محكمة فيدرالية تصدر قراراً اتهامياً ضد هانتر بايدن

مقدمة لأول محاكمة على الإطلاق لنجل رئيس أميركي في الحكم

الرئيس جو بايدن مع ابنه هانتر في واشنطن يونيو الماضي (أ.ب)
الرئيس جو بايدن مع ابنه هانتر في واشنطن يونيو الماضي (أ.ب)
TT

محكمة فيدرالية تصدر قراراً اتهامياً ضد هانتر بايدن

الرئيس جو بايدن مع ابنه هانتر في واشنطن يونيو الماضي (أ.ب)
الرئيس جو بايدن مع ابنه هانتر في واشنطن يونيو الماضي (أ.ب)

أصدر مدعون عامون فيدراليون في ديلاوير، أمس (الخميس)، قراراً اتهامياً تضمن ثلاث تهم جنائية فيدرالية ضد هانتر بايدن، نجل الرئيس الأميركي جو بايدن، تتعلق بحيازته أسلحة نارية، في خطوة هي الأحدث والأكثر أهمية حتى الآن في تحقيق طويل الأمد مع بايدن الابن.

وجاءت هذه الخطوة التي يقودها المستشار القانوني الخاص المعين من وزارة العدل، ديفيد فايس، بعدما أخفقت الجهود للتوصل إلى اتفاق مع الإقرار بالذنب من هانتر بايدن (53 عاماً)، المتهم بالكذب في شأن تعاطيه المخدرات عندما اشترى سلاحاً نارياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وهي الفترة التي اعترف فيها بمعاناته إدمان الكوكايين، وفقاً للقرار الاتهامي المقدم إلى المحكمة الفيدرالية في ديلاوير.

وهذه مقدمة لأول محاكمة على الإطلاق لابن رئيس أميركي في منصبه.

ولا شكّ أن جلسات محاكمة هانتر ستحظى باهتمام واسع، ولا سيما أنها تتزامن مع الحملة الرئاسية الأميركية لعام 2024، حيث يسعى الرئيس بايدن (80 عاماً) إلى إعادة انتخابه في مبارزة مستعادة محتملة مع سلفه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (77 عاماً)، الذي يواجه أربع محاكمات فيدرالية.

«علامة بايدن التجارية»

ويخضع نجل الرئيس بايدن أيضاً للتحقيق بسبب تعاملاته التجارية. وأشار المحامي الخاص الذي يشرف على القضية إلى أن اتهامات عدم دفع الضرائب في الوقت المحدد يمكن توجيهها من واشنطن أو كاليفورنيا حيث يقيم.

هانتر بايدن بعد حضوره جلسة محكمة في ديلاوير (أ.ب)

ويأتي القرار الاتهامي في وقت يواصل فيه الجمهوريون في الكونغرس تحقيقاً لعزل الرئيس الديمقراطي، ويتعلق إلى حد كبير بمعاملات ابنه هانتر التجارية. وحصل الجمهوريون على شهادة حول كيفية استخدام هانتر بايدن «علامة بايدن التجارية» لحشد العمل في الخارج، لكنهم لم يقدموا أدلة دامغة على ارتكاب الرئيس أي مخالفات.

وكانت تهمة حيازة السلاح ضد هانتر بايدن جزءاً من صفقة الإقرار بالذنب التي تضمنت أيضاً الإقرار بالذنب في تهم ضريبية، لكن الاتفاق انهار خلال جلسة استماع بالمحكمة في يوليو (تموز) الماضي عندما أثار القاضي تساؤلات حول أحكامه غير العادية. وجادل محامو الدفاع بأن جزءاً من الصفقة التي كان هانتر بايدن يعول عليها لتجنّب الملاحقة القضائية بتهمة السلاح، لا يزال قائماً. ويشمل أحكام الحصانة ضد الاتهامات المحتملة الأخرى. وأشار المحامون إلى أنهم سيواجهون التهم الإضافية الموجهة ضده.

في المقابل، يؤكد المدعون أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ مطلقاً، وهو الآن باطل. وندّد الجمهوريون باتفاق الإقرار بالذنب ووصفوه بأنه «صفقة ودية»، لأنه كان من شأنه أن يسمح لهانتر بايدن بقضاء فترة المراقبة بدلاً من السجن بعد اعترافه بالذنب في عدم دفع الضرائب في عامي 2017 و2018. وقال ممثلو الادعاء إن دخله الشخصي خلال هذين العامين بلغ نحو أربعة ملايين دولار، بما في ذلك رسوم الأعمال والاستشارات من شركة أسسها مع الرئيس التنفيذي لمجموعة أعمال صينية وشركة الطاقة الأوكرانية «بوريسما».

تضارب مصالح

وزعم ترمب وغيره من الجمهوريين أن هناك تضارب مصالح بين منصب هانتر بايدن في مجلس إدارة شركة الطاقة الأوكرانية، في الوقت الذي كان والده نائباً للرئيس الديمقراطي باراك أوباما.

ديفيد فايس تم تعيينه مستشاراً خاصاً في التحقيق المرتبط بهانتر بايدن (أ.ب)

وواصل الجمهوريون في الكونغرس تحقيقاتهم الخاصة في تعامل وزارة العدل مع القضية، بالإضافة إلى كل جانب تقريباً من تعاملات هانتر بايدن التجارية، سعياً لربط شؤونه المالية مباشرة بوالده. وفشلوا حتى الآن في تقديم دليل على أن الرئيس شارك بشكل مباشر في عمل ابنه، على رغم أنه كان يتناول العشاء أحياناً مع عملاء ابنه أو يلقي التحية عليهم عبر المكالمات الهاتفية.

وكشف هانتر بايدن في ديسمبر (كانون الأول) 2020 أن مكتب فايس كان يحقق في شؤونه الضريبية. ونفى ارتكاب أي مخالفات.

وخضع تحقيق وزارة العدل نفسه للتدقيق من الجمهوريين بعد أن أخبر المبلغون عن المخالفات من دائرة الإيرادات الداخلية المكلفين بالتحقيق الكونغرس بأن الوزارة أبطأت التحقيق وحدت من قدرة فايس على توجيه الاتهامات. وقد نفى فايس هذه الادعاءات.

ولم يشغل هانتر بايدن أي منصب في البيت الأبيض أو في حملة والده. وقال الرئيس بايدن إنه لم يناقش التعاملات التجارية الأجنبية مع ابنه، وأكد أن وزارة العدل ستكون مستقلة في أي تحقيق مع أحد أفراد عائلته.


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
TT

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على بدء انسحاب الرئيس جو بايدن من الحلبة السياسية الأميركية، بدت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، على وشك إنجاز حلقات الدعم الضرورية، ليس فقط لنيل بطاقة الحزب الديمقراطي، بل أيضاً لتشكيل تحالف يمكّنها من الفوز بانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يعتقد كثيرون أن حملة هاريس يمكن أن تكرّر، بعد 100 يوم من الآن، الإنجاز الانتخابي الهائل الذي نتج عن «موجة زرقاء» عالية، أوصلت أول شخص أسود، هو الرئيس باراك أوباما، إلى البيت الأبيض عام 2008، وأبقته عام 2012، ثم دفعت نائب الرئيس في عهده جو بايدن إلى سُدّة الرئاسة عام 2020 إلى تلك المكانة، على رغم الجدار العالي الذي بناه الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه بين الجمهوريين المحافظين في مساعيهم لإعادة «جعل أميركا بيضاء مرة أخرى»، وهو الظل الخفي لشعار ترمب الشعبوي «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

لهذه الأسباب وغيرها، تبدو الانتخابات لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أكثر صداميّة من سابقاتها.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما معانقاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بمناسبة إقرار قانون للرعاية الميسّرة في البيت الأبيض عام 2022 (أ.ف.ب)

خلال حملتها القصيرة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2019، حاولت هاريس محاكاة استراتيجية أوباما لعام 2008، فتعاملت مع ساوث كارولينا، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من ذوي البشرة السوداء، باعتبارها موقعاً لاختراقها المحتمل، ولكنها حشدت الموارد في آيوا تحضيراً لهذا الاختراق، من خلال طمأنة الناخبين السود بأنها قادرة على الفوز في الولاية ذات الغالبية البيضاء، وكانت تتمتع بميزة إضافية تتمثل في كونها من كاليفورنيا، وفي لحظة من الانتخابات التمهيدية فيما يسمى «الثلاثاء الكبير» في مارس (آذار) عامذاك، وبعد أدائها الناجح في مناظرة يونيو (حزيران) 2019، بدا أن هاريس في طريقها إلى تحقيق هذا الإنجاز، ما يهدّد تقدّم بايدن في استطلاعات ساوث كارولينا وآيوا. لكن هذا «التهديد» الانتخابي ضد بايدن لم يدُم طويلاً، بسبب «نفاد المال والحظ»، ما دفع هاريس إلى الانسحاب من الانتخابات التمهيدية.

قطبان رئيسيان

أما الآن، فأصبحت هاريس المرشّحة المفترضة عن الديمقراطيين، من دون الحاجة إلى اجتياز أي تمهيديات، ومع ذلك لا تزال تواجه بعض القرارات الاستراتيجية الرئيسية، في ضوء تراجُع بايدن باستمرار عن ترمب في الاستطلاعات، بسبب أدائه الضعيف بين فئتي الشباب وغير البِيض، وهما قطبان رئيسيان في «تحالف أوباما». ووسط تساؤلات عما إذا كانت هاريس تستطيع تعويض بعض هذه الخسائر المحتملة من دون التضحية بدعم ناخبين آخرين، أقدمت نائبة الرئيس على الدخول إلى منصة «تيك توك» المفضلة عند أجيال «إكس» و«زد» والألفية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيها الهادئة لنيل تأييد علني من الفنانة الأميركية الأشهر تايلور سويفت، بعدما حظيت بدعم الفنانة بيونسيه، والممثلة جينيفر أنيستون، وإذ تدرك أن الطاقة مُعدِية، فالصور المتحركة السريعة والموسيقى تؤكد على ديناميكية حملتها التي تميل إلى التنوع.

أميركيون يؤيدون ترشيح كامالا هاريس في لوس أنجليس الجمعة (أ. ب)

«الأمل والتغيير»

منذ الخطوة التي اتخذها بايدن، الأحد الماضي، وقلبت المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب، بعدما هيمن ترمب عليه بشكل كامل تقريباً على أثر محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل نحو أسبوعين، يجد كثيرون الآن فرصة لأن تتمكّن هاريس من الإفادة من سحر «الأمل والتغيير»، الذي تمتع به أوباما في بطاقته الديمقراطية قبل 16 عاماً. وتقع المفارقة في أن الاستطلاعات كانت تشير بوضوح إلى أن نسبة كبيرة من الأميركيين يشكّكون في القدرات الذهنية لترمب، بسبب وقوعه في سلسلة من الأخطاء اللفظية وهفوات الذاكرة، غير أن ذلك لم يحظَ باهتمام كبير، في ظل الصعوبات الكبيرة التي كان يواجهها بايدن. ولكن استبدال الأخير بهاريس يبعث الأمل في استعادة الناخبين الأصغر سناً، والناخبين السود واللاتينيين، الذين ابتعدوا عن بايدن منذ عام 2020. وفي الوقت ذاته، يمكنها توسيع هوامش الديمقراطيين القوية بالفعل بين النساء المتعلمات في الكليات والداعمات لحقوق الإجهاض.

وبالإضافة إلى هذه الشرائح المهمة، تسعى هاريس منذ سنوات إلى إيجاد مكانة لها في أوساط المهتمين بالقضايا التجارية والاقتصادية، وبينما يتذكر البعض إصرارها في مناظرة رئاسية عام 2019، على أنها «ليست ديمقراطية حمائية»، فهي ليست من مؤيدي التجارة الحرة أيضاً. وقد أكّدت أنها كانت ستعارض اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية عام 1992، علماً بأن بايدن صوَّت مؤيداً لها أثناء خدمته في مجلس الشيوخ، وكذلك اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي دعمها أوباما. وعام 2020 كانت بين 10 سيناتورات صوّتوا ضد اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

كامالا هاريس تتجه للصعود إلى «آير فورس تو» في مطار هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

ويعتقد فريق ترمب أن في إمكانه تعويض مكاسب هاريس المحتملة، من خلال تصويرها «راديكالية كاليفورنيا»، ورمزاً للتنوع الذي يمكن أن ينفّر الناخبين البِيض الأكبر سناً، الذين كان بايدن يتمتع ببعض القوة المتبقية معهم. ولكن أوباما تغلّب على عناصر مشابهة عام 2008، وساعده على ذلك الانهيار المالي، والتململ الشعبي من سياسات الحرب الجمهورية في العراق.

آثار استراتيجية

ويرجّح أن تكون لجهود هاريس لاتّباع مسار أوباما آثار استراتيجية كبرى على خريطة المعركة الانتخابية؛ لأن أي تحسّن كبير في أدائها بين الناخبين السود واللاتينيين، ومَن هم دون سن الثلاثين يمكن أن يُعيد ولايات متأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا، التي كادت تميل لمصلحة ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى قلب السباق، علماً أيضاً بأن تآكل دعم بايدن بين الناخبين البِيض الأكبر سناً، وغير الحاصلين على تعليم جامعي، أدّى إلى إضعاف فرص الديمقراطيين بالفوز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

وبات من المؤكد أن هذه الخيارات الاستراتيجية يمكن أن تؤثر على اختيار هاريس في عملية الترشيح لمنصب نائب الرئيس، ليس فقط لجهة اختياره من ولاية تشكّل ساحة معركة، ولكن بوصفه وسيلة لتعظيم التحول الناتج عن انسحاب بايدن. ويعتقد البعض أن هاريس يمكن أن تتبع مثال الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1992 لمضاعفة نقاط قوتها، من خلال اختيار امرأة أخرى هي حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر.

ولكن هذا الخيار الجريء والتاريخي يحمل «مخاطرة أكبر»، وإن كان يشبه إلى حدٍّ نموذج عام 1992، عندما وقع اختيار كلينتون على آل غور مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، على رغم أنه من مواليد فترة الطفرة في الجنوب الأميركي، وليس من واشنطن.

«فخر» روزفلت

منذ الساعات الأولى لترشيحها، بدأت هاريس العمل على إعادة تجميع «تحالف أوباما» بطريقة فعّالة للغاية، وهذا ما ظهر في إعلانها الانتخابي الأول: «كان روزفلت ليشعر بالفخر؛ ففي خطابه عن حال الاتحاد عام 1941 حدّد 4 حريات: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من العوز، والحرية من الخوف»، وتشدّد هاريس، بمساعدة من بيونسيه، باستمرار على الحرية باعتبارها الإطار الأساسي لحملتها، وهي تؤكد بشكل خاص على الحرية من العوز، والحرية من الخوف، مع الإشارة إلى الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية، وحقوق الإنجاب، والأمان من الأسلحة النارية. ومثل روزفلت، أعادت هاريس صوغ «الحرية» ــ وهي جزء أساسي من معجم المحافظين ــ لإعطائها دلالات تقدّمية.

نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2023 (أ.ف.ب)

ويحتفي إعلانها بالتنوع الأميركي مع وفرة من الأشخاص الملوّنين؛ لأنها تريد زيادة الإقبال بشكل كبير بين السود واللاتينيين، والناخبين الأصغر سناً، الذين يشكّلون أهمية أساسية لـ«تحالف أوباما».

حتى الآن، أثمرت استراتيجية هاريس لإعادة تجميع «تحالف أوباما» عن أرباح فورية، ظهرت في ال​​استطلاعات، التي تُوحِي أن لديها الموارد والمتطوعين لدفع نسبة المشاركة على غرار أوباما، ولكن سباق الأيام الـ100 سيكون طويلًا وصعباً، على رغم أن رسالتها المبكرة تلقى صدى.