انتخابات أميركا: أزمة الهجرة وأمن الحدود

بين «غزو» تكساس و«عزل» وزير و«فشل» بايدن

تحتدم المواجهة بين البيت الأبيض وتكساس لإزالة الأسلاك الشائكة على الحدود (رويترز)
تحتدم المواجهة بين البيت الأبيض وتكساس لإزالة الأسلاك الشائكة على الحدود (رويترز)
TT

انتخابات أميركا: أزمة الهجرة وأمن الحدود

تحتدم المواجهة بين البيت الأبيض وتكساس لإزالة الأسلاك الشائكة على الحدود (رويترز)
تحتدم المواجهة بين البيت الأبيض وتكساس لإزالة الأسلاك الشائكة على الحدود (رويترز)

تتفاعل قضية الهجرة بشكل متسارع في الولايات المتحدة، فالأزمة على الحدود الجنوبية وصلت إلى حد المواجهة الحتمية بين ولايات حدودية مثل تكساس والبيت الأبيض، وباتت تشكل قضية أساسية في الانتخابات الأميركية، ملقية بثقلها على العاصمة واشنطن.

فلأول مرة منذ 150 عاماً، يسعى مجلس النواب بأغلبيته الجمهورية لعزل وزير في الإدارة الأميركية، ليكون الضحية هذه المرة وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس. وكـأن هذا لم يكن كافياً لإظهار الانقسامات الحزبية فأتت تصريحات الرئيس السابق دونالد ترمب الرافضة لتسوية تشريعية في ملف الهجرة لتطلق رصاصة الرحمة على احتمالات إقرارها في مجلس النواب.

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، احتمالات التوصل إلى تسوية حول ملف الهجرة في موسم انتخابي حامٍ، بالإضافة إلى مساعي عزل وزير الأمن القومي وتفاعل قضية تكساس مع تحدي حاكمها للرئيس الأميركي جو بايدن ورفضه الالتزام بقرار المحكمة العليا إزالة الأسلاك الشائكة على الحدود.

لاجئون ينتظرون على الحدود مع المكسيك في 2 يناير 2024 (إ.ب.أ)

الهجرة: نظام «مكسور»

يشير دوغلاس هاي، نائب مدير الموظفين السابق لزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، إلى وجود توافق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على ضرورة إصلاح نظام الهجرة الأميركي، لكن هاي يؤكد صعوبة التوصل إلى توافق حول حلها في موسم انتخابي تتضارب فيه آراء المرشحين الرئيسيين جو بايدن ودونالد ترمب، ويضيف هاي: «إنه ملف يصعب حله حتى في أفضل الظروف ومن الواضح أن الظروف التي نعيشها اليوم هي ليست الأفضل...».

من ناحيته، يذكّر مراسل شؤون الهجرة في صحيفة «ذا هيل» رافاييل بيرنار بأن الكونغرس فشل في أكثر من مرة في إقرار قوانين إصلاحية حول الهجرة، مشيراً إلى أنه من النادر جداً التوصل إلى توافق بهذا الخصوص، فقال: «خلال الأعوام الـ35 السابقة، تم إقرار إصلاحات في الكونغرس مرتين فقط، في عام 1996 ثم في عام 2006».

تزداد الدعوات لبايدن لزيارة الحدود (أ.ب)

ويحمّل الجمهوريون بايدن مسؤولية تدهور أمن الحدود، ويدعونه إلى إصدار قرار تنفيذي لحل الأزمة، وهو أمر يقول البعض إنه لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس الأميركي، وتشير ليندا تشافيز مديرة مكتب العلاقات العامة في البيت الأبيض في إدارة رونالد ريغان وكبيرة الباحثين في منتدى الهجرة الوطنية، إلى أنه و«في كل مرة حاول فيها بايدن إصدار قرار تنفيذي في محاولة للسيطرة على التدفّق الهائل للمهاجرين عبر الحدود الجنوبية، قامت الولايات الجمهورية بمقاضاته في محاولة لإيقافه»، وترى تشافيز أن الأزمة لا تتعلق بالهجرة غير الشرعية بل بالهجرة القانونية ونظام اللجوء السياسي، فتفسر قائلة: «المشكلة الحقيقية هي نظام اللجوء لدينا. فهو متصدّع ويتم استغلاله من قبل بعض الأشخاص... لدى البعض منهم مطالبات مشروعة وخوف حقيقي من الاضطهاد من قبل حكوماتهم، لكنّ هناك أشخاصاً آخرين يحاولون الفرار من العصابات والجرائم والفقر. وإلى أن نقوم بنوع من التعديلات على هذا النظام سيكون من الصعب جداً على بايدن أن يقوم بأي شيء».

وتتحدث تشافيز عن حقبة الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان التي عملت في إدارته فتقول: «عندما أنظر إلى سنوات ريغان، أدرك أنها كانت المرة الأخيرة التي خضع فيها نظام الهجرة لإصلاح حقيقي. أتمنى لو كان الحزب الجمهوري اليوم هو حزب ريغان، للأسف هو ليس كذلك، فهو الآن حزب ترمب».

يسعى المشرعون للتوصل إلى تسوية لحل أزمة الهجرة (أ.ف.ب)

إصلاح «معرقل»

مع ازدياد اهتمام الناخب الأميركي بأزمة الهجرة التي باتت تتصدر لائحة أولوياته في الموسم الانتخابي، يقول هاي، الذي عمل في مكتب القيادات الجمهورية في الكونغرس لأعوام، إن المشرعين يعلمون أن الهجرة هي مشكلة حقيقية لكن الأسباب التي تدفعهم برفض دعم أي تسوية تتخطى أسباب موافقتهم لأنهم سيضطرون لمواجهة قاعدتهم الانتخابية في ولاياتهم، مضيفاً: «دائماً ما يسهل تقديم أسباب لعدم التصويت على مسألة ما مقارنة بالتصويت لصالحها... وحتى مع الصور التي نراها من الحدود كل يوم وهي صور تثير العاطفة، من الأسهل على الجمهوريين عدم الاتفاق ناهيك عن الاتفاق مع الديمقراطيين».

ويوافق بيرنار مع هذه المقاربة فيرى أن الحزبين أصبحا «متباعدين جداً حول الحل الأنسب لدرجة أنه أصبح من المستحيل التوصل إلى اتفاق»، وأشار بيرنار إلى أن مفاوضات مجلس الشيوخ الجارية حالياً استبعدت تجمع الأصول اللاتينية من الحزب الديمقراطي في الكونغرس، الأمر الذي سيؤثر أيضاً على حظوظ إقرار أي تسوية في مجلس النواب».

أما تشافيز فتعتقد أن الجمهوريين سيسعون لعرقلة أي تسوية لأن هذا يصب في صالح مصالحهم الانتخابية فتقول: «جزء من المشكلة هو أن الجمهوريين يرون أن الإبقاء على هذه المشكلة والاستمرار في تداول صور ما يقارب عشرات آلاف النازحين إلى الحدود الجنوبية، ميزة للانتخابات. فإذا استطاعوا الاستمرار بعكس صورة الفوضى على الحدود، يعتقدون أن ذلك سيساعدهم في نوفمبر (تشرين الثاني)».

ويضيف هاي موافقاً: «من الواضح أنه عندما يقحم ترمب نفسه في مسألة كهذه أكان بصفته رئيساً أو مرشحاً للرئاسة أو رئيساً سابقاً، تصبح الأمور مسيّسة بسرعة كبيرة، كما أن ذلك يزيد من تصلّب الموقف الجمهوري»، ويشير هاي إلى أن الجمهوريين يعولون على وصول ترمب للرئاسة لإبرام صفقة بشأن الهجرة.

وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس في جولة على الحدود في 17 مايو 2022 (رويترز)

سياسات بايدن وعزل وزير الأمن القومي

وينتقد بيرنار مقاربة بايدن بشأن الهجرة، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية لم تتحدث مع الأميركيين بالشكل اللازم لشرح مقاربتها، وأن أداءها «كان سيئاً في أسلوب إيصال الرسائل»، وهذا ما دفع بالجمهوريين في مجلس النواب للسعي إلى عزل وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس الذي أصبح واجهة هذه الأزمة.

وتعارض تشافيز هذه الجهود، مشيرة إلى أنها «عملية سياسية بحتة» وتضيف: «هناك خلاف سياسي حول السياسات بين الجمهوريين والبيت الأبيض وهم يحاولون استغلال هذا العزل لتبرير بعض هذه الخلافات».

لكن تشافيز ترى أن بايدن لا يقوم بعمل جيد في إظهار أنه يعير الأزمة الاهتمام المطلوب فتقول: «عليه يظهر إلى العلن، فحقيقة أنه لم يذهب إلى الحدود ولم يتطرّق لهذا الموضوع بشكل مباشر، هي أمور تضر به سياسياً».

ومع ازدياد الترجيحات بأن مساعي عزل مايوركاس سوف تنجح في مجلس النواب لكنها ستفشل في مجلس الشيوخ، يتحدث هاي عن طبيعة النظام الأميركي والانقسامات في الكونغرس، قائلاً: «نحن نعلم أن هناك انقساماً بين الحزبين وهذا أمر تاريخي. ولكن إن تعمّقنا في المسألة قليلاً، فهناك دائماً انقسامات بين مجلسي النواب والشيوخ، وهذا ينطبق بغض النظر إن كان كلاهما ذا أكثرية ديمقراطية أم جمهورية... إن مجلس النواب ومجلس الشيوخ دائماً ما يتعارضان مع بعضهما».

حاكم تكساس غريغ أبوت يوقع على قوانين إضافية للحد من الهجرة غير الشرعية في 18 ديسمبر 2023 (أ.ب)

تكساس و«ثورة» حاكمها

إلى ذلك تتسارع وتيرة الأحداث في ولاية تكساس، حيث تحتدم المواجهة بين البيت الأبيض والمحكمة العليا من جهة وحاكم الولاية غريغ أبوت مع مجموعة من الحكام الآخرين الذين أعربوا عن دعمهم له لمواجهة بايدن في أزمة الهجرة. فرفض أبوت تنفيذ قرار المحكمة العليا إزالة الأسلاك الشائكة على الحدود، معلناً أن «غزو» ولايته من قبل المهاجرين غير الشرعيين ولّد موجة من التوترات، وأشار بيرنار إلى أن خطوة أبوت «رائعة لو كانت المسألة سياسية بحتة»، مضيفاً: «لكنها أيضاً مسألة إنسانية...». ويفسر بيرنار توصيفه للخطوة بالرائعة سياسياً فيقول: «لقد وضع غريغ أبوت رهاناً فائزاً في كلتا الحالتين: إن قام بايدن بإرسال حرس فيدرالي إلى تكساس وقطع الأسلاك الشائكة، فهذه صورة سيئة سياسياً لبايدن. إن لم يقم بأي شيء، فهذا سيظهر أبوت بمظهر الرابح أيضاً».

من ناحيته، يقول هاي إن حاكم تكساس يراهن على أنه «سيربح هذه القضية سياسياً وأن الإدارة لن تتدخل بينه وبين مواجهته المحكمة العليا ونزع الأسلاك الشائكة»، ويضيف هاي: «أعتقد أن هذا الرهان على القسم الأخير صحيح لأنه إن حصل ذلك، من السهل جداً بالنسبة إلى الحاكم أبوت ودونالد ترمب وأعضاء الكونغرس الجمهوريين، استخدام ما جرى للقول إن بايدن لا يهتم بما يجري على الحدود»، ويضيف هاي: «الصور التي نشاهدها حتى الآن على الحدود مسيئة للإدارة الحالية، لكن إن تطوّرت الأمور مع صور لنزع الأسلاك الشائكة فهذا قد يؤذي الإدارة فعلياً في وقت يواجه فيه بايدن تراجعاً حاداً في نتائج استطلاعات الرأي على مسائل الهجرة».

أسلاك شائكة على الحدود الأميركية - المكسيكية في 25 يناير 2024 (إ.ب.أ)

لكنّ تشافيز تدعو حاكم تكساس إلى «الإيمان بسيادة القانون» وعدم الانخراط في مواجهة خاصة بعد إصدار المحكمة العليا قرارها، فتقول: «احترموا القانون، نتحدث عن الصور على الحدود ولا شك أنها مريعة لكن أتعلمون أي صور هي أسوأ من ذلك؟ صور الأمهات وأطفالهن الذين يلاقون حتفهم بين الأسلاك الشائكة بعد منعهم من الحصول على المساعدة من قبل حرس الحدود... أعتقد أنه يجب نزع الأسلاك الشائكة ولا أوافق على أنه مظهر جيد لولاية تكساس وهو سياسة مريعة وكارثة إنسانية».

وبالتزامن مع هذه المواجهة يطرح البعض فكرة «انفصال» تكساس عن الولايات المتحدة وهو أمر يستبعده بيرنار لكنه يذكر في الوقت نفسه بأن «الولاية الوحيدة التي انفصلت مرتين هي ولاية تكساس، المرة الأولى عندما انفصلت عن المكسيك، ثم عن الولايات المتحدة» ويضيف بيرنار: «برأيي، لا نزال بعيدين جداً عن هذه النقطة. ليس هناك من مستحيل طبعاً لكن هذا أمر غير مرجح» ويتطرق بيرنار لتعبير «الغزو» الذي استعمله أبوت، فيقول: «أبوت يستعمل تعبير الغزو بطريقة خاطئة، فالغزو هو من قبل قوات معادية أجنبية ومن الواضح أن الأشخاص القادمين لا يشكلون قوة معادية أجنبية. هناك معاناة إنسانية وهذه مشكلة». ويختم بيرنار قائلاً: «ما ينظر إليه كل من أبوت وترمب وبايدن هو ليس النتائج الإنسانية لسياساتهم بل النتائج الانتخابية لهذه السياسات وهذه مقاربة مخيفة جداً...».


مقالات ذات صلة

ترمب يتهم جنوب أفريقيا بالتقاعس عن حماية المزارعين البيض

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحمل مقالات إخبارية تتحدث عن عنف في جنوب أفريقيا خلال اجتماع مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض في واشنطن يوم 21 مايو 2025 (إ.ب.أ)

ترمب يتهم جنوب أفريقيا بالتقاعس عن حماية المزارعين البيض

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أنه يريد «تفسيرات» من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا حول وضع المزارعين البيض في هذا البلد.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت تتحدث مع الأطفال خلال إحاطة في البيت الأبيض (أ.ب)

من الطعام المفضل لترمب إلى القوة الخارقة التي يتمناها... إحاطة مخصصة للأطفال بالبيت الأبيض (فيديو)

أجابت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، عن أسئلة أبناء الصحافيين ومسؤولي البيت الأبيض احتفالاً بيوم «اصطحاب أبنائنا وبناتنا إلى العمل».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس جنوب أفريقيا في البيت الأبيض الأربعاء وسط خلافات سياسية عميقة بين البلدين (د.ب.أ)

ترمب يلتقي رامافوزا وسط خلافات حول الإبادة الجماعية ضد البيض

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صباح الأربعاء، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يصافح نظيره السوري أسعد الشيباني في أنطاليا الخميس (أ.ف.ب)

مجلس الشيوخ الأميركي منفتح على تخفيف العقوبات عن سوريا

تنقل وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين جمهوريين وديمقراطيين في مجلس الشيوخ، أن الحزبين باتا أكثر انفتاحاً على تخفيف العقوبات عن سوريا.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب بالبيت الأبيض في 19 مايو 2025 (أ.ب)

ترمب في الكونغرس لرص الصف الجمهوري

يزور ترمب الكونغرس لدفع الجمهوريين باتجاه تخطي انقساماتهم، وإقرار أبرز البنود في أجندته الداخلية.

رنا أبتر (واشنطن)

أميركا تقبل رسمياً طائرة مهداة من قطر... وتعمل على تحويلها «رئاسية»

طائرة بوينغ 747 القطرية على مدرج مطار بالم بيتش الدولي بفلوريدا بعد أن قام ترمب بجولة فيها الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
طائرة بوينغ 747 القطرية على مدرج مطار بالم بيتش الدولي بفلوريدا بعد أن قام ترمب بجولة فيها الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

أميركا تقبل رسمياً طائرة مهداة من قطر... وتعمل على تحويلها «رئاسية»

طائرة بوينغ 747 القطرية على مدرج مطار بالم بيتش الدولي بفلوريدا بعد أن قام ترمب بجولة فيها الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
طائرة بوينغ 747 القطرية على مدرج مطار بالم بيتش الدولي بفلوريدا بعد أن قام ترمب بجولة فيها الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) شون بارنيل، اليوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة قبلت طائرة بوينغ 747 هدية من حكومة قطر، مشيراً إلى أنه طُلب من القوات الجوية إدخال التعديلات إلى الطائرة بسرعة حتى يمكن استخدامها باعتبارها طائرة رئاسية جديدة للرئيس دونالد ترمب.

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، قال بارنيل في بيان: «لقد قبل وزير الدفاع طائرة بوينغ 747 من قطر وفقاً لجميع القواعد واللوائح الفيدرالية»، مضيفاً: «ستعمل وزارة الدفاع على ضمان مراعاة التدابير الأمنية المناسبة ومتطلبات المهمة الوظيفية للطائرة المستخدمة لنقل رئيس الولايات المتحدة».

وأقر مسؤولو «البنتاغون» في الأيام الأخيرة بأن الطائرة، التي قدر المسؤولون التنفيذيون في الصناعة قيمتها بنحو 200 مليون دولار، ستتطلب عملاً مكثفاً قبل اعتبارها آمنة بما يكفي لنقل ترمب.

وقال وزير القوات الجوية تروي مينك، أمس، خلال شهادة أمام مجلس الشيوخ: «أي طائرة مدنية ستحتاج إلى تعديلات كبيرة للقيام بذلك»، مضيفاً: «بناءً على توجيهات الوزير (الدفاع)، نحن على أهبة الاستعداد وننظر الآن فيما يتطلبه الأمر لتلك الطائرة تحديداً».

أثارت الخطة قلق أعضاء الكونغرس، الذين يخشون أن يضغط السيد ترمب على القوات الجوية لإنجاز العمل بسرعة كبيرة بحيث لا يتم تضمين تدابير أمنية كافية في الطائرة، مثل أنظمة الدفاع الصاروخي أو حتى أنظمة لحماية الطائرة من التأثيرات الكهرومغناطيسية للانفجار النووي.

وقالت السيناتورة تامي داكوورث، الديمقراطية من إلينوي، أثناء إدلاء مينك بشهادته: «إذا أصر الرئيس ترمب على تحويل هذه الطائرة إلى طائرة رئاسية مُجهزة قبل عام 2029، فأنا قلقة بشأن الضغوط التي قد تتعرضون لها لتقصير الإجراءات الأمنية التشغيلية».

لم يُقدم «البنتاغون» تقديراً لموعد الانتهاء من العمل على الطائرة القطرية، رغم أن ترمب والبيت الأبيض أوضحا أن الرئيس يريد ذلك قريباً، ربما حتى بحلول نهاية العام. وقال مينك في جلسة الاستماع: «سنحرص على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن الطائرة. سأكون واضحاً تماماً وسأناقش ذلك مع الوزير، وصولاً إلى الرئيس، إذا لزم الأمر، إذا شعرنا بوجود أي تهديدات لا نستطيع معالجتها».

طائرة بوينغ 747 القطرية (رويترز)

وصرح رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، علناً، أول من أمس، أن حكومته وافقت على تسليم الطائرة بوصفها هدية، رافضاً فكرة كونها محاولة للتأثير على الرئيس.

وقال: «لا أعرف لماذا يعتقد الناس أن هذا يُعتبر رشوة، أو شيئاً تسعى قطر لشرائه والتأثير عليه من خلال هذه الإدارة. بصراحة، لا أرى أي سبب وجيه لذلك. نحن دولة ترغب في بناء شراكة قوية وصداقة متينة، وأي شيء نقدمه لأي دولة، إنما نقدمه احتراماً لهذه الشراكة، وهي علاقة ثنائية الاتجاه»، وأضاف: «إنها مفيدة للطرفين لقطر والولايات المتحدة».

ستكون الطائرة الجديدة هي الثالثة التي يتم تحديثها لاستخدامها بصفتها طائرة رئاسية، لتحل محل طائرتين كانتا قيد الاستخدام لمدة 35 عاماً وواجهتا مشاكل في الصيانة.

لكن الحفاظ على طاقم ومعدات ثلاث طائرات أمر مكلف للغاية، حيث يُقدر بنحو 135 مليون دولار سنوياً لكل طائرة، وفقاً لـ«البنتاغون». وقد يكلف تحديث الطائرة القطرية لتصبح جاهزة للاستخدام بصفتها طائرة رئاسية مليار دولار أو أكثر، وهي عملية قال مسؤولون سابقون في القوات الجوية إنها قد تستغرق وقتاً أطول من إنهاء العمل الذي تقوم به شركة بوينغ بالفعل لتسليم الطائرتين الأوليين.

صرح مسؤولون في القوات الجوية الأميركية مؤخراً بأنه من المقرر تسليم أولى طائرات بوينغ في عام 2027.

لا يزال من غير الواضح مصدر تمويل تحديث الطائرة القطرية أو صيانتها وتشغيلها بعد اكتمالها. عادة ما يراجع الكونغرس ويوافق على الإنفاق على أي برامج رئيسية جديدة لـ«البنتاغون». لكن ترمب أبدى بالفعل استعداده لإنفاق الأموال الفيدرالية كما تشاء إدارته، وغالباً دون استشارة الكونغرس.

صرح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثون، الجمهوري من ولاية ساوث داكوتا، هذا الشهر بأن الكونغرس سيطرح أسئلة حول أي استخدام محتمل للطائرة القطرية بوصفها طائرة رئاسية. وقال ثون: «إذا لم يعد الأمر مجرد افتراض، أؤكد لكم أنه سيكون هناك تدقيق مكثف في شكل هذا الترتيب».

حلّقت الطائرة القطرية لأول مرة في عام 2013، ثم جُددت بتصميم داخلي فاخر لأفراد من العائلة المالكة في قطر.

وتُظهر سجلات الرحلات أن الطائرة القطرية موجودة في سان أنطونيو منذ أوائل الشهر الماضي في منشأة لصيانة الطائرات. صرح مسؤولو إدارة ترمب بأنهم يدرسون التعاقد مع شركة «L3Harris»، وهي شركة مقاولات عسكرية، لإجراء عملية التحديث، ولكن لم يُكشف عن أي عقد رسمي علناً، على الأقل حتى الآن.

وفي بيان صدر اليوم، صرحت القوات الجوية الأميركية بأنها تستعد «لمنح عقد لتعديل طائرة بوينغ 747 لنقل كبار المسؤولين جواً»، لافتة إلى أن «التفاصيل المتعلقة بالعقد سرية».

كما لم يُجرِ الكونغرس أي تصويت رسمي بعد لقبول الطائرة هدية من قطر. ويشترط الدستور موافقة الكونغرس على أي هدية كبيرة تُقدم للرئيس. وقد صرّح ترمب بأن الهدية مُقدمة لحكومة الولايات المتحدة، وليست له بصفته رئيساً.