واشنطن في عزلة على الساحة الدولية بسبب دعمها إسرائيل

صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

واشنطن في عزلة على الساحة الدولية بسبب دعمها إسرائيل

صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

عندما تسلّم الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة قبل 3 سنوات أعلن بنبرة تملؤها الحماسة أنّ «أميركا عادت!» لتحمّل مسؤولياتها الدولية بعد السياسة الانعزالية التي انتهجها سلفه دونالد ترمب، لكنّ واشنطن تجد نفسها اليوم في عزلة دولية كبيرة بسبب دعمها الراسخ لإسرائيل في حربها ضدّ «حماس».

ومنذ بدأت الحرب بين إسرائيل و«حماس» إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية انطلاقاً من قطاع غزة على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، اضطرت واشنطن أكثر من مرة لأن تقف وحدها في المحافل الدولية للدفاع عن حليفتها.

وفي مجلس الأمن الدولي، على سبيل المثال، استخدمت الولايات المتّحدة مرّتين متتاليتين حق النقض لمنع صدور قرارين يدعوان إلى «وقف إطلاق نار إنساني» في القطاع الفلسطيني.

لكنّ الدولة الأقوى في العالم خرجت، الجمعة، على استحياء، من عزلتها في مجلس الأمن الدولي بقرارها عدم وأد قرار يدعو إلى إدخال مساعدات إنسانية «على نطاق واسع» إلى القطاع.

وخلافاً للموقف الذي اتّخذه بعض من أقرب حلفائها مثل بريطانيا وفرنسا واليابان التي صوّتت لصالح القرار ــ امتنعت الولايات المتّحدة عن التصويت، وكذلك فعلت روسيا.

وقبل ذلك بأسبوع، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تجد الولايات المتّحدة بين سائر شركائها الأوروبيين سوى النمسا وجمهورية التشيك في التصويت ضدّ قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

ولا ينفكّ هذا الوضع ينعكس سلباً على صورة الولايات المتحدة في العالم.

وتقول ليزلي فينجاموري الخبيرة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن إنّ «الطريقة التي يُنظر بها إلى كلّ هذا في بقية العالم هي أنّ الولايات المتّحدة تهتمّ بالإسرائيليين والأوكرانيين»، وتعير اهتماماً أقلّ للشعوب غير الغربية.

وخلافاً لسلفه الجمهوري الذي دعم إسرائيل من دون أيّ تحفّظ، فقد بايدن صبره أكثر من مرة مع الدولة العبرية إلى حدّ أنّه أخرج إلى العلن خلافاته مع حكومة بنيامين نتنياهو.

وفي معرض دفاعه عن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضدّ «حماس»، حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العالم على ممارسة ضغوط على الحركة الفلسطينية وليس على الدولة العبرية فحسب، مذكّراً بأنّ فتيل هذه الحرب أشعلته «حماس».

وصبيحة السابع من أكتوبر شنّت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل قُتل فيه نحو 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى إحصاءات رسمية إسرائيلية.

وردّت إسرائيل على هذا الهجوم بإطلاق حملة عسكرية جوية وبرية في قطاع غزة أسفرت، وفق حكومة «حماس»، عن أكثر من 20 ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأكثر من 53 ألف جريح.

ويكرّر مسؤولو الإدارة الأميركية القول إنّ الضغط الذي يمارسونه على الحكومة الإسرائيلية من وراء الكواليس يؤتي ثماره، إذ وافقت الدولة العبرية على السماح بدخول صهاريج وقود إلى غزة، وإعادة خدمة الإنترنت إلى القطاع وفتح المعابر.

لكنّ فينجاموري تقول إنّ هذه الرواية القائلة بأنّ بايدن «يعانق نتنياهو بينما يضغط في السرّ» على إسرائيل لا تستقيم وقتاً طويلاً.

«انحياز تامّ»

وأظهر استطلاع للرأي أجرته منظمّة «المستقلّة» على عيّنة من الشعوب العربية، ونشرت نتائجه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) أنّ 7 في المائة فقط من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن دور الولايات المتّحدة كان إيجابياً في الحرب بين إسرائيل و«حماس».

وقبل 20 عاماً أدّى غزو العراق إلى الإضرار بسمعة الولايات المتّحدة في العالم.

ويقول منقذ داغر، المسؤول في منظمة «المستقلّة»، إنّ أميركا كانت حتى وقت قريب «لا تزال تمثّل هذه الصورة لبلد يجسّد (...) الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير (...) الكثير من القيم التي تليق بالحلم الأميركي الشهير».

لكنّ سيل المشاهد المروّعة من غزة التي يجري تداولها بشكل جماعي على شبكات التواصل الاجتماعي، «قلب الوضع رأساً على عقب».

ويرى داغر أنّ هذا الأمر أظهر للعرب «انحياز الولايات المتحدة التامّ للإسرائيليين، وعدم احترامهم حقوق الإنسان عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين».

وأول من استفاد من هذا التحوّل في الرأي العام هو الصين وروسيا، لكنّ المستفيد الأبرز هي إيران.

وكثّفت الصين جهودها الدبلوماسية بشكل كبير في المنطقة، لكنّ إدارة بايدن حاصرتها من خلال حضّها على استخدام نفوذها لدى طهران لوقف الهجمات التي يشنّها المتمرّدون الحوثيون انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر.

وفي حين أنّ الصين لديها وجود عسكري محدود في الشرق الأوسط، فقد أنشأت الولايات المتّحدة أخيراً تحالفاً عسكرياً انضمّت إليه أكثر من 20 دولة لحماية حركة السفن في المنطقة.

ويقول براين كاتوليس، من معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إنّ كثيراً من الدول العربية التي تندّد بسياسة واشنطن الخارجية «هي نفسها التي تستفيد من المنظومة الأمنية التي أرستها الولايات المتحدة».

ويضيف: «ألاحظ شكلاً معيّناً من الفصام في كثير من التصريحات الآتية من العالم العربي، فهم لا يستطيعون العيش معنا، لكنّهم لا يستطيعون العيش من دوننا أيضاً».


مقالات ذات صلة

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

الولايات المتحدة​ علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

قال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، اليوم الأربعاء، إن «كمية كبيرة» من البيانات الوصفية للأميركيين سُرقت في حملة تجسس إلكتروني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية للرئيس الأميركي جو بايدن يمشي مع ابنه هانتر في واشنطن (أ.ب) play-circle 02:13

عفو الرئيس عن ابنه يضاعف الشكوك بالنظام القضائي الأميركي

عزز قرار الرئيس الأميركي جو بايدن العفو عن نجله هانتر قبل أسابيع قليلة من انتهاء عهده، شكوك الأميركيين بالنظام القضائي في بلادهم.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيرالد فورد وريتشارد نيكسون (أ.ب)

كلينتون منحه لأخيه... أبرز حالات العفو الرئاسي في تاريخ الولايات المتحدة

سبق للرؤساء الأميركيين أن أصدروا قرارات عفو لمساعدة أفراد عائلاتهم وحلفائهم السياسيين.

ماري وجدي (القاهرة)
الولايات المتحدة​ هانتر بايدن يصعد إلى سيارة أثناء مغادرته المحكمة الفيدرالية في لوس أنجليس 5 سبتمبر 2024 (أرشيفية- أ.ب)

بايدن يصدر عفواً عن ابنه هانتر... ماذا يعني ذلك؟

كان الرئيس جو بايدن قد تعهَّد منذ فترة طويلة بأنه لن يعفو عن ابنه هانتر؛ لكنه تراجع عن ذلك، فماذا يعني ذلك؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن مع ابنه هانتر (أ.ب)

ترمب يصف عفو بايدن عن نجله هانتر بأنه «إساءة للعدالة»

وصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب عفو الرئيس الأميركي جو بايدن عن ابنه هانتر بأنه «إساءة للعدالة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)
علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)
TT

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)
علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)

قال البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إن ما لا يقل عن ثماني شركات اتصالات أميركية، وعشرات من الدول تاثرت بحملة القرصنة الصينية.
وقدمت نائبة مستشار الأمن الوطني، آن نيوبيرغر، تفاصيل جديدة بشأن اتساع حملة القرصنة الصينية واسعة النطاق والتي منحت المسؤولين في بكين إمكانية الوصول إلى نصوص خاصة ومحادثات هاتفية لعدد غير معلوم من الأميركيين.
وكشفت نيوبيرغر عن مدى القرصنة بعد يوم من إصدار مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية إرشادات ترمي إلى المساعدة على التخلص من قراصنة الإنترنت ومنع عمليات التجسس الإلكتروني المشابهة في المستقبل.

وحذر مسؤولو البيت الأبيض من أن عدد شركات الاتصالات التي تأثرت ما زال قابلاً للزيادة.

«كمية كبيرة»

هذا قال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، اليوم الأربعاء، إن «كمية كبيرة» من البيانات الوصفية للأميركيين سُرقت في حملة تجسس إلكتروني نفذتها مجموعة قرصنة صينية يطلق عليها (سولت تايفون).

وفي اتصال مع صحافيين، رفض المسؤول تقديم أرقام محددة، لكنه قال إن وصول الصين إلى شبكات الاتصالات الأميركية كان واسع النطاق، مضيفاً أن خطر «الاختراق المستمر» قائم.

وقال المسؤول إن البيت الأبيض جعل التعامل مع قراصنة «سولت تايفون» أولوية للحكومة الاتحادية، وإنه تم إطلاع الرئيس جو بايدن عدة مرات على الاختراقات.