بايدن غاضب من وزير العدل بعد تقرير شكك في قدراته الذهنية

ديمقراطيون يدعون لنهج جديد «يظهر قدرات الرئيس الحقيقية»

الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في 9 فبراير الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في 9 فبراير الماضي (أ.ب)
TT

بايدن غاضب من وزير العدل بعد تقرير شكك في قدراته الذهنية

الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في 9 فبراير الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضاوي في 9 فبراير الماضي (أ.ب)

هيمن تقرير المحقق الخاص روبرت هور بشأن سوء تعامل الرئيس الأميركي جو بايدن مع الوثائق السرية، والذي أصدرته وزارة العدل، على التغطيات الإخبارية الأميركية، ليتحول سن المنافسين الرئيسيين، بايدن ودونالد ترمب، إلى مادة جدال رئيسية في سنة انتخابية حاسمة.

وبينما عبّر الجمهوريون عن اغتباطهم بالنتائج التي توصل إليها تقرير هور عن تداعيات سن بايدن المتقدم وذاكرته الضعيفة، تصاعدت دعوات الديمقراطيين لرئيسهم بتكثيف حضوره الإعلامي، وظهوره العلني، وتواصله مع الناخبين؛ لتبديد الشكوك حول صحته العقلية.

بايدن غاضب

بيد أن الغضب تصاعد في أروقة البيت الأبيض، وسط إحباط من سماح وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، بنشر التقرير من دون ممارسة «الحد الأدنى» من التدخل في تقليص ما يمكن نشره أو حجبه. ونقلت وسائل إعلام عدة عن أوساط في البيت الأبيض، أن بايدن أبلغ مساعديه ومستشاريه بأن غارلاند «لم يبذل جهداً كافياً لخفض التأثيرات المدمرة من نشر تقرير هور، الذي ذكر أن قدرات الرئيس العقلية قد تقلصت».

وتوقع كثير من المراقبين ألا يُعاد تكليف غارلاند بوزارة العدل، في حال فاز بايدن بالسباق في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفضلاً عن غضبه من نشره تقرير هور، عبّر بايدن عن استيائه أيضاً من تعيين محقق خاص في قضية ابنه هانتر بايدن، وإطالة أمد التحقيقات في قضيته، فضلاً عن تأخره في دفع القضايا الجنائية التي يواجهها ترمب، أمام المحاكم.

أسئلة حول غارلاند

ورغم أن التقرير برّأ بايدن من أي تهم ناجمة عن تعامله مع الوثائق السرية التي عُثِرَ عليها في منزله، فإن التفسير الذي قدمه لعدم توجيه الاتهامات له، والمتمثل في سِنّه المتقدمة وذاكرته الضعيفة، قلب الحملة الرئاسية رأساً على عقب، وأثار غضب البيت الأبيض.

وبينما ألقوا جزءاً من اللوم على غارلاند، تساءل مساعدو بايدن في المقام الأول عن سبب قيام غارلاند بتعيين مستشار خاص، على الرغم من اعتراف بايدن بمسؤوليته وتسليمه طوعاً للوثائق التي عثر عليها، خلافاً للقضية المرفوعة ضد ترمب.

ووفق مسؤولين سابقين في وزارة العدل، كان بإمكان غارلاند من الناحية النظرية أن يبقي التقرير سرياً، لكن من الناحية العملية لم يكن من الممكن الدفاع عن حجب التقرير أو فرض رقابة عليه، ولم يكن لديه خيار سوى نشره.

وفي السنوات الأخيرة، دائماً ما كانت تقارير المحققين الخاصين تُنشر. وكان الجمهوريون والصحافة سيعرّضون غارلاند لانتقادات شديدة، إذا حاول حجب التقرير. ومع اتهام المحقق الخاص روبرت هور، المعيَّن من قِبل ترمب في وزارة العدل، بأن دوافعه «سياسية»، بدا الديمقراطيون مقتنعين بأنه كان مدركاً النتائج السياسية التي ستترتب عن تقريره، وهو ما انعكس في لغته القاسية التي استخدمها لوصف حالة الرئيس، التي كان ينتظرها الجمهوريون.

وقال وزير العدل السابق في إدارة ترمب، بيل بار، في إشارته إلى قرار نشر تقرير هور: «أعتقد أن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة المقنعة، ويجب على غارلاند الخضوع لذلك. هل يمكنك حقاً رسم خط فاصل والقول: «لن أطرح هذا الأمر»، دون إثارة مزيد من الشكوك لدى الناس؟ (...) في هذه الحالة، خياراتك محدودة جداً».

ترمب يصعد هجماته

ومع مسارعة الجمهوريين لتكثيف هجماتهم على بايدن، عبر نشر مقاطع فيديو لهفواته، التفّ الديمقراطيون للدفاع عنه. واستغل ترمب تقرير هور، وقال في خطاب له أمام تجمع لأعضاء لوبي السلاح، الجمعية الوطنية للأسلحة، في ولاية بنسلفانيا، مساء الجمعة: «لا أعتقد أنه يعلم أنه على قيد الحياة». والشهر الماضي، نشر ترمب مقطعاً انتخابياً ساخراً عن بايدن، يصور البيت الأبيض على أنه «دار للمسنين مريحة، يشعر سكانها كأنهم رؤساء».

ويعد بايدن أكبر رئيس أميركي على الإطلاق، ويبلغ من العمر 81 عاماً، وسيبلغ 86 عاماً في نهاية فترة الولاية الثانية. في حين سيبلغ ترمب، المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل هذا العام، 78 عاماً في يونيو (حزيران) المقبل.

وبينما تخضع زلات لسان بايدن للتدقيق بلا هوادة، لا يتعرض ترمب للتدقيق نفسه، على الرغم من ازدياد زلاته هو الآخر؛ فقد خلط أخيراً بين فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، ورجب طيب إردوغان، رئيس تركيا. كما خلط بين نيكي هايلي، منافسته الوحيدة على ترشيح الحزب الجمهوري، ونانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة. ورغم أخطائه المتكررة، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن عدداً أكبر من الأميركيين يعتقدون أن بايدن كبير في السن، وليست لديهم النظرة نفسها عن ترمب.

البحث عن نهج جديد

يحذر الديمقراطيون من أن بايدن لا يمكنه التراجع أمام تقرير المحقق الخاص الذي أثار المخاوف بشأن عمره وقدراته العقلية، ويقولون إن الرئيس، بعد أن ابتعد إلى حد كبير عن المقابلات والمؤتمرات الصحافية، يحتاج إلى الظهور علناً أكثر لتبديد المخاوف بشأن عمره، حتى لو انطوى ذلك على خطر تكرار زلات لسانه وهفوات ذاكرته.

ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أن ظهور بايدن المحدود أمام وسائل الإعلام، كان يغذي الانتقادات حول أهليته للمنصب، ما سمح بنشر صورة كاريكاتورية عنه وعن حقيقة قدراته الذهنية.

ويشعر الصحافيون العاملون في البيت الأبيض بالإحباط؛ لأن مساعدي الرئيس قاموا بتقييد تبادلات بايدن الرسمية مع الصحافة، وغالباً ما يتجنب فرص التعامل مع وسائل الإعلام عندما يستقبل القادة الأجانب في البيت الأبيض. ويعد بايدن، أقل رئيس أميركي يجري مقابلات إعلامية مفتوحة، وأجرى آخر مقابلة رئيسية له مع شبكة تلفزيونية رئيسية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع شبكة «سي بي إس».

وعقد بايدن 33 مؤتمراً صحافياً في سنواته الثلاث الأولى، مقارنة بـ 66 مؤتمراً لباراك أوباما، و52 لترمب في الفترة نفسها. ومع نشر تقرير هور، تحولت المخاوف إلى دعوات لحض بايدن على اتباع نهج جديد، خصوصاً إذا كانت عليه مواجهة ترمب في المناظرات الرئاسية.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز) play-circle 02:04

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

دحضت الإدارة الأميركية نظريات عدة حول «المسيّرات المجهولة»، وسعت جاهدة لاحتواء «الهستيريا» المحيطة بها في غياب أي تفسير لهذه الظاهرة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش (أرشيفية - أ.ف.ب)

تقرير: إدارة بايدن لن تفرض عقوبات على سموتريتش وبن غفير قبل نهاية ولايتها

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين أميركيين قولهما إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لن تفرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

TT

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)

اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بنما، أمس (السبت)، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تُدر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها.

وفي منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، حذّر ترمب أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في «الأيدي الخطأ»، وبدا كأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.

دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كان هذا المنشور مثالاً نادراً للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراضٍ. كما يؤكد التحول المتوقع بالدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.

وتولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999، بعد فترة من الإدارة المشتركة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 (أ.ف.ب)

وكتب ترمب، في منشور على موقع «تروث سوشيال»، أن «الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خصوصاً بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها».

وأضاف: «لم يتم منحها (السيطرة) من أجل مصلحة الآخرين، بل بوصفها رمزاً للتعاون معنا ومع بنما. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، ودون أدنى شك».

ولم ترد سفارة بنما في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق. لكن عدداً من الساسة في بنما انتقدوا تصريحات ترمب وطالبوا الحكومة بالدفاع عن القناة. وقالت غريس هيرنانديز، النائبة في البرلمان عن حزب «إم أو سي إيه» المعارض، عبر منصة «إكس»: «على الحكومة واجب الدفاع عن استقلالنا كدولة مستقلة... تستلزم الدبلوماسية الوقوف في وجه (مثل هذه) التصريحات المؤسفة».

وشيدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من القناة وتولت إدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الولايات المتحدة وبنما وقّعتا اتفاقيتين في عام 1977 مهدتا الطريق أمام عودة القناة إلى السيطرة البنمية الكاملة. وسلمت الحكومة الأميركية السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة. ويمثّل الممر المائي الذي يسمح بعبور ما يصل إلى 14000 سفينة سنوياً 2.5 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحراً، وهو أمر بالغ الأهمية لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عن طريق سفن الحاويات من آسيا ولصادرات الولايات المتحدة من السلع، ومنها الغاز الطبيعي المسال. وليس من الواضح كيف سيسعى ترمب لاستعادة السيطرة على القناة، ولن يكون لديه أي سبيل بموجب القانون الدولي إذا قرر المضي قدماً في مسعاه للسيطرة على القناة.