «مع ذلك، يواصل اليمين مقاومته. ويقول إنه لا ينبغي فرض أي قيود على الأسلحة».

ويشدِّد على أهمية التعامل مع القضية بواقعية، مشيراً إلى أن اغتيال كيرك يجب أن يكون فرصة لتهدئة التوترات. ويفسر: «نحن بحاجة إلى التراجع خطوة إلى الوراء، سواء في الطريقة التي نتحدث بها مع بعضنا بعضاً أو في الطريقة التي نسمح بها بالوصول السهل إلى الأسلحة». من ناحيته، يرى دالاك أن الولايات المتحدة تعيش في «أكثر العصور عنفاً سياسياً منذ الستينات والسبعينات»، مشيراً إلى أن عدد التهديدات الموجهة ضد القضاة والمُشرِّعين قد تجاوز الحدود. أما بالنسبة للأسباب، فيرى أنها تعود بشكل أساسي إلى الخطابات والأفكار ونظريات المؤامرة، فضلاً عن غياب الثقة بالمؤسسات والسياسيين، وسط تحريض سياسي قوي، وعوامل نفسية، وسهولة الحصول على السلاح، ما يسهل على مرتكبي هذه الأعمال «اتخاذ زمام الأمور بأيديهم».

وسائل التواصل

وتعزز وسائل التواصل العنف السياسي والتطرف، وفق كنت، الذي أشار إلى أن جيل الألفية الجديدة أصبح «غاضباً من كل شيء بعد انهيار السوق». وأوضح: «إنها مشكلة حقيقية. جيلي هو الجيل الذي لن يتمكَّن أبداً من امتلاك منزل، وهو الجيل الذي نشأ بعد انهيار السوق في عام 2008، ولديه اليوم منصات تعزز من شعور الغضب هذا».

ويتفق مكوبي مع هذا الطرح، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت القدرة لذوي النزعات المتطرفة في التواصل مع الأشخاص السيئين، وأن الخوارزميات المستخدمة في هذه المنصات تعزز من هذا التوجه. وأضاف: «من الأسهل بكثير أن تجد نفسك اليوم في مستنقع التطرف والكراهية».


مقالات ذات صلة

قرعة المونديال… كل ما يجب معرفته عن الحدث المنتظر

رياضة عالمية واشنطن تترقب قرعة كأس العالم 2026 (بي بي سي)

قرعة المونديال… كل ما يجب معرفته عن الحدث المنتظر

في أجواء استثنائية من العاصمة الأميركية، تستضيف واشنطن مساء الجمعة مراسم قرعة نهائيات كأس العالم 2026.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بإنفانتينو «محطم الأرقام القياسية»

سلط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضوء على رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو قبل قرعة كأس العالم 2026 التي تقام الجمعة في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
يوميات الشرق عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».


استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استراتيجية جديدة منتظرة منذ مدة طويلة، تقوم على تحوّل جذري في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تنقل تركيز القوة العظمى من الساحة العالمية إلى الجوار الإقليمي، وتنذر بزوال الحضارة الأوروبية، وتضع الحد من الهجرة الجماعية على رأس أولوياتها.

وتعهّدت الاستراتيجية الجديدة التي نُشرت، صباح الجمعة، «تعديل حضورنا العسكري العالمي للتعامل مع التهديدات العاجلة لجزئنا من الكرة الأرضية، والابتعاد عن الميادين التي تراجعت أهميتها النسبية للأمن القومي الأميركي خلال السنوات أو العقود الأخيرة».

اتجاه نحو أميركا اللاتينية

وبناءً على الوثيقة - المؤلَّفة من 33 صفحة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» - تم تحديد رؤية خارجة عن المألوف للعالم، تتصدّر أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخياً للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تمهيد للوثيقة: «في كل ما نفعله، نضع أميركا أولاً».

وفي قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن «الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم».

وإن كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستمنع قوى أخرى، لا سيما الصين، من الهيمنة أيضاً، فالاستراتيجية الجديدة تؤكد أن «ذلك لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة».

محاربة الهجرة الجماعية

تسعى الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب لوضع حد للهجرة الجماعية حول العالم، وجعل السيطرة على الحدود «العنصر الأساسي للأمن الأميركي»، حسبما جاء في الوثيقة. وجاء في الوثيقة التي حملت اسم «استراتيجية الأمن القومي»: «يجب أن ينتهي عصر الهجرة الجماعية. أمن الحدود هو أهم عنصر من عناصر الأمن القومي». وأضافت: «يجب أن نحمي بلادنا من الغزو، ليس من الهجرة غير المنضبطة فحسب، بل كذلك من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والمخدرات والتجسس والاتجار بالبشر».

تحذير من المحو الحضاري لأوروبا

وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، تشير الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأميركية ستعمل على «تنمية المقاومة لمسار أوروبا الراهن داخل البلدان الأوروبية نفسها». وجاء الرد الألماني سريعاً؛ إذ شددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها «نصائح من الخارج». وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، وتقول إن «التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحاً يتمثل بالمحو الحضاري... إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون 20 عاماً أو أقل». وفي وقت يسعى ترمب لوضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيداً من الأراضي، تتّهم الاستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة أن تركّز على «محو الانطباع بأن (الناتو) حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع».

«مبدأ مونرو»

منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، أمر ترمب بالحد بشكل كبير من الهجرة بعد مسيرة سياسية تضمنت إثارة المخاوف من تراجع نفوذ ومكانة الأغلبية البيضاء. وتتحدّث الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية؛ حيث تستهدف إدارة ترمب مهرّبي مخدرات مفترضين في البحر، وتتدخل ضد قادة يساريين، وتسعى علناً للسيطرة على موارد رئيسية مثل قناة بنما. وتظهر الاستراتيجية ترمب على أنه يعمل على تحديث «مبدأ مونرو» القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة؛ فهي تقول «سنُعلن ونطبِّق مُلحق ترمب على مبدأ مونرو».

المدمرة التابعة للبحرية الأميركية «يو إس إس غرايفلي» تقترب من «بورت أوف سبين» لإجراء تدريب مشترك مع قوة دفاع ترينيداد وتوباغو لتعزيز الأمن الإقليمي والتعاون العسكري... ترينيداد وتوباغو 26 أكتوبر 2025 (رويترز)

تراجع الاهتمام بالشرق الأوسط

في المقابل، تولي الاستراتيجية اهتماماً أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي كثيراً ما شغلت واشنطن. وتنص الاستراتيجية على أن «هدف أميركا التاريخي للتركيز على الشرق الأوسط سيتراجع». ومع التذكير بأن أمن إسرائيل أولوية بالنسبة لواشنطن، تتجنَّب الوثيقة استخدام اللغة نفسها حيال إسرائيل والتي كانت تُستخدم حتى في إدارة ترمب الأولى. وأما بالنسبة للصين، فتكرر الاستراتيجية الدعوة لتكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ «حرة ومفتوحة» مع التركيز على بكين منافساً اقتصادياً في المقام الأول.

حض الحلفاء على إنفاق أكبر لمواجهة الصين

وبعد تكهّنات عديدة بشأن ما سيكون عليه موقف ترمب من تايوان التي تطالب بها بكين، توضح الاستراتيجية أن الولايات المتحدة تؤيد الوضع القائم منذ عقود، لكنها تدعو حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية للمساهمة أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.

وجاء في الوثيقة: «علينا حضّ هذين البلدين على زيادة الإنفاق الدفاعي مع التركيز على الإمكانات... اللازمة لردع الأعداء، وحماية سلسلة الجزر الأولى»، في إشارة إلى حاجز طبيعي من الجزر يشمل تايوان شرق الصين. وكما هو متوقع، تركّز الاستراتيجية بدرجة أقل على أفريقيا، قائلة إن على الولايات المتحدة الابتعاد عن «الفكر الليبرالي» و«العلاقة القائمة على المساعدات»، والتأكيد على أهداف على غرار تأمين المعادن الحيوية. يصدر الرؤساء الأميركيون عادة «استراتيجية للأمن القومي» في كل ولاية لهم في البيت الأبيض. ومنحت الأخيرة التي نشرها جو بايدن في 2022 أولوية للتفوّق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها «خطيرة».


اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
TT

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن سلطات الهجرة ألقت القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس قبل يوم من عيد الغفران اليهودي.

وألقت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية القبض على كارلوس برتغال جوفيا، وهو برازيلي، يوم الأربعاء، بعد أن ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرته المؤقتة المخصصة لغير المهاجرين بعد ما وصفته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «واقعة إطلاق نار بدافع معاداة السامية» - وهو ما يتعارض مع وصف السلطات المحلية للقضية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إن جوفيا، وهو أستاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعة ساو باولو والذي كان يدرس في جامعة هارفارد خلال فصل الخريف، وافق على مغادرة البلاد. ولم يتسنَّ الوصول إليه بعد للتعليق، ورفضت جامعة هارفارد ومقرها كامبريدج بولاية ماساتشوستس التعليق.

وجاء اعتقال جوفيا في الوقت الذي ضغطت فيه إدارة ترمب على هارفارد للتوصل إلى اتفاق لحل سلسلة من المشكلات، من بينها اتهام هارفارد بأنها لم تفعل ما يكفي لمكافحة معاداة السامية ولحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.

وألقت الشرطة في بروكلين بولاية ماساتشوستس القبض على جوفيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أن تلقت بلاغاً عن شخص يحمل بندقية بالقرب من الكنيس في الليلة السابقة لعيد الغفران، وذكر تقرير الشرطة أن جوفيا قال إنه كان يستخدم بندقية خرطوش لاصطياد الفئران في مكان قريب.

ووافق الشهر الماضي على الاعتراف بتهمة استخدام بندقية الخرطوش بشكل غير قانوني وقضاء ستة أشهر تحت المراقبة لحين المحاكمة. وتم إسقاط التهم الأخرى التي واجهها، مثل تعكير الصفو العام والسلوك المخل بالنظام وتخريب الممتلكات كجزء من صفقة الإقرار بالذنب.

وقال الكنيس في وقت سابق، إن الشرطة أبلغته بأن جوفيا «لم يكن على علم بأنه يعيش بجوار معبد يهودي وبأنه يطلق بندقية الخرطوش بجواره أو أن هناك عطلة دينية».