أيوا تطلق السباق الجمهوري المحموم في أجواء صقيعية

«الشرق الأوسط» ترافق انعقاد المجالس والتجمعات الانتخابية

الثلوج تغطي مبنى كابيتول ولاية أيوا في عاصمة الولاية دي موين (أ.ب)
الثلوج تغطي مبنى كابيتول ولاية أيوا في عاصمة الولاية دي موين (أ.ب)
TT

أيوا تطلق السباق الجمهوري المحموم في أجواء صقيعية

الثلوج تغطي مبنى كابيتول ولاية أيوا في عاصمة الولاية دي موين (أ.ب)
الثلوج تغطي مبنى كابيتول ولاية أيوا في عاصمة الولاية دي موين (أ.ب)

25 درجة مئوية تحت الصفر كانت درجة الحرارة في أيوا عندما بلغت حد الغليان السجالات في المجالس والتجمعات الانتخابية للجمهوريين في الولاية التي يتطلع الرئيس السابق دونالد ترمب أن يبدأ منها فعلاً، الاثنين، جهوده لإقصاء من تبقى من المرشحين الذين رموا قبعاتهم ضده في حلبة «الحزب القديم العظيم»، وأبرزهم نيكي هايلي ورون ديسانتيس وفيفيك راماسوامي.

من دون أن يعلن الأسباب التي يبدو أنها مرتبطة بـ«وحشية» الأحوال الجويّة التي بلغت درجاتها مستويات قياسية متدنية لا سابق لها في التاريخ المدون للولاية، اضطر ترمب إلى التغيب عن مناسبات عدة في أيوا التي تعتمد - مع حفنة من الولايات الأخرى - نظام «الكَوْكَسة» القديم الذي يقتضي عقد اجتماعات لأهل المحلّة في القاعات العامة والمدارس والكنائس وغيرها من دور العبادة، وحتى في المنازل، من أجل التداول في أسماء المرشحين للانتخابات واختيار المفضل بينهم عبر مندوبين، عوض الذهاب إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم كما يحدث في الانتخابات الأولية لغالبية الولايات الأميركية.

كانت هذه حال المرشحين الآخرين.

على الرغم من ذلك، فإن الصحافيين والباحثين والمهتمين حاولوا معاندة الصقيع القطبي القارس لتوجيه أنظارهم إلى هذه الولاية من وسط الغرب الأميركي، ليس فقط لأن الانتخابات التمهيدية تبدأ فيها لتنتقل إلى الولايات الـ49 الأخرى وصولاً إلى المؤتمرين العامين لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خلال الصيف، بل لأنها تمثل «روح» شريحة هي الأكبر والأكثر فاعلية من الناخبين الرئيسيين في الولايات المتحدة وهي الإنجيليون الذين يشكلون الآن نحو 24 في المائة من الأصوات - أي ربع إجمالي عدد الناخبين الأميركيين.

حاكم فلوريدا السابق رون ديسانتيس (غيتي)

60 في المائة

خلافاً للمناطق الحضرية الشديدة التنوع دينياً وعرقياً ولوناً وثقافة في الولايات والمناطق الساحلية مثل نيويورك وماساتشوستس في شمال شرقي البلاد، أو كاليفورنيا وواشنطن في غربها، وكذلك فلوريدا وتكساس جزئياً في جنوبها، لا يزال المحافظون البيض - ومنهم الإنجيليون - يمثلون ما يصل إلى 60 في المائة من عموم أصوات الناخبين في الولايات المتحدة، ويقيم أكثرهم في الولايات الداخلية مثل أيوا وإلينوي ويوتاه... وغيرها، حيث يحظى الحزب الجمهوري بوزن كبير يتيح له الحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات هذه الفئة المجتمعية.

تأتي الشرائح الأخرى بعدهم ثانياً وثالثاً ورابعاً، مثل اللاتينيين الذين يشكلون نحو 19 في المائة، والأميركيين الأفارقة الذين يمثلون نحو 13 في المائة، والآسيويين الذين تصل نسبتهم إلى 6 في المائة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

أيوا والمركز الثاني

السؤال الرئيسي الذي تواجهه أيوا اليوم هو: هل هناك مرشح(ة) جمهوري(ة) لمنافسة ترمب في هذه الولاية؟ تفيد التقديرات منذ أشهر بأن جُلّ ما يمكن أن يسعى إليه ديسانتيس أو هايلي أو راماسوامي هو الحصول على المرتبة الثانية التي يمكن أن تحصر السباق الرئاسي مع الرئيس السابق. هذا ما ستحسمه الولايات الأخرى أيضاً خلال الأشهر المقبلة.

أثَّر الطقس القاسي بشكل كبير في الحملات الانتخابية للمرشحين الجمهوريين في الأيام الأخيرة التي سبقت يوم الانتخابات.

وبعد ساعات فقط من إصدار مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية في دي موين تحذيراً من عاصفة ثلجية بحجم لا تحدث إلا مرة أو مرتين كل عقد، أعلنت حملة نيكي هايلي استبدال «جمعيات عمومية افتراضية» بالمحطات الشخصية المقررة لها عبر الإنترنت، تجنباً للمخاطر الناجمة عن العاصفة القطبية التي بدأت قبل أيام وتبلغ ذروتها الجليدية، الاثنين، ليلة بدء اجتماعات المجالس والتجمعات الانتخابية في 1657 مركزاً، يمكن أن تحدث بدءاً من الساعة السابعة مساء من ليل الاثنين بالتوقيت المحلي.

السفيرة الأميركية السابقة نيكي هالي (غيتي)

نيكي وأميركا القوية

وقال الناطق باسم حملة هايلي بات غاريت إن التغيير يضمن أن الطقس «لن يمنعنا من ضمان سماع سكان أيوا لرؤية نيكي لأميركا قوية وفخورة».

وألغت حملة هايلي حدثاً في مدينة سيوكس بسبب الطقس، الاثنين. وكذلك فعلت حملة ترمب مع حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي وابنته، حاكمة أركنساس الحالية سارة هاكابي ساندرز، بسبب مشكلات في انتقالهما إلى أيوا.

وبعدما سخر من هايلي لإلغاء حدثها، نشر راماسوامي على وسائل التواصل الاجتماعي، الثلاثاء، كيف علقت سيارته في طريق عودته إلى دي موين. كتب: «حاول 5 منا إخراج سيارات الدفع الرباعي، وأخيراً أنجزوا الأمر بمساعدة إضافية من شركة جيدة».

الثلوج في أيوا تخرج شاحنة عن مسارها (إ.ب.أ)

ولاية المفاجآت؟

تحمل أيوا مفاجآت محتملة في مواسمها الانتخابية. وعلى عكس الانتخابات التمهيدية والعامة التي تجري على أساس منتظم من محترفين، فإن الطريقة المتبعة في أيوا هي أن يقوم أشخاص عاديون بإجراء عملية الفرز. ولم تسر الأمور على ما يرام في مرات كثيرة.

فذات ليلة عام 2012، أعلن الحزب الجمهوري في الولاية أن المرشح آنذاك ميت رومني هو الفائز بفارق 8 أصوات فقط عن ريك سانتوروم، الأمر الذي أعطى رومني دفعة من الزخم الذي حمله في النهاية إلى الترشيح ضد المرشح الديمقراطي عامذاك الرئيس باراك أوباما. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت حملة سانتوروم تستمع إلى رؤساء المقاطعات بشأن أخطاء الحسابات. وفي نهاية المطاف، تراجع الحزب عن إعلانه، وفاز سانتوروم بالفعل بأكثرية 34 صوتاً، ولكن ليس لمدة تزيد على أسبوعين. وقال سانتوروم أخيراً: «حققت معجزة، لكنهم قالوا إن رومني هو الفائز»، مضيفاً أنه «لم يكن الأمر كما يلي: سانتوروم جاء من العدم، بل كان: فاز رومني، وانتهى السباق. ماذا كانت ستكون النتيجة لو قالوا إني فزت؟».

وعام 2016، كان السباق بين بيرني ساندرز وهيلاري كلينتون متقارباً جداً، حيث قال كل منهما إنه فاز. وقالت حملة ساندرز إنه حصل على أكبر عدد من الأصوات، بينما فازت كلينتون بأكبر عدد من المندوبين. لم يكن لدى عملية إعداد التقارير في الحزب الديمقراطي في أيوا أي وسيلة للتحقق من عدد الأشخاص الذين صوتوا لكل مرشح.

ثم جاءت سنة 2020، وهي «أم الانهيارات» في الولاية، حين فشلت آلية الإبلاغ عن التجمع الحزبي، وكانت الهواتف مكتظة بالمقر الديمقراطي في أيوا، وفي نهاية الليل وحتى اليوم التالي، لم يعرف أحد من الذي فاز. واستغرق الأمر إلى نهاية الأسبوع حتى أصبح من الواضح أن بيت بوتيجيج فاز بأكبر عدد من المندوبين في أيوا. وبدلاً من نشر الأخبار حول انتصاره، كانت القصص تتحدث عن الكارثة اللوجيستية.

بخلاف المواسم الأميركية السابقة، تخلى الديمقراطيون عن التقليد المتبع لاختيار مرشحهم المفضل في مجالسهم وتجمعاتهم الانتخابية في أيوا هذا العام. استبدلوا بها اجتماعات عمل حزبية لانتخاب المندوبين غير المنضمين والمناوبين والتصويت على برامج كل من الرئيس جو بايدن، ونائب مينيسوتا دين فيليبس، وماريان ويليامسون، وخانة «غير ملتزم».


مقالات ذات صلة

خصوم ترمب السابقون يصطفون خلفه لولاية رئاسية جديدة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ضاحكاً خلال مؤتمر الحزب الجمهوري في ويسكونسن (د.ب.أ)

خصوم ترمب السابقون يصطفون خلفه لولاية رئاسية جديدة

اصطف الخصوم السابقون للرئيس دونالد ترمب واحداً تلو آخر بميلووكي لـ«تقبيل خاتمه» كمرشح من المؤتمر العام للحزب الجمهوري لمعركة العودة إلى البيت الأبيض.

علي بردى (ميلووكي - ويسكونسن)
خاص عناصر من جهاز الخدمة السرية يحيطون المرشح الجمهوري دونالد ترامب وهو على المنصة إثر تعرضه لمحاولة اغتيال (أ ب) play-circle 02:23

خاص «أكبر اختراق» يطارد «الخدمة السرية» الأميركية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أصيب بإطلاق نار خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متحدثاً قبيل جلسة لمحكمة الجنايات في مانهاتن الثلاثاء (رويترز)

قضايا ترمب الجنائية تعود إلى الواجهة في جورجيا وفلوريدا

تحركت القضايا الجنائية ضد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وأنضاره في كل من جورجيا وفلوريدا وأريزونا على رغم استمرار محاكمته بقضية «أموال الصمت» في نيويورك.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بارون ترمب مع والده دونالد ترمب (أرشيفية - أ.ف.ب)

بارون ترمب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري

انسحب بارون ترمب، أصغر أنجال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الجمعة، من أول ظهور سياسي مقرر له بصفته مندوباً خلال مؤتمر الحزب الجمهوري الذي يعقد في يوليو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يسعى الديمقراطيون إلى الحفاظ على أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ (رويترز)

10 ولايات قد تحسم السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي

يراهن الحزبان الديمقراطي والجمهوري على 10 ولايات للسيطرة على مجلس الشيوخ، في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلة.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)
المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)
TT

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)
المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

اتهم دونالد ترمب الجمعة محرك البحث غوغل بعرض "مقالات سيئة" فقط عنه، متعهدا بمقاضاة عملاق التكنولوجيا في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.

ولم يقدم ترمب أي دليل على اتهامه في منشور على منصته "تروث سوشال"، مضيفا أن محرك البحث يعرض فقط مقالات إيجابية عن منافسته الديموقراطية كامالا هاريس. وقال في المنشور "هذا نشاط غير قانوني، ونأمل أن تلاحقهم وزارة العدل جنائيا بسبب هذا التدخل الصارخ في الانتخابات". وتابع "إذا لم يحدث ذلك، ووفقا لقوانين بلدنا، فسأطلب مقاضاتهم على أعلى المستويات عندما أفوز في الانتخابات".

وجاء منشور ترمب بعد تقرير لمنظمة محافظة عن النتائج التي حصلت عليها اثر إجرائها بحثا شمل عبارة "سباق دونالد ترمب الرئاسي 2024". وفي رد على استفسار من وكالة الصحافة الفرنسية، قال بيان لغوغل إن "الموقعين الالكترونيين للحملتين يتم عرضهما باستمرار في أعلى نتائج البحث لاستفسارات محددة او عامة". أضاف "هذا التقرير أجرى بحثا على مصطلح نادر وواحد في يوم واحد قبل بضعة أسابيع، وحتى بالنسبة لهذا البحث، احتل موقعا المرشحين المرتبة الأولى في نتائج البحث على غوغل".

وأكدت غوغل أنها لا تتلاعب بنتائج البحث لصالح أي مرشح سياسي. ولا تكشف الشركة عن العمليات الداخلية للبرنامج الذي يشغل محرك البحث الشامل الخاص بها. ومع ذلك، فإن التوقيت وشعبية الموضوعات من العوامل المعروفة بأنها تؤثر على نتائج البحث.

ويواجه ترمب العديد من القضايا الجنائية والمدنية بينها اتهامات بالاعتداء الجنسي ودفع أموال لإسكات نجمة أفلام إباحية والتدخل في انتخابات عام 2020 ومحاولة إحباط الانتقال السلمي للسلطة بعد هزيمته في الانتخابات أمام الرئيس جو بايدن.