«التحقيقات الفيدرالي»: المشتبه به في هجوم الحريق بكولورادو خطط له لمدة عام

مهاجر مصري استخدم القنابل الحارقة بدلاً من السلاح الناري

المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان بعد اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية - 2 يونيو 2025 (رويترز)
المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان بعد اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية - 2 يونيو 2025 (رويترز)
TT

«التحقيقات الفيدرالي»: المشتبه به في هجوم الحريق بكولورادو خطط له لمدة عام

المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان بعد اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية - 2 يونيو 2025 (رويترز)
المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان بعد اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية - 2 يونيو 2025 (رويترز)

قال ممثلو الادعاء الاثنين، إن مصرياً متهماً بإلقاء قنابل حارقة على مسيرة مؤيدة لإسرائيل في ولاية كولورادو الأميركية، ما أدى إلى إصابة أكثر من 10 أشخاص، أمضى عاماً كاملاً في التخطيط لهجومه، واستخدم القنابل الحارقة بدلاً من السلاح الناري، لأن وضعه مهاجراً يمنعه من شراء الأسلحة.

المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان بعد اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية - 2 يونيو 2025 (رويترز)

وتفيد وثائق محكمة الولاية والمحكمة الاتحادية بأن محمد صبري سليمان (45 عاماً)، قال للمحققين إنه كان يريد «قتل جميع الصهاينة»، لكنه أرجأ تنفيذ الهجوم الذي وقع في مدينة بولدر إلى ما بعد تخرج ابنته من المدرسة الثانوية. وبحسب الوثائق تم اتهامه بالشروع في القتل والاعتداء وارتكاب جريمة كراهية اتحادية.

ونقلت إفادات الشرطة ومكتب التحقيقات الاتحادي عن المشتبه به، قوله إنه تعلم إطلاق النار من مسدس في فصل تعليمي حضره بغرض الحصول على تصريح حمل سلاح مخفي، لكن انتهى به الأمر باستخدام القنابل الحارقة بسبب وضعه مهاجراً. وقال سليمان للمحققين إنه تعلم كيفية صنع القنابل الحارقة من موقع «يوتيوب».

وقالت السلطات إن سليمان موجود في البلاد بشكل غير قانوني لأنه تجاوز مدة تأشيرته السياحية، ولديه تصريح عمل منتهي المدة.

أعضاء كنيسة يتجمعون للصلاة بجوار نصب تذكاري في موقع هجوم أدى إلى إصابة عدة أشخاص - خارج محكمة مقاطعة بولدر - كولورادو - الولايات المتحدة - 2 يونيو 2025 (رويترز)

ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان قولهم إن رجلاً ألقى شيئاً يشبه زجاجة حارقة بدائية الصنع (مولوتوف) على مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل.

وأعلنت شرطة مدينة بولدر في كولورادو عن اعتقال رجل، لكنها كانت حذرة بدايةً في تحديد الدافع وراء الهجوم الذي أفادت مصادر عدة بأنه استهدف أفراداً من الجالية اليهودية خلال مسيرة سلمية.

يتجمع ضباط الشرطة في شارع بيرل أمام محكمة مقاطعة بولدر (مسرح الهجوم الذي أدى إلى إصابة عدة أشخاص) في كولورادو - الولايات المتحدة - 2 يونيو 2025 (رويترز)

وفي مقطع فيديو للهجوم تم تداوله، يظهر رجل عاري الصدر حاملاً زجاجتين بيديه، بينما يحترق عشب أمامه.

واستغل مسؤولو إدارة ترمب على الفور هجوم يوم الأحد، ليكون مثالاً على سبب اتخاذهم إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية.

وجاء في إفادة خطية من الشرطة تدعم مذكرة اعتقال سليمان أنه ولد في مصر وعاش في الكويت لمدة 17 عاماً، وانتقل قبل 3 سنوات إلى مدينة كولورادو سبرينجز، الواقعة على بعد 161 كيلومتراً جنوب بولدر، حيث عاش مع زوجته وأبنائه الخمسة.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو على موقع «إكس»: «في ضوء هجوم أمس المروع، يجب أن يعلم جميع الإرهابيين وأفراد أسرهم والمتعاطفين مع الإرهابيين الموجودين هنا بتأشيرات دخول، أننا في عهد إدارة ترمب سنجدكم وسنلغي تأشيراتكم ونرحلكم».

وقالت السلطات الاتحادية والمحلية في مؤتمر صحافي عُقد بعد الظهر في بولدر، إن سليمان لم يفعل شيئاً يلفت انتباه سلطات إنفاذ القانون إليه قبل هجوم يوم الأحد. وذكرت السلطات أنها تعتقد أنه تصرف بمفرده.

امرأة تزور نصباً تذكارياً في موقع هجوم أدى إلى إصابة عدة أشخاص - خارج محكمة مقاطعة بولدر - كولورادو - الولايات المتحدة - 2 يونيو 2025 (رويترز)

وجاء في إفادة شرطة بولدر أن سليمان خطط لمدة عام لتنفيذ الهجوم الذي وقع في مركز بيرل ستريت التجاري، وهو مكان تسوق للمشاة يحظى بشعبية ويقع بالقرب من جامعة كولورادو.

وجاء في الإفادة المكتوبة أن المشتبه به «ألقى زجاجتين حارقتين على أشخاص مشاركين في التجمع المؤيد لإسرائيل»، وهو يصيح «فلسطين حرة».

أعضاء كنيسة يتجمعون للصلاة بجوار نصب تذكاري في موقع هجوم أدى إلى إصابة عدة أشخاص - خارج محكمة مقاطعة بولدر - كولورادو - الولايات المتحدة - 2 يونيو 2025 (رويترز)

وكان المصابون، ومعظمهم من كبار السن، يشاركون في فعالية نظمتها منظمة «اركضوا من أجل حياتهم»، التي تكرس جهودها لتسليط الضوء على الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في عام 2023 على إسرائيل.

العثور على 16 زجاجة حارقة

ويعدّ هجوم بولدر أحدث أعمال العنف التي تستهدف اليهود الأميركيين، والمرتبطة بالغضب من الهجوم العسكري الإسرائيلي المتصاعد في غزة، وجاء في أعقاب مقتل موظفَين بالسفارة الإسرائيلية بعد إطلاق النار عليهما خارج المتحف اليهودي بواشنطن الشهر الماضي.

وقالت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي، إن المشتبه به سيخضع للمساءلة بأقصى ما يسمح به القانون على ما وُصف بأنه «هجوم إرهابي معادٍ للسامية».

يتجمع ضباط الشرطة في شارع بيرل أمام محكمة مقاطعة بولدر (مسرح الهجوم الذي أدى إلى إصابة عدة أشخاص) في كولورادو - الولايات المتحدة - 2 يونيو 2025 (رويترز)

وقالت السلطات إنها عثرت على 16 زجاجة مملوءة بالبنزين بالقرب من مكان اعتقال المشتبه به.

وعثرت الشرطة أيضاً على عبوة بنزين بسيارته المتوقفة في موقع قريب، وعلى بخاخة لرش الأعشاب الضارة مملوءة بالبنزين في مكان الواقعة.

وتشير الإفادة الخطية إلى مقطع فيديو تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر سليمان «عاري الصدر وهو يسير ذهاباً وإياباً، بينما يحمل ما يبدو أنها قنابل حارقة».

وخلال مثوله الوجيز أمام محكمة أمس (الاثنين)، ظهر سليمان عبر بث مرئي من سجن مقاطعة بولدر، واقفاً ومرتدياً بدلة برتقالية. ورد قائلاً: «نعم» على بعض الأسئلة الإجرائية التي طرحها القاضي، لكنه لم يقُل شيئاً آخر.

وقالت كاثرين هيرولد محامية سليمان خلال الجلسة، إنها ستحتفظ بأي دفوع تتعلق بشروط الكفالة إلى وقت لاحق. وتم احتجازه في البداية مع إمكانية دفع كفالة قدرها 10 ملايين دولار.

ويواجه المشتبه به عقوبة قصوى بالسجن مدى الحياة، إذا ثبتت إدانته بتهمة جريمة الكراهية الاتحادية، لأنه متهم أيضاً بالشروع في القتل بمحكمة الولاية.

وقال مايكل دورتي المدعي العام لمقاطعة بولدر، إن عقوبة تهم الشروع في القتل المتعددة تصل إلى السجن لمدة تصل إلى 384 سنة.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن 8 أشخاص أصيبوا في الهجوم، تتراوح أعمارهم بين 67 و88 عاماً.

ويقول مسؤولون إن المواطن المصري استهدف مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل بمركز تجاري مفتوح في بولدر، وهتف: «الحرية لفلسطين».

وحسبما ذكرت عدة مصادر لشبكة «سي بي إس»، وصل المشتبه به إلى كاليفورنيا عام 2022 بتأشيرة لغير المهاجرين انتهت صلاحيتها في فبراير (شباط) 2023.

فيما قال مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي إن سليمان دخل البلاد في أغسطس (آب) 2022، بتأشيرة سياحية وقدم طلب لجوء في الشهر التالي، وظل في البلاد بعد انتهاء تأشيرته في فبراير 2023.

في هذه الصورة الملتقطة في 1 يونيو 2025 يظهر المشتبه به في هجوم بولدر (كولورادو) محمد صبري سليمان وهو يطلق النار على المتظاهرين في مركز تجاري مفتوح (أ.ب)

وقال تود لايونز القائم بأعمال مدير وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، خلال مؤتمر صحافي في بوسطن: «هناك الملايين مثله نحاول تحديد أماكنهم من عهد الإدارة السابقة الذين لم يتم التدقيق بشأنهم كما ينبغي، وسُمح لهم بالدخول».

وكتب الرئيس دونالد ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه لن يتم التسامح مع مثل هذه الهجمات. وقال: «هذا مثال آخر على سبب وجوب الحفاظ على أمن حدودنا، وترحيل المتطرفين المعادين للولايات المتحدة الموجودين بشكل غير قانوني من وطننا».

وذكرت شرطة بولدر أنه تم نقل 4 نساء و4 رجال، تتراوح أعمارهم بين 52 و88 عاماً، إلى المستشفيات بعد الهجوم. ولا يزال اثنان منهم في المستشفى. وقالت السلطات المحلية الاثنين، إنه تم تسجيل 4 مصابين آخرين حالتهم أقل خطورة. ويأتي هجوم بولدر بعد نحو أسبوعين من إطلاق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية خارج متحف يهودي في واشنطن، حيث اعتقلت الشرطة مشتبهاً به يبلغ 31 عاماً كان يصرخ «فلسطين حرة».


مقالات ذات صلة

أفريقيا الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تحليل إخباري كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ضباط من فرقة الخدمة السرية يرتدون الزي الرسمي يقومون بدورية في ساحة لافاييت المقابلة للبيت الأبيض في العاصمة واشنطن يوم 27 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

«إف بي آي»: صلات محتملة بين منفّذ «هجوم الحرس الوطني» وجماعة متشددة

يحقق «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي بصلات محتملة بين منفّذ هجوم الحرس الوطني بواشنطن الأفغاني رحمن الله لاكانوال، وطائفة دعوية غامضة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الجمعة)، أن قرار الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة مالية كبيرة على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي هو اعتداء على الشعب الأميركي من قبل حكومات أجنبية، كما يعد هجوماً على جميع شركات التكنولوجيا الأميركية.

وأضاف روبيو في منشور على «إكس»: «أيام فرض الرقابة على الأميركيين عبر الإنترنت قد ولت».

وقررت الجهات المنظمة لقطاع التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اليوم تغريم «إكس»، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، 120 مليون يورو بسبب «انتهاكات» تتعلق بالمحتوى على الإنترنت بعد تحقيق استمر لعامين، وأمهلت المنصة 60 يوماً لتقديم حلول و90 يوماً للتنفيذ.

وانتقد رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية بريندان كار قرار المفوضية الأوروبية، قائلاً إن أوروبا تغرم شركات التكنولوجيا الأميركية لأنها ناجحة، وتسعى للحصول على أموال غير مستحقة.

وحذر نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الاتحاد الأوروبي، أمس (الخميس)، من فرض عقوبات على «إكس»، قائلاً إن على أوروبا «دعم حرية التعبير بدلاً من مهاجمة الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة».

وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق اليوم رداً على فانس إن قوانين المحتوى الرقمي «ليست رقابة».


أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)

قُتل أربعة أشخاص في ضربة جوية أميركية ضد قارب يُشتبه في تهريبه مخدرات شرق المحيط الهادئ، في خضم مساءلات في الكونغرس حيال ما إذا كانت الولايات المتحدة ارتكبت جريمة حرب خلال هجوم في سبتمبر (أيلول) الماضي بجنوب البحر الكاريبي لاستهدافها شخصين نجوا من الضربة الأولى.

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وأعلنت القيادة العسكرية الجنوبية في الجيش الأميركي وقوع الضربة الـ22 ضد «قوارب المخدرات» الخميس، وسط انتقادات متزايدة من المعارضة الديمقراطية للضربات التي بدأت في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 87 شخصاً حتى الآن، من دون تقديم أي دليل على صلاتهم بتهريب المخدرات. وأفادت عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنها استهدفت «قارباً في المياه الدولية تديره منظمة مصنفة إرهابية»، مضيفة أن «معلومات استخبارية أكدت أن القارب كان يحمل مخدرات غير مشروعة، ويعبر طريقاً معروفاً لتهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ». وأكدت «مقتل أربعة رجال من إرهابيي المخدرات كانوا على متن القارب».

ووقعت الضربة في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث انتقادات، بسبب عملية وجهت خلالها القوات الأميركية ضربة ثانية على قارب سبق أن قُصف في البحر الكاريبي، مما أدى إلى مقتل ناجيَين اثنين من الضربة الأولى. وقُتل 11 شخصاً في الضربتَين الأولى والثانية.

السيناتور مارك كيلي (أ.ب)

واحتدم الجدال الأسبوع الماضي عندما أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن اثنين من الناجين من الضربة الأولى كانا متشبثين بقاربهما المشتعل، قُتلا في ضربة ثانية أذن بها هيغسيث.

وبعد مشاهدة مقطع فيديو قدمته وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى أعضاء من الكونغرس، وعُرض خلال جلسة مغلقة مع المسؤول عن العمليات الخاصة في القوات المسلحة الأميركية الأميرال فرنك برادلي، أكد كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب جيم هايمز، أن الضربة أدت إلى مقتل «بحّارَين غارقين»، موضحاً أن الفيديو يُظهر «شخصين من الواضح أنهما في حالة حرجة، من دون وسيلة تنقل، قتلتهما الولايات المتحدة»، ومشيراً إلى أن الأميرال برادلي قدّم «عناصر سياقية» في شأن قراره. وأضاف: «نعم، كان في حوزتهما مخدرات»، لكنهما «لم يكونا في وضع يسمح لهما بمواصلة مهمتهما بأي شكل من الأشكال».

صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)

ودافع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري توم كوتون عن القرار، واصفاً إياه بأنه «عادل». وأكد على غرار هايمز، أن الأميرال نفى تلقيه أمراً من وزير الدفاع بالقضاء على جميع البحارة على متن السفينة.

تأتي هذه الحملة العسكرية الأميركية في إطار تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا. ويتهم ترمب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه زعيم كارتل لتهريب المخدرات. أما مادورو فينفي ذلك بشدة، مندداً بمحاولة الولايات المتحدة إطاحة حكومته بذريعة مكافحة تهريب المخدرات.

ومع استمرار هذا التوتر، تواجه فنزويلا عزلة جوية بعدما أعلن الرئيس ترمب إغلاق المجال الجوي لهذا البلد في أميركا الجنوبية، وبعدما علّقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها حرصاً على سلامة طائراتها وركابها.

أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)

ونشر ترمب تحذيراً جاء فيه: «كل شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والبشر، يُرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا وحولها مغلقاً تماماً».

وألغت شركتا «بوليفانا دي أفياسيون» و«ساتينا» الكولومبيتان رحلاتهما إلى كاراكاس الخميس، فيما مدّدت شركة «كوبا إيرلاينز» البنمية تعليق رحلاتها حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وسبق أن علقت شركات «إيبيريا» و«تي إيه بي» و«أفيانكا» و«غول» و«لاتام» و«إير أوروبا» والخطوط الجوية التركية و«بلاس ألترا» رحلاتها إلى فنزويلا. واتهمت كاراكاس هذه الشركات بـ«الانخراط في أعمال إرهاب الدولة» التي تمارسها واشنطن، وألغت تراخيص تشغيلها.

ولا يؤثر إغلاق المجال الجوي الذي أشار إليه ترمب على الرحلات التي تقل مهاجرين رحّلتهم الولايات المتحدة إلى فنزويلا. ووصلت، الأربعاء، طائرة تقل عدداً من هؤلاء، وكان من المتوقع وصول طائرة أخرى الجمعة.


انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
TT

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)

تعيش العواصم الأوروبية وكييف توتراً دبلوماسياً متزايداً، بعدما كشفت تقارير صحافية مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أظهرت حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً المستشار الألماني فريدريتش ميرتس (يمين) ورئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز خلال اجتماع في جوهانسبرغ على هامش قمة العشرين... 22 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

المكالمة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ونقلتها لاحقاً غالبية الصحف الأميركية، لم تكن محادثةً بروتوكوليةً. فقد حذَّر ميرتس مما وصفها بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية. ورغم نفي باريس استخدام عبارات قاسية، فإن الرسالة الأوروبية باتت واضحة: لا ينبغي لأوكرانيا الدخول في تسوية مع بوتين بوعود عامة أو ضمانات غير مكتملة.

وردَّت موسكو بسخرية على ما نُسب إلى المستشار الألماني. وكتب كبير المفاوضين الروس كيريل دميترييف على منصة «إكس»: «عزيزي ميرتس، أنت لست حتى في اللعبة... لقد أخرجت نفسك من اللعبة عبر التحريض على الحرب، ونسف السلام، ومقترحات غير واقعية، وانتحار الحضارة الغربية، والهجرة، والغباء العنيد».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوربيون آخرون يطالبون بتعديلات جذرية على الخطة الأميركية (رويترز)

ومن جانبه، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية في برلين: «أرجو تفهم أنني لا أعلق على تقارير إعلامية فردية. علاوة على ذلك، لا يمكننا من حيث المبدأ الإدلاء بمعلومات عن محادثات سرية».

وأشار المتحدث إلى تصريحات ميرتس في المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الاثنين الماضي. وكان ميرتس قد تحدَّث خلالها عن مكالمة هاتفية مشتركة مع الرئيس الأوكراني، والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، وشركاء أوروبيين آخرين، وقال إنهم يحافظون على تماسك المجتمع عبر الأطلسي قدر الإمكان.

مصادر دبلوماسية أوروبية تشير إلى أن الخشية الأساسية لا ترتبط فقط بسرعة التحرك الأميركي، بل بتصاعد شعور بأن واشنطن باتت تتعامل مع ملف الحرب بوصفها قوةً منفردةً، متجاوزةً شركاءها في «الناتو» والاتحاد الأوروبي. فاجتماعات المفاوضين الأميركيين الأخيرة في موسكو مع الرئيس فلاديمير بوتين، وغياب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن اجتماع وزراء خارجية «الناتو» الذي ناقش الخطة الأميركية، عزَّزا الانطباع بأن إدارة ترمب «تعمل أولاً وتتشاور لاحقاً»، أو «لا تتشاور إطلاقاً».

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس مع الرئيس الأوكراني (أ.ف.ب)

الأوروبيون الذين يدفعون ثمن الحرب أمنياً واقتصادياً وسياسياً، يخشون أن يتحول أي اتفاق هش إلى عبء عليهم وحدهم إذا اختارت واشنطن إعادة ترتيب أولوياتها أو اعتماد مقاربة براغماتية تجاه موسكو. ولهذا يطالب عدد من القادة، كما نقلت الصحف الغربية، بتوضيح صريح من الولايات المتحدة حول طبيعة التزاماتها الدفاعية تجاه كييف، وشكل الرد المشترك في حال خرق روسيا الاتفاق.

تصدعات داخل الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي (إ.ب.أ)

التسريبات وحدّة النقاشات الأخيرة أعادت إلى الواجهة سؤالاً محورياً: هل بدأت تظهر شقوق فعلية داخل الجبهة الغربية بشأن كيفية التعامل مع موسكو؟ رغم التأكيدات الرسمية على وحدة الموقف، فإن الوقائع تكشف خلافات عميقة. الأوروبيون يعدّون الحرب تهديداً مباشراً لأمنهم، ويخشون أن أي تنازل غير مضمون سيشجع روسيا على اختبار صبر الغرب مجدداً. أما واشنطن، فتبدو أكثر تركيزاً على حساباتها العالمية، من ضبط التوتر مع الصين إلى موازنة الأزمات الإقليمية المختلفة، إضافة إلى هامش المناورة الذي يمنحه ترمب لنفسه بوصفه «وسيطاً مستقلاً» لا يمثل بالضرورة إجماع «الناتو».

هذا التباين تُرجم في مواقف ملموسة، كان أبرزها تقليص الاتحاد الأوروبي خطته لاستخدام مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة، وترك جزء منها في الاحتياط قد تستغله واشنطن لاستمالة موسكو نحو الاتفاق. خطوةٌ فسّرها كثيرون على أنها مؤشر إلى هشاشة التنسيق داخل الغرب أكثر مما هي تنازل تكتيكي.

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس في حديث جانبي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في لواندا بأنغولا بمناسبة القمة الأوروبية - الأفريقية (د.ب.أ)

زيلينسكي بين ضغط التفاوض وهشاشة الضمانات

الرئيس الأوكراني، المنشغل أيضاً بأزمة فساد داخلية هزّت فريقه، ظهر متحفظاً حيال الاندفاع الأميركي. فبعد التسريبات شدَّد زيلينسكي على ضرورة «الشفافية»، ملمّحاً إلى أنه لن يقبل بتكرار تجارب تفاوضية سابقة جرت من خلف ظهر أوكرانيا. كما أعاد التأكيد على أن كييف تحتاج إلى فهم «الأسس» التي ستقوم عليها الضمانات الأمنية، خصوصاً مع تداول مقترحات تتعلق بانتشار قوات أوروبية داخل أوكرانيا ضمن «قوة طمأنة» لا تزال تفاصيلها غامضة. هذا الوضع يضع كييف أمام معادلة معقدة: من جهة هناك ضغطان عسكري ومالي يفرضان التفكير في حلول سياسية، ومن جهة أخرى هناك خشية من أن أي خطوة غير محسوبة قد ترسم مستقبل البلاد الجيوسياسي لعقود طويلة.

وأجرى زيلينسكي، الخميس، محادثات مع مرشحين محتملين ليحلوا محل رئيس أركانه، أندريه يرماك، الذي استقال الأسبوع الماضي وسط تحقيق في فساد. وفي خطابه المصور الليلي، قال زيلينسكي إن المناقشات ركزت على كيفية عمل المكتب الرئاسي في المستقبل، والتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى. وقال:«سيتم اتخاذ قرار بشأن الرئيس الجديد للمكتب في المستقبل القريب». وتنحى يرماك، الحليف القديم للرئيس، بعد أن أجرت سلطات مكافحة الفساد عمليات تفتيش في مقره. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المداهمات مرتبطة بما وُصفت بأنها «أكبر قضية فساد في البلاد منذ بدء الحرب»، والتي تنطوي على رشاوى مزعومة في المشتريات المتعلقة بالطاقة.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل البوندستاغ خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

جولة مباحثات أميركية - أوكرانية في ميامي

قالت قناة «سوسبيلن» التلفزيونية الأوكرانية الرسمية الجمعة، نقلاً عن مصادر في وفد كييف، إن المحادثات في الولايات المتحدة بين المبعوثين الأوكرانيين والأميركيين قد انتهت. وقام بتمثيل أوكرانيا في المحادثات التي أُجريت في ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، رستم عميروف سكرتير مجلس الأمن القومي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة أندري هناتوف. وقال الرئيس الأوكراني، الخميس، إن الوفد الأوكراني بالولايات المتحدة يسعى لاستيضاح ما تمَّت مناقشته في موسكو، الثلاثاء الماضي، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثَي الولايات المتحدة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وناقش مطلع الأسبوع الحالي فريق بقيادة عميروف في فلوريدا الخطوات المحتملة لإنهاء الحرب مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وويتكوف، وكوشنر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

ورغم ساعات طويلة من النقاش في موسكو، فإن المحادثات الأخيرة لم تحقق اختراقاً. كما أن اجتماع المفاوض الأوكراني رستم عميروف مع ويتكوف لن يغيّر، على الأرجح، من حقيقة أن الخلافات البنيوية بين كييف وموسكو، ومن ورائهما الغرب، أكبر من أن تُحل باندفاعة دبلوماسية منفردة. لكن كثافة التحركات الدبلوماسية في بروكسل وبرلين وباريس تعكس أن نافذة التفاوض قد فُتحت فعلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة.

قال الكرملين، الجمعة، إن روسيا والولايات المتحدة تحرزان تقدماً في محادثات السلام، وإن موسكو مستعدة لمواصلة العمل مع الفريق الأميركي الحالي. وقال المساعد بالكرملين يوري أوشاكوف، الذي شارك في محادثات الثلاثاء في موسكو، لصحيفة «زفيزدا» الجمعة: «إننا، في رأيي، نحرز تقدماً في المفاوضات الأساسية التي ينخرط فيها رئيسانا. إن هذا مشجع، ونحن مستعدون لمواصلة العمل مع هذا الفريق الأميركي». ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أوشاكوف قوله: «نحن الآن في انتظار رد فعل زملائنا الأميركيين على المناقشة التي أجريناها يوم الثلاثاء».