العالم في «عهد هاريس»... التزام بدعم الحلفاء وتشدّد تجاه إيران

3 أسماء تتصدّر قائمة المرشحين لمنصب وزير الخارجية

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن 25 يوليو (رويترز)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن 25 يوليو (رويترز)
TT

العالم في «عهد هاريس»... التزام بدعم الحلفاء وتشدّد تجاه إيران

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن 25 يوليو (رويترز)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن 25 يوليو (رويترز)

مع دخول الانتخابات الأميركية شوطها الأخير، تتزايد التساؤلات حول سياسات الإدارة المقبلة في ملفات السياسة الخارجية. وعلى الرغم من أن موعد الانتخابات بات على بعد أسبوع واحد، فإن الرئيس، أو الرئيسة المقبلة، لن يستلم مهامه قبل العشرين من يناير (كانون الثاني). وعندما يفعل، سيُمهّد إما لمسار مختلف أو مشابه لمسار الإدارة الحالية في ملفات حساسة، شهد البعض منها تصعيداً حاداً في الآونة الأخيرة.

وفي حال فوز نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، كامالا هاريس، بالسباق إلى البيت الأبيض، يُرجّح كثيرون ألا تختلف سياساتها الخارجية جذرياً عن سياسات الإدارة الحالية، بدءاً من الشرق الأوسط، مروراً بأوكرانيا وروسيا، ووصولاً إلى الصين وكوريا الشمالية. وذلك لسبب أساسي، يتمثّل في غياب خبرتها في ملفات السياسة الخارجية، كما يقول روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا. وأوضح فورد، في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، أن «لدى هاريس خبرة قليلة في إدارة السياسة الخارجية، ومن المحتمل أن تتبع سياسة خارجية قريبة من سياسة بايدن، خصوصاً أنها ستحتفظ بعدد كبير من أفراد الفريق الحالي المسؤول عن السياسة الخارجية.

الشرق الأوسط

الملف الأكثر أهمية على طاولة الرئيس الجديد سيكون بلا شكّ ملف التصعيد في الشرق الأوسط، الذي غيّر أولويات الإدارة الحالية وعقّد مهمة هاريس الانتخابية بعدما اضطرّت إلى مواجهة أسئلة صعبة من طرف الناخبين العرب والمسلمين، وحتى التقدميين من حزبها.

وبشكل عام، تتبنّى هاريس مقاربة بايدن فيما يتعلق بحربي غزة ولبنان؛ إذ تدعم حلّ الدولتين وترفض وضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، وتدعو لخفض التصعيد في لبنان. وكرّرت هاريس تأكيدها، خلال الأسابيع الماضية، أن حلّ الدولتين يجب أن يضمن «أمن الفلسطينيين وحق تقرير المصير والكرامة التي يستحقونها»، كما دعت إسرائيل إلى محاسبة المستوطنين المتشددين في الضفة الغربية بسبب أعمال العنف ضد الفلسطينيين. وعن سياسات التطبيع مع إسرائيل، التي بادر بها الرئيس السابق دونالد ترمب، أكّدت هاريس دعمها لتوسيع «اتفاقات أبراهام».

وفي مواجهة انتقادات ديمقراطية وجمهورية بعد تغيّبها عن خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، أكّدت هاريس التزامها بدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو موقف كرّرته منذ هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وتختلف لهجة هاريس عن بايدن بعض الشيء؛ إذ إنها لا تتردّد في ذكر الضحايا المدنيين وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. لكنها تصريحات مختلفة في النبرة وليس في التوجه، ويفسرها البعض على أنها محاولة للتودّد للناخبين المترددين في دعمها بسبب سياسة الإدارة في المنطقة، خصوصاً في ولايات متأرجحة كميشيغان من شأنها أن تحسم السباق.

أما عن إيران، فقد اعتمدت هاريس خطاباً أكثر تشدداً من بايدن، ووصفتها بـ«التهديد الأبرز» للولايات المتحدة، في انشقاق واضح عن تقييم الإدارة الديمقراطية السابق، التي تعد الصين وروسيا التهديدين الأبرز بالنسبة إليها. وقالت هاريس، في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة»، إنه «من الواضح» أن إيران هي التهديد الأبرز، «فهناك دماء أميركية على أيديها»، متعهّدة بألا تسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي، وبأن هذا سيكون «على رأس أولوياتها».

حرب أوكرانيا... وحلف «الناتو»

جانب من لقاء بين هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض 26 سبتمبر (أ.ب)

تسبّبت سياسة الرئيس بايدن تجاه حرب أوكرانيا في خلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين في الأشهر القليلة الماضية. فبينما كان الحزبان متّحدين في دعم أوكرانيا عسكرياً بعد الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، أثار بعض المشرّعين الجمهوريين الداعمين لترمب تحفّظات حيال حجم المساعدات الأميركية لكييف، في غياب أي أفق للتسوية. وتنتمي هاريس إلى معسكر الدفاع الشرس عن أوكرانيا بوجه روسيا، وتعهّدت بالاستمرار في دعم كييف وتعزيز الشراكة مع دول حلف شمالي الأطلسي، وهي مقاربة مطابقة لسياسة بايدن الذي يتباهى بأن الحلف أصبح أقوى في عهده. ودفعت هاريس بهذا الموقف في خطاب قبولها ترشيح حزبها في المؤتمر الحزبي الديمقراطي، قائلة: «كرئيس، سأدعم أوكرانيا وحلفاءنا في (الناتو) بقوة».

وأعربت هاريس عن الموقف نفسه في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، حيث جدّدت التزام الولايات المتحدة بـ«الناتو»، ووصفته بـ«أفضل تحالف عسكري عرفه العالم». كما التزمت بدعم جهود أوكرانيا الدفاعية ضد روسيا «ما دام الأمر يتطلب ذلك»، وحثّت الكونغرس على الاستمرار بدعم كييف على الرغم من المعارضة المتزايدة في المجلس التشريعي لإقرار المساعدات، خصوصاً من بعض الجمهوريين.

الصين

رغم تأكيدها على أن إيران هي التهديد الأبرز المحدق بالولايات المتحدة، فإن الصين كانت ولا تزال المنافس الأكبر للمصالح الأميركية. وترى هاريس أن الولايات المتحدة «فازت في هذه المنافسة في القرن الـ21»، إلا أنها شدّدت على ضرورة «إبقاء خطوط التواصل مفتوحة لإدارة التنافس بين البلدين بشكل مسؤول»، وهذا ما فعلته عبر لقائها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، في عام 2022 في بانكوك. والتزمت هاريس في هذا الصدد سياسة بايدن، القائمة على استمرار التنافس مع تفادي الصراع.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلقي كلمة أمام مؤتمر ميونيخ للأمن 16 فبراير (أ.ف.ب)

وحول تايوان، وهي مصدر توتر دائم في العلاقة بين البلدين، تؤكد هاريس على الدعم الأميركي لها، لكنها تدعم في الوقت نفسه سياسة «الصين الواحدة» المعتمدة أميركياً والمبنية على أساس «الغموض الاستراتيجي». وتقول حملة هاريس إنها ساعدت في قيادة جهود الإدارة لتأمين حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، كما سعت لبناء علاقات أقرب مع حلفاء واشنطن في منطقة المحيط الهادئ والهندي. وفي عام 2024، استضافت هاريس القمة الثلاثية الأولى بين الولايات المتحدة واليابان والفلبين. وخلال فترة وجودها في الكونغرس كسيناتور عن ولاية كاليفورنيا، طرحت مشاريع قوانين تدعو الوكالات الأميركية للتحقيق في معاملة الصين لأقلية الإيغور المسلمة، ودعمت الحكم الذاتي في هونغ كونغ. وقد تستفيد هاريس من خبرة تيم والز، المرشّح لمنصب نائبها، في الصين، حيث درّس اللغة الإنجليزية في عام 1989.

كوريا الشمالية

في سبتمبر (أيلول) من عام 2022، زارت هاريس المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين خلال زيارتها إلى كوريا الجنوبية، حيث وجهت انتقادات لاذعة لنظام كيم جونغ أون، قائلة: «في الشمال، نرى دكتاتورية وحشية، وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وبرنامج أسلحة غير قانوني يهدد السلام والاستقرار». وتعبّر هاريس عن مقاربة مشابهة إلى حد كبير لمقاربة بايدن حيال بيونغ يانغ، التي تتماشى مع سياسة «الصبر الاستراتيجي» التقليدية، والسعي المستمر لتفكيك الترسانة النووية في كوريا الشمالية.

ولا شكّ في أن هذا الملف سيزداد أهمية، بعد أن رصدت وزارة الدفاع الأميركية مشاركة 3000 جندي كوري شمالي في المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.

3 مرشّحين لمنصب الخارجية

في ظل هذه التحديات المتعددة الأقطاب، وغياب خبرة هاريس في السياسة الخارجية، سيكون خيارها لمنصب وزير الخارجية بغاية الأهمية؛ إذ عليه أن يتعامل مع الأزمة في المنطقة ويوازن ما بين العلاقة مع إسرائيل ووقف التصعيد في المنطقة، كما سيضطر إلى مواجهة المنافسة المتزايدة مع الصين، والتحدي المستمر من قبل روسيا، ناهيك عن الأزمات الأخرى كالحرب المستعرة في السودان.

ويبدو أن لائحة المرشحين تتمحور حول أسماء ثلاثة:

  • ويليام بيرنز: مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)

مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز خلال مشاركته في جلسة استماع بالكونغرس في مارس 2024 (أ.ف.ب)

يُطلق عليه اسم وزير خارجية الظل في إدارة بايدن؛ إذ يوفده الرئيس الأميركي بشكل مستمر إلى المنطقة، حيث لعب دوراً أساسياً في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس»، ومساعي التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بقطاع غزة. ويلعب بيرنز دوراً محورياً في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية كذلك، مستفيداً من خبرته في روسيا حيث شغل منصب السفير في عهد بوش الابن.

  • جيف فلايك: سيناتور جمهوري سابق عن ولاية أريزونا

شغل فلايك منصب السفير الأميركي لدى تركيا

خدم فلايك سفيراً لإدارة بايدن في تركيا، وجمعته علاقة مضطربة للغاية مع الرئيس الجمهوري دونالد ترمب أدّت إلى قراره عدم خوض الانتخابات للدفاع عن مقعده في الولاية. وهو يُعدّ من المعتدلين الوسطيين، وسيكون اختياره بمثابة إيفاء لهاريس بوعدها شمل جمهوريين في إدارتها.

  • كريس ميرفي: سيناتور ديمقراطي عن ولاية كونيتيكت

ميرفي يتحدث مع الصحافيين بالكونغرس في 4 ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

ميرفي خيار مثير للجدل، فالسيناتور الشاب معروف بمواقفه اليسارية، وسيكون من الصعب المصادقة عليه من قبل الحزبين في مجلس الشيوخ، خصوصاً في حال فشل الديمقراطيين بتأمين أغلبية كبيرة في المجلس بعد الانتخابات التشريعية.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب (أ.ب)

إلغاء زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل

ذكرت وكالة الأنباء الهولندية «إيه إن بي»، اليوم الخميس، أن زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل أُلغيت.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
تحليل إخباري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يحضران حفلاً في قاعدة عسكرية في أكتوبر الماضي (رويترز) play-circle 02:06

تحليل إخباري «إسرائيل في ورطة»... تداعيات قانونية وسياسية لمذكرة اعتقال نتنياهو

تشكل مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، وفق خبراء قانون «إحراجاً كبيراً وإدانة غير مباشرة لإسرائيل»، ما سيضع إسرائيل تحت ضغط دولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

بوريل: العمليات الإنسانية الأممية في غزة قد تتوقف الاثنين بسبب نفاد الوقود والطعام

قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إن العمليات الإنسانية للأمم المتحدة بقطاع غزة قد تتوقف، يوم الاثنين المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)

المدّعي العام للجنائية الدولية يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها

طالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الخميس، الدول الأعضاء في المحكمة، والبالغ عددها 124، بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف التي أصدرتها.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

سيناتور جمهوري بارز: أي دولة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفاً أميركياً صارماً

السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)
السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)
TT

سيناتور جمهوري بارز: أي دولة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفاً أميركياً صارماً

السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)
السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)

عبّر السيناتور الجمهوري الأميركي البارز لينزي غراهام عن رفضه الشديد لقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقال إن أي دولة ستدعم قرارات المحكمة ستواجه موقفاً صارماً من الولايات المتحدة.

وقال غراهام على منصة «إكس»: «المحكمة الجنائية الدولية منظمة مارقة ذات دوافع سياسية تدهس مفهوم سيادة القانون. لقد أوضحت بشكل لا لبس فيه أنني أعتقد أن هذه العملية برمتها تشكل إساءة استغلال لنظام روما الأساسي» الذي أسس المحكمة.

وأضاف أن «أي دولة أو منظمة تساعد أو تشجع هذه الفظائع يجب أن تتوقع موقفاً حازماً من الولايات المتحدة، وأنا أتطلع إلى العمل مع الرئيس (المنتخب دونالد) ترمب وفريقه وزملائي في الكونغرس للتوصل إلى رد قوي».

وقالت المحكمة في بيان إن لديها أسبابها المنطقية لاعتبار نتنياهو وغالانت شريكين في «جرائم ضد الإنسانية هي جريمة التجويع كسلاح... وجرائم ضد الإنسانية مثل القتل».

وأكدت المحكمة أن «نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن توجيه هجوم متعمد ضد المدنيين».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضاً مذكرة اعتقال بحق محمد الضيف القيادي في حركة «حماس» الفلسطينية.