أميركا والمكسيك وغواتيمالا لحل أزمة الهجرة «جذرياً»

دعوات لتأسيس نموذج جديد يحتذى عالمياً

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على رأس وفد بلاده في الاجتماع الثلاثي مع الوفدين المكسيكي والغواتيمالي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على رأس وفد بلاده في الاجتماع الثلاثي مع الوفدين المكسيكي والغواتيمالي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

أميركا والمكسيك وغواتيمالا لحل أزمة الهجرة «جذرياً»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على رأس وفد بلاده في الاجتماع الثلاثي مع الوفدين المكسيكي والغواتيمالي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على رأس وفد بلاده في الاجتماع الثلاثي مع الوفدين المكسيكي والغواتيمالي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال اجتماع مع نظيريه من المكسيك وغواتيمالا، الأربعاء، في واشنطن العاصمة، إلى معالجة «الأسباب الجذرية» للهجرة غير النظامية التي صارت تشكل عبئاً سياسياً ثقيلاً بما في ذلك على الانتخابات في الولايات المتحدة، وسط دعوات من أجل التأسيس لنموذج جديد من الهجرة يمكن أن يحتذى في بقية بلدان العالم.

المهاجرون من طالبي اللجوء يتوافدون لعبور الحدود من المكسيك (أ.ب)

وفي مستهل الاجتماع الثلاثي، أشاد بلينكن بتعزيز التعاون مع حكومتي المكسيك والولايات المتحدة، عادّاً أنه «صار أقوى من أي وقت مضى»، بيد أنه أقر بأن «التحديات كبيرة أيضاً»، ولا سيما فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية. وقال: «نعيش في فترة تاريخية حقاً في كل أنحاء العالم»؛ لأن «عدد الأشخاص المتنقلين أكبر من أي وقت مضى في التاريخ المسجل»، مضيفاً أن «لدينا التزاماً مشتركاً بالهجرة الآمنة والمنظمة والإنسانية». ودعا إلى «التركيز على الأسباب الجذرية» لهجرة الناس الذين «يجب أن يكون لهم حق البقاء في بلدانهم»، مشدداً على «توفير الظروف التي تجعل البقاء ممكناً، بل وتجعله جذاباً». واعترف بأنه «بالنسبة للعديد من الأشخاص حول العالم، إذا لم تتمكن من توفير الطعام لأطفالك، فستحاول اكتشاف أي شيء ضروري للقيام بذلك، ويشمل ذلك مغادرة بلدك، ومجتمعك، وعائلتك، ولغتك، وثقافتك».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الاجتماع الثلاثي مع وزيرة الخارجية المكسيكية أليسيا بارسينا ووزير الخارجية الغواتيمالي كارلوس راميرو مارتينيز في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

توسيع المسارات

وأشار بلينكن إلى الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس جو بايدن فيما يتعلق باستثمارات القطاع الخاص في كل من غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، موضحاً أنه يجري البحث في «أمور مهمة أخرى يمكننا وينبغي لنا القيام بها معاً، بما في ذلك توسيع المسارات القانونية للهجرة، وتوسيع نطاق الحماية للمهاجرين». وحض على تنفيذ إعلان لوس أنجليس والاجتماع الذي انعقد خلال قمة الأميركتين، وينص على «التزام من جانب بلدان الأصل، وبلدان العبور، وبلدان المقصد، بالعمل معاً لأنه لا يمكن لأي بلد بمفرده أن يتعامل بشكل فعال مع هذا التحدي».

الرئيس الأميركي جو بايدن يسير على طول السياج الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك في مدينة إل باسو بولاية تكساس في يناير 2023 (أ.ف.ب)

تاريخ عميق

وتبعته وزيرة الخارجية المكسيكية أليسيا بارسينا التي رأت في الاجتماع الثلاثي «فرصة فريدة» للتعاون مع كل من الولايات المتحدة وغواتيمالا التي تشترك بآلاف الكيلومترات مع المكسيك، ما يدل على «تاريخ عميق الجذور» بين البلدان الثلاثة. وقالت إنه «بالنسبة للمكسيك، فإن المسارات الصعبة التي يسلكها المهاجرون في قارتنا نحو الشمال إنما هي للبحث عن فرص أفضل». وإذ أشادت بالعمل بشكل ثنائي مع الولايات المتحدة، قالت: «نواجه أيضاً أكبر التحديات في تاريخنا. ولذلك أعتقد أن إيجاد حلول لهذه التحديات من منظور إقليمي سيكون أمراً فائق الأهمية». وأضافت: «إننا نعمل على تطوير نموذج فريد للهجرة (...) يمكن أن يكون نموذجاً للمناطق الأخرى في كل أنحاء العالم». وأبدت استعداد المكسيك «لإيجاد تدابير محددة للتعاون من أجل تنمية مجتمعاتنا من أجل رؤية شمولية، ورفاهية شعوبنا، وتحويل التنقل البشري من شرط مفروض إلى خيار»، عادّة أن «هذا هو الوقت المناسب لتحويل الهجرة إلى خيار وليس إلى التزام». ودعت إلى «تعبئة القطاع الخاص وجميع أصحاب المصلحة المعنيين»، مؤكدة أن «السلام ليس مجرد غياب الحرب، فإذا كان هناك فقر وعنصرية وتمييز وإقصاء، فسيكون من الصعب علينا تحقيق السلام في العالم».

وزيرة الخارجية المكسيكية أليسيا بارسينا تتحدث في الاجتماع (أ.ف.ب)

أما وزير الخارجية الغواتيمالي كارلوس راميرو مارتينيز، فأكد التزام بلاده بمواصلة العمل مع الولايات المتحدة والمكسيك بشأن الهجرة غير الشرعية، مؤيداً دعوة بلينكن إلى جعل الهجرة آمنة ومنظمة وإنسانية. وعدّ «الهجرة غير النظامية ظاهرة وليست مشكلة». وإذ عرض للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها في غواتيمالا، طالب بدعم بلاده، بما في ذلك عبر القطاع من أجل إيجاد فرص للغواتيماليين تبقيهم في بلدهم.


مقالات ذات صلة

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية لمهاجرين على متن زورق بعد محاولة فاشلة للعبور إلى جزيرة ليسبوس اليونانية عندما اقترب منهم قارب لخفر السواحل التركي في مياه شمال بحر إيجه قبالة شواطئ كاناكالي بتركيا في 6 مارس 2020 (رويترز)

فقدان 45 مهاجراً في انقلاب قارب قبالة ساحل اليمن

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن، اليوم (الخميس)، انقلاب قارب يقل 45 لاجئاً ومهاجراً قبالة ساحل اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جانب من السياج الحدودي بين اليونان وتركيا في ألكسندروبوليس باليونان في 10 أغسطس 2021 (رويترز)

اليونان تنفي اتهامات أنقرة بدفع مهاجرين إلى الأراضي التركية

نفى خفر السواحل اليوناني اتهامات من وزارة الدفاع التركية، الاثنين، بأنه دفع مهاجرين من قبالة جزيرة ليسبوس إلى تركيا.

«الشرق الأوسط» (أثينا )
شمال افريقيا رانيا المشاط خلال لقاء وفد الاتحاد الأوروبي (مجلس الوزراء المصري)

مصر والاتحاد الأوروبي ينسقان لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»

تنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»، عبر برامج تعليمية وآليات حماية اجتماعية للشباب والأسر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون سريون تم اعتراض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسية (أ.ف.ب)

تونس تعترض 74 ألف مهاجر سري حتى يوليو الحالي

الحرس البحري التونسي اعترض أكثر من 74 ألف مهاجر سري في البحر، كانوا في طريقهم إلى السواحل الأوروبية هذا العام وحتى منتصف يوليو (تموز) الحالي.

«الشرق الأوسط» (تونس)

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.