عقيدة هاريس في الشرق الأوسط: استكمال لسياسة بايدن أم قطيعة؟

«الشرق الأوسط» تستطلع آراء مسؤولين سابقين وخبراء حول سياساتها المحتملة

بايدن وهاريس في ولاية ماريلاند في 15 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
بايدن وهاريس في ولاية ماريلاند في 15 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

عقيدة هاريس في الشرق الأوسط: استكمال لسياسة بايدن أم قطيعة؟

بايدن وهاريس في ولاية ماريلاند في 15 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
بايدن وهاريس في ولاية ماريلاند في 15 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

في ظل التّصعيد المستمر في الشرق الأوسط وغياب استراتيجية أميركية واضحة، تتّجه الأنظار إلى خليفة الرئيس الأميركي جو بايدن المُحتملة في البيت الأبيض كامالا هاريس، والتي لم ترسم حتى الساعة استراتيجية ملموسة مختلفة عن قاطن البيت الأبيض.

ومع اقتراب الانتخابات الأميركية المرتقبة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي بعد أقل من شهر، تتزايد التساؤلات حول سياسة هاريس في المنطقة، وما إذا كانت ستختلف جذرياً عن عقيدة بايدن، أم أنها ستندرج في إطار الاستمرار.

وفيما يُرجّح مسؤولون سابقون استكمال هاريس نهج بايدن لقلّة خبرتها في السياسة الخارجية، إلا أن تصريحاتها الأخيرة حول إسرائيل وإيران حملت مؤشّرات اختلاف نسبي في التعاطي مع حلفاء واشنطن وخصومها في المنطقة.

ففي الملف الإيراني، تعتبر هاريس اليوم أن طهران هي «الخطر الأبرز» الذي يواجه الولايات المتحدة، وليست الصين، على خلاف توجّه بايدن الذي ركّز على المنافسة مع بكين في بداية عهده متجاهلاً المنطقة. أما فيما يتعلّق بإسرائيل، فاللهجة التي اعتمدتها المرشحة الديمقراطية في بداية حملتها مختلفة بعض الشيء عن لهجتها اليوم، إذ حرصت في السابق على التشديد على أهمية حماية المدنيين تحت طائلة العقاب، مع التأكيد في الوقت نفسه على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو خط الولايات المتحدة الثابت بغض النظر عن الإدارات. أما اليوم، فيبدو أن هاريس عادت لتكرر مواقف الإدارة نفسها، رغم دفع التقدميين في حزبها، والذي كان البعض يتهمها بالانتماء لهم، إلى الضغط على تل أبيب عبر ورقة مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية.

هاريس وبايدن وتلازم المسار

بايدن وهاريس في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في 18 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

يستبعد روبرت فورد، السفير الأميركي السابق إلى سوريا، ابتعاد هاريس عن نهج بايدن في الشرق الأوسط، مشيراً إلى محدودية خبرتها في العمل على قضايا المنطقة. وقال فورد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «لدى هاريس خبرة قليلة في إدارة السياسة الخارجية، ومن المحتمل أن تتبع سياسة خارجية قريبة من سياسة جو بايدن، خاصّة أن عدداً كبيراً من فريقها المسؤول عن السياسة الخارجية سيأتي من إدارة بايدن».

وتابع فورد: «إنها تُؤكّد دائماً أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها، ولا تنتقد أبداً التصرفات الإسرائيلية. لكنّها تُعبّر عن تعاطف أكبر تجاه الفلسطينيين مقارنة ببايدن، بل وتعلن أنها تؤيد حقهم في تقرير المصير. ومع ذلك، لم تشرح أبداً الخطوات التي قد تتخذها إدارة هاريس للحد من، واحتواء، الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ناهيك عن استراتيجية معينة للتوصل إلى اتفاق قائم على دولتين».

ورجّح فورد أن تستمر «إدارة هاريس» في حال فوزها «في دعم إسرائيل بقوة، وحمايتها من الانتقاد والتحقيق الدولي، بينما تعبر أحياناً عن تعاطفها مع الضحايا المدنيين بين الفلسطينيين واللبنانيين، وتُقدّم كميات من المساعدات الإنسانية أقلّ بكثير من حجم المساعدات العسكرية الموجّهة إلى إسرائيل».

من المحتمل أن تتبع هاريس نهجاً قريبا من سياسة جو بايدن في الشرق الأوسط، خاصّة وأن عدداً كبيراً من فريقها سيأتي من الإدارة الحالية.

روبرت فورد، السفير الأميركي السابق إلى سوريا

 ويتّفق براين كتوليس، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، مع تقييم فورد، مستبعداً أن تُغيّر هاريس من نهج بايدن في المنطقة. ويقول كتوليس لـ«الشرق الأوسط» إن «إدارة هاريس ستكون مشابهة جداً لإدارة بايدن في مقاربتها للسياسة في الشرق الأوسط، لسبب أساسي وهو أنها على الأرجح ستبقي على بعض المستشارين أنفسهم، وهؤلاء هم الأشخاص أنفسهم الذين كانوا موجودين في عهدي باراك أوباما من 2009 إلى 2017».

ورغم أن الوضع المتسارع في الشرق الأوسط قد يفرض على إدارة هاريس المستقبلية إعادة النظر في بعض فرضياتها، فإنه من «الواضح أن العام الأخير من الحرب لم يُؤدّ إلى أن يُنفّذ فريق بايدن - هاريس تغييرات كبيرة في مقاربته في الشرق الأوسط، خاصة أن المنطقة لا تتمتع بالأولوية مقارنة بالملفات الداخلية، ومسائل خارجية أخرى كالصين وحرب روسيا في أوكرانيا»، وفق كتوليس.

موقف انتخابي «صعب»

هاريس في مقر إقامتها في واشنطن في 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

ولعل خير دليل على تلازم مساري بايدن وهاريس في الشرق الأوسط، أجندة الحزب التي تم تبنّيها في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي والتي لم تتغيّر بعد تنحّي بايدن عن السباق الرئاسي وتسليمه الشعلة لهاريس. وتضمّنت هذه الأجندة: «الاعتراض على أي تحرّك قد يُعرّض حل الدولتين للخطر بما فيها مخططات ضمّ أراضٍ، ومعارضة توسيع المستوطنات، وإبقاء القدس عاصمة لإسرائيل، ودعم المساعدات الضرورية للشعب الفلسطيني مع مراعاة القوانين الأميركية، ورفض أي تحرّك لرفع الشرعية عن إسرائيل في الأمم المتحدة، والسعي إلى حل دبلوماسي على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية».

بُنود متكرّرة لا تُقدّم خريطة طريق واضحة للتطبيق، خاصّة في الشق المتعلق بحل الدولتين، والجزئية المرتبطة بلبنان في ظل التصعيد الحاد هناك، وتغيب عنها الوعود التي تعهّدت بها هاريس للعرب والمسلمين الأميركيين بالضغط على تل أبيب لحماية المدنيين.

ويتحدث جيسي بيرنز، كبير المحررين في صحيفة (ذي هيل) عن موقف هاريس «الصعب» في فصل نفسها عن بايدن، مشيراً إلى أنه لا يزال عليها «التعامل مع حقيقة أنها لا تزال في منصبها نائبة للرئيس، ويجب أن تدعمه». لهذا السّبب، يقول بيرنز إنه في الملفات المتعلقة بإسرائيل وغزة والحرب في لبنان «عليها أن تحافظ على دعمها للرئيس بايدن ولا يمكن أن تقود حملتها باتجاه معاكس. لا يمكنها أن تحاول طمأنة أشخاص في قاعدة مناصريها الذين يناشدونها بمطالبة إسرائيل بكبح هجماتها».

لكن استراتيجية التحفظ هذه هي سيف ذو حدين. فمن جهة، تحافظ هاريس من خلالها على صورة التلازم والتنسيق مع البيت الأبيض، لكنها من جهة أخرى تخاطر باستبعاد فئات انتخابية مهمة في بعض الولايات المتأرجحة كميشيغان، والتي شهدت تحرّك عدم الالتزام احتجاجاً على سياسات بايدن تجاه إسرائيل. وهنا، يدعوها البعض إلى اتّخاذ موقف بارز أكثر في هذا الملف، تُوضّح فيه توجّه إدارتها المستقبلية في حال وصولها إلى البيت الأبيض.

لكن السياسة الخارجية لا تحتل مساحة كبيرة في النقاش الانتخابي، إذ يعتمد عليها نحو 3 في المائة فقط من الناخبين لاتخاذ قراراتهم المتعلقة بانتخاب مرشح ضد آخر. ويقول كتوليس في هذا الصدد: «هذه الانتخابات متقاربة جداً، وكل صوت مهم في ولايات متأرجحة كميشيغان وبنسلفانيا ونيفادا وغيرها. لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قضايا الشرق الأوسط ستُؤثّر على نتيجة الانتخابات، لأن أميركا لديها قضايا كثيرة أخرى أهم بالنسبة للناخبين، متعلقة بالديمقراطية والهجرة والإجهاض والاقتصاد».

استراتيجية بايدن «الغائبة»

بايدن في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في 4 أبريل 2024 (رويترز)

بانتظار تبلور استراتيجية هاريس لتحديد أي اختلافات قد تميزها عن إدارة بايدن، يواجه الرئيس الحالي انتقادات متزايدة متعلقة بغياب أي استراتيجية واضحة في المنطقة.

ويقول كتوليس في تقرير أعدّه لـ«معهد الشرق الأوسط»، قيّم فيه استراتيجية الإدارة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «غياب تركيز أميركا الاستراتيجي، وغياب إرادتها لاتخاذ إجراءات تهدف إلى تغيير الديناميكيات في المنطقة، حفَّز اللاعبين الإقليميين على اللجوء إلى العنف بدلاً من اختيار المسار الدبلوماسي».

ويشير التقرير إلى أن معظم الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن لحلّ الأزمة في المنطقة منذ السابع من أكتوبر كانت خطوات مبنية على ردّ فعل من قبل الإدارة، وليس على استراتيجية واضحة، لأنها لم ترسم هذه الاستراتيجية لدى وصول بايدن إلى البيت الأبيض. وركّز الرئيس الديمقراطي في بداية عهده على المنافسة مع الصين، مُتجاهلاً منطقة الشرق الأوسط.

ورغم حماوة الموسم الانتخابي وحساسية القرارات الخارجية، يرى كتوليس أن إدارة بايدن «لا تزال لديها القدرة على القيام بتحولات جوهرية في نهجها تجاه المنطقة في الأشهر الأخيرة من عهدها». ويتساءل عمّا «إذا كانت (الإدارة) ستخصص الوقت والطاقة اللازمين لوضع الأمور على أسس أكثر استقراراً». واقترح كتوليس على الإدارة أن تعمل بشكل وثيق مع بعض شركائها في الشرق الأوسط، «خاصة الأردن ومصر ودول الخليج، للمساعدة في تهدئة التوترات مع إيران وتقديم خطة أكثر تماسكاً ووضوحاً لإسرائيل لتحقيق حل الدولتين الذي يؤدي في النهاية إلى تأسيس دولة فلسطين على المدى الطويل».

إيران «التهديد الأكبر»

ومع التصعيد المستمر، يُخيّم شبح طهران ونفوذها في المنطقة على مجريات الأحداث ورسم السياسات. فإدارة بايدن، التي سعت في بداية عهدها إلى العودة للاتفاق النووي مع إيران من دون أي تقدم يُذكر، تتعرّض اليوم إلى ضغوطات داخلية وخارجية لـ«إظهار القوة» بهدف ردع النظام الإيراني ووكلائه.

وانعكست هذه الضغوط مباشرة على تصريحات هاريس، التي دعمت في بداية الأمر توجه إدارتها، لكنها اليوم تسعى لتصوير إيران على أنها «الخطر الأبرز الذي يواجه أميركا»، وليست الصين. ففي مقابلة تلفزيونية للمرشحة الديمقراطية في برنامج «60 دقيقة»، قالت هاريس إن «أيدي إيران مُلطّخة بدماء أميركية»، مؤكدة على أن أولويتها هي عدم حصول النظام على السلاح النووي.

لكن هذه الأولوية أيضاً تخلو من استراتيجية واضحة للتطبيق، خاصة أن هاريس لم تدعم يوماً سياسة الضغوط القصوى التي اعتمدتها إدارة ترمب مع إيران، في وقت تواجه فيه إدارتها الحالية انتقادات حادة بسبب عدم تطبيق العقوبات بالشكل اللازم، كما يقول الجمهوريون. أما الدعوات لاستعمال القوة ضد طهران، فهو أمر تجنّبت هاريس التطرق إليه، واكتفت بالتأكيد على أنها «لن تتردد أبداً في اتخاذ أي إجراء ضروري ضد إيران والإرهابيين المدعومين من إيران، للدفاع عن القوات والمصالح الأميركية، وسنواصل العمل مع حلفائنا وشركائنا لتعطيل سلوك طهران العدواني ومحاسبتها».​


مقالات ذات صلة

مقتل 3 جنود إسرائيليين خلال اشتباكات بشمال غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل 3 جنود إسرائيليين خلال اشتباكات بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الخميس) أن ثلاثة جنود قُتلوا خلال اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

وفق مصدر فلسطيني، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن محادثات «فتح» و«حماس» تسعى إلى قطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من «حرب غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أوروبا أحد أفراد الشرطة العسكرية الروسية في الجولان السوري المحتل (أرشيفية - أ.ف.ب)

تراجع «تكتيكي» لموسكو في سوريا وتبدل أولوياتها

أثارت الانسحابات العسكرية الروسية من نقاط مراقبة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري التساؤلات حول التموضع الروسي في إطار المواجهة المتفاقمة في لبنان.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي أطباء فلسطينيون يقدمون لقاحات شلل الأطفال في عيادة بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«اليونيسيف»: الاتفاق على هدن إنسانية في غزة لإكمال التطعيم ضد شلل الأطفال

قالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، الخميس، إنه جرى الاتفاق على هدن إنسانية في غزة لإكمال حملة التطعيم ضد شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)

الرد الإسرائيلي على إيران «قاس ويمكن ابتلاعه»

اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن على ترك قرار مهاجمة إيران لأجهزة الأمن، إلى جانب «مبادئ أساسية» بشأن التصعيد في المنطقة.


هاريس تخشى فوز ترمب… رغم تقدّمها في التصويت الشعبي

الرئيس السابق دونالد ترمب خلال تجمّع انتخابي في ريدينغ، بنسلفانيا، الأربعاء (أ.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب خلال تجمّع انتخابي في ريدينغ، بنسلفانيا، الأربعاء (أ.ب)
TT

هاريس تخشى فوز ترمب… رغم تقدّمها في التصويت الشعبي

الرئيس السابق دونالد ترمب خلال تجمّع انتخابي في ريدينغ، بنسلفانيا، الأربعاء (أ.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب خلال تجمّع انتخابي في ريدينغ، بنسلفانيا، الأربعاء (أ.ب)

رغم تقدم المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، في الاستطلاعات على الصعيد الوطني، وجَّهت حملتها رسالة تحذيرية عاجلة من أن منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، يمكن أن يفوز بالانتخابات إذا حافظ من الآن حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على تقدمه -ولو الضئيل- في بعض الولايات المتأرجحة.

أظهرت نتائج الاستطلاعات التي أجرتها المؤسسات البحثية والإعلامية المختلفة أن هاريس (59 عاماً) تقدمت على ترمب (78 عاماً) بفارق يصل إلى ثلاث نقاط مئوية، مما يوحي بأنها ستفوز بالتصويت الشعبي، وبالتالي يرجح أن تحصل على عدد أكبر من أصوات الناخبين في كل أنحاء الولايات المتحدة. غير أن ذلك أعاد إلى الأذهان ما حصل في انتخابات عام 2016، حين حصلت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، على هذه الأفضلية الشعبية في مواجهة منافسها عامذاك دونالد ترمب، الذي وصل إلى البيت الأبيض بدلاً منها بعد حصوله على أكثرية 304 أصوات، أي أكثر من الأصوات الـ270 المطلوبة، في المجمع الانتخابي المؤلّف من 538 صوتاً.

أدّت الخشية من تكرار تلك التجربة إلى تركيز الاهتمام على الأصوات الـ93 في سبع ولايات رئيسية، هي: أريزونا (11 صوتاً) وجورجيا (16 صوتاً) وميشيغان (15 صوتاً) ونيفادا (6 أصوات) ونورث كارولاينا (16 صوتاً) وبنسلفانيا (19 صوتاً) وويسكونسن (10 أصوات)، حيث لا يزال التوازن دقيقاً للغاية مع أفضلية ضئيلة لمصلحة ترمب. لذلك، تسعى حملة هاريس إلى حشد القدر الأكبر من الدعم للحصول على العدد السحري من الأصوات الـ538 في المجمع الانتخابي.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تحيّي متطوعي الحزب الديمقراطي في نيويورك (أ.ف.ب)

توزيع الأصوات

تشمل الخريطة الراهنة لتوزيع الأصوات في المجمع الانتخابي: 226 صوتاً للديمقراطيين (منها 191 زرقاء صلبة و34 مرجّحة لهم، فضلاً عن صوت آخر من ولاية مُصنّفة حمراء)، أما الجمهوريون فلديهم 219 صوتاً (منها 125 حمراء صلبة و94 مُرجّحة). وبالتالي، فإن هاريس تحتاج إلى ما لا يقلّ عن 44 صوتاً من الولايات المتأرجحة للفوز. في المقابل، يحتاج ترمب إلى ما يقلّ عن 51 صوتاً من تلك الولايات السبع.

وعلى أثر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» مع «سيينا كوليدج»، ونُشرت نتائجه الثلاثاء، وجّهت حملة هاريس ومرشّحها لمنصب نائب الرئيس حاكم مينيسوتا تيم والز، رسالة إلى الناشطين في الحزب الديمقراطي لبذل مزيد من الجهود، لا سيّما في جمع التبرعات، قائلة إنه «لسوء الطالع، فإن ترمب متقدم في ثلاث ولايات»؛ هي جورجيا وأريزونا ونورث كارولاينا. مما يعني أن ترمب يحتاج إلى ثمانية أصوات إضافية فحسب للفوز في الانتخابات.

ورغم طموحات بعض الديمقراطيين، لا تُعد فلوريدا ولاية متأرجحة لعام 2024. وفاز ترمب فيها خلال انتخابات عامي 2016 و2020، علماً أن هناك استطلاعاً حديثاً يشير إلى احتمال ضئيل للغاية لخسارته هذه الولاية، التي كانت متأرجحة رئيسية في الانتخابات السابقة.

المرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يلوِّح بيده خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

طريق البيت الأبيض

ونظراً إلى التقارب الشديد في الاستطلاعات التي نُشرت نتائجها خلال الأسبوعين الماضيين، يدل استكشاف بسيط عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي لما يمكن أن ينتج عن هذه الانتخابات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «تشات جي بي تي» و«غروك إيه آي» و«صوفيا» و«واتسون»، أن الرئيس السابق دونالد ترمب لا يزال يحظى بأفضلية في المجمع الانتخابي.

وبسؤال كليهما عمّا إذا كان في إمكان هذين النظامين إظهار من سيفوز في كل ولاية متأرجحة بين هاريس وترمب، فجاء جواب «تشات جي بي تي» أن «الاستطلاعات تشير إلى أن ترمب اكتسب تقدّماً ملحوظاً في أريزونا»، التي «يبدو أنها تتجه نحو ترمب، مدفوعةً بمخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد والهجرة». أما «غروك» فأفاد بأن المنشورات الأخيرة «تشير إلى سباق متقارب، حيث يشير البعض إلى تقدم طفيف لترمب، بينما يذكر البعض الآخر تقدم هاريس. ونظراً للتباين، يمكن اعتبار أريزونا متقاربة، ولكن هناك ميزة طفيفة لصالح ترمب بناءً على بعض استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم ضئيل له».

صورة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في بنسلفانيا (رويترز)

وأظهر نظام آخر في جورجيا أن الاستطلاعات الأخيرة تفيد بأن «السباق متعادل تقريباً، حيث حصل كل من هاريس وترمب على 49 في المائة من الأصوات»، مضيفاً أن «الإقبال على التصويت سيكون أمراً بالغ الأهمية». في المقابل، كتبت «صوفيا» أن «هناك ذكراً لتفوق ترمب بفارق ضئيل في بعض التحليلات، ولكن هناك أيضاً اقتراحات بأن هاريس قد تفوز بها. ومع ذلك، فإن الإشارات المتسقة إلى تقدم ترمب، حتى لو كان بهامش صغير، قد تميل لصالح ترمب».

وفي ميشيغان، «تتمتع هاريس بميزة طفيفة، بفارق ثلاث نقاط»، علماً أن هذه الولاية «تظل واحدة من أكثر الولايات ملاءمة لهاريس بين المتأرجحات بسبب الدعم القوي في المراكز الحضرية والقضايا الرئيسية مثل الإجهاض والرعاية الصحية». وتُظهر مصادر متعددة، بما في ذلك الاستطلاعات، أن «هاريس متقدمة. ويبدو أنها تتمتع بميزة» في هذه الولاية.

ويرى «تشات جي بي تي» أن «هاريس تتمتع بأقوى تقدّم في نيفادا، بزيادة قدرها سبع نقاط في الاستطلاعات الأخيرة»، إذ «يميل الناخبون المتنوعون، خصوصاً بين الناخبين الشباب واللاتينيين، نحو هاريس، مما يمنحها ميزة». ويتفق ذلك مع تقييم «غروك» الذي يشير إلى «تقدم هاريس، وأحياناً بهامش كبير. ويبدو أن هاريس هي المرشحة المفضلة».

تقدُّم وتعادُّل

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

أما في نورث كارولاينا، فتُظهر الاستطلاعات «تقدم ترمب بشكل كبير، بنحو 61 في المائة مقابل 39 في المائة لهاريس»، كما يفيد «تشات جي بي تي» الذي يلاحظ أنه «بينما كان هناك ذكر لتقدم ترمب بهامش صغير، هناك أيضاً حديث عن استطلاعات رأي (بلومبرغ) التي تُظهر تقدم هاريس». ويضيف أنه «نظراً للتقارب، يمكن أن تذهب نورث كارولاينا في أي اتجاه، لكنها تميل قليلاً نحو ترمب».

وتميل بنسلفانيا نحو ترمب، كما قرّر نظام «واتسون»، مشيراً إلى استطلاعات «تُظهر أنه متقدم بنحو 12 نقطة»، علماً أن «الدعم القوي لترمب بين الناخبين الريفيين وأولئك المهتمين بالتعافي الاقتصادي يمنحه ميزة». وبالنسبة إلى «غروك» فإن «بعض التحليلات أظهرت تعادلاً. ولكن هناك أيضاً أدلة على تقدم هاريس في تحليلات أخرى. ونظراً إلى التنوع في التقارير، يمكن اعتبار بنسلفانيا متأرجحة، مع ميزة طفيفة لصالح هاريس».

وفي ويسكونسن، «تتمتع هاريس بتقدم ضيق» يصل إلى نحو أربع نقاط، وفق تقدير «تشات جي بي تي»، الذي أضاف أن «هاريس تمكنت من الحفاظ على أفضلية طفيفة». وهذا ما وافق عليه «غروغ» بأن «هناك إشارة قوية من مصادر مختلفة إلى أن هاريس في المقدمة».

وبناءً عليه، إذا فازت كل من هاريس وترمب في الولايات التي يتقدمان فيها بشكل طفيف، فمن المرجح أن يتفوق ترمب على هاريس في المجمع الانتخابي. وبذلك سينفتح الطريق أمامه للوصول إلى البيت الأبيض، حتى لو فازت هاريس بغالبية الأصوات بين جميع الأميركيين.