بايدن يكثف نشاطه الانتخابي بعد زخم خطاب «حال الاتحاد»

احتمال الدفع بمرشح رئاسي ثالث يهدد بتقسيم الصوت الديمقراطي

الرئيس الأميركي والسيدة الأولى في فعالية انتخابية ببنسلفانيا الجمعة (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي والسيدة الأولى في فعالية انتخابية ببنسلفانيا الجمعة (د.ب.أ)
TT

بايدن يكثف نشاطه الانتخابي بعد زخم خطاب «حال الاتحاد»

الرئيس الأميركي والسيدة الأولى في فعالية انتخابية ببنسلفانيا الجمعة (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي والسيدة الأولى في فعالية انتخابية ببنسلفانيا الجمعة (د.ب.أ)

انطلق الرئيس الأميركي جو بايدن في جولة انتخابية تستمر أسبوعا، لتعزيز فرصه في مواجهة خصمه الجمهوري دونالد ترمب، والبناء على الزخم الذي أثاره خطاب «حال الاتحاد» لدى قاعدته الديمقراطية.

وفي كلمة وجهها إلى أنصاره، الجمعة في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة، هاجم بايدن البالغ 81 عاما ترمب بالاسم، وقال: «يحاول دونالد ترمب والجمهوريون من مؤيدي (ماغا) سلب حرياتنا، وهذه ليست مبالغة». ويشير تعبير «ماغا» إلى اختصار شعار ترمب «لنجعل أميركا عظيمة مجددا». وأضاف بايدن: «لن نسمح له بذلك»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

أنصار بايدن خلال تجمع انتخابي في فيلادلفيا الجمعة (أ.ف.ب)

وانتقد الرئيس الديمقراطي ترمب لدعمه حظر الإجهاض وتشجيعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو أراضي الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي لا تفي بالتزاماتها المالية. كما انتقد سلفه الجمهوري لاجتماعه، الجمعة، مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، قائلا إن الأخير «يبحث عن الديكتاتورية». وأثار أوربان غضب حلفاء الاتحاد الأوروبي لحفاظه على العلاقات مع بوتين بعد غزو أوكرانيا.

جولة انتخابية

وألقت السيدة الأميركية الأولى جيل بايدن، كلمة حماسية في الفعالية الانتخابية في مدينة فيلادلفيا، قدمت خلالها زوجها وتحدثت أيضا عن ترمب. وقالت إن «دونالد ترمب يمثل خطرا على النساء والعائلات وعلى بلدنا، ولا يمكننا أن نسمح له بالفوز» في الانتخابات الرئاسية لعام 2024. كما أشادت بأداء زوجها خلال إلقائه خطاب حال الاتحاد.

جانب من المظاهرات الداعمة لفلسطين خارج مقر تجمع انتخابي لبايدن الجمعة (أ.ف.ب)

وعلى غرار فعاليات انتخابية سابقة لبايدن، شهد تجمّع فيلادلفيا تظاهر عشرات الأشخاص احتجاجا على دعمه لإسرائيل في حرب غزة. وتسببت مواقف بايدن الداعمة للحرب التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة، في تراجع شعبية الرئيس الديمقراطي بين أوساط الشباب، والناخبين العرب والمسلمين. وانعكس ذلك بشكل جلي في نتائج الانتخابات التمهيدية في ولاية مينيسوتا، ضمن «الثلاثاء الكبير»، حيث اختار عشرات آلاف الناخبين التصويت بـ«غير ملتزم» للتعبير عن استيائهم.

وكانت بنسلفانيا هي المحطة الأولى لبايدن ضمن جولة انتخابية يقوم بها هذا الشهر، وتشمل جميع الولايات الرئيسية التي ستشهد منافسة، مع بدء السباق بشكل جدي، سعياً للحؤول دون عودة ترمب إلى البيت الأبيض.

وتشهد ولاية جورجيا، السبت، فعاليتين انتخابيتين لكل من بايدن وترمب. قبل أن ينتقل الرئيس الأميركي إلى ولايات نيوهامبشر الاثنين، وويسكونسن الأربعاء، وميشيغان الخميس. وخلال الجولة، يرجح أن يسعى بايدن للبناء على زخم خطاب حال الاتحاد، الذي تقدر شركة الاستشارات «نيلسن» أن 32 مليون شخص تابعوه، مقارنة بـ27 مليونا العام الماضي.

حال الاتحاد

ألقى بايدن، الخميس، خطابا هو من الأكثر حماسة من منصة الكونغرس، ليُحوّل المناسبة التي عادة ما تكون رسمية وتقليدية، إلى حدث أشبه بتجمع سياسي. وهاجم خصمه منذ بدء خطابه، متهما ترمب بـ«الخضوع» للرئيس الروسي وبأنه تهديد للديمقراطية الأميركية. كما هاجم نوابا جمهوريين عدهم «دمى» بين يدي الرئيس السابق. وكان الهدف من الخطاب أيضا تبديد شكوك الناخبين المترددين بسبب عمره، ليلقي كلمة مفعمة بالحيوية شهدت انتقادات للجمهوريين لم تخلُ من النكات. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للصحافيين الذين رافقوه إلى فيلادلفيا إن بايدن «حقق إنجازا كبيرا».

دونالد ترمب يتحدث إلى فيكتور أوربان خلال لقاء جمعهما في فلوريدا الجمعة (إ.ب.أ)

في المقابل، ردّ ترمب (77 عاما) على بايدن الجمعة، قائلا إن الأخير «مخبول». وعد أن خطابه «يتعرض لانتقادات في أنحاء العالم»، دون تقديم أمثلة على ذلك. وقال ترمب إنه مستعد لمواجهة بايدن في مناظرة تلفزيونية «في أي وقت». لكن بايدن قال للصحافيين الجمعة إن ذلك «يعتمد على سلوك» منافسه. ويعدّ سجل ترمب غير مسبوق في تاريخ المرشحين للانتخابات الرئاسية، إذ تمّ عزله في مجلس النواب مرتين خلال ولايته، وخسر بفارق سبعة ملايين صوت أمام بايدن في انتخابات 2020، ويواجه حاليا 91 تهمة في أربع محاكمات بقضايا منفصلة. على رغم ذلك، تمنحه استطلاعات الرأي أفضلية على بايدن في انتخابات الخامس نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

مرشّح ثالث؟

أعلنت مجموعة سياسية أميركية، الجمعة، عن خطط لتقديم مرشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما يخشى الديمقراطيون من أن يؤدي إلى تقسيم قاعدتهم الانتخابية، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت منظمة «نو ليبلز» الوسطية، وهي ليست حزبا سياسيا رسميا وتصف نفسها بأنها «حركة وطنية للأميركيين ذوي المنطق السليم»، إنها ستبدأ عملية اختيار مرشحها الأسبوع المقبل. ولم تذكر المنظمة أسماء أي مرشحين محتملين، وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن الكثير من السياسيين المرتبطين بها استبعدوا الترشح، ما يلقي بظلال الشك على حجم التحدي الذي قد تمثله.

لافتات لمنظمة «نو ليبلز» (أ.ب)

ومع ذلك، عبّر الديمقراطيون، وإن كان بشكل غير علني، عن مخاوف من احتمال أن تتمكن «نو ليبلز» من جذب ناخبين مترددين وإبعادهم عن بايدن في انتخابات نوفمبر.

وقال رئيس المجموعة، مايك رولينغز، عقب اجتماع عبر الإنترنت مع الأعضاء الجمعة: «رغم أننا التقينا افتراضيا، فإن مشاعرهم ورغباتهم في جمع هذه الأمة المنقسمة كانت واضحة». ونقل بيان صحافي عن رولينغز أن 800 مندوب صوتوا «بالإجماع تقريبا» تأييدا لتقديم مرشح رئاسي، مضيفا: «كان من الواضح أن هؤلاء المواطنين يعتقدون أن هذه قضية عادلة، وأن (نو ليبلز) يجب أن توفر للأميركيين خيارا إضافيا يريدونه».

من جهته، كتب رايان كلانسي، كبير الاستراتيجيين في المجموعة، على منصة «إكس»: «لم تختر نو ليبلز بطاقة (مرشحا) بعد، وأي أسماء متداولة هي مطروحة من آخرين. سنعلن عن عملية الاختيار الرسمية الخميس في 14 مارس (آذار)، وسنعلن عن مزيد من التفاصيل فيما بعد».

تأسست «نو ليبلز» في عام 2009 بمسعى من الناشطة في جمع التبرعات للديمقراطيين نانسي جيكوبسون، وهي حاليا المسؤولة التنفيذية للمنظمة التي تحمل شعار «لا يسار ولا يمين. إلى الأمام». وتقدم المجموعة نفسها على موقعها الإلكتروني بوصفها حلا لكثير من الناخبين غير الراضين عن الاختيار بين جو بايدن (81 عاما) والرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب (77 عاما).


مقالات ذات صلة

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

الولايات المتحدة​ هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

استغلّ كل من ترمب وهاريس وجود قادة العالم في نيويورك لإثبات أهليتهما على صعيد السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يلتقي زيلينسكي في نيويورك. (أ.ب)

ترمب يلتقي زيلينسكي وسط مخاوف أوكرانية من عدم استمرار الدعم الأميركي

زيلينسكي يلتقي ترمب في نيويورك صباح الجمعة، وخطة النصر التي قدمها زيلينسكي تعدّ خطة مبادئ رمزية أكثر من كونها استراتيجية.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

بايدن يستبق لقاءه زيلينسكي بإعلانه عن 8 مليارات دولار مساعدات عسكرية جديدة لكييف

استبق الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، اجتماعه مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بإعلانه عن «زيادة» في الدعم لأوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتصافحان خلال اجتماع ثنائي في أثناء قمة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي في واشنطن بالولايات المتحدة في 11 يوليو الماضي (رويترز)

بايدن يعلن «زيادة» في المساعدات العسكرية لأوكرانيا

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن «زيادة» في المساعدات لأوكرانيا، بما في ذلك نحو 8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية والذخائر الجديدة البعيدة المدى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي 
ألسنة الدخان تتصاعد بعد غارات إسرائيلية على قرية كفر رمان بجنوب لبنان أمس (أ.ب)

تحرك أميركي لتفادي الحرب الشاملة

تحركت الولايات المتحدة دبلوماسياً لتفادي الحرب الشاملة في المنطقة، إذ تعمل إدارة الرئيس جو بايدن على إعداد مبادرة جديدة تهدف إلى «إيقاف مؤقت» للقتال في لبنان.

ثائر عباس (بيروت ) علي بردى (نيويورك)

هاريس تدفع بسياسات ضبط الهجرة من الحدود مع المكسيك

هاريس برفقة السيناتور من أريزونا مارك كيلي قبل توجّهها إلى الحدود مع المكسيك الجمعة (أ.ف.ب)
هاريس برفقة السيناتور من أريزونا مارك كيلي قبل توجّهها إلى الحدود مع المكسيك الجمعة (أ.ف.ب)
TT

هاريس تدفع بسياسات ضبط الهجرة من الحدود مع المكسيك

هاريس برفقة السيناتور من أريزونا مارك كيلي قبل توجّهها إلى الحدود مع المكسيك الجمعة (أ.ف.ب)
هاريس برفقة السيناتور من أريزونا مارك كيلي قبل توجّهها إلى الحدود مع المكسيك الجمعة (أ.ف.ب)

تدفع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بسياساتها للحدّ من الهجرة غير القانونية، خلال زيارة تقوم بها الجمعة إلى دوغلاس في أريزونا، عند الحدود الأميركية - المكسيكية. وتسعى هاريس لاستغلال هذه الزيارة، وهي الأولى التي تقوم بها إلى الحدود منذ حلّت مكان الرئيس جو بايدن بصفتها مرشحة الحزب الديموقراطي في يوليو (تموز)، للرّد على اتّهامات خصمها الجمهوري دونالد ترمب بشأن فشلها في مواجهة أزمة الهجرة.

انتقاد حاد

مهاجرون يصطفون على الحدود الأميركية - المكسيكية في 6 يونيو (رويترز)

وهاجمت هاريس خلال الأسابيع الماضية المزاعم الصادرة عن المرشح الجمهوري، ونائبه جي. دي. فانس، بحق المهاجرين الهايتيين، كما انتقدت تعهّداتهما بعمليات ترحيل واسعة النطاق.

وفادت حملة هاريس بأنها ستدعو إلى تشديد الإجراءات الأمنية عند الحدود، وحمّلت ترمب مسؤولية فشل جهود بايدن الرامية لتمرير مشروع قانون مشترك بين الحزبين بشأن الهجرة. ويتوقع أن تقول في خطاب، بحسب حملتها، إن «الشعب الأميركي يستحق رئيساً يهتم بأمن الحدود أكثر من الألاعيب السياسية».

وتتهم المرشحة الديموقراطية ترمب بالضغط على الجمهوريين في الكونغرس لرفض مشروع القانون الذي سيخصص مزيداً من التمويل لأمن الحدود، نظراً لخشيته من أن ذلك قد يؤذيه سياسياً. كما ستجتمع هاريس مع عناصر من حرس الحدود خلال الزيارة، التي ستسترجع المرشحة البالغة 59 عاماً خلالها مسيرتها المهنية السابقة بصفتها مدعية معنية بالتعامل مع عصابات تهريب المخدرات عبر الحدود، بحسب الحملة.

ولطالما عدّ الجمهوريون هاريس ضعيفة في مجال الهجرة والاقتصاد. وأظهرت استطلاعات الرأي مؤخراً تقدّمها في هذا الملف على بايدن منذ خلفته بصفتها مرشحة الحزب، رغم أن ترمب ما زال في الصدارة بفارق كبير بما يكفي لاستدعاء زيارة، يوم الجمعة.

«مهندسة الدمار»

أكّد ترمب على نبرته المناهضة للمهاجرين، إذ يرى الرئيس السابق البالغ 78 عاماً بأنها تلقى أصداء في أوساط قاعدته من الناخبين، ومعظمهم من العمال البيض. وعشية زيارة هاريس، انتقد نائبة الرئيس واصفاً إياها بأنها «مهندسة هذا الدمار»، وقال إنها «دمّرت بالكامل» الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وقال في تصريحات أدلى بها للصحافيين في نيويورك، الخميس: «كان عليها أن تُوفّر ثمن تذكرتها. عليها العودة إلى البيت الأبيض، والقول للرئيس بأن يغلق الحدود». وكرّر ترمب أيضاً مزاعمه بأن المهاجرين «يصيبون بلدنا»، مستخدماً لغة سبق لبايدن أن شبّهها بتلك المستخدمة في ألمانيا النازية. وقال إن «الأميركيين راقبوا مجتمعاتهم وهي تدمّر بهذا التدفق المفاجئ والخانق للأجانب غير الشرعيين. إنه اكتساح. إنه غزو».

وروّج كل من ترمب وفانس، في الأسابيع الأخيرة، لروايات كاذبة بشأن أكل المهاجرين الهايتيين حيوانات أليفة في سبرينغفيلد في أوهايو. وأشاعت ادعاءاتهما، التي لا أساس لها والتي تم تفنيدها بشكل واسع، جواً من الخوف في أوساط الهايتيين. لكن فانس ذهب إلى حد القول إنه مستعد «لاختلاق الروايات ليلتفت الإعلام الأميركي إلى القضية». ونددت هاريس بترمب، واصفة إياه بـ«المتطرف» لنشره الروايات عندما اجتمعا في أول مناظرة متلفزة لهما في العاشر من سبتمبر (أيلول).