عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يواجه حكماً محتملاً بالمؤبد

إدانة جديدة في سجن غوانتانامو

معسكر العدالة في خليج غوانتانامو بكوبا العام الماضي (نيويورك تايمز)
معسكر العدالة في خليج غوانتانامو بكوبا العام الماضي (نيويورك تايمز)
TT

عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يواجه حكماً محتملاً بالمؤبد

معسكر العدالة في خليج غوانتانامو بكوبا العام الماضي (نيويورك تايمز)
معسكر العدالة في خليج غوانتانامو بكوبا العام الماضي (نيويورك تايمز)

بدأت هيئة محلفين عسكرية، الأربعاء، مناقشة الحكم على مجرم حرب محتجز في معسكر غوانتانامو، وذلك بعدما صور محامو الادعاء والدفاع السجين باعتباره عضواً بارزاً في مؤامرة عالمية صاغها تنظيم «القاعدة»، أو قائداً ميدانياً يدافع عن أفغانستان في مواجهة الغزو الأميركي.

جدير بالذكر أن الكثير من الضباط الأميركيين المشاركين بهيئة المحلفين المؤلفة من 11 عضواً، هم أنفسهم من قدامى المحاربين الذين شاركوا في الحروب الأميركية في أفغانستان والعراق. ويمكن للأسلوب الذي ينظرون به إلى جرائم الرجل الذي يُدعى عبد الهادي العراقي، أن تؤثر على فترة عقوبته، وما إذا كانوا سيستجيبون لطلب محاميه بإصدار توصية بالعفو.

عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007... واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)

وركزت المرافعات الختامية على ساحة المعركة داخل أفغانستان في زمن الحرب، وذلك على النقيض من القضايا الأكثر شهرة التي نظرت فيها المحكمة، مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وحادث تفجير المدمرة الأميركية «كول» عام 2000، والتي جرى تصويرها باعتبارها أعمالاً إرهابية.

حكم بالسجن لمدة تتراوح بين 25 و30 عاماً

من جهته، اعترف عبد الهادي (63 عاماً)، والذي أُلقي القبض عليه عام 2006، بالذنب عام 2022. وبموجب شروط الاتفاق القانوني المبرم معه، من المقرر صدور حكم ضده بالسجن لمدة تتراوح بين 25 و30 عاماً. إلا أنه من الممكن أن يجري إطلاق سراحه، ووضعه في عهدة دولة موثوقة، إذا أمكن العثور على دولة توفر له رعاية متخصصة لمرض العمود الفقري الذي أصابه بالشلل وتركه عاجزاً عن الحركة.

ووصف دوغلاس جيه. شورت، المدعي العام، عبد الهادي بأنه «عضو بارز في واحدة من أسوأ المؤامرات التي حِيكت حتى الآن، تحديداً تنظيم (القاعدة)».

وأشار إلى أن عبد الهادي انضم إلى التنظيم قبل هجمات 11 سبتمبر، ولم يتخلّ عن القتال عندما غزت واشنطن أفغانستان.

ووجّه شورت أصابع الاتهام إلى عبد الهادي، باعتباره مسؤولاً عن وضع المدنيين في طريق الأذى، عبر حملة من التفجيرات الانتحارية، وغيرها من العمليات في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 في أفغانستان، في وقت كانت الولايات المتحدة تتبع استراتيجية للفوز بـ«القلوب والعقول».

مقتل 17 من جنود التحالف

وعرض شورت جدولاً زمنياً لمقتل 17 من جنود التحالف من أميركيين وأجانب بين عامي 2003 و2004. ووصف شورت هذه الحوادث بأنها جرائم حرب؛ لأن قوات «طالبان» و«القاعدة» التي نفذتها اندمجت في أوساط السكان المدنيين، واستخدمت أساليب حرب غير تقليدية، مثل تحويل سيارات الأجرة المدنية قنابل عن طريق تعبئتها بالمتفجرات.

وقال شورت: «لقد جعل رجاله يتظاهرون بأنهم مدنيون لكسب الثقة، ثم خانوا تلك الثقة»، مضيفاً أن «عبد الهادي كان بمثابة قائد ميداني بارز لدى (القاعدة) لفترة داخل أفغانستان، وكان يعتمد على دعم زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن».

من ناحية أخرى، ظلت القضية قيد الإجراءات التمهيدية السابقة لانعقاد المحاكمة طوال عقد، وهي فترة طويلة للغاية لدرجة أنها امتدت حتى انتهاء فترة عمل شورت باعتباره جندياً احتياطياً في القوات البحرية. واستمر في شورت بالمشاركة باعتباره مدنياً، واستبدل زيه العسكري ببدلة عمل.

وفي سياق القضية، كشف السجين عن أن اسمه الحقيقي نشوان التمير، رغم أنه لم ينكر أنه كان يُعرف باسم عبد الهادي العراقي في أثناء وجوده في أفغانستان.

وفي المقابل، انضم الميجور لوكاس ر. هويسينغا، المحامي الذي ترافع إلى جانب المدعى عليه، إلى فريق الدفاع في الصيف الماضي. وقد سبقت له الخدمة مرتين في العراق بين عامي 2003 و2006، باعتباره جندياً بمشاة البحرية وقناص استطلاع، ثم ترك الخدمة للعمل محامياً.

وقال الميجور هويسينغا أمام هيئة المحلفين إن ما فعله عبد الهادي «لم يكن إرهاباً ـ وإنما كان حرباً». وأضاف أن عبد الهادي «قاتل وقتل جنوداً من قوات التحالف»، باستخدام تكتيكات حرب العصابات، التي تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب.

ووصف جرائم موكله بأنها «خطيرة»، لكنه قال إن عبد الهادي «لم يتخل» عن قواعد الحرب بالكامل، وأصدر تعليماته لقواته بتجنب المدنيين.

ووصف عبد الهادي بأنه «رجل محطم»، وأنه؛ بسبب مرض العمود الفقري الذي ألمّ به، والعمليات الجراحية غير الناجحة التي خضع لها في غوانتانامو، أصبح يعاني «حالة بدنية مروعة»، وألماً مستمراً. لقد «دخل إلى حجز أميركي، ولن يتمكن من الخروج منه».

تكتيك حرب العصابات

وفي تشبيه لم يُسمع من قبل في القضية التي مضى عليها 10 سنوات، شبّه الميجور «حرب العصابات» التي شنّها عبد الهادي بالتكتيكات التي تستخدمها القوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة في محاولة لصد الغزو الروسي. كما أخبر الميجور هويسينغا هيئة المحلفين بأن عبد الهادي فرّ من موطنه العراق عام 1990 وانجذب إلى «الجهاد» في أفغانستان في أثناء الغزو السوفياتي، عندما استخدمت القوات المناهضة للشيوعية والمدعومة من واشنطن، هي الأخرى، تكتيكات حرب العصابات.

كما صوّر عبد الهادي باعتباره مقاتلاً، بعد أن تزوج امرأة أفغانية وأنجب أطفالاً، وعاش بين الأفغان، وليس في معسكرات «القاعدة». وقال الميجور هويسينغا إنه عندما فرّت قيادة «القاعدة» من أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر، بقي عبد الهادي لمحاربة «القوات المحتلة لوطنه الجديد».

جدير بالذكر أنه جرى نقل أعضاء هيئة المحلفين - ضباط من الجيش الأميركي ومشاة البحرية والقوات الجوية - جواً إلى غوانتانامو من قواعد في جميع أنحاء الولايات المتحدة، واستمعوا في وقت سابق إلى شهادة ضحايا الهجمات التي شنّتها القوات التي كان يقودها عبد الهادي، بجانب شهادة من السجين.

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«غوانتانامو»: عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يتلقى حكماً بالسجن 30 عاماً

الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي في خليج غوانتانامو في صورة قدمها محاموه إلى هيئة المحلفين إذ حُكم على العراقي بالمؤبد بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان (نيويورك تايمز)

«غوانتانامو»: عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يتلقى حكماً بالسجن 30 عاماً

هيئة محلفين عسكرية أميركية تُصدر حكماً بالسجن 30 عاماً، لكن بموجب صفقة إقرار بالذنب ستنتهي العقوبة في 2032.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» السابق في صورة قدمها محاموه... حيث قال أمام هيئة محلفين عسكرية أميركية الاثنين إنه عُصبت عيناه وجُرّد من ملابسه وحُلقت لحيته قسراً وصُوّر عارياً في مناسبتين بعد القبض عليه عام 2006 (نيويورك تايمز)

محاكمات غوانتانامو تكشف عن أسرار سجون «الاستخبارات الأميركية» السرية

جلسات الاستماع في جرائم الحرب تعطي الرأي العام نظرة افتراضية داخل سجن سري تابع لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» بعد سنوات من إغلاق برنامج «الموقع الأسود».

كارول روزنبرغ (واشنطن *)
أميركا اللاتينية الغواصات النووية الأميركية تطفو على السطح في كوبا خلف الأسطول الروسي

الغواصات النووية الأميركية تطفو على السطح في كوبا خلف الأسطول الروسي

ظهرت غواصة هجوم سريعة أميركية بمحركات نووية على سطح مياه خليج غوانتانامو في كوبا يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (خليج غوانتانامو )
الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)

غوانتانامو: قضية النطق بالحكم ضد عبد الهادي العراقي وصلت إلى مرحلة حاسمة

قضية جرائم حرب نادرة في ساحة المعركة تصل إلى مرحلة إصدار الأحكام في خليج غوانتانامو واعترف سجين عراقي بالتآمر مع أسامة بن لادن و«القاعدة».

كارول روزنبرغ (واشنطن *)
الولايات المتحدة​ سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

كان البيت الأبيض قد علّق مهمةً سريةً لنقل المعتقلين إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي، بعد أن أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم إزاء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

كارول روزنبرغ (واشنطن)

ماذا سيحدث إذا قرر بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي؟

بايدن وترمب خلال المناظرة الأخيرة (أ.ب)
بايدن وترمب خلال المناظرة الأخيرة (أ.ب)
TT

ماذا سيحدث إذا قرر بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي؟

بايدن وترمب خلال المناظرة الأخيرة (أ.ب)
بايدن وترمب خلال المناظرة الأخيرة (أ.ب)

أثار أداء الرئيس الأميركي جو بايدن السيئ في مناظرته مع منافسه دونالد ترمب التساؤلات من الديمقراطيين حول ما إذا كان سيترك السباق الرئاسي.

ودعت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية العريقة، بايدن، إلى الانسحاب من السباق، حيث كتبت في افتتاحية نشرت مساء الجمعة: «بايدن كان رئيساً مثيراً للإعجاب. في ظل قيادته ازدهرت الأمة وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترمب في الالتئام. لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه».

وأشار استطلاع للرأي أجرته «Morning Consult»، ونشره موقع «أكسيوس» الإخباري، يوم الجمعة، إلى أن أغلبية الناخبين (60 في المائة) يرون أنه يجب استبدال بايدن «بالتأكيد» أو «على الأرجح» كمرشح ديمقراطي بعد أدائه في مناظرة الخميس.

لكن، حسب تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية، فإن هذه العملية لن تكون سهلة لأن بايدن هو بالفعل المرشح المفترض للديمقراطيين والاختيار الطاغي للناخبين الأساسيين. لقد واجه معارضة قليلة خلال الموسم التمهيدي، وحقيقة فوزه بأصوات جميع مندوبي الحزب تقريباً تعني أنه من غير المرجح أن يُجبر على الخروج من السباق ضد إرادته.

وأكد بايدن، الجمعة، عزمه على مواصلة خوض السباق الرئاسي رغم أدائه السيئ في المناظرة التي خاضها الخميس في وجه ترمب.

وقال بايدن أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية: «لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة».

وأضاف: «أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية تأدية هذه المهمة. أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأميركيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجدداً».

لكن، ماذا سيحدث في حال قرر بايدن الانسحاب من السباق؟

إذا قرّر بايدن الانسحاب، سيجتمع الديموقراطيون في أغسطس (آب) في شيكاغو في ما يُعرف بالمؤتمر «المفتوح»، حيث سيحتاج المندوبون الأفراد إلى اختيار مرشح آخر.

وسيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ عام 1968 حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل من الرئيس ليندون جونسون بعد أن سحب الأخير ترشّحه في خضم حرب فيتنام.

ولم تنضم أي شخصية في الحزب الديموقراطي حتى الآن إلى الأصوات التي تدعو بايدن إلى الانسحاب من السباق. وكرر الرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون دعمهما لبايدن الجمعة.

من يستطيع أن يحل محل بايدن؟

يعتقد الكثير من الخبراء والمحللين أن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستكون من أبرز المرشحين لخوض السباق الرئاسي بدلاً من بايدن.

لكن سيكون هناك مرشحون محتملون آخرون قالوا في السابق إن بإمكانهم إدارة حملة أكثر فاعلية ضد ترمب، أبرزهم حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم.

أحد أنصار بايدن لدى متابعته المناظرة الرئاسية مساء الخميس (أ.ب)

ويتوقع الخبراء أن يكون الاستقرار على بديل لبايدن أمراً مثيراً للخلاف، حيث لن يتمكن الرئيس الحالي من إجبار المندوبين الذين منحوه أصواتهم على دعم مرشح بعينه، الأمر الذي قد يؤدي لانقسامات واسعة في الحزب.