«مجلس الشيوخ الأميركي» يتأهب لمحاكمة وزير الأمن القومي

بايدن عدّ عزل «النواب» مايوركاس «غير دستوري»

اليخندرو مايوركاس هو أول وزير يتم عزله منذ نحو 150 عاماً (أ.ف.ب)
اليخندرو مايوركاس هو أول وزير يتم عزله منذ نحو 150 عاماً (أ.ف.ب)
TT

«مجلس الشيوخ الأميركي» يتأهب لمحاكمة وزير الأمن القومي

اليخندرو مايوركاس هو أول وزير يتم عزله منذ نحو 150 عاماً (أ.ف.ب)
اليخندرو مايوركاس هو أول وزير يتم عزله منذ نحو 150 عاماً (أ.ف.ب)

تتعمَّق الانقسامات الحزبية بشكل متسارع في «الكونغرس» الأميركي؛ فبعد تجاذبات حادة حول ملف الهجرة وأمن الحدود أدّت إلى انهيار الاتفاق الحدودي، نجح الجمهوريون في محاولتهم الثانية لعزل وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس، فصوّت 214 منهم لصالح العزل مقابل 213 من المعارضين، بمن فيهم 3 جمهوريين رفضوا هذه المساعي.

أقر مجلس النواب اجراءات العزل في جولة ثانية من التصويت ليل الثلاثاء (أ.ب)

تصويت هامشه ضيّق للغاية، دفع نحوه رئيس «مجلس النواب»، مايك جونسون، الذي سعى جاهداً للتعافي من الضربة العلنية التي تلقّاها في جولة التصويت الأولى التي فشلت، الأسبوع الماضي، بفارق صوت واحد، هو صوت زعيم الأغلبية الجمهورية، ستيف سكاليس، الذي كان غائباً عن الجلسة بسبب خضوعه لعلاج من مرض السرطان.

وبمجرد نجاح الجولة الثانية من التصويت، انهالت ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين، على رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أصدر بياناً وصف فيها المساعي بالألاعيب السياسية. وقال إن «التاريخ لن يتذكر الجمهوريين في (مجلس النواب) بشكل حسن بسبب تصرفهم الحزبي غير الدستوري الصارخ الذي استهدف موظفاً حكومياً محترماً بهدف تنفيذ ألاعيب سياسية تافهة».

وتابع بايدن منتقداً تخلُّف الجمهوريين عن إقرار اتفاق أمن الحدود الذي توصل إليه المفاوضون من الحزبين في «الشيوخ»، قائلاً إن «الجمهوريين الذين لديهم مخاوف حقيقية من الحدود عليهم أن يدفعوا (الكونغرس) باتجاه تقديم المزيد من الموارد الحدودية وإقرار أمن حدودي أقوى».

رسالة واضحة تظهر استياء الرئيس الأميركي من عرقلة الجمهوريين لجهود إصلاح أمن الحدود بعد مشاركة الحزب في المفاوضات الرامية للتوصل إلى تسوية؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى فشل التصويت على التسوية في الشيوخ، مقابل رفض جمهوري قاطع لطرح التسوية للنقاش في «مجلس النواب».

لكن هذه الانتقادات لم تغيِّر من موقف جونسون الصارم في قضية العزل؛ فهو وغيره من الجمهوريين يرون مايوركاس «رمزاً» للأزمة الحدودية، وأرادوا من خلال عزله تسليط الضوء على ما يصفونه بإخفاقات إدارة بايدن في التعاطي مع الأزمة. وبدا موقفه واضحاً في تصريح صدر عن مكتبه بعد نجاح الجولة الثانية من التصويت، قال فيه إن «أليخاندرو مايوركاس يستحق العزل، وعلى (الكونغرس) مسؤولية دستورية لفعل ذلك». وشرح جونسون الأسباب التي أدَّت إلى مساعي عزل وزير لأول مرة منذ 150 عاماً: «منذ يومه الأول في منصبه، رفض الوزير مايوركاس بشكل متعمَّد ومستمر تطبيق قوانين الهجرة الفيدرالية؛ ما ولّد أسوأ كارثة حدودية في التاريخ الأميركي».

رئيس مجلس النواب يعلن نجاح الجولة الثاني من التصويت لعزل مايوركاس في 13 فبراير 2024 (أ.ب)

مجلس الشيوخ وبدء المحاكمة

ورغم أن جونسون تمكّن من حفظ ماء وجهه في جولة التصويت الثانية، فإنه يعلم أن حظوظ إقرار العزل في «مجلس الشيوخ» ذي الأغلبية الديمقراطية شبه معدومة؛ فقرار مسيَّس من هذا النوع، من الصعب جداً أن يبصر النور في المجلس الذي تقع على عاتقه مسؤولية طرد مايوركاس رسمياً من منصبه. لكن هذا لا يعفي المجلس من تنفيذ واجباته الدستورية المترتبة عليه بعد إقرار المساعي في «مجلس النواب»، هذا يعني عقد محاكمة رسمية لمايوركاس يؤدي فيها أعضاء (مجلس الشيوخ) دور هيئة المحلّفين، ويعرض قضية وزير الأمن القومي فريقا دفاع وادعاء مؤلفان من أعضاء «مجلس النواب».

وقد أعلن مكتب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن المجلس سيباشر النظر في إجراءات العزل لدى عودته من إجازته في 26 من الشهر الحالي. وقال شومر في بيان إن «أعضاء (مجلس الشيوخ) سيدلون بقسم اليمين للبدء بالمحاكمة في اليوم التالي، على أن تترأس الجلسة رئيسة المجلس الفخرية السيناتورة الديمقراطية باتي موراي».

زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر في مؤتمر صحافي في 13 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

وبحسب الدستور، تُجمَّد الأعمال التشريعية للمجلس خلال عقد المحاكمة، الأمر الذي يعني تعطيل إقرار مشاريع قوانين أو مناقشتها. لكن يمكن لشومر فرض استثناءات يتوجب عليها رفع جلسات المحاكمة للنظر في قضايا أخرى. وهذا ما تحدثت عنه السيناتورة الجمهورية شيلي مور كابيتو، التي تذمرت قائلة: «لدينا كثير من الملفات للنظر فيها، لا أعتقد أن العزل أمر يجب أن يُطرح كل 3 أو 4 أشهر»، وذلك في إشارة إلى مساعي الجمهوريين المتكررة في «مجلس النواب» لعزل مايوركاس وبايدن.

ويُعدّ مايوركاس أول وزير يتم عزله منذ عام 1876، وثاني وزير في التاريخ الأميركي يواجه إجراءات من هذا النوع، بعد وزير الحرب ويليام بيلكناب الذي واجه إجراءات مماثلة بعد ادّعاءات بقبوله رشى؛ ما أدى إلى صدور اتهامات بالفساد بحقه. وقد نجح «مجلس النواب» في عزله، لكن هذه المساعي باءت بالفشل في «مجلس الشيوخ»، ليقرر بعدها بيلكناب الاستقالة رسمياً من منصبه.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا شعار شركة «أبل» يظهر وسط أفراد يصطفون للحصول على هاتف «آيفون» في مدريد 26 سبتمبر (أيلول) 2014 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

قال البيت الأبيض إن شركة «أبل» وقعت على الالتزامات الطوعية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن وتحكم استخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

أوباما يدعم ترشيح كامالا هاريس للبيت الأبيض

أعلن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الجمعة دعمه لترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس للبيت الأبيض عن الحزب الديمقراطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هذا خطاب نتنياهو الرابع أمام الكونغرس (رويترز)

استقبال خجول لنتنياهو داخل الكونغرس

ترافق خطاب نتنياهو أمام الكونغرس مع مظاهرات مندِّدة ومقاطعة ديمقراطية واسعة وتشديدات أمنية مكثفة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مديرة الخدمة السرية في جلسة استماع بالكونغرس 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

​استقالة مديرة جهاز الخدمة السرية الأميركي

أعلنت مديرة الخدمة السرية الأميركية تقديم استقالتها بعد انتقادات لاذعة من الديمقراطيين والجمهوريين بسبب الإخفاقات الأمنية المحيطة بمحاولة اغتيال دونالد ترمب

رنا أبتر (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».