حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن دونالد ترمب وحلفاءه وأنصار حركة MAGA (اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً) يمثلون تهديداً وجودياً للمؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة، مطالباً بوقف العنف السياسي والعودة إلى القيم الأميركية واحترام الدستور والقانون.
وقال بايدن: «الديمقراطية في خطر وهذه ليست مبالغة. إنها حقيقة بسيطة وقد جعلت الدفاع عن الديمقراطية الأميركية وحمايتها القضية المركزية لرئاستي»، محذراً من تجاهل التهديدات التي تتعرض لها المؤسسات السياسية والدستور من الحزب الجمهوري الذي وصفه بأنه أصبح تابعاً ومدفوعاً آيديولوجياً لجماعة MAGA المتطرفة، وقال: «إنهم يروجون علناً لتدمير الديمقراطية ويهاجمون الصحافة باعتبارها عدواً للشعب، ويهاجمون القانون لقمع الناخبين وتخريب الانتخابات، والمتطرفون في الكونغرس أكثر تصميماً على إغلاق الحكومة».
وأضاف: «ماذا سنفعل للحفاظ على ديمقراطيتنا؟ وماذا سيكتب التاريخ؟ العالم يشاهدنا والتاريخ سيشهد علينا، لنصنع التاريخ ونضع الحزبية جانباً، ونضع الولايات المتحدة أولاً، وأقول إنه يجب علينا القيام بذلك». وتابع: «الديمقراطية تضم كل الأميركيين، وتعني رفض العنف السياسي المرفوض بغض النظر عن الحزب، مثل هذا العنف غير مقبول وأمر غير ديمقراطي»، وأكد أن الدستور الأميركي هو الحصن لمنع إساءة استخدام السلطة واحترام الانتخابات الحرة والنزيهة وقبول النتيجة.
إرهاب وهيمنة ترمب
وفي محاولة لتخفيف اللهجة المعادية للجمهوريين، أشار بايدن إلى أن ليس كل جمهوري ولا غالبية الجمهوريين ملتزمين بآيديولوجية MAGA المتطرفة، وأشار إلى أن الحزب الجمهوري يخضع للترهيب والضغوط من هذا التيار المتطرف، وقال: «علينا أن ندافع عن القيم الأميركية المتجسدة في إعلان الاستقلال لأننا نعلم أن متطرفي MAGA لن يفعلوا ذلك».
ويأتي خطاب بايدن بعد يوم من المناظرة الثانية للحزب الجمهوري التي وجه خلالها المرشحون انتقادات لاذعة لترمب والرئيس معاً. واختار البيت الأبيض ولاية أريزونا لإلقاء الخطاب لأنها مقر معهد ماكين في جامعة ولاية أريزونا، وهو السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين الذي كان صديقاً مقرباً لبايدن والمرشح الرئاسي الجمهوري لعام 2008، وقد قام بايدن بتكريم معهد ومكتبة جون ماكين، مشيراً إلى أنه أمضى حياته يكافح ضد الاستبداد. وقالت زوجة السيناتور الراحل سيندي ماكين إن «بايدن يمتلك كل السمات التي كان يمتلكها زوجي».
وتعد ولاية أريزونا ساحة معركة رئيسية لحملة بايدن لإعادة انتخابه بعد سبعة عقود من الهيمنة الجمهورية على الولاية التي فاز بها بايدن عام 2020، مما دفع ترمب إلى التشكيك في نتيجة التصويت في هذه الولاية.
وأشار محللون إلى أن تركيز بايدن على ترمب وأنصاره في خطابه يؤكد التوقعات بأن ترمب سيكون المرشح الأوفر حظاً بلا منازع لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسية لعام 2024، رغم أنه يواجه 4 لوائح اتهام و92 تهمة جنائية وفيدرالية.
استراتيجية التحذير
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتهم فيها بايدن الرئيس السابق دونالد ترمب بتهديد الديمقراطية، فقد اتهم في خطاب في يناير (كانون الثاني) 2022 منافسه ترمب بإمساك خنجر لذبح الديمقراطية، معتبراً أن هجوم أنصار ترمب على مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021 هو تهديد للمؤسسات الديمقراطية.
وكرر بايدن تحذيراته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 قبيل الانتخابات التشريعية النصفية، مطالباً الناخبين بحماية الديمقراطية والتصويت لصالح الحزب الديمقراطي.
ويأتي الخطاب في خضم محاولات مستميتة من حملته للترويج لإعادة انتخاب بايدن في مواجهة معدلات التأييد المنخفضة والقلق الواسع بين الناخبين بشأن سنّ بايدن الذي يتجاوز الثمانين عاماً، كما يواجه الرئيس الديمقراطي ضغوطاً من الجمهوريين الذين بدأوا الخميس جلسات التحقيق في اتهامه بالفساد وعزله.
وخلال حملات جمع التبرعات الأسبوع الماضي في كاليفورنيا ونيويورك، حض بايدن المانحين الأثرياء من الديمقراطيين على إنقاذ الديمقراطية، وتجنب تحطيم هياكل المؤسسة الأميركية، وهي الاستراتيجية التي تبنتها حملته التي تعتمد على إثارة المخاوف من أن عدم انتخابه سيؤدي إلى انهيار الديمقراطية في البلاد.
ويراهن مساعدو بايدن على أن استراتيجية الدفاع عن الديمقراطية ستعزز حظوظ بايدن، خصوصاً بعد موجة العنف السياسي والتهديدات التي نالت نزاهة الانتخابية، وقوضت الثقة في النظام الأميركي خلال السنوات الأخيرة.