بعد فضيحة «تسريبات ضرب الحوثيين»... كيف ينبغي للمسؤولين مناقشة الخطط العسكرية؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رویترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رویترز)
TT

بعد فضيحة «تسريبات ضرب الحوثيين»... كيف ينبغي للمسؤولين مناقشة الخطط العسكرية؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رویترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رویترز)

أثار اعتراف البيت الأبيض بأن كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ناقشوا خططاً عسكرية حساسة، باستخدام منصة مراسلة غير سرية (سيغنال)، وضموا بالخطأ رئيس تحرير مجلة «ذا أتلانتيك» إلى المحادثة، انتقادات فورية من مؤسسة الأمن القومي في واشنطن.

وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فقد أعرب كل من الديمقراطيين والجمهوريين عن مخاوفهم بشأن هذه الواقعة. ودعا النائب بيني تومسون، الديمقراطي من ميسيسيبي، والذي يشغل منصب رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، إلى إجراء تحقيق قائلاً إنه «من البديهي ألا يستخدم مسؤولو إدارة ترمب تطبيق (سيغنال) لمناقشة مسائل استخباراتية حساسة مخصصة لغرفة العمليات. ومن ثم، فإن القيام بذلك يُعدُّ تقصيراً فادحاً».

ومن جهته، كتب النائب مايكل لولر، الجمهوري من نيويورك، على حسابه بموقع «إكس»: «لا ينبغي نقل المعلومات السرية عبر قنوات غير آمنة، وبالتأكيد ليس لمن لا يحملون تصاريح أمنية، بمن فيهم الصحافيون. يجب وضع ضمانات لضمان عدم تكرار هذا الأمر».

فكيف ينبغي للمسؤولين الحكوميين مناقشة الخطط العسكرية والمعلومات الحساسة والسرية؟

تختلف بروتوكولات الحكومة الأميركية في التعامل مع المعلومات بناءً على مستوى تصنيفها. ولكن خطط الحرب وتصميمات الأسلحة تعدُّ غالباً من بين المعلومات التي تعدُّ «سرية للغاية».

وأفادت مجلة «ذا أتلانتيك» بأن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث نشر في مجموعة المراسلة على «سيغنال»: «تفاصيل عملياتية» حول الضربات القادمة، بما في ذلك الأهداف والأسلحة المحددة وتسلسل الهجمات.

وبشكل عام، تُلزِم الحكومة الفيدرالية المسؤولين بمناقشة المعلومات السرية عالية المستوى وجهاً لوجه، مع ترك الهواتف الشخصية والأجهزة الإلكترونية الأخرى خارج الغرف الآمنة التي تُعقد فيها الاجتماعات السرية، وفقاً لما ذكره النائب سيث ماغازينر، الديمقراطي عن ولاية رود آيلاند، وعضو اللجنة الفرعية للأمن السيبراني وحماية البنية التحتية في مجلس النواب.

وقال ماغازينر إن المرافق التي تضم هذه الغرف، والتي تُسمى مرافق المعلومات الحساسة المُقسَّمة (SCIFs) «مُصممة لمنع الخصوم من التنصت على ما يُناقش». وأضاف أن المعلومات المُقدمة خلال الاجتماعات داخل مرافق المعلومات الحساسة عادة ما تُطبع وتُخزَّن بشكل آمن.

وأشار إلى أنه إذا كان أحد المسؤولين غير قادر جسدياً على الوجود بنفسه في المنشأة الآمنة، فإن الحكومة تُشغِّل قنوات اتصال آمنة يُمكن استخدامها بدلاً من ذلك. وأضاف: «لكن (سيغنال) ليست واحدة من تلك القنوات».

ومن جهته، قال لاري فايفر، المسؤول الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي، إن كبار مسؤولي الإدارة، مثل أولئك الذين شاركوا في مجموعة المراسلة، يتواصلون بعضهم مع بعض على مدار الساعة، وحتى في أثناء السفر، من خلال قنوات اتصال تتأكد الحكومة من أنها آمنة.

ما مخاطر استخدام تطبيق «سيغنال» في مناقشة المعلومات الحساسة؟

سبق أن وصفت وزارة الدفاع الأميركية تطبيق «سيغنال» بأنه تطبيق مراسلة «غير قابل للسيطرة». وفي مذكرة صدرت عام 2023، عرَّفت الوزارة التطبيقات غير القابلة للسيطرة بأنها «غير المُصرَّح لها بالوصول إلى معلومات وزارة الدفاع غير العامة، أو إرسالها، أو معالجتها». وأدرجت تطبيق «iMessage» من «أبل» و«واتساب» المملوك لشركة «ميتا» بوصفها أمثلة أخرى على التطبيقات غير القابلة للسيطرة.

وتُدار التطبيقات المُصرَّح لها بالوصول إلى معلومات وزارة الدفاع بواسطة نظام إدارة مؤسسي «يمكنه فرض ضوابط على التطبيق والبيانات، بطريقة تُقلل من خطر اختراق البيانات أو كشفها أو تسريبها إلى التطبيقات غير القابلة للسيطرة»، وفقاً للمذكرة التي وقَّعها جون شيرمان، كبير مسؤولي المعلومات في وزارة الدفاع آنذاك.

ويوفر «سيغنال» مستوى من الحماية للرسائل؛ نظراً لكونه منصة مُشفَّرة، ولكنه غير مُناسب للمحادثات شديدة الحساسية والسرية، وفقاً لما ذكره مات بليز، أستاذ علوم الحاسوب والقانون في جامعة جورج تاون، لصحيفة «واشنطن بوست».

وقال بليز: «يعمل التطبيق على أجهزة غير آمنة أساساً، من هواتف ذكية وأجهزة كومبيوتر محمولة متصلة بالإنترنت، والتي قد تكون عرضة لهجمات متنوعة».

شعار تطبيق «سيغنال» للمراسلة (رويترز)

ويتميز «سيغنال» أيضاً بميزة تسمح باختفاء الرسائل المخزنة بعد فترة زمنية يحددها المستخدم. إلا أن بليز أشار إلى أنه في حال وصول جهاز استخبارات أجنبي أو وكالة متخصصة أخرى إلى هاتف مستخدم في محادثة حساسة، فقد يتمكنون من الوصول إلى الرسائل المخزنة قبل اختفائها.

وصرحت مسؤولة سابقة رفيعة المستوى في وزارة الدفاع، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، بأنها وزملاءها كانوا يتواصلون بالفعل عبر «سيغنال»، ولكن فقط ليطلبوا بعضهم من بعض التحقق من أجهزتهم الحكومية في حال ظهور تهديد للأمن القومي.

وأضافت أنهم كانوا يتبادلون رسائل غامضة حول أي قضية، مثل الإشارة إلى «ذلك الشيء في الشرق الأوسط» أو «ذلك الموضوع الحساس الذي أطلعتكم عليه».

وأضافت: «كنا حريصين للغاية على عدم مناقشة المعلومات السرية على (سيغنال)».

وأكملت: «أشعر بقلق بالغ إزاء تمكن دولة أجنبية من اختراق أي من تقنياتنا غير السرية»، مضيفة أنها لم تشهد موقفاً مماثلاً خلال ما يقرب من عقدين من العمل في الحكومة الفيدرالية.

وتابعت: «هذه ليست الطريقة التي تُدار بها شؤون الأمن القومي».

ما مدى أهمية مشاركة الخطط العسكرية مع صحافي؟

وفقاً لمركز تطوير التميز الأمني، وهو مديرية تابعة لوكالة مكافحة التجسس والأمن الدفاعية، فإن الأشخاص الوحيدين الذين يحق لهم الوصول إلى المعلومات السرية، هم أولئك الذين سمح لهم بروتوكول الأمن القومي بتلقي المعلومات، والأشخاص الذين يحتاجون إلى معرفة هذه المعلومات لوظائفهم، والأشخاص الذين شاركوا في اتفاقية عدم إفصاح.

وصرح كبار مسؤولي إدارة ترمب في الأسابيع الأخيرة، بأنهم سيحققون بشكل مكثف في التسريبات غير المصرح بها لمواد حساسة وسرية للصحافيين، من أشخاص في وكالات التجسس الأميركية ووزارة الدفاع، مستشهدين بتقارير نشرتها صحف ووسائل إعلام مختلفة.

وقال ماغازينر إن تقرير مجلة «ذا أتلانتيك» يثير تساؤلات حول عدد مرات استخدام مسؤولي إدارة ترمب تطبيق «سيغنال» لمناقشة معلومات حساسة، وما إذا كانت أي معلومات قد تعرضت للخطر.

ودعا ماغازينر -مثل بعض المشرعين الديمقراطيين الآخرين- إلى إجراء تحقيق، وقال إن المسؤولين المشار إليهم في تقرير «ذا أتلانتيك» يجب أن يدلوا بشهاداتهم أمام الكونغرس.


مقالات ذات صلة

اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

تحرص القاهرة على إجراء اتصالات مع أطراف المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية برعاية عمانية عقب كل جولة تفاوض، فماذا تستهدف مصر؟

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي مبنى وزارة الخزانة الأميركية (رويترز)

أميركا تفرض عقوبات جديدة على شركات شحن وسفن تسلم النفط والغاز للحوثيين

فرضت الولايات المتحدة، الاثنين، عقوبات على 3 سفن وأصحابها لنقلهم منتجات نفط وغاز إلى الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تسعى لتجنيد مقاتلين جدد في ظل تضاعف مخاوف السكان على أبنائهم (غيتي)

الحوثيون يبتزون السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين

لجأ الحوثيون لابتزاز السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين بعد العزوف عن المعسكرات الصيفية، في حين كشف تحالف حقوقي عن تضليل إعلامي بشأن انفجار في مدرسة أطفال

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي لقطة من فيديو بثّه إعلام تابع لجماعة «الحوثي» تُظهر نقل أحد المصابين جراء قصف مركز إيواء اللاجئين الأفارقة بصعدة (إ.ب.أ)

الحوثيون: 68 قتيلاً بقصف أميركي على مركز توقيف للمهاجرين في صعدة

أعلن الدفاع المدني في اليمن مقتل 68 مهاجراً أفريقياً وإصابة 47، جراء قصف أميركي استهدف مركز إيواء للمهاجرين غير الشرعيين بمدينة صعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أميركا تستهدف شركات صينية وإيرانية بعقوبات لدعمها طهران

شعار وزارة الخزانة الأميركية على مقرها في واشنطن (رويترز)
شعار وزارة الخزانة الأميركية على مقرها في واشنطن (رويترز)
TT

أميركا تستهدف شركات صينية وإيرانية بعقوبات لدعمها طهران

شعار وزارة الخزانة الأميركية على مقرها في واشنطن (رويترز)
شعار وزارة الخزانة الأميركية على مقرها في واشنطن (رويترز)

فرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عقوبات على شبكة مقرها إيران والصين، اتهمتها بشراء مكونات وقود الصواريخ الباليستية نيابة عن «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لزيادة الضغط على طهران.

وووفقاً لـ«رويترز»، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أنها استهدفت 6 كيانات و6 أفراد في إطار هذا الإجراء، الذي يأتي في الوقت الذي استأنفت فيه إدارة ترمب المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي.