ضربة موجعة لرئيس مجلس النواب الأميركي

انقسامات جمهورية حادة حالت دون إقرار أجندته

تلقى رئيس مجلس النواب ضربة موجعة بعد فشل إقرار عزل وزير الأمن القومي وتمويل إسرائيل (أ.ف.ب)
تلقى رئيس مجلس النواب ضربة موجعة بعد فشل إقرار عزل وزير الأمن القومي وتمويل إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

ضربة موجعة لرئيس مجلس النواب الأميركي

تلقى رئيس مجلس النواب ضربة موجعة بعد فشل إقرار عزل وزير الأمن القومي وتمويل إسرائيل (أ.ف.ب)
تلقى رئيس مجلس النواب ضربة موجعة بعد فشل إقرار عزل وزير الأمن القومي وتمويل إسرائيل (أ.ف.ب)

في سلسلة من الضربات الموجعة والمحرجة للحزب الجمهوري في مجلس النواب، فشلت مساعي عزل وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس، ومحاولات إقرار تمويل إسرائيل، بالحصول على الأصوات المطلوبة للإقرار في مجلس النواب.

وعدّ هذا الفشل انتكاسة لرئيس مجلس النواب، مايك جونسون، الذي عمل جاهداً لطرح هذه المشاريع وتوحيد صفوف حزبه. فلا عزل مايوركاس ولا دعم إسرائيل بشكل منفصل عن أوكرانيا من الأمور التي تحظى بدعم الجمهوريين كافة في المجلسين، وحتى في حال النجاح بإقرارها في مجلس النواب، فمن شبه المستحيل أن تمر في مجلس الشيوخ، في ظل هذه المعارضة.

لكن رغم كل التحذيرات، أصرّ جونسون على طرح هذه القضايا على التصويت في المجلس بطريقة متعاقبة؛ فلم يستسلم لدى فشل عزل مايوركاس الصادم، بل سارع إلى طرح مشروع تمويل إسرائيل مباشرة بعد الفشل الأول، رغم علمه أنه لن يحظى بالدعم المطلوب. وجاءت النتيجة المحرجة لتعكس واقعاً صعباً يعيشه الحزب الجمهوري المتخبط بانقساماته الداخلية، التي انعكست بشكل مباشر على عمل المجلس التشريعي.

عزل مايوركاس

لم يكن جونسون يعلم قبل طرح العزل للتصويت في المجلس أنه سيخسر هذه الجولة؛ فقد جرت العادة ألا تطرح القيادات الحزبية أي مشروع حساس من هذا النوع، من دون التأكد من أن إقراره محسوم، وأن لديها الأصوات المطلوبة التي تجنِّبها إحراجاً سياسياً كبيراً. وهذا بحد ذاته أظهر قِصَر نظر رئيس مجلس النواب، الذي يسعى جاهداً لإرضاء مجموعة صغيرة من أعضاء حزبه من الذين أطاحوا بسلفه كيفين مكارثي، معتمداً على مناورات سياسية يدفعون باتجاهها لاسترضاء قاعدتهم الانتخابية، رغم أن مصيرها محكوم بالفشل.

وزير الأمن القومي في جلسة استماع بمجلس الشيوخ في 26 مايو 2021 (رويترز)

وهذا ما تحدث عنه السيناتور الجمهوري، ميت رومني، الذي قال منتقداً: «لطالما كانت السياسة فن تحقيق المستحيل. الآن أصبحت فن المستحيل. أعني بهذا أننا أصبحنا نطرح مشاريع من المستحيل أن يتم إقرارها، كي نقول لقاعدتنا الانتخابية: (انظروا كيف أكافح من أجلكم)».

ومع تصويت 3 من الجمهوريين ضد عزل وزير الأمن القومي، وغياب نائب جمهوري داعم لجهود العزل، خسر جونسون الجولة الأولى بـ216 صوتاً معارضاً و214 داعماً، لكنه توعَّد بطرح المسألة مجدداً لدى عودة النائب ستيف سكاليس الذي يخضع للعلاج من مرض السرطان.

وهذا ما قاله راج شاه، المتحدث باسم جونسون على منصة «إكس» («تويتر» سابقاً): «الجمهوريون في مجلس النواب ينوون طرح بنود عزل الوزير مايوركاس مجدداً للتصويت، عندما نجمع الأصوات المطلوبة للإقرار».

لكن حتى لو تم إقرار عزل مايوركاس، وهو المتوقَّع مع عودة سكاليس، فإن هذا لن يمحي الإحراج العلني الذي تعرض له جونسون، والأمر نفسه ينطبق على المساعدات لإسرائيل.

تمويل إسرائيل

لم يستمع جونسون إلى تحذيرات زملائه في مجلسَي الشيوخ والنواب، ولا لتهديد «البيت الأبيض» باستعمال حق النقض (الفيتو) ضد تمويل إسرائيل المنفصل. وعمد إلى طرح مبلغ 17.6 مليار دولار على التصويت مباشرة، بعد فشل عزل مايوركاس، لتكون النتيجة الثانية أشد ألماً من الأولى، إذ رفضه 250 نائباً مقابل دعم 180 فقط.

جونسون في مبنى «الكابيتول» في 6 فبراير 2024 (أ.ب)

ولا يعود هذا الرفض إلى معارضة فعلية لتمويل تل أبيب، بل إلى فصله عن تمويل أوكرانيا، في الحزمة التي أرسلها «البيت الأبيض» إلى «الكونغرس»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي بلغت قيمتها نحو 111 مليار دولار، منها 60 ملياراً لأوكرانيا، ونحو 14 ملياراً لإسرائيل.

فبعد انهيار التسوية على أمن الحدود في «مجلس الشيوخ»، ورفض جونسون رفضاً قاطعاً نص الاتفاق الذي توصل إليه المفاوضون الجمهوريون والديمقراطيون في مجلس الشيوخ، قرر رئيس المجلس فصل تمويل إسرائيل عن حزمة المساعدات لأوكرانيا التي تواجه معارضة من قبل الشق اليميني من الحزب. وفعل جونسون ذلك رغم تحذير المجموعات الداعمة لإسرائيل التي دعته لسحب المشروع، كي لا يظهر التصويت وكأنه اعتراض على تمويل تل أبيب. لكن جونسون تجاهل كل هذه التحذيرات، في مناورة ثانية لاقت المصير نفسه الذي واجهته المناورة الأولى.

تمويل الحدود

ولا يتوقف الإحراج الجمهوري عند مجلس النواب، بل تخطاه إلى مجلس الشيوخ؛ فبعد أشهر شاقة وطويلة من المفاوضات على أمن الحدود أدَّت إلى الإعلان عن تسوية بين الحزبين بدعم من قيادات المجلس، سحبت القيادات الجمهورية دعمها بشكل مفاجئ، ربطه البعض، كالرئيس الأميركي جو بايدن، بدعوة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى عدم الموافقة على التسوية في موسم الانتخابات الذي يشهد نقاشاً حاداً حول أزمة الهجرة.

مظاهرات داعمة لترمب ومعارضة للهجرة على الحدود مع المكسيك في 3 فبراير 2023 (أ.ف.ب)

ولم تكن تسوية الحدود الضحية الوحيدة لهذا التغيير في المواقف؛ فالمشروع تم ربطه بتمويل أوكرانيا وإسرائيل وتايوان، لهذا فقد عمد زعيم الديمقراطيين، تشاك شومر، إلى الإعلان عن طرح هذا التمويل منفصلاً لضمان «أمن الحلفاء»، وهي مقاربة دَعَمها زعيم الجمهوريين ميتش مكونيل، حتى الساعة، قائلاً: «يجب علينا أن ننظر في بقية تفاصيل المشروع لأنها مهمة، ولا أعني هنا أن الحدود غير مهمة، لكننا لن نستطيع التوصل إلى نتيجة فيها».

وبغضّ النظر عن نتيجة التصويت على الحزمة في مجلس الشيوخ، يبقى التحدي الأبرز في مجلس النواب حيث يعارض الشق اليميني من الحزب تمويل أوكرانيا، وهذا ما تحدث عنه السيناتور الجمهوري جون كورنين الذي قال إن «رئيس مجلس النواب اعترف بأهمية تمويل أوكرانيا، لكني أعلم أن لديه مشكلات في إدارة المجلس، وهو يسعى إلى حلها».


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».