غوانتانامو : مفجرا بالي قد يعودان إلى ماليزيا بعد صدور العقوبة

توقع عقوبة السجن 25 عاماً لمُدانَين اعترفا بالتآمر مع «القاعدة»

محمد فريق بن أمين (48 عاماً) «يسار» ومحمد نذير بن لاب (47 عاماً) (نيويورك تايمز)
محمد فريق بن أمين (48 عاماً) «يسار» ومحمد نذير بن لاب (47 عاماً) (نيويورك تايمز)
TT

غوانتانامو : مفجرا بالي قد يعودان إلى ماليزيا بعد صدور العقوبة

محمد فريق بن أمين (48 عاماً) «يسار» ومحمد نذير بن لاب (47 عاماً) (نيويورك تايمز)
محمد فريق بن أمين (48 عاماً) «يسار» ومحمد نذير بن لاب (47 عاماً) (نيويورك تايمز)

عندما تجتمع هيئة محلفين من ضباط عسكريين، هذا الأسبوع، في خليج غوانتانامو، سيتعين على أعضائها اختيار عقوبة سجن تتراوح من 20 إلى 25 عاماً لسجينين ماليزيين اعترفا بالتآمر مع جماعة تابعة لتنظيم «القاعدة» نفذت التفجيرات الدموية التي شهدتها إندونيسيا قبل عقدين.

معسكر غوانتانامو حيث يحتجز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

إلا أنه في الكواليس، وعبر اتفاق سري جرى التفاوض حوله مع مسؤول كبير في عهد ترمب، يمكن إعادة الرجلين إلى ماليزيا قبل نهاية العام، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» الثلاثاء.

وتعدّ إجراءات إصدار الحكم على محمد فريق بن أمين (48 عاماً)، ومحمد نذير بن لاب (47 عاماً)، جزءاً من استراتيجية الحكومة الأميركية لمحاولة حلّ قضايا الأمن الوطني في غوانتانامو، وذلك عبر مفاوضات الإقرار بالذنب.

وكان الرجلان قد أمضيا سنوات داخل سجون سرية تتبع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وبعد القبض عليهما عام 2003، وعبر التوصل إلى الاتفاق، تجنب المدعون دعوى مطولة بشأن التعذيب، الأمر الذي أحبط قضيتين تصل عقوبتهما إلى الإعدام، إحداهما تتعلق بأحداث 11 سبتمبر (أيلول)، والأخرى على صلة بتفجير المدمرة «يو إس إس كول».

جدير بالذكر أن الرجلين ألقي القبض عليهما بجانب عضو سابق في تنظيم «القاعدة»، وهو إندونيسي يعرف باسم حنبلي.

وأقرّ الرجلان الأسبوع الماضي بذنبهما في التآمر لتدبير تفجيرين انتحاريين في منتجع جزيرة بالي أسفرا عن مقتل 202 شخص في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2002. وفي إطار اتفاق الإقرار بالذنب، استجوبتهما قبل جهة الادعاء يومي الأحد والاثنين، ربما للاستعانة بأقوالهما في محاكمة الحنبلي التي يرغب المدعون في إجرائها العام المقبل.

مدخل معسكر «العدالة» في غوانتانامو (نيويورك تايمز)

العالم السري لخليج غوانتانامو

منذ عام 2002، احتُجز ما يقرب من 780 معتقلاً في السجن العسكري الأميركي في كوبا. الآن، تبقى منهم بضع عشرات. وتقدر التكلفة السنوية لإبقائهم هناك 13 مليون دولار.

ومن بين أبرز المحطات، فوز 3 سجناء سابقين في غوانتانامو في دعاوى قضائية أقاموها أمام المحكمة العليا.

وبالعودة إلى السجينين الماليزيين، فإن شهادتهما ما زالت قيد السرية في الوقت الحاضر، لكنهما ذكرا في اعترافهما أنهما لم تكن لهما معرفة مباشرة بأن حنبلي كان مسؤولاً عن الهجوم. وأضافا أنهم علما في وقت لاحق من التقارير الإخبارية على شبكة الإنترنت أن حنبلي كان مطلوباً لتورطه في سلسلة من الهجمات التي نفذتها حركة «الجماعة الإسلامية»، وأنهما ساعداه على الإفلات من جهود القبض عليه.

جدير بالذكر أن جزءاً من اتفاق الإقرار بالذنب، الذي يقضي بعودتهما إلى ماليزيا، ما زال قيد السرية.

السياج الخارجي لمعسكر «دلتا» في غوانتانامو (نيويورك تايمز)

من جهته، أعلن القاضي، العقيد ويسلي أ. براون، أمام المحكمة أن اتفاق الإقرار بالذنب يقيد هيئة المحلفين، ويقصر حكمها على السجن بما لا يقل عن 20 عاماً ولا يتجاوز 25 عاماً. إلا أنه لم يكشف ما إذا كان من الممكن تخفيف العقوبة في إطار اتفاق التعاون.

إلا أن القاضي أشار إلى استثناء غير عادي لشرط التنازل عن جميع الطعون على أحكام إداناتهما. وإذا ظلا في غوانتانامو بعد 180 يوماً من مصادقة مسؤول كبير في البنتاغون على الحكم، فيمكنهما حينذاك تقديم التماس إلى محكمة فيدرالية للإفراج عنهما.

يذكر أن التوصل إلى اتفاق الإقرار بالذنب أنجزه جيفري دي وود، الذي شغل منصب مشرف محكمة الحرب، أو هيئة الانعقاد، من أبريل (نيسان) 2020 حتى قبل نحو 3 أشهر. ومن المقرر أن تتولى خليفته، سوزان ك. إسكالير، تقييم ما إذا كان الرجلان الماليزيان قد تعاونا بشكل كامل مع الحكومة، وما إذا كان يجب الوفاء بأي وعود قدّمها وود بخصوص تخفيف الحكم عليهما.

في الواقع، تتسم العملية برمّتها بالتعقيد، ففي المحكمة العسكرية ـ المدنية المختلطة التي أنشأها الرئيس جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، يحظى المشرف بسلطة تخفيف عقوبة السجين، لكن ليس في سلطته الأمر بالإفراج عن المعتقل. وفي المقابل، يمكن لقاضي محكمة فيدرالية أن يفعل ذلك، لكن بعد ذلك سيتعين على وزارة الخارجية التفاوض حول اتفاق لنقل المعتقل إلى دولة أخرى قادرة على التعامل مع أي متطلبات أمنية لدى وزير الدفاع.

وعليه، من غير المحتمل أن نشهد قريباً نقل الرجلين بطائرة إلى وطنهما، ولو إلى مركز إعادة التأهيل رفيع المستوى في ماليزيا المخصص للمتطرفين.

وفي اعترافهما المكتوب، اعترف الرجلان بالذهاب إلى أفغانستان في يونيو (حزيران) 2000. حيث تدربا في أحد معسكرات «القاعدة» على «التكتيكات العسكرية الأساسية، والتضاريس، والأسلحة النارية»، بما في ذلك كيفية إطلاق النار من البنادق الهجومية وإطلاق القذائف الصاروخية.

وفي أواخر عام 2001، رتّب لهما حنبلي لقاءً مع أسامة بن لادن، فأقسما يمين الولاء له واتفقا على أن يصبحا انتحاريين في عملية أُلغيت في وقت لاحق. وسافر المتدربان إلى تايلاند في ديسمبر (كانون الأول) 2001، ووافقا على مساعدة حنبلي في الإفلات من محاولات القبض عليه.

كما توليا مراقبة مكتب طيران إسرائيلي في بانكوك، وحصلا على أسلحة وجوازات سفر مزورة، وجمع واحد منهما على الأقل أموالاً من أحد عملاء «القاعدة» من باكستان.

ومن غير الواضح بعد ما يعنيه هذا الاعتراف في ما يخص قضية حنبلي. وقال محاميه، جيمس ر. هودز، إنه ينتظر أدلة من الحكومة للتحضير للمحاكمة.

وترتبط بعض المعلومات الأكثر حساسية وسرية بما فعله عملاء «سي آي إيه» بالمحتجزين داخل شبكة سجون خارجية، حيث كان الإيهام بالغرق، والحرمان من النوم، والضرب، وغير ذلك من الانتهاكات، جزءاً من برنامج «الاستجواب المعزز» المحظور الآن.


مقالات ذات صلة

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

آسيا الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

اعترفت «طالبان» باحتجازها سجينين أميركيَّين، مشددة على أنها لن تمنحهما حريتهما دون إطلاق سراح مواطن أفغاني (المساعد الخاص لأسامة بن لادن)، محتجز في غوانتامو.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كابل)
الولايات المتحدة​ مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)

إدارة ترمب تعيد المهاجرين من غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية

أعادت السلطات الأميركية، فجأة، إلى الولايات المتحدة مجموعة من المهاجرين الذين كانت نقلتهم للقاعدة العسكرية الأميركية بخليج غوانتانامو في كوبا؛ لأسباب لم تعلن.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يُرحّلون في 4 فبراير 2025 إلى غوانتانامو وصفتهم الشرطة الأميركية بأنهم «مجرمون أجانب شديدو الخطورة»... (رويترز)

محامون يقاضون إدارة ترمب لمنع إرسال 10 مهاجرين إلى خليج غوانتانامو

رفع محامون معنيون بالحقوق المدنية دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ لمنعها من نقل 10 مهاجرين محتجزين بالولايات المتحدة لخليج غوانتانامو في كوبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في قاعدة غوانتانامو البحرية (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي يصل إلى غوانتانامو لتنفيذ أوامر ترمب حول أمن الحدود

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، اليوم (الثلاثاء)، وصوله إلى قاعدة غوانتانامو البحرية لتنفيذ أوامر الرئيس دونالد ترمب التنفيذية حول أمن الحدود.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم مهاجرون فنزويليون مرحّلون من قاعدة غوانتانامو البحرية الأميركية يصلون إلى مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا، فنزويلا 20 فبراير 2025 (رويترز)

أميركا تعيد 200 مهاجر فنزويلي غير شرعي إلى وطنهم جواً من غوانتانامو

عاد نحو 200 مهاجر فنزويلا كانوا في الولايات المتحدة، إلى وطنهم بعد احتجازهم في خليج غوانتانامو، في موجة من رحلات الترحيل الجوية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يهدّد بقطع تمويل قناتي الإذاعة والتلفزيون العامّتين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

ترمب يهدّد بقطع تمويل قناتي الإذاعة والتلفزيون العامّتين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء هجوما جديدا على وسائل الإعلام التقليدية بقوله إنه «يرغب بشدّة» بقطع التمويل الفدرالي عن إذاعة «إن بي آر» وتلفزيون «بي بي إس»، متّهما المحطّتين العامّتين بأنّهما «منحازتان جدا».

وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض «سيكون شرفا لي أن أضع حدّا لهذا» التمويل الفدرالي. وخلافا لما هي عليه الحال في أوروبا فإنّ وسائل الإعلام العمومية في الولايات المتّحدة لا تحظى بنسب مشاهدة واستماع مرتفعة.

ومنذ فترة طويلة يتعرّض الإعلام العمومي في الولايات المتّحدة لانتقادات حادّة من جانب المحافظين الذين يتّهمونه بأنّ ميوله يسارية كثيرا. وفي معرض هجومه على إذاعة «إن بي آر» وتلفزيون «بي بي إس»، قال ترمب إنّ «كلّ هذه الأموال تُهدر... ولديهما وجهة نظر متحيّزة للغاية».

وبحسب الموقع الإلكتروني لتلفزيون «بي بي إس» العمومي فإنّ الميزانية المرصودة لـ«مؤسّسة البثّ العام»، الهيئة المسؤولة عن توزيع الإعانات الفدرالية، تبلغ سنويا حوالي 500 مليون دولار يقرّها الكونغرس عندما يصوّت على الميزانية العامة. وتؤكّد مؤسّسة البثّ العام أنّها تدفع «أكثر من 70%» من إعاناتها إلى محطات الإذاعة والتلفزيون المحليّة الكثيرة جدا في الولايات المتحدة والتي تشتري بدورها حقوق إعادة بثّ برامج إذاعية وتلفزيونية تنتجها «إن بي آر» و«بي بي إس».

من ناحيتها تؤكّد إذاعة «إن بي آر» أنّها لا تتلقّى سوى «1% تقريبا» من الإعانات الفدرالية المباشرة وتعوّض كلّ ميزانيتها الباقية من خلال الإعلانات والبرامج التي تبيعها لإذاعات محليّة. وبحسب النائبة مارغوري تايلور غرين المؤيدة بشدة لترمب فإنّ لجنة الكفاءة الحكومية التي يرأسها إيلون ماسك ستدرس الأربعاء ملف إذاعة «إن بي آر» وتلفزيون «بي بي إس». وسبق لهيئة الكفاءة الحكومية أن صرفت موظفين واتّخذت تدابير تقشفية صارمة للغاية في عدد من الإدارات الفدرالية.

وسألت النائبة عبر حسابها على منصة إكس «هل تريدون أن تُستخدم ضرائبكم في تمويل الأيدولوجية والدعاية اليسارية المتطرفة على إذاعة «إن بي آر» وتلفزيون «بي بي إس»؟.

وتقول إذاعة «إن بي آر» إنّ 41 مليون أميركي، من أصل إجمالي عدد السكّان البالغ 340 مليون نسمة، يستمعون إلى برامجها كل أسبوع. أما تلفزيون «بي بي إس» فيقول إنّ 36 مليون شخص يشاهدون شهريا إحدى القنوات المحلية التابعة لشبكته.

وسبق لإدارة ترمب أن استهدفت قطاع الإعلام العمومي الموجَّه إلى الخارج باتّخاذها قرارا بتفكيك الوكالة الحكومية التي تشرف على كلّ من إذاعة صوت أميركا، وإذاعة آسيا الحرة، وإذاعة أوروبا الحرة-إذاعة الحرية.