مصير ترمب يقرره المحلفون الـ12 في نيويورك

الشاهد الوحيد للدفاع يغضب القاضي… والرئيس السابق غاضب من فيلم

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في قاعة محكمة الجنايات في نيويورك (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في قاعة محكمة الجنايات في نيويورك (إ.ب.أ)
TT

مصير ترمب يقرره المحلفون الـ12 في نيويورك

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في قاعة محكمة الجنايات في نيويورك (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في قاعة محكمة الجنايات في نيويورك (إ.ب.أ)

يباشر المحلفون الـ12 الذين سيقررون مصير الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الأسبوع المقبل، مداولاتهم في ما إذا كان «مذنباً» أو «غير مذنب» في محاكمة جنائية هي الأولى لرئيس أميركي سابق؛ استعداداً لإصدار حكم يمكن أن يكون أيضاً مصيرياً لحملته للانتخابات الرئاسية بعد أقل من ستة أشهر.

ويأتي ذلك بعد نحو ستة أسابيع من بدء محاكمة ترمب بـ«أموال الصمت» التي تتمحور حول تزوير سجلات تجارية في «منظمة ترمب» لطمس مدفوعات مالية للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد) خلال انتخابات عام 2016 بعدما ادعت أن ترمب أقام معها علاقة وجيزة عام 2006، وبعدما أنجز المدعي العام الفيدرالي في نيويورك ألفين براغ استدعاء 20 شاهداً، أبرزهم «الشاهد الملك» في القضية محامي ترمب السابق مايكل كوهين، وكذلك بعدما أبلغ وكلاء الدفاع عن الرئيس السابق بقيادة المحامي تود بلانش القاضي خوان ميرشان بشكل مفاجئ أن لديهم شاهداً وحيداً هو المدعي العام السابق المحامي روبرت كوستيلو المعروف بولائه الشديد لترمب، الذي قرر أيضاً صرف النظر عن تقديم شهادته.

وكان المحامي كوستيلو أثار غضب القاضي ميرشان الذي طلب إخلاء قاعة المحكمة، الاثنين، لتوجيه توبيخ شديد اللهجة لكوستيلو بسبب سلوكه على منصة الشهود.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب محاطاً بمحامييه إميل بوف وتود بلانش في قاعة محكمة الجنايات في نيويورك (إ.ب.أ)

غضب القاضي

وخلافاً لما كان متوقعاً وهو أن يهاجم كوستيلو صدقيه كوهين، سرعان ما تحوّل الاهتمام إلى كوستيلو نفسه بعدما اعترض المدعون العامون على سؤال طُرح عليه، واحتج كوستيلو على ذلك. وهذا ما دفع القاضي ميرشان إلى تنبيه كوستيلو: «إذا لم يعجبك حكمي، فلا تقل: يا إلهي، ولا تقل: إلغ ذلك؛ لأنني أنا الوحيد الذي يمكنه إلغاء شهادة في المحكمة».

ولم يعجب ذلك كوستيلو الذي نظر بتعجب إلى القاضي الذي سأله بغضب: «هل تحدق بي؟» قبل أن يطلب من موظفي القاعة إخلاء القاعة من المحلفين والصحافيين والآخرين من غير المعنيين مباشرة بالقضية، مبقياً فقط ترمب ووكلاء الدفاع والادعاء. وسمح القاضي لحاشية ترمب، التي ضمت العديد من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس، ومفوض شرطة مدينة نيويورك السابق برنارد كيريك ونجل المتهم إريك ترمب، بالبقاء.

وعند ذلك، وصف ميرشان المعروف بهدوئه عموماً تصرفات كوستيلو بأنها «تحقيرية»، وهدّده بالطرد من منصة الشهود، قائلاً له: «إذا حاولت التحديق بي مرة أخرى، سأخرجك من المنصة» و«سألغي شهادتك بالكامل».

وسأل كوستيلو: «هل يمكنني أن أقول شيئاً، من فضلك؟». لكن القاضي أجاب: «لا، لا. هذه ليست محادثة».

وقال ترمب خارج قاعة المحكمة لاحقاً: «لم أر شيئاً كهذا في حياتي»، واصفاً القاضي ميرشان بأنه «طاغية» والمحاكمة بأنها «كارثة لبلدنا. إنها كارثة لولاية نيويورك ومدينة نيويورك».

وعاد كوستيلو إلى منصة الشهود الثلاثاء، والتفت إلى القاضي ميرشان قبل دخول المحلفين وتحدث معه همساً وبهدوء. فأومأ ميرشان برأسه.

وسبق شهادة كوستيلو استكمال أربعة أيام من شهادة كوهين حول التعويضات التي تسلمها من ترمب، بما فيها 130 ألف دولار دفعها للممثلة دانيالز، ولكنها سجلت في «منظمة ترمب» باعتبارها نفقات غير ذات صلة بحملته الانتخابية. وجعل المدعون العامون من هذه المدفوعات أساساً للتهم الـ34 الموجهة ضد الرئيس السابق والمرشح الجمهوري المفترض للبيت الأبيض لعام 2024. ونفى ترمب هذه الاتهامات.

بعد عيد الذكرى

وخلال اليومين الأخيرين من إفادات الشهود، تنازع فريقا الادعاء والدفاع حول ما إذا كان ينبغي لهيئة المحلفين رؤية صورة لترمب وحارسه الشخصي كيث شيلر، معاً في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وهو التاريخ الذي ادعى فيه كوهين أنه تحادث مع ترمب. وصارت تلك المكالمة الهاتفية نقطة خلاف حاسمة في القضية إذ إن كوهين يدعي أنه تحادث مع ترمب عبر هاتف شيلر حول صفقة دفع المبالغ لدانيالز، في حين عرض محامو ترمب سلسلة من الرسائل النصية التي سبقت المكالمة تشير إلى أنها كانت محادثة حول مشكل أمني بسيط. وفي نهاية السجال، اتفق الجانبان على الحقائق الأساسية للصورة.

وبعدما تمكنوا من هزّ شهادة كوهين، لكن من دون تقويضها، طالب وكلاء الدفاع عن ترمب رفض القضية بمجملها، غير أن القاضي ميرشان لمح إلى أنه من غير المرجح أن يوافق على ذلك. وكرر أنه لن يحاول الضغط من أجل استعجال المرافعات الختامية في أيام إجازة المحكمة المقررة الأربعاء والجمعة، متوقعاً البدء في مداولات هيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً وستة من البدلاء في اليوم التالي لعيد الذكرى، الذي يصادف هذا العام في 27 مايو (أيار) الحالي.

«ذي أبرانتيس»

في غضون ذلك، أثار عرض فيلم «ذي أبرانتيس» عن سيرة ترمب في المنافسة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، غضب الرئيس السابق، الذي أعلن أنه سيدعي قضائياً رفضاً لما اعتبره «تشهيراً بحتاً».

وتتبع المخرج الإيراني - الدنماركي علي عباسي في الفيلم بداية مسيرة ترمب كقطب عقارات في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في نيويورك، مصوّراً إياه في بداية مسيرته بصورة مهني ساذج إلى حد ما، لكنه ينحرف عن مبادئه عندما يكتشف حيل السلطة، جنباً إلى جنب مع معلمه المحامي روي كوهين، المرتبط بشكل وثيق بمافيا نيويورك.

ويبدأ الفيلم برسالة رفع مسؤولية تنص على أن الكثير من الأحداث المعروضة على الشاشة من نسج الخيال. ويظهر أحد أقوى المشاهد في الفيلم، ترمب يغتصب زوجته الأولى إيفانا. كما شوهد وهو يتناول حبوب الأمفيتامين أو يخضع لعملية شفط دهون وجراحة لزرع الشعر.

وأثار الفيلم استياءً شديداً لدى ترمب الذي أعلن فريق حملته الانتخابية «بدء إجراءات قانونية في مواجهة التأكيدات الكاذبة تماماً لهؤلاء الذين يُسمّون أنفسهم سينمائيين»، مندداً بما اعتبره «تشهيراً خبيثاً بحتاً».


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن 18 عاماً لرجل بعث برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء وسفارتين

أوروبا الشرطة تقف خارج السفارة الأوكرانية بعد أن قالت الشرطة الإسبانية إن انفجاراً في مبنى السفارة أدى إلى إصابة موظف خلال تعامله مع رسالة بمدريد 30 نوفمبر 2022 (رويترز)

إسبانيا: السجن 18 عاماً لرجل بعث برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء وسفارتين

قضت محكمة في إسبانيا، الثلاثاء، بالسجن 18 عاماً على متقاعد بعث في 2022 برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء والسفارتين الأميركية والأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا طلبت السلطات الهندية في منطقة مظفرناجار من المطاعم على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة عرض أسماء مالكيها (رويترز)

محكمة هندية تمنع إجبار مطاعم على عرض أسماء أصحابها

ألغت المحكمة العليا في الهند قرارا مثيرا للجدل يقضي بأن تعرض المطاعم الواقعة على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة أسماء مالكيها ومشغليها.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أوروبا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (أ.ف.ب)

استدعاء رئيس وزراء إسبانيا للمثول كشاهد في إطار التحقيق بحق زوجته

يمثل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بصفة شاهد يوم 30 يوليو أمام القاضي الذي يحقق في اتهامات الفساد واستغلال النفوذ الموجهة إلى زوجته بيغونيا غوميز.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)

محاكمة صحافي أميركي في روسيا تصل إلى مراحلها الأخيرة

تختتم محكمة روسية، الجمعة، مرافعاتها في المحاكمة العاجلة للصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس، وهي محاكمة ندّد بها البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (إيكاتيرينبورغ)
تحليل إخباري وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» خلال زيارتها مقار قضائية بدائرة اختصاص محكمة استئناف جنوب طرابلس (وزارة العدل)

تحليل إخباري جرائم «الإخفاء القسري» في ليبيا ما زالت تنتظر العقاب

سلطت عمليات الخطف والتوقيف المتكررة لنشطاء وصحافيين في ليبيا، الضوء على جرائم «الإخفاء القسري» المنتشرة بالبلاد، وسط انتقادات حقوقية.

جمال جوهر (ليبيا )

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.